GMT 21:00 2014 الإثنين 24 فبراير GMT 21:07 2014 الإثنين 24 فبراير :آخر تحديث مواضيع ذات صلة ينطلق كتاب "خطاب الزمن في الشعر الجاهلي.. المكان الجسد اللغة" للباحث الجزائري د.الأخضر بركة من تصور نظري مهم هو أن الشعر الجاهلي ليس مجرد تصوير لواقع الإنسان العربي في الصحراء، بقدر ما هو يمثل رؤية فنية تحمل في دلالاتها المتعددة موقف الإنسان الفنان من مظاهر الوجود المختلفة، ورغبته في المواجهة والتجاوز على مستوى الوعي ضمن مفهوم استقلالية الشعر النسبية عن مجرد التصويرالآلي لمظاهر الواقع. ويؤكد الباحث أن البحث ليس إحصاء لكل الشواهد الشعرية وإنما هو معرفة استقرائية كشفية من خلال نماذج شعرية معينة تجسد على نحو نموذجي تجربة الزمن شعرياً، وأن قراءة الزمن أيضاً لا تمكن في ضوء بنية النص التي يندرج فيها فقط، بل يقضي الحال أحياناً أن يقرأ في ضوء النسق العام للتجربة الشعرية التي يندرج فيها عدة شعراء من مثل التجربة الطللية أو تجربة الشيخوخة ومواجهة الموت أو الدهر ودون أن يعني ذلك إلغاء أو إهمال لخصوصية الجانب الفردي في التجربة. ويلفت إلى أن الدراسة انطلقت كمنهج أساس من قراءة تجربة الزمن في الشعر الجاهلي بوصفها خطاباً مجازياً مفتوحاً على التأويل بكيفية تتيح الاستفادة من عدة أسس نظرية مختلفة مع بقاء القراءة متحررة من ضغوط مقتضيات صارمة لمنهج ما من جهة، ومتمتعة من جهة أخرى بامتياز ما تدفع إليه النصوص من تأويل غيرمتوقع يثري هذه القراءة ويبقيها ضمن فضاء اكتشاف جديد، مع تفادي مبدأ التطبيق الذي يفترض مقاربة الشعر بنموذج جاهز تُحشر أبيات الشعر فيه قسراً لتفرض عليها التأويلات المناسبة لروح ذاك المنهج على حساب حرية القصيدة وخصوصيتها الفنية، ما يعني أنّ الدراسة قائمة على محاولة استنطاق القصيدة بالاستفادة من المنهج البنيوي ومن غيره من التصورات النظرية في النقد العربي القديم أو في الفكر الألسني الحديث من مثل المبالغة والشعرية والسيميائيات. وعلى الرغم من أن مسألة الزمن في الشعر الجاهلي هي من بين أهم القضايا الفنية التي تعرض لها الدارسون الجدد للشعر الجاهلي بدءاً من مشروع طه حسين إلى غاية ما طرحه كمال أبو ديب وريتا عوض وأدونيس وعزالدين البنا وغيرهم، وإن بشكل جانبي ضمن تحليلهم لمسائل أخرى بنيوية وتكوينية وتصويرية خاصة فيما يتعلق منها بالظاهرة الطلليّة "المكان الطللي" لما لها من صلة وثيقة بمسألة الزمن، غير أن د.الأخضر بركة يؤكد أنه لم يتم تناول موضوع الزمن ببحث علمي أكاديمي من منظور نقدي حداثي باستثناء بعض الكتابات الفردية هنا وهناك, وهنا يشير الباحث معللاً تناوله للبحث بقوله إنه لاغرو في أن تقديم دراسة جديدة للشعر الجاهلي تعني مبدئياً الوقوف أمام تحد معرفي أساسه محاولة الابتعاد إلى حدّ ما عن إعادة إنتاج ما قيل فيه قديماً وحديثاً, كما تعني أيضاً مواجهة صعوبة الإحاطة الدقيقة بالركام النقدي المنجز عن هذا الشعر أولاً وصعوبة تجاوزه ثانياً، مؤكداً أن ما ينطوي عليه الشعر الجاهلي من إمكانات تأويلية وتفسيرية غير منتهية أمر يظل محفزاًلتجديد القراءة فيه ضمن تصورات نقدية حديثة. ولعل خصوصية هذا البحث تبدأ من محاولة تجاوز مستوى الوقوف الاستعراضي للنماذج الشعرية التي تحوي بصورة أو بأخرى موضوع الزمن، ما يعني أن المتوخى في مسعى القراءة العام هو تحليل العلاقات النصية والدلالية للخطاب الشعري الذي يقدم الزمن تجربة وشكلاً وبمختلف التجليات المتنوعة والممكنة، سواء كان ذلك من خلال المشهد الطللي أو من خلال الجسد بما يحمله من سمات تعبيرية زمنية أو من خلال اللغة ذاتها في بعدها الرمزي واندراجها ضمن شكل إيقاعي ثابت هو القصيدة. ويخلص الباحث إلى أنه لا يمكن قراءة خطاب الزمن إلا في إطار كونه مشروطاً (تاريخياً واجتماعياًونفسياً)، وفي إطار كونه نصاً منتمياً إلى فضاء الشعرية بوصفه وجوداً علائقياً متوتراً متنامياً مشبعاً بالغياب. كما أنّ البحث لم يكن محاولة لإحصاء كمي لكل الدلالات، بقدر ما كان محاولة حصر تقريبي لمختلف خطوط التوجه الدلالي. الكتاب صدر عن أكاديمية الشعر في لجنة إدارة المهرجانات والبرامج الثقافية والتراثية في أبوظبي، ويقع في 180صفحة من القطع المتوسط، ويتكون من أربعة فصول ومدخل نظري حول إشكالية الزمن، يتناول الفصل الأول الزمن والمكان، والثاني الزمن وخطاب الجسد، والثالث الدهر وخطاب المواجهة، أما الفصل الرابع فتناول القصيدة والبناء الزمني. ايلاف