تنطلق فعاليات الدورة التاسعة من مؤتمر الشرق الأوسط «ون إفرا» الذي ينظمه الاتحاد العالمي للصحف وناشري الأنباء، صباح اليوم في فندق العنوان بدبي، تحت شعار «المستقبل يبدأ اليوم»، وسوف يتم خلال المؤتمر استعراض الخطط والاستراتيجيات المناسبة لمواجهة المستقبل وما يتضمنه من تحولات طارئة، خاصة وأن الثورة الإعلامية التي جاءت عبر الهواتف المحمولة والإنترنت والوسائط المتعددة إلى منطقة الشرق الأوسط، شكلت نقطة تحول في الإعلام الذي كان قاصراً على القنوات الفضائية والجرائد والإذاعات، ودفعت الكثير من الخبراء لتشجيع الدمج بين الصحافة الورقية والإلكترونية. وأسهمت التكنولوجيا الرقمية في ظهور الإعلام الجديد «الموبايل ميديا» الذي لعب دوراً بارزاً في تشكيل اتجاهات الرأي العام وبناء القناعات الذاتية والمواقف والآراء تجاه مختلف القضايا والأحداث في مختلف المجالات ، وأفرز مفهوم «الجمهور الفاعل» الذي عكس ظهور ومقدرة المتلقي على أن يكون منتجاً وشريكاً أصيلاً ضمن عملية اتصالية تفاعلية بدلاً من أن يكون متلقياً سلبياً للمحتوى أو الرسالة .. وتحاول الدورة التاسعة من «ون إفرا» دراسة الآثار المترتبة على ذلك في آلية عمل واستمرار ناشري الأخبار والصحف العالمية المطبوعة، واستشراف آفاق استخدام وسائل التواصل الاجتماعي وفهم حدود تأثيراتها في المجالات السياسية والاجتماعية والاقتصادية والإعلامية وغيرها من المجالات، فضلاً عن تحليل ما يُنبئ به تطورها المتسارع، من أجل بناء تصورات مثالية للتعامل مع هذه الظاهرة في المستقبل. مشاركون ومتحدثون وتحل الأميرة الأردنية ريم علي، مؤسس معهد الإعلام الأردني، ضيفة على المؤتمر، الذي يشارك فيه عدد كبير من المتحدثين، أبرزهم: ظاعن شاهين، مدير عام قطاع النشر في مؤسسة دبي للإعلام ورئيس تحرير "البيان"، ومحمد عبدالله، مدير عام قطاع الإعلام في تيكوم للاستثمارات وعضو في شركة دبي القابضة، وأناند سيرنيفيسا، متخصص في تكنولوجيا الطباعة والمسؤول عن الأبحاث في "ون إفرا"، وبنجامين جاكوسيكي، خبير في تطوير تطبيقات الهواتف الذكية، وفنسنت بيريجن، ضابط إدارة تنفيذي-ون إفرا فرنسا، بالإضافة إلى جوناثان هولز، بروفيسور مساعد في جامعة جورج واشنطن ومدير شركة جوناثان هولز وشركاؤه. كما يشارك في هذا الحدث العالمي محمد فهد الحارثي، رئيس تحرير مجلتي «سيدتي» و«الجميلة»، وصالح الحميدان، المدير العام لصحيفة «دار اليوم» الإعلامية في السعودية، وباتريك دانييل، رئيس تحرير صحيفة "إنجلش آند مالاي". وتلقي الأميرة ريم علي، مؤسس معهد الإعلام الأردني كلمة افتتاحية في اليوم الأول في العاشرة صباحاً ، تليها كلمة ترحيبية يلقيها ظاعن شاهين، مدير عام قطاع النشر في مؤسسة دبي للإعلام ورئيس التحرير التنفيذي لصحيفة «البيان»، وبعدها تبدأ الجلسات النقاشية. ويلقي باتريك دانييل، رئيس تحرير صحيفة «إنجلش آند مالاي»، محاضرة بعنوان «صناعة الأخبار ليست صناعة الموت»، يسلط الضوء من خلالها على ضرورة إعادة النظر في طُرق العمل للبقاء على قيد الحياة. وفي الساعة الثانية ظهراً سيناقش بنجامين جاكوسيكي، خبير في تطوير تطبيقات الهواتف الذكية، أساليب تحول الصحف المطبوعة إلى مصانع أخبار تعتمد على الوسائط المتعددة. كتاب الصحافة الذكية وسوف يتم خلال المؤتمر توزيع كتاب بعنوان "الصحافة الذكية من المعدن الساخن إلى ثورة الديجيتال " الذي ألفه ظاعن شاهين، مدير عام قطاع النشر في مؤسسة دبي للإعلام ورئيس التحرير التنفيذي لصحيفة «البيان». ويتضمن الكتاب تسعة فصول، يتحدث الفصل الأول عن الإعلام في الإمارات الصحافة أولا، بحيث يشير المؤلف إلى أن الصحافة المؤسسية المنتظمة في الإمارات بدأت مع ظهور نشرة "أخبار دبي" المجلة التي صدرت في 16 يناير من العام 1965، بشكل نصف شهري في البداية ثم تحولت إلى إصدار أسبوعي ، وكان لها الفضل في حفظ الكثير من الوقائع والحوادث المدونة، فقد اهتمت بأخبار البلدية، إلى جانب أخبار الفعاليات الاقتصادية والسياسية والاجتماعية التي كانت تحدث في دبي في ذلك الوقت وتوسعت المجلة لنشر الإعلانات الصادرة عن المؤسسات والدوائر الأخرى، ويعد أمين صقر أول من فكر في إصدار المجلة وتحريرها من خلال ذاك الإصدار انطلقت المسيرة الصحافية المنظمة والمنتظمة في إمارة دبي على وجه الخصوص وفي الإمارات عموما وذلك قبل أن تسلم هذه الراية إلى صحيفة "البيان" في شهر مايو عام 1980 والتي لاتزال تصدر منذ بدايات ثمانينيات القرن الماضي وحتى يومنا هذا تحت مظلة دائرة إعلام دبي ومن ثم مؤسسة دبي للإعلام . ويستعرض المؤلف خلال هذا الفصل تاريخ الصحافة .. الناس والتحولات ويقول إن البدايات المتواضعة للصحافة ترجع إلى عام 1927 عندما أصدر إبراهيم محمد المدفع نشرة نصف شهرية عبارة عن صفحتين تكتب باليد أطلق عليها اسم "عمان" بالتعاون مع بعض الشعراء والأدباء من أبناء المنطقة طغت عليها لغة الأدب، ثم جرت محاولة ثانية في عام 1933 قام بها بعض شباب دبي والشارقة بمساعدة شباب من البحرين وأصدروا نشرة يومية تكتب باليد وأطلقوا عليها اسم "صوت العصافير" ،إلى جانب عدد من نشرات وملصقات الحائط التي كانت تعلق في الأسواق وبها إعلانات باللغة الانجليزية عن مواعيد وصول السفن التي تأتي من الهند وإيران. وكان هناك مجلات حائط ونشرات وأشكال أخرى من المطبوعات ظهرت في أماكن مختلفة ففي مدينة العين أصدر مصبح بن عبيد الظاهري صحيفة حملت اسم "النخي" مطلع ثلاثينيات القرن الماضي . كما ظهرت في دبي والشارقة وبعض الإمارات الأخرى محاولات متقطعة في كنف الأندية الرياضية والثقافية على وجه الخصوص وساهمت تلك الأندية في إفساح المجال أمام ظهور أصوات وطنية في ميادين الصحافة والأدب والفن. وظهرت أول مطبعة في الإمارات في عام 1958 في دبي على يد محمد بن علي رضوان.. وفي عام 1961 شهد صدور نشرة تسمى "الديار" بمبادرة من حميد بن ناصر العويس وعبدالله بن سالم العمران وعلي محمد الشرفا ، وتعتبر "أخبار دبي" السجل الاحترافي الأول، وفي 10 مايو 1980 صدر العدد الأول من صحيفة "البيان ، لتصبح الصحيفة اليومية الخامسة في الدولة. مخاض الإبداع وفي الفصل الثاني يتطرق المؤلف إلى الإعلام مخاض الإبداع والتطور الإنساني ويتحدث فيها عن الانتقال من حبر الورق إلى حبر الضوء، وعن الصحافة وليدة حركات التاريخ الفكرية وسطوع الأقمار الصناعية في الثمانينيات. أما الفصل الثالث من الكتاب يتطرق إلى طلقة الحرية المسؤولة ويستشهد بقول صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم نائب رئيس الدولة رئيس مجلس الوزراء حاكم دبي "رعاه الله" إن ثقتي بالإعلام الوطني وبكوادره الإعلامية كبيرة ومتواصلة ، فهو بما توافر له من إمكانيات قادر على مجاراة الأحداث والتطورات محليا وعربيا ودوليا بصدق وموضوعية ، فدوره بات مكملا لدور باقي مؤسسات الدولة وأجهزتها ، ويضطلع بدور أساسي في التعريف بالنهضة الحضارية والتنموية لدولتنا وإنجازاتها في شتى الميادين وبناء الجسور مع دول وشعوب العالم". التخطيط والمحتوى والشكل.. ثلاثية جلب القارئ يلقي المؤلف في الفصل الرابع من الكتاب الضوء على نظرة من الداخل، حيث أن الإنسان بما يملك من طاقة متجددة هو من يقود ثورته على الأشياء الجامدة وليست الآلة، مشيراً إلى أنه لا يخفى على أحد أن هناك علاقة ثلاثية بين التخطيط والمحتوى والشكل لجلب القارىء ولا يجب إهمال أي من هذه العناصر الثلاثة. وقال إن التغيير في صالات الأخبار الصحافية شمل التقنيات عالية الدقة إضافة لأدوات الإنتاج ما قبل الطباعي وشاشات العرض والتصميم الهندسي، ما أتاح أن تقلع تلك الصالات لإطلاق قناة حية تعمل على مدار 24 ساعة يوميا. ويتحدث في هذا الفصل حول كيفية إيجاد ثقافة جديدة لصالة التحرير، ويتطرق إلى الحقائق والأساطير في عالم التحرير ، منوها بأن السؤال الذي فرض نفسه على الصحافيين هو كيف نستطيع إيجاد ثقافة جديدة في صالة التحرير المتكاملة ،حيث هناك عادات وتقاليد وأفكار بالية كان لا بد من التخلص منها ورميها في سلة المهملات ، واستبدال كثير من المقولات البالية بأخرى أكثر قدرة على إحداث الفعل والتغيير. ويقول إن 2005 شهد تغييرا في هيكل وتبويب صحيفة "البيان" وفي 2007 كانت بداية التفكير في صالة التحرير. ويرى أن الصحف التي تمتلك تقاليد عريقة وأسساً ثابتة هي الأكثر مصداقية ، وأن الصحافة الورقية مطالبة اليوم بالبحث عن شكل جاد عن قوالب جديدة أو تحيي فنوناً بدأت بالتلاشي أو النسيان مثل الصحافة الاستقصائية . من هو الصحافي؟ ويتعرض المؤلف في الفصل الخامس من الكتاب من هو الصحافي ؟ وما شكل ذلك "الكهف" الذي يختفي فيه؟ ويقول "إن الكثيرين يستطردون في تحديد من هو الصحافي والواقع علينا في هذه المهنة أن نبتعد عن ترديد التعاريف التي تزخر بها كتب الإعلام ونركز على الواقع المعاش، فالصحافي هو من يحترف هذه المهنة مكرسا وقته لممارستها ممتلكا أدواته الفنية تحريريا وتقنيا". وجاء عنوان الفصل السادس من الكتاب "خلية بلا خطط لا تنتج عسلا" ، حيث يعتبر ظاعن شاهين أنه علينا أن نسلم بأن التخطيط هو حجر الأساس للعمل الصحافي الجيد ، فيجب أن يكون التركيز منصباً على بداية إدارة الأخبار ومعالجتها وليس على الإجراءات النهائية كما يعتقد البعض ، والمعروف أن البداية الجيدة للصحف اليومية تعني نهاية ناجحة في آخر اليوم . ويتحدث عن أهمية خطط الإبحار إلى بر الأخبار من خلال العمل بروح الفريق الواحد من رئيس التحرير إلى مدير التحرير للصحافيين والمترجمين والمصورين و المصممين، وأن ثمة مسؤوليات وأدوار على كل هؤلاء يجب أن يقوموا بها على أكمل وجه، ويستعرض المهام الملقاة على جميع العاملين في الصحيفة ،إلى جانب أنظمة العمل في صالة التحرير ، حيث أن التخطيط هو جوهر الأسلوب الجيد الذي تسير عليه الصحف فيما يتعلق بالمواعيد النهائية لتسليم المواد والالتزام بما يجري الاتفاق عليه والتخطيط له ، وهذا التخطيط يجب أن يكون بروح الفريق الواحد. معلومات مبتكرة ويتطرق المؤلف في الفصل السابع من الكتاب إلى الظاهر والخفي في فن "قنص المعلومات المبتكرة ، ويشير إلى أن هناك الكثير من الابتكارات التي تجري في عالم الصحافة الإلكترونية وتكاملها مع وسائل الإعلام الاجتماعية ، وأن الصحافة تتطور بشكل يثير الانتباه وربما تكون القوالب القديمة قد انتهت ولكن علينا أن نجد شكلا جديدا يأخذنا لمستقبل واعد يتعدى حدود السماء. ويتابع أن الأخبار في سوق لا ينضب والمعلومة منتج حيوي قابل للربح ، ويتطرق إلى كيفية اللحاق بالقطار الهادر الذي لا ينتظر أحدا. ويرى ظاعن شاهين أن التعامل مع المصادر الخفية لا يأتي إلا بعد تجربة يشوبها الأخذ والرد ، منوها بأن الكثير من الصحافيين يهمشون ويهملون دور سكرتير التحرير المسؤول والقيمة الخبرية فلا يعيرونها اهتماما رغم أنه من خلالها تكشف الأسرار ويهتدي الصحافي إلى المعلومات المفقودة في القضايا التي يتابعها. كما يتحدث المؤلف عن أهمية الرسومات التوضيحية التي تدعم الأخبار وتحقق متعة المعلومة وتجعل العمل الصحافي أكثر تميزا كونها توصل المعلومة بأسلوب بصري عن طريق الإشارات والرموز والخرائط والرسوم البيانية من خلال تفكيك الحالات المعقدة وتبسيط إيصال المعرفة للمتلقي بطريقة بصرية سهلة وممتعة. المستقبل الآن قول ظاعن شاهين: علينا أن نتهيأ لرسم صورة جديدة للصحف تحملنا للمستقبل عبر أجهزة هواتفنا الذكية ، وأن عادة التصميم الفعالة هي القادرة على تعزيز المكانة القيادية للصحيفة في السوق، ويمكن أن تصبح عملية إعادة التصميم جزءا من تغيير استراتيجي واسع وطموح ،إضافة إلى أن عملية التغيير الناجحة تبدأ دائما بالتشخيص السليم ، حيث أن إعادة تصميم الصحيفة يعني إعادة شحن وتنشيط طاقم العاملين وتقوية القيادات الداخلية في كيان الصحيفة. 5 مراحل لتطور يستعرض المؤلف المراحل الخمس لتطور جريدة البيان، من 1980-1984 ،ثم 1984-1989 ،وبعدها 1989-2005 ،ثم 2006 -2009 وبعدها 2009- حتى الآن عندما انضمت الصحيفة إلى مؤسسة دبي للإعلام وتعتبر هذه المرحلة الأكثر تميزا ونضجا وقدرة على مواصلة العطاء الصحافي. كما تطرق المؤلف إلى بدايات وتطور الإذاعة والتلفزيون بداء من إذاعة صوت الساحل في 1964 وبعدها إذاعة دبي 1970 ، وبالنسبة للبث التلفزيوني سجل تلفزيون أبوظبي أسبقيته حيث بدأ بثه في 1969 بالأبيض والأسود قبل انطلاق تلفزيون الكويت من دبي بشهر تقريبا وامتلك تلفزيون دبي عصا السبق عندما افتتح المغفور له الشيخ راشد بن سعيد آل مكتوم في الثاني من ديسمبر عام 1974 أول تلفزيون ملون في الخليج. لعبة القط والفأر في زمن "فيسبوك" يحمل الفصل التاسع من الكتاب "لعبة القط والفأر في زمن الفيسبوك" ، ويقول المؤلف "يظل الجدل عموما في هذا الأمر متواصلا بين رقيب لا يقرأ ما بين السطور أحيانا وكاتب مشاغب يعرف كيف يتوارى خلف كثبان المعنى والمصطلح ، ورغم ذلك تعود الكثير من الكتاب المحترفين العاملين في الصحف اليومية بحكم العادة الصحافية ألا يثوروا من تدخل الرقيب من مقالاتهم إلا فيما ندر ، فيأخذ بعضهم هذا التدخل من باب السياسة العامة التي تنتهجها المطبوعة ويدرجه آخرون ضمن قائمة الممنوعات والمحظورات ويفسره فريق ثالث بالمزاجية التي تحكم الرقيب ، وأيا كانت الأسباب فإن الرقيب هو الأصل في نسيج الحكاية اليومية التي تسمى الكتابة". ويتطرق المؤلف في هذا الفصل إلى صحافة المواطن والمجدفون الشجعان وسط الموجة العاتية. البيان الاماراتية