اذا كان الاسكتلندي ديفيد مويز بحاجة الى المزيد من الاثباتات بان تدريب مانشستر يونايتد الانكليزي وظيفة تختلف من حيث الاهمية بفارق شاسع عما اختبره في مسيرته سابقا، فان السقوط المفاجىء امام اولمبياكوس اليوناني (صفر-2) الثلاثاء في دوري ابطال اوروبا، قد اقنعه تماما بحجم المسؤولية الذي اخذها على عاتقه كخليفة لمواطنه الاسطورة اليكس فيرغسون. ففي اليوم التالي لهذه الخسارة التي تلقاها في ذهاب الدور الثاني من المسابقة الاوروبية الام، بدأت الشائعات غير المستندة على اسس ملموسة تتحدث عن ان يونايتد سيدلي باعلان وشيك في بورصة التداول في نيويورك حول وضع مويز مع الفريق. لكن هذه الشائعات تبخرت بالسرعة التي ظهرت بها على مواقع التواصل الاجتماعي، لكن ما هو مؤكد بان وجود يونايتد في بورصة نيويورك، حيث يتم التداول باسهمه، يشكل اثباتا على حجم الاهمية الاقتصادية والرياضية التي وصل اليها بطل الدوري الانكليزي الممتاز كمؤسسة رائدة. لم تكن بورصة نيويورك تعني شيئا لمويز حين كان مدربا لايفرتون، لكن الامور تغيرت في يونايتد على وتيرة الزمن الذي تغير منذ ان كان الاسكتلندي صبيا، لان مدير مانشستر الحالي كان حينها قصابا يبيع اللحوم. هناك تقليد عرفته الكرة الانكليزية منذ عقود ويخشاه جميع المدربين وهو "التصويت على الثقة" الذي يتجسد غالبا بمؤازرة علنية من قبل ادارة النادي للمدرب تليها اقالة لم تكن في الحسبان. وفي هذه الناحية، يجب ان يشعر مويز بشيء من الارتياح لان ايا من اداريي يونايتد لم يدل بتعليق على الهزيمة المخيبة التي مني بها الفريق مساء الثلاثاء في بيرايوس. ويرى المراقبون ان مويز استلم "المهمة المستحيلة" بخلافته مواطنه الاسطورة فيرغسون، المدرب البريطاني الاكثر تتويجا في التاريخ والذي قرر ان يعتزل في نهاية الموسم الماضي بعد ان قاد "الشياطين الحمر" الى لقبهم العشرين في الدوري. وكان القيمون على يونايتد مدركين على الارجح لصعوبة المهمة التي تنتظر مويز وهم يثقون، استنادا الى توصيات فيرغسون، بقدرات مدرب ايفرتون السابق ما جعل النادي يلتزم بفلسفة الاستقرار التي اعتمدها قبل اكثر من 26 عاما من خلال التعاقد مع المدرب الجديد لستة مواسم. فبعد ان منح فيرغسون اكثر من 26 عاما على مقاعد التدريب من اجل اعادة بناء الفريق والانطلاق به نحو الالقاب اولا ثم تكريس موقعه بين العظماء ثانيا، قررت ادارة يونايتد ان تمنح خليفته عقدا طويل الامد، ما يجعل اقالته امرا مستبعدا لان ذلك سيشكل احراجا لها اكثر من المدرب كونه سيظهر سوء قراءتها لواقع الامور. قد لا يكون عقد الاعوام الستة الذي وقعه يونايتد مع مويز بطول عقد الاعوام الثمانية التي منحها نيوكاسل لالن باردو بعد ان قاده الموسم الماضي الى المركز الخامس في الدوري الممتاز، لكنه ما زال يعتبر عقدا طويل الامد في العصر الحالي لكرة القدم. ان عقد الاعوام الستة الذي وقعه يونايتد مع مدرب ايفرتون، يثبت مجددا اهمية عاملي الاستقرار والاستمرارية في مؤسسة مانشستر يونايتد، وذلك خلافا لسياسة الاندية الانكليزية الاخرى وعلى رأسها تشلسي الذي تعاقد مجددا مع مدربه السابق البرتغالي جوزيه مورينيو الذي اصبح المدرب الحادي عشر (العاشر اذ ما حسب مرة واحدة) في حقبة الملياردير الروسي رومان ابراموفيتش الذي وصل الى النادي اللندني منذ 11 عاما، في حين ان مويز المدرب الثاني فقط ليونايتد منذ 1986. من المؤكد ان المسؤولين في يونايتد يستحقون التقدير ايضا على النجاحات التي حققها الفريق بقيادة فيرغوسون، اذ انهم احتفظوا بالاخير رغم المصاعب التي عاشوها معه، خصوصا في بداية مشواره مع "الشياطين الحمر". احتاج فيرغسون الى ثلاثة اعوام ونصف للفوز بلقبه الاول مع يونايتد وكان في مسابقة الكأس عام 1990، ثم انتظر لثلاثة اعوام اخرى لكي يتوج بلقبه الاول معه في الدوري. كما حل يونايتد مع المدرب الاسكتلندي مرتين في المركز الحادي عشر ومرة في المركز الثالث عشر في المواسم الاربعة الاولى معه، كما اختبر فترة صعبة اخرى بقيادته قبل حوالي عقد من الزمن حين فشل في احراز اللقب لثلاثة مواسم على التوالي الا ان ذلك لم يزعزع العلاقة بين الطرفين لان الادارة تدرك اهمية العمل الذي قام به المدرب الاسكتلندي منذ توليه منصبه. وكانت الفترة بين 2004 و2006 المرة الاولى منذ انطلاق الدوري الممتاز التي يتخلى فيها يونايتد عن اللقب لاكثر من موسم واحد، علما بانه احرز مع المدرب الاسكتلندي اللقب ثلاث مرات متتالية في مناسبتين. واجه فيرغسون خلال فترة "الجفاف" الكثير من التشكيك والتساؤلات حول مستقبله مع "الشياطين الحمر" لكن ادارة النادي تمسكت دائما بخدماته بفضل بعد نظرها ولا يبدو انها ستغير سياستها في اي وقت قريب رغم ان الفريق يواجه خطر الخروج خالي الوفاض من المسابقة الاوروبية المرموقة. كما يتخلف يونايتد بفارق 11 نقطة عن ليفربول صاحب المركز الرابع والاخير المؤهل الى البطولة القارية الموسم المقبل، ما يعني بان فريق "الشياطين الحمر" لن يخوض على الارجح هذه المسابقة الموسم المقبل مع ما يترتب عن ذلك من خسائر كبيرة لخزائنه وربما عدم قدرته على اغراء لاعبين من العيار الثقيل للانضمام الى صفوفه. وقد خسر يونايتد ست مرات في مبارياته ال12 منذ مطلع عام 2014، وخرج من مسابقتي الكأس على يد سوانسي سيتي على ملعبه، وامام سندرلاند بركلات الترجيح في كأس رابطة الاندية الانكليزية. لكن ما يزيد من وقع الهزيمة في مباراة الامس هو ان الفريق لم يقدم اي شيء يذكر امام منافس ليس من "مستواه" على الاطلاق ما دفع صحيفة "دايلي مايل" للقول: "انه ليس بايرن ميونيخ او برشلونة. انه ليس من الفرق المرشحة للفوز. انه اولمبياكوس"، مشيرا الى ان اداريي بطل الدوري الممتاز كانوا سعداء بالقرعة بعد ان اوقعتهم مع الفريق اليوناني لكنهم الان "يختنقون". ورغم هذه الخسارة والاداء الهزيل الذي قدمه فريقه في مباراة مساء الثلاثاء، بدا المهاجم الدولي الهولندي روبن فان بيرسي الذي كان بامكانه تسهيل مهمة يونايتد بعض الشيء لو لم يطيح بكرة سهلة في الدقائق الاخيرة من اللقاء، متفائلا بامكانية قلب الطاولة على الفريق اليوناني في لقاء الاياب، قائلا: "ما زال الامر (التأهل الى ربع النهائي) ممكنا، لانه، ومع فائق احترامي لاولمبياكوس، بامكاننا الفوز عليه 3-صفر". ايلاف