أدى استمرار الأزمة في اليمن إلى تحوله إلى ساحة للنزاع بين إيران من جهة وبين السعودية ودول خليجية عربية أخرى والدول الغربية، وفي صراع على النفوذ شبيه بحرب الوكالة الدائرة في سوريا حالياً. تقاتل الولاياتالمتحدة المتطرفين الإسلاميين في جنوب اليمن في حين تستخدم دول الجوار، بما فيها قطر، القتال بين الفصائل الأخرى في البلاد لنشر تأثيرها في اليمن بسبب موقعه الاستراتيجي على الحافة الجنوبية لشبه الجزيرة العربية الغنية بالنفط. يقول دبلوماسيون ومحللون إن إيران "تحاول استغلال الفوضى في نقطة الضعف بشبه الجزيرة العربية من خلال دعم المتمردين في الشمال والجنوب". وذكر رئيس منتدى التنمية السياسية في صنعاء، علي سيف حسن،"أن اليمن أصبح مفتوحاً للجميع، من أمريكا وأوروبا مروراً بالسعودية إلى إيرانوقطر". الجدير ذكره أن محققي الأممالمتحدة يفحصون قارباً احتجزته قوات الأمن اليمنية في يناير الماضي، يعتقد المسؤولون الأميركيون بأنه محمل بأسلحة من إيران، والتي اتهموها بدعم العناصر الانفصالية المسلحة في حركة (الحراك الجنوبي) ولا سيما نائب الرئيس اليمني السابق، علي سالم البيض، المقيم حالياً في بيروت والذي هدد مجلس الأمن الدولي بفرض عقوبات ضده في فبراير الماضي بسبب ما اعتبره تدخله في عملية الانتقال السياسي في اليمن. رفضت إيران الاتهامات بأنها تموّل نشطاء الحراك الجنوبي في جنوب اليمن أو حركة الحوثيين في شمال البلاد، فيما نفت الحركة الأخيرة أنها تعمل بتوجيهات من قبل طهران. وقال المتحدث باسم حركة الحوثيين، علي البخيتي، أنه "زار إيران لمدة خمسة أسابيع في العام الماضي وعقد اجتماعات مع كبار الزعماء السياسيين والدينيين لكنه لم يتلق أي أموال". تُعد قطر الآن واحداً من اللاعبين الكبار، لكن العديد من المراقبين يحاولون فهم ما تحاول تحقيقه في اليمن، حيث يُعتقد على نطاق واسع بأنها تموّل حركة الإصلاح الإسلامية (حزب التجمع اليمني للإصلاح) التي لعبت دوراً بارزاً في الاحتجاجات ضد نظام الرئيس السابق علي عبد الله صالح، وقامت ببناء علاقات قوية مع الجماعات الإسلامية في الشرق الأوسط وشمال أفريقيا وعلى النقيض من جيرانها من دول الخليج العربية والدول الغربية. ونفى زعيم حزب التجمع اليمني للإصلاح، محمد اليدومي، أن يكون حزبه حصل على تمويل من الدوحة، لكنه أشار إلى أنه كان واحداً من ائتلاف جماعات المعارضة اليمنية الذي زار قطر لشكرها على دعم الثورة في اليمن. ورفض السفير القطري في صنعاء الحديث عن الدور الذي تلعبه بلاده في اليمن، لكن مصدراً مطلعاً أصر على أن الدوحة "اتخذت خطوة إلى الوراء من بلد يُعتبر حكراً على السعودية، لكنها لم تفك ارتباطها به بشكل كلي". وحين سألنا اليدومي إذا قام الإصلاح بزيارة المملكة العربية السعودية أجاب قائلاً "لا السعودية لم تدعم الثورة اليمنية". ودخل الدور القطري في اليمن دائرة الضوء مؤخراً عقب جهودها الناجح في إطلاق سراح سلفيا ابراهات، مدرسة سويسرية اختطفت في اليمن قبل حوالي عام وانتقلت إلى الدوحة بعد إنجاز المساعي القطرية في تحريرها. وتوقعت المصادر أن قطر دفعت مبالغ مالية ضخمه للإسلاميين المتشددين لكن وزارة الخارجية القطرية رفضت الخوض في التفاصيل. وقال مصدر مطلع على مجريات الأمور أن نجاح الوساطة القطرية جعلت الجميع يطرقون أبوابها وسؤالها "هل تستطيعون مساعدتنا؟". من جانبه قال المحلل اليمني عبدالغني الإرياني إن الاختطافات في اليمن هي أداة للقوى الخارجية تستغل للتدخل في اليمن قائلاً "يمكنك أن تحصل على نفوذ واسع بالمال إذا عرفت متى وكيف تتدخل ويمكنك أن تستفيد كثيراً من حالة السخط الجارية وهذا ما يقوم به القطريونوالإيرانيون في اليمن". * صحيفة فاينانشال تايمز البريطانية