مواضيع ذات صلة عصام العبيدي داخل القصر ملائكة وشياطين.. «نحل» ينتج العسل و«ذباب» يبحث عنه.. أناس عاشقون للوطن وعبيد أذلاء تابعون للجماعة.. فرسان يقدمون المبادئ والقيم، وضياع تنهش في جسد الوطن هذه هي حاشية الحاكم.. ورجاله، فإذا صلح الحاكم انحاز للفرسان وسمع لهم ومنحهم ثقته اما اذا كان فاسداً سلم اذنيه للفاسدين من حاشيته ورجال قصره. حدث ذلك تماما مع الرئيس المخلوع.. ففي بداية حكمه كان أقرب المقربين إليه اسامة الباز.. هو الذي علمه وتولى تدريبه على السياسة والدبلوماسية، وكيفية التعامل مع خصومه ومعارضيه بحيث يستميل العدو قبل الحبيب، ونجح الرئيس في اوائل حكمه وأفرج عن المعتقلين السياسيين، بل انه دعاهم للقصر الرئاسي.. فخرجوا من السجن الى قصر الرئاسة فهلل الشعب للرئيس الديمقراطي الذي فتح أبواب المعتقلات وافرج عن المسجونين والمعتقلين، وسارت الأمور على ما يرام الى ان حلت بركات الهانم، فأبعدت الباز من معية الرئيس وقربت أناساً من عينة زكريا عزمي وكمال الشاذلي وأنس الفقي فلعب كل منهم دور الشيطان الذي يغوي الرئيس ويزين له الحرام حتى تحول الرجل في اواخر أيامه الى ديكتاتور لا يسمع ولا يفهم الا من خلالهم وحسب رؤاهم حتى كانت النهاية، وسقط الرجل في الهاوية، وذهب الى غياهب السجن مع عصابته ورجاله بعد أن ثار عليه الشعب، ولقنه درساً لن ينساه، وسيظل عبرة وعظة لكل حاكم ظالم باع شعبه للشيطان، نهب وأثرى وأتمنى في حين جاع شعبه، وأصبح يسابق القطط والكلاب الضالة في البحث عن لقمة خبز فوق أكوام القمامة. وجاء مرسي.. ودخل القصر الرئاسي.. وما أن دانت له الدنيا حتى بدأ في اختيار معاونيه ومستشاريه.. فكان أغلبهم من الاخوان.. جماعته التي يرتدي عباءتها وبعضهم من قوى مدنية. رجال قانون.. سياسيون.. اعلاميون.. ومشايخ سلطان جاءوا للقصر للترضية واتباعاً لمبدأ المحاصصة في توزيع الغنائم. والآن وبعد مرور حوالي 150 يوما من رئاسته ارتكب مرسي من الأخطاء والخطايا ما جعل الشعب يدرك أنه أخطأ الاختيار.. من كارثة اعادة مجلس الشعب المنحل والذي داس مرسي بحذائه على حكم أكبر وأعظم محكمة في بلاده ثم جاءت فضيحة عزل النائب العام الأولى، وتعيينه سفيراً في الفاتيكان، وثورة القضاء عليه ثم الثالثة الاعلان الدستوري المشبوه الذي أشعل النار في مصر بأكملها فاتحد جميع خصوم مرسي.. ليبراليون ويساريون، وثوار وفلول.. الجميع ثار واحتشد حتى امتلأ الميدان بالمعارضين والمناوئين، حتى أصبح شعار ارحل هو النشيد القومي للميدان ولكل ميادين مصر، وبالطبع لم يسكت مؤيدو مرسي وافراد جماعته والمؤلفة قلوبهم من باقي التيارات الدينية، فهبوا لنصرة الرئيس بالحق أو بالباطل لا يهم، وهنا دخلنا في اشتباكات وصراع دموي ادى لإسالة الدم المصري الطاهر وسقط شهداء بخلاف مئات المصابين، وسط هذا الجو المشحون نظرنا للرئيس وقصره الرئاسي وتساءل الجميع أين مستشارو الرئيس من هذه الكوارث التي وقع فيها الرجل، والذي ظهر من خلالها مرتبكاً متردداً، يقع في الخطأ تم يطلب السماح والغفران ويعود في قراره. وهنا ظهر القصر الرئاسي وانكشف ما بداخله فرأينا بداخله شياطين وملائكة.. مخلصين لمصر وللرئيس وكارهين للرجل ودافعين له لارتكاب الخطأ وكان أول ملائكة القصر سمير مرقص مستشار الرئيس للتحول الديمقراطي، والذي ثارت كرامته رفضاً للاعلان الديكتاتوري، ولأن الرئيس لم يستشره قبل اصداره رغم أنه من صميم اختصاصاته ودخل الرجل الشهم الى القصر، وسلم الرئيس استقالة باليد صحيح أن مرسي لم يقبلها حتى الآن، ربما تمسكاً بالرجل وربما غضباً من موقفه وحتى يحرمه من الظهور بمظهر البطل. وجاء من بعده فارس الرومانسية الشعرية فاروق جويدة الذي عينه مرسي مستشاراً طمعاً في تزيين القصر الرئاسي بممثل للأطهار في مصر، فسارع جويدة بتقديم استقالته من منصبه غضباً واعتراضاً على الاعلان المشبوه الذي كتب شهادة ميلاد فرعون جديد. وجاءت من بعده سكينة فؤاد ضمير مصر.. تلك السيدة التي يصفونها بأنها امرأة بألف رجل لتقدم استقالتها وتعلن اعتراضها على الفرعون الجديد ومن بعدها الكاتب المعجون بالمصرية أيمن الصياد الذي أعلن استقالته إن لم يرجع مرسي في قراره والسؤال الآن هؤلاء هم ملائكة القصر فمن هم شياطينه.. من هم الذين زينوا له الحرام الدستوري وهنا وحرصاً على عدم ملاحقتنا قضائيا سيرمز لكل واحد فيهم برمز يكشفهم.. ويمنعهم من مقاضاتنا الأول هو أحد رواد تيار «الاستقلال» في القضاء المصري والذي اكتسب اسمه وشهرته وتاريخه من وقوفه مع استقلال القضاء ونزاهته فما أن دخل القصر حتى تحول الى رائد من رواد «استغلال» القضاء وزين للحاكم كل سوء، ودفعه لكل رذيلة حتى أصبح ترزياً للسلطان وعدوا للقضاء ورجاله، الثانية استاذة جامعية مجهولة راحت تتنقل بين الفضائيات والقنوات المشبوهة تدافع عن خطيئة رئيسها وتحاول أن تغسل سمعته رغم أنها شخصياً لا تصدق نفسها، ولا تقتنع بكلمة واحدة مما تقول، لأن الاعلان الدستوري واضح ولا يحتمل اي نية حسنة وهو في رأي جميع من يفهم ويفضل مصلحة البلد على مصالحه هو شهادة ميلاد فرعون جديد.. يقول للناس وهو يخرج لهم لسانه: أنا ربكم الأعلى. وهكذا.. وفي كل عصر وأوان تظل القصور الرئاسية مليئة بالشياطين والملائكة.. ويتعاظم دور أي منهم حسب صلاح الرئيس وتقواه.. ومدى حبه لوطنه وحرصه عليه.