ظلّت دول الخليج لفترة طويلة تتحمّل أذى دولة قطر، والجماعات التي ترعاها، وما تموله ويموله «عيالها» و«رعاياها» من أعمال تهدد أمن الخليج والعرب، وكان التحمّل مبنياً على منطق «المواجيب» و«احترام التاريخ»، ورعاية «كلمة الشيخ»، ومنح الفرصة «للأمير الجديد»، فظلّت الدول تمارس نصحها سراً، ولم يخرج عنها إعلان واحد يمس دولة قطر قيادة وحكومة. وإلى وقت قريب كانت التأكيدات تأتي أنْ لا تلتفتوا إلى ما يفعله بعض المتفلتين، وظلّت الدول الحكيمة ترسل برقياتها، وتتلقى ردودها من الأمير الجديد، إلى أن وصل الأمر مرحلة الكذب، وكما يقول الإعلامي المصري يسري فودة «أن تخدعني مرّة عارٌ عليك، وأن تخدعني مرتين عارٌ عليّ»، فكان قرار سحب السفراء «درساً أولاً». فماذا جرى باختصار؟ لم تتغير قطر بعد انتقال الحكم للأمير الجديد بالرغم من الوعود، فهي تدعم من يدعمون خليّة إخوانية في الإمارات كانت تهدف للاستيلاء على الحكم والإضرار بسيادة الدولة، وتدعمهم وتوفر لهم «تعاطفاً» دولياً، عبر منبر تجهزه كل أسبوع «للقرضاوي»، وتستضيف الفارين وتمول المطلوبين والصحف التي يكتبون فيها، كما أنّها تحاول التغوّل في السعودية باستخدام أبناء المملكة الذين تستقطبهم لقطر، وتزاوج بين فكر سلفي وآخر إخواني لبناء عمق في قطر، وتريد استغلال الجماعات لتوسيع نفوذها في السعودية. وحينما كانت قوات درع الجزيرة تتوجه نحو البحرين، عملاً بالاتفاقات المشتركة لدول الخليج، كان مذيعو قناة الجزيرة يتحركون لتحضير ملفات ضد تلك الإرادة، ومع الخبر الأول، جاء الرد حاسماً من قبل دول الخليج، أن هذا خط أحمر. رفعت صحف قطر الحديث عن السيادة، والقول بأن قطر من حقها إيواء من شاءت، وأن تدعم من تشاء، وهو مفهوم مغلوط وساذج للسيادة، وسأتساءل: هل من حق قطر أن تمول إرهاباً يقتل المساكين في مصر، ويقوض سير الدولة، ويحرق الأخضر واليابس، ويسمم الطلاب؟ هل من حق قطر أن تجنّد جنسيات لتثور في وسط الرياض؟ وهل من حق قطر أن تؤوي من يصبح على شتم القيادة السعودية ويمسي؟ وهل من حق قطر أن توفر العيش الرغيد لمن لا هم له سوى تفتيت الإمارات وبث الفرقة؟ وهل من حقها أن تموّل الحوثيين؟ وهل من السيادة ألا تترك بلداً إلا وزرعت فيه عبر جزيرتها الفتنة؟ هل من حق قطر أن تدعم الإرهاب في البحرين؟ هل هذه هي السيادة يا «سادة»؟ لا أحد يريد أن يصل بالأمور إلى أقصاها، ولكن على من يزجون بقطر وشعبها إلى التصادم، إدراك أن الأمور أصبحت جدية وليس هناك مكان للعب بالكلمات. إن الخاسر الوحيد من كل هذا هو الشعب القطري الشقيق؛ وحلم الوحدة الخليجي، فهل ستسمح قطر لأحلام صبيانية مراهقة أن تدمّر كل شيء، أم أن الرشد يؤوب ويدعم الأمير الجديد على الوفاء بما قطعه على نفسه كتابة، ويرضخ لصوت العقل ويقطع الأفاعي التي تلتف حول الخليج انطلاقاً من قطر؟ فهل يعقل أن تكون قطر وإيران وتركيا في محور واحد ضد الرياض والمنامة وأبوظبي؟ علمنا المثل العربي أن «من حفر حفرة لأخيه وقع فيها»، وعلمنا التاريخ أن الإخوان المسلمين سينقضون على قطر، طال الزمن أو قصر، ويومها لن تبكي على الملك النساء، وواجبنا كأشقاء لشعب قطر أن نحذر ونكرر التحذير. ونقول باختصار: إن لم تنته قطر عما تقوم به من توفير الغطاء والدعم لجماعات معادية وإرهابية، فإنّ الأمور ستمضي نحو اتجاه لا يسرّها، ولا يلبي تطلعات الخليج التي «تدعي» صحف قطر الالتزام بها. The post هل هذه هي السيادة يا سادة؟ appeared first on صحيفة الرؤية. الرؤية الاقتصادية