قل المهرة والفراغ يدفع السفراء الغربيون للقاءات مع اليمنيين    ظاهرة حرب غزة جديدة على ذاكرة التاريخ    في لعبة كرة اليد نصر الحمراء بطل اندية الدرجة الثالثة    أمين عام الإصلاح يعزي رئيس مؤسسة الصحوة للصحافة في وفاة والده    مثقفون يطالبون سلطتي صنعاء وعدن بتحمل مسؤوليتها تجاه الشاعر الجند    مبابي يعلن رسميا رحيله عن باريس سان جيرمان    تأملات مدهشة ولفتات عجيبة من قصص سورة الكهف (1)    الجمعية العامة تصوّت بغالبية كبرى تأييدا لعضوية فلسطين في الأمم المتحدة    هناك في العرب هشام بن عمرو !    الريال اليمني يصل إلى أدنى مستوى له أمام العملات الأجنبية (أسعار الصرف)    مقتل وإصابة 5 حوثيين في كمين محكم شمال شرقي اليمن    وفاة طفلين إثر سقوطهما في حفرة للصرف الصحي بمارب (أسماء)    تفاعل وحضور جماهيري في أول بطولة ل "المقاتلين المحترفين" بالرياض    الحوثيون يطيحون بعدد من كوادر جامعة الضالع بعد مطالبتهم بصرف المرتبات    الحوثيون يفتحون طريق البيضاء - مأرب للتنصل عن فتح طريق مأرب - صنعاء    ضربة موجعة وقاتلة يوجهها أمير الكويت لتنظيم الإخوان في بلاده    لحوم العلماء ودماء المسلمين.. قراءة في وداع عالم دين وشيخ إسلام سياسي    د. صدام: المجلس الانتقالي ساهم في تعزيز مكانة الجنوب على الساحة الدولية    سياسي جنوبي: أنهم ضد الاستقلال وليس ضد الانتقالي    الشرعية على رف الخيبة مقارنة بنشاط الحوثي    قوات دفاع شبوة تضبط مُرّوج لمادة الشبو المخدر في إحدى النقاط مدخل مدينة عتق    الليغا .. سقوط جيرونا في فخ التعادل امام الافيس    الحوثيون يتحركون بخطى ثابتة نحو حرب جديدة: تحشيد وتجنيد وتحصينات مكثفة تكشف نواياهم الخبيث    "حرمة الموتى خط أحمر: أهالي المخا يقفون بوجه محاولة سطو على مقبرة القديمي"    تعرف على نقاط القوة لدى مليشيا الحوثي أمام الشرعية ولمن تميل الكفة الآن؟    أبرز المواد الدستورية التي أعلن أمير ⁧‫الكويت‬⁩ تعطيل العمل بها مع حل مجلس الأمة    "صحتي تزداد سوءا".. البرلماني أحمد سيف حاشد يناشد بالسماح له للسفر للعلاج ودعوات لإنقاذ حياته وجماعة الحوثي تتجاهل    أنشيلوتي: فينيسيوس قريب من الكرة الذهبية    صباح (غداً ) السبت اختتام دورة المدربين وافتتاح البطولة بعد الظهر بالصالة الرياضية    هل الموت في شهر ذي القعدة من حسن الخاتمة؟.. أسراره وفضله    25 ألف ريال ثمن حياة: مأساة المنصورة في عدن تهز المجتمع!    البدر يلتقي الأمير فيصل بن الحسين وشقيق سلطان بروناي    وثيقة" مجلس القضاء الاعلى يرفع الحصانة عن القاضي قطران بعد 40 يوما من اعتقاله.. فإلى ماذا استند معتقليه..؟    اكلة يمنية تحقق ربح 18 ألف ريال سعودي في اليوم الواحد    السلطات المحلية بالحديدة تطالب بتشكيل بعثة أممية للإطلاع على انتهاكات الحوثيين مميز    الذهب يتجه لتحقيق أفضل أداء أسبوعي منذ 5 أبريل    في رثاء الشيخ عبدالمجيد بن عزيز الزنداني    وفاة وإصابة أكثر من 70 مواطنا جراء الحوادث خلال الأسبوع الأول من مايو    بسمة ربانية تغادرنا    جماعة الحوثي تعلن ايقاف التعامل مع ثاني شركة للصرافة بصنعاء    بسبب والده.. محمد عادل إمام يوجه رسالة للسعودية    عندما يغدر الملوك    قارورة البيرة اولاً    رئيس انتقالي شبوة: المحطة الشمسية الإماراتية بشبوة مشروع استراتيجي سيرى النور قريبا    الدوري الاوروبي ... نهائي مرتقب بين ليفركوزن وأتالانتا    ولد عام 1949    بلد لا تشير إليه البواصل مميز    هموم ومعاناة وحرب خدمات واستهداف ممنهج .. #عدن جرح #الجنوب النازف !    باذيب يتفقد سير العمل بالمؤسسة العامة للاتصالات ومشروع عدن نت مميز    دواء السرطان في عدن... العلاج الفاخر للأغنياء والموت المحتم للفقراء ومجاناً في عدن    لعنة الديزل.. تطارد المحطة القطرية    تضرر أكثر من 32 ألف شخص جراء الصراع والكوارث المناخية منذ بداية العام الجاري في اليمن    الرئيس الزُبيدي يطّلع على سير العمل بوزارة الخارجية وشؤون المغتربين    الدين العالمي يسجل مستوى تاريخيا عند 315 تريليون دولار    أجمل دعاء تبدأ به يومك .. واظب عليه قبل مغادرة المنزل    وزير المياه والبيئة يبحث مع اليونيسف دعم مشاريع المياه والصرف الصحي مميز    شاهد: قهوة البصل تجتاح مواقع التواصل.. والكشف عن طريقة تحضيرها    في ظل موجة جديدة تضرب المحافظة.. وفاة وإصابة أكثر من 27 شخصا بالكوليرا في إب    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



أنسي الحاج يودّع "ماضي الأيام الآتية"
نشر في الجنوب ميديا يوم 18 - 02 - 2014


بيروت - "الخليج":
بعد أيام من رحيل الشاعر الكبير جوزف حرب، غاب أمس عملاق لبناني آخر، صال وجال طويلاً في الشعر، من دون أن تفقده القصيدة المتجددة، وله فيها جذور وبراعم وورود، موقعه المتقدم في مجالات ثقافية أخرى، من الإعلام إلى المقالة فالترجمة والمسرح .
رحل أنسي الحاج أمس وبقيت روحه الجمالية مثالاً يحتذى في الفعل الثقافي الرائد، واكب عن قرب حركات التجدد في زمن بيروت الثقافي الذهبي، وكان دائم التحول مع الكلمة والصورة والتعبير . تحولات حقيقية وصادقة تجلت بداية في مجموعته "لن" الصادرة عام ،1961 والتي شكّلت في حينها، قطيعة فعلية مع شعر تربع على عرش القصيدة لعقود طويلة .
بعد "لن"، حضرت "الرسولة بشعرها الطويل" في عام 1974 على قصيدة أنسي الحاج، ومن خلالها دخل إلى القصيدة الملحمية والدرامية، على بعد صوفي روحاني من خلاص الإنسان بالشعر والحب والحرية بأقصى أبعاد الكلمة والشغف .
كرت سبحة الدواوين، فبعد "لن"، كتب الحاج "الرأس المقطوع"، "ماذا صنعت بالذهب، ماذا فعلت بالوردة"، وبعد "الرسولة بشعرها الطويل"، جاء دور "الوليمة" و"الخواتم"، وأغلب الظن أن أنسي ما زال يحتفظ بمخطوطات شعرية كثيرة غابت عن المطابع والمكتبات والإعلام إنما في كلها، تتجلى صورة تحلو تسميتها بصورة "محراب الشاعر في هيكله" .
للشاعر المتعدد الثقافات والاهتمامات في قراءاته التحليلية والتقويمية التي انتظمت حروفاً وعبارات لكتاب "الكون"، فهو البارع دائماً في خلقه الجمالي، أكان شعراً أم نثراً أم مقالة أم ترجمة، أم مسرحاً، وحيث يبدو أن أنسي لم يكن بعيداً عن الخشبة، إنما متماهٍ فيها"، في رأي المسرحي الكبير منير أبو دبس الذي كشف أن أنسي دخل أحياناً في تجربة تمثيلية، أو ربما تخايل تجسيد شخصيات مسرحياته لتأتي بهذا العمق والإبداع .
في هذا الإطار يتضح أنسي الحاج الرائد عندما عمل في مجلة "شعر" وقد تسلّم سكرتير تحريرها لسنوات عدة، حيث يكشف الناقد سليمان بختي عن شاعر من طراز آخر، حمل في قصائده عذابات ومرارات وبحث عن أجوبة لم يجدها أبداً، يضيف بختي: "يشبه أنسي في شعره ونثره، تمرد فؤاد سليمان، وروحية جبران خليل جبران وعشق الياس أبو شبكة" . وحسب أدونيس زميله في مجلة "شعر"، كان أنسي الحاج "الأنقى بيننا"، واعتبر أن محمد الماغوط والحاج لم يدخلا في تنظيرات حول قصيدة النثر، بل كتبا هذه القصيدة، فكانت تحولاً كبيراً في القصيدة العربية" .
وما يقال عن الشاعر الحاج، لا يقل أهمية عن الحاج الإعلامي وكاتب المقال السياسي والافتتاحيات المدهشة، أكان ذلك في جريدة "النهار"، وملحقها الذي شارك في تأسيسه، أم أثناء توليه رئاسة تحرير مجلة "الحسناء" الاجتماعية والفنية والثقافية، ولا في حضوره المميز في "النهار العربي والدولي" وصولاً إلى موقعه الاستشاري في جريدة "الأخبار" ومقاله الأسبوعي فيها . يكفي ما قاله عنه يوسف الخال مرة "أنسي ناقد أكثر من شاعر، لكنه طوّع جملته النقدية للبعد الشعري الخالص" .
في المحصلة يغيب عملاق ثقافي تجسد شعراً ونثراً ونقداً وترجمة، هو أنسي الحاج الذي عاش حياة من النقيض إلى النقيض .
ولدت جذوره الثقافية في السماء وليس في الأرض، بارع في خلقه الجمالي توقيعاً وتضميناً وشكلاً تعبيرياً وهندسة بنيوية في رؤيته التي امتصت القضايا الإنسانية الكبرى ليبني كوناً شعرياً منها . جاعلاً تلك الأبنية الجمالية دوالاً سيميائية مشغّرة بدلالات رؤيته، وما يدهش في هذه الأبنية الثقافية، أنها جميعها تعانق الأرض حافرة فيها حتى الجذور .
وداعاً أنسي الحاج، وقد سبق أن ودعنا في آخر أبياته:
"لن أكون بينكم
لأن ريشة من عصفور في اللطيف الربيع
ستكلّل رأسي
وشجر البرد سيكويني
وامرأة باقية بعيداً ستبكيني
وبكاؤها كحياتي جميل . ."
شعر وصحافة وترجمة
** ولد الحاج في عام 1937 وغاب أمس عن عمر يناهز ال 77 عاماً بعد صراع مع المرض كان قد أقعده منذ نحو شهرين .
** أبوه الصحفي والمترجم لويس الحاج وأمه ماري عقل، من قيتولي - قضاء جزين .
** تعلم في مدرسة الليسه الفرنسية ثم في معهد الحكمة .
** بدأ ينشر قصصاً قصيرة وأبحاثاً وقصائد منذ عام 1954 في المجلات الأدبية وهو على مقاعد الدراسة الثانوية .
** دخل الصحافة اليومية، جريدة "الحياة" ثم "النهار" محترفاً في عام ،1956 كمسؤول عن الصفحة الأدبية، ولم يلبث أن أستقر في "النهار"، حيث حرر الزوايا غير السياسية سنوات ثم حوّل الزاوية الأدبية اليومية إلى صفحة أدبية يومية .
** في عام 1964 أصدر "الملحق" الثقافي الأسبوعي عن جريدة "النهار" وظل يصدره حتى 1974 . وعاونه في النصف الأول من هذه الحقبة شوقي أبو شقرا .
** في عام 1957 أسهم مع يوسف الخال وأدونيس في تأسيس مجلة "شعر"، وعام 1960 أصدر في منشوراتها ديوانه الأول "لن"، وهو أول مجموعة قصائد نثر في اللغة العربية .
** له ست مجموعات شعرية: "لن" ،1960 "الرأس المقطوع" ،1963 "ماضي الأيام الآتية" ،1965 "ماذا صنعت بالذهب ماذا فعلت بالوردة" ،1970 "الرسولة بشعرها الطويل حتى الينابيع" ،1975 "الوليمة " 1994 وله كتاب مقالات في ثلاثة أجزاء هو "كلمات كلمات كلمات" ،1978 وكتاب في التأمل الفلسفي والوجداني هو "خواتم" في جزأين 1991 و،1997 ومجموعة مؤلفات لم تنشر بعد . و"خواتم" الجزء الثالث قيد الإعداد .
** تولى رئاسة تحرير العديد من المجلات إلى جانب عمله الدائم في "النهار"، وبينها "الحسناء" 1966 و"النهار العربي والدولي" بين عامي 1977 و1989 .
** نقل إلى العربية منذ 1963 أكثر من عشر مسرحيات لشكسبير ويونيسكو ودورنمات وكامو وبريخت وسواهم، وقد مثلتها فرق مدرسة التمثيل الحديث (مهرجانات بعلبك)، ونضال الأشقر وروجيه عساف وشكيب خوري وبرج فازليان .
** متزوج من ليلى ضو منذ ،1957 ولهما ندى ولويس .
** رئيس تحرير "النهار" من 1992 إلى 30 سبتمبر/ أيلول 2003 تاريخ استقالته .
** ترجمت مختارات من قصائده إلى الفرنسية والإنجليزية والألمانية والبرتغالية والأرمنية والفنلندية . صدرت أنطولوجيا "الأبد الطيار" بالفرنسية في باريس عن دار "أكت سود" عام ،1997 وأنطولوجيا "الحب والذئب الحب وغيري" بالألمانية مع الأصول العربية في برلين عام 1998 . الأولى أشرف عليها وقدم لها عبد القادر الجنابي والأخرى ترجمها خالد المعالي وهربرت بيكر .
وكان الراحل الحاج، وجواباً عن سؤال حول كيف يوجز مسيرته، وجهه إليه نبيل أيوب، هند اديب دورليان، جورج كلاس وإلياس لحود، في مستهل مقابلة أجروها معه لمجلة "كتابات معاصرة"، العدد ،38 أغسطس/ آب - سبتمبر/ أيلول 1999 قد قال: "غالباً ما سردت الحكاية ذاتها . لا أعتقد أن ذلك يهم أحداً . أندم أكثر مما أفعل ولم أفعل إلا في غفلة من نفسي . وعندما لم يكن أحد يسألني رأيي في الأمور، كالحب والموت، قلت الحقيقة، ولم أعد أقولها دائماً حين صار هناك من يسألني" .
وقد نعى وزير الثقافة اللبناني المحامي روني عريجي الشاعر أنسي الحاج وقال: "غاب اليوم شاعر كبير فخسر لبنان قامة عملاقة من قامات الفكر والأدب والشعر والإبداع، أنسي الحاج شاعر ماضي الأيام الآتية، خسارته لا تعوض، والعزاء بما تركه وراءه من تاريخ في الشعر والريادة في القصيدة النثرية" .
الخليج الامارتية


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.