الخوف من العوز والسياسة وفقدان الرغبة الجنسية شغل حيزا كبيرا من تفكير" سمير" العائد بشهادة الماجستير في القانون الدولي من الخارج ، ظل يتحين الفرص لتفعيل عمل ما له في المرفق لكن دون جدوى ، بقي فائض عن الحاجة يتلقى راتبه كإعانة اجتماعية ، شعر بعدم الرغبة في الاحتجاج وهو ينظر الى زملائه من المدراء يرتشون والناس رغم ذلك توقرهم وتكيل لهم المديح ، حاول إن يتكيف مع الواقع ففشل ، لفت احدهم نظره ، قائلا: - (سمير ، مالك تطوس كثير اخاف عليك تجنن)؟ . - سمير: (أطوس في الدنيا )!. لأول مرة يشعر انه فعلا اقترب من الجنون حينما فاجأته زوجته قائلة : ( لقد اشعلت أكثر من ثمان سيجارات وانت تحدث نفسك ) سمير ) : احدّث نفسي )؟ خرج الى الشارع متجّولا امام المقاهي " وفرزات التاكسي" ليجد نفسه امام " الحلّاق" ، قرر حينها أن يقص شعره وشعيرات ذقنه ربما يكف البعض عن وصمه بالجنون . تساقطت على الملاءة البيضاء قطع من الشعر الاسود والمتجاورة مع بضعة شعيرات بيضاء ، ابتسم وهو يراها تغادره الى غير رجعة ، انتبه من تداعياته على سؤال الحلاّق ، قائلا: ( تقول بايقع انفصال او فيدرالية .. يا استاذ سمير ؟ ). سمير : ( الانفصال أحسن ) . الحلّاق – منتقلا الى الجهة الاخرى - : ( يقولوا صعب الانفصال لأن الجماعة في الشمال مش راضيين ) . سمير : ( فيدرالية .. فيدرالية .. ولا مافيش ) . الحلّاق – مخفضا صوت التلفزيون – قائلا : ( الفيدرالية فك وتركيب جديد مش شمال وجنوب ) . سمير – وهو ينفض شعيره عن أنفه – قائلا : ( لما يرتفع سعر "القات" أفهم إن " البرد" أو الانفصال قادم والعكس صحيح ). الحلّاق – ضاحكا- ): هذه الايام " القات" غالي لأن النزول كثير الى عدن ) . سمير – ساخرا- : ( النزول لتعزيز الوحدة او الانفصال ؟) . الحلّاق – فاتحا عقدة الملاية من عنق سمير – قائلا : ( ايش يعنوا بجبالية 48 ؟ ) . سمير- وهويبتسم – : ( كلام " عيال روفلات" لا تهتم انت مننا وفينا ياعم ) . ودّعه الحلّاق – وهو ينفض الملاية – قائلا: ( نعيما يا اخ سمير) – معيدا له ما تبقى من ريالات ، وضعها سمير في جيب قميصه ومضى ادراجه نحو منزله . ترك الماء يسقط على ظهره متذكرا ذلك الفيلم الإباحي ، طرأت برأسه فكرة ما ، لكنه عدّل عنها عندما سمع صوت زوجته تناديه ، قائلة : ( سمير .. انبوبة "البوتا جاز" فضت بسرعة ولا يوجد لدينا احتياط )! كتب / حافظ مصطفى علي الساعة الثانية بعد منتصف الليل 10/12/ 2012م