السدر شجر النبق، الواحدة (سدرة) والجمع (سدرات) بسكون الدال (وسدرات) بفتح الدال وكسرها، و(سدر) بفتح الدال.. هذا هو تعريف السدر عند الرازي في الصحاح، موطن شجرة السدر هو جزيرة العرب وبلاد الشام. وعموماً تنتشر زراعته في المناطق الاستوائية وشبه الاستوائية، وقد عرف الإنسان شجرة السدر منذ آلاف السنين، وشجرة السدر لها منزلة كبيرة في الإسلام حيث ورد ذكرها في القرآن الكريم أربع مرات، كما كرمها الله عز وجل بأن جعل سدرة المنتهى في أعلى مراتب الجنة عند عرش الرحمن. وفي الذاكرة الشعبية الإماراتية السدر جمع والمفرد سدرة، تنبت النبق أو النبج بقلب القاف جيماً، ولأنها تنبت النبج فقد تسمى أحياناً نبجة، أما أزهار شجرة السدر فإن نحل العسل يرعى عليها ويتغذى على رحيقها وينتج منها عسلاً جيداً ذا قيمة غذائية عالية يسمى «عسل السدر» وهو من أغلى أنواع العسل البري. السدرة شجرة كريمة عريقة وأصيلة وقد حباها الله خصائص فريدة تمكنها من تحمل قسوة الجو في الإمارات، فأوراقها صغيرة مكسوة بمادة شمعية، وتكثر في أغصانها الأشواك مما يساعد على التقليل من عملية النتح واختزان كميات كبيرة من المياه. والسدرة من الأشجار المعمرة وارفة الظلال دائمة الخضرة، وقلما نجد في الإمارات بيتاً يخلو منها، ولكونها توجد بكثرة فقد تم استغلالها لعمل الأراجيح المسماة (المريحان) فيقوم الناس بربط حبال في أغصان السدرة الغليظة وتدليتها ليلعب عليها الأطفال، وخصوصاً أيام الأعياد والمناسبات السعيدة. نظراً لانتشار زراعتها وشهرتها، فقد استغلها الإماراتيون أيّما استغلال وحاولوا تطويع معطياتها لجوانب حياتهم المختلفة، فبعد أكل ثمارها من النبق، واستغلالها كوسيلة ترفيهية للأطفال بعمل الأراجيح، والاستفادة من أغصانها كمظلة واقية من حرارة الشمس، استخدموا أوراقها علفاً للأغنام والأبقار والإبل، واستخدموا ورق السّدر كمسحوق منظف لغسل الشعر، مثل الشامبو هذه الأيام، وأيضاً لغسل الموتى، كما استخدموها في معالجة بعض الأمراض بعد خلط الورق المطحون مع الملح والكركم ووضعه على الجبيرة لتجبير الكسور والرضوض. ولشدة صلابة جذوع السدرة استخدمت تلك الجذوع في صناعة السفن والأبواب والأسرة، وفي المعارف الشعبية يعتمد على شجرة السدرة في معرفة المواسم، فبطلوع ثمرة السدر المسماة النبق أو النبج أو الكنار يعرفون أن الليل والنهار قد تعادلا، وفي أمثالهم «إذا طاح الكنار.. تساوى الليل والنهار»، أي أن السدرة إذا آتت أكلها تساوى زمن الليل مع زمن النهار، وعرب الساحل الفارسي يصنعون من النبق بعد تيبيسه وطحنه وجبة خاصة جميلة وشهية. أما إذا ماتت السدرة ويبست أغصانها فتكون أجود أنواع الأخشاب لتورية النار لإعداد الطعام وصنع القهوة ومسامرة السمار. أخيراً من أطرف أمثالهم «اش عرّف الحمار بأكل الكنار»، وهو مثل يطلق على من يوكل بعمل هو ليس أهل له وليس من اختصاصه. [email protected] The post السدرة appeared first on صحيفة الرؤية. الرؤية الاقتصادية