يتأهب مركز حمدان بن محمد لإحياء التراث للاحتفاء بمرور عام على تأسيسه، منذ أن أمر سمو الشيخ حمدان بن محمد بن راشد آل مكتوم، ولي عهد دبي، بإنشاء المركز، ليكون بمثابة النواة والمظلة للعديد من الأنشطة والفعاليات والمبادرات، التي تسعى إلى المحافظة على التراث المحلي، ودعم انتشاره. وفاجأ «المركز» خلال هذا العام المهتمين بالشأن التراثي، بسلسلة مبادرات وشراكات مع جهات متعددة، من شأنها أن توسع من قاعدة ممارسة الموروث الثقافي، وتجذب شرائح وفئات مختلفة إلى الاهتمام به، ولم تعد بطولات فزاع التراثية، هي وحدها محل الأنشطة المرتبطة بمختلف أشكال هذا الموروث. وجاء توقيع مركز حمدان بن محمد لإحياء التراث على اتفاقية شراكة مع جامعة زايد، باعتبارها أول وجهة تشهد هذا الارتباط مع المركز، تأكيداً على أولوية فئات الشباب والطلبة في أهداف نشر التراث ودعم ممارسة أشكاله، لدى المنتمين إلى هذه الشريحة العمرية، لما يمثله ذلك من ضمانة، ليس فقط على واقع حضوره ممارساً في المجتمع، بل أيضاً على مستقبل ديمومته وانتشاره بين الأجيال المتعاقبة. وفي الوقت الذي تهتم الاتقاقية الأولى بإتاحة الفرصة لطالبات جامعة زايد، بالتعرف عن قرب إلى العديد من أشكال الموروث المحلي، وممارسته، وخصه بالبحوث الأكاديمية التي تستثمر وعيهن في هذا المجال، فإن اتفاقية أخرى عقدها المركز مع مهرجان «طيران الإمارات للآداب»، تتضمن مسابقات للنشء، جاءت لتؤشر إلى استيعاب شريحة أخرى في المجتمع، تبدو أكثر عرضة من غيرها لتيارات التغريب والحداثة والعولمة. «النخبة» من المنتظر أن تستضيف منطقة سيح الدحل بطولة «النخبة»، التي تتنافس فيها أمهر السلوق المدربة على اقتناص الفريسة، وهي البطولة التي تشهد اهتماماً إعلامياً ملحوظاً، وتستدعي تدريبات مهارية خاصة، نظراً لما يستتبعها من مراسم تتويج، بات الوصول إلى منصتها هدفاً لهواة «القنص بالسلق». وأشار مفهوم المسابقة التي تم إطلاقها من خلال هذه الشراكة إلى الاهتمام الذي يوليه المركز لمجال الإبداع الشعري، خصوصاً الشعر الشعبي، الذي حمل منظومة قيم هذا المجتمع، كما سجل الكثير من مظاهر وأنماط المعيشة، فضلاً عما يزخر به من تجارب إنسانية في شتى الأغراض. وحملت المسابقة الشعرية الأولى التي أطلقها المركز عنوان «قصيدة عن ظهر قلب»، لتشجع النشء على إبداع وحفظ القصائد، على نحو يقترب بهم من الصيغة التلقائية للشاعر القديم، الذي كان يجتر أبيات القصائد المطولة من الذاكرة، دون الاعتماد على المدونات، ومن أجل التشجيع على المزيد من المشاركة، جاء إطلاق هذه المسابقة باللغتين العربية والإنجليزية. وفي خطوة مثلت إثراء لمكتبة النبطي، وحفظاً وتوثيقاً لإبداع إحدى الشاعرات المجيدات في رحابه، جاء إصدار المركز للموسوعة الصوتية للشاعرة عوشة بنت خليفة السويدي، الملقبة ب«فتاة العرب»، ملقاة بصوتها، وهو المشروع الذي جاء بجمع وتدقيق الدكتورة رفيعة غباش، مؤسس متحف المرأة، إذ تضمن الديوان 150 قصيدة مختلفة. ويعدّ هذا المشروع تحديداً من أهم المبادرات الأدبية للمركز في عامه الأول، إذ تعتبر الموسوعة الصوتية استكمالاً لجهود بذلت لإصدار ديوان مقروء يقع في 829 صفحة. وقسمته الدكتورة رفيعة غباش، إلى أقسام عدة، تشمل إبداعات عوشة في الحب والحياة الاجتماعية وقصائد النقد والهجاء، وقصائد عوشة الخاصة، فضلاً عن القصائد التي تظهر تفرد فتاة العرب في مجاراتها فارس الكلمة صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم، نائب رئيس الدولة رئيس مجلس الوزراء حاكم دبي. بينما جاء برنامج «البيت»، الذي يتواصل عبره مركز حمدان بن محمد لإحياء التراث مع الآلاف من مبدعي ومتذوقي الشعر النبطي، ليس في الإمارات فحسب، بل ايضاً في سائر الدول العربية، فضلاً عن المشاركات العربية التي تأتي من دول المهجر، حسب تأكيد اللجنة التنظيمية، ليؤكد أن المركز يخطو بالتراث المحلي وفق استراتيجية تتجاوز فكرة إقامة بعض الفعاليات الجماهيرية، إلى تعميق التواصل مع هذا المورث تذوقاً وإبداعاً، إذ أفرز البرنامج التلفزيوني الذي تنقله قناة «سما دبي» أسبوعياً، متابعة جماهيرية وإعلامية مميزة على مدار حلقاته الأولى. الكشف عن قناة إذاعية خاصة بالموروث الثقافي والفني، بالتنسيق مع شبكة الإذاعة العربية، هو بمثابة حلقة أخرى من حلقات الانتشار والتواصل مع الجمهور، إذ اختير الملحن الإماراتي إبراهيم جمعة، للإشراف على هذا الجانب، فيما ضم المركز الشاعر سالم الزمر، للإشراف على الأنشطة الشعرية. من جانبه، أكد المدير التنفيذي للمركز، عبدالله حمدان بن دلموك، أن «مختلف الخطوات التي سبقت هذا العام لا تعدو أن تكون بمثابة خطوات تمهيدية أولى، تساعد على تحقيق الأهداف المرسومة بدقة من قبل سمو الشيخ حمدان بن محمد بن راشد آل مكتوم، ولي عهد دبي، إذ يسعى المركز إلى دعم الهوية الوطنية، من خلال الاهتمام بمكوناتها في الموروث الثقافي المحلي، وخلق قاعدة قوية للتواصل والتعاطي معه، ومن ثم فهم مكوناته، وانتشاره، وانتقاله بين الأجيال المختلفة». وأشار بن دلموك إلى أن هناك المزيد من اتفاقات الشراكة والتعاون التي سيتم الكشف عنها تباعاً، في سياق سعي المركز لصياغة أرشيف متكامل يحفظ الموروث الثقافي بتجلياته المختلفة، والذي يقع في قلب تكوين الهوية الوطنية، مؤكداً أن الجانب الأكاديمي والبحثي لا ينفصل في نشاط المركز عن الجوانب الإجرائية والنشاطات المختلفة، لأن كليهما يصب في إطار تحقيق الاستراتيجية ذاتها. في انتظار «السلق» بعد أن تختتم بطولة اليولة للكبار، التي ينظمها مركز حمدان بن محمد لإحياء التراث، منافساتها يوم الجمعة المقبل، بجولة إعلان هوية بطل الموسم الجديد، ستكون بطولات فزاع التراثية هذا العام، في انتظار ختام آخر البطولات، بطولة النخبة للصيد بالسلق، التي لم يتحدد موعدها بعد. وعلى مدار موسم حافل بالأنشطة والفعاليات، أقيمت بطولات الرماية للجنسين، والصيد بالصقور على اختلاف أنواعها المعتمدة في بطولات فزاع، وبطولة الصيد بالسلق. وقبل أيام اختتمت منافسات بطولة الغوص الحر«الحياري»، التي جمعت بين هواة ومحترفين، بعضهم جاء من أوروبا ليغوص وفق تقاليد الغواص الإماراتي الباحث عن المحار في أعماق الخليج، لاستخراج مكنونه من اللؤلؤ. تظاهرة كرنفالية وصف المدير التنفيذي لمركز حمدان بن محمد لإحياء التراث، عبدالله حمدان بن دلموك، النشاطات والمبادرات، التي صدرت عن المركز في عامه الأول ب«الخطوة» الأولى، مؤكداً أن هناك المزيد من المبادرات والشراكات التي سيتم الكشف عنها في المرحلة المقبلة. وبرر بن دلموك الاهتمام الملحوظ بالشعر النبطي تحديداً، في سياق عمل المركز خلال المرحلة المقبلة، بأهمية النبطي نفسه في التوثيق للبيئة والمجتمع المحلي على امتداد مراحل تطوره، مضيفاً «من خلال الشعر الشعبي تستطيع أن تستلهم خصوصية البيئة المحلية، كما أنه بمثابة قاموس جامع لمفردات وألفاظ الكثير، منها ما أصبح نادر الاستخدام في الشعر المعاصر». جماهيرية البطولات التراثية بالنسبة لبن دلموك تبقى منطقية، ومستمرة، وفي مقدمتها بطولة اليولة، موضحاً أنه «مع تشعب وتعدد نشاطات المركز، يبقى من المنطقي أن تظل الشعبية والجماهيرية محفوفة بالبطولات التنافسية، وهذه هي طبيعة المنافسات التي تنجح في جعل الجمهور طرفاً فاعلاً فيها». وأضاف «تحولت بطولة اليولة إلى تظاهرة شعبية تجمع بين الإثارة والمتعة، والمحافظة على أحد أشكال الموروث الثقافي، والاهتمام الإعلامي بها، والنقل التلفزيوني من خلال قناة سما دبي أتاح لها متابعة كبرى خليجياً وعربياً». الامارات اليوم