تطل موسيقى الشعوب بثوبها العربي عبر أربع لغات في تجربة فريدة كشفت عن تفاصيلها هيئة أبوظبي للسياحة والثقافة، لتكون بمثابة افتتاح موسيقي ملحمي للدورة ال 24 لمعرض أبوظبي للكتاب الذي سينطلق في 30 من الجاري. العديد مما تم الكشف عنه في مؤتمر صحافي استضافه نادي دبي للصحافة، أمس، يؤشر إلى معطيات غير تقليدية في مشروع «المتنبي.. مسافراً أبداً» الذي يستعين بصوت المطربة والباحثة اللبنانية عبير نعمة، التي ترافقها أوركسترا سيمفونية، فيما اختير من أشعار أبوالطيب «مالئ الدنيا وشاغل الناس»، أكثرها تعبيراً عن أسفاره المتعددة بدءاً من جنوبالعراق، مروراً بشبه الجزيرة العربية، وبلاد الشام، وصولاً إلى مصر وغيرها، باحثاً عن «الأمير العادل». العلاقة بين «الكتاب» الذي يظل هو محور المعرض، و«الموسيقى»، ليست مبتورة بل موصولة، وقائمة، وبحاجة إلى توطيد، حسب عضو اللجنة المنظمة لمعرض ابوظبي للكتاب سعيد حمدان، الذي كشف ل«الإمارات اليوم» عن أن نجاح المشروع الذي يأتي تحت عنوان «المتنبي.. مسافراً أبداً» قد يكون مقدمة لمشروعات أخرى تنتصر ل«موسيقى الشعوب»، مشيراً إلى أن الظرف المعاصر بحاجة إلى إعلاء القيمة الفنية والحضارية للموسيقى الراقية، وهو ما يستدعي وعياً نقدياً وإعلامياً في المقام الأول. ونفى حمدان، خلال المؤتمر الذي حضره المدير التنفيذي لقطاع المكتبة الوطنية في هيئة أبوظبي للسياحة والثقافة، جمعة القبيسي، ومدير إدارة المشاريع في المكتبة الوطنية بالهيئة، الدكتور علي بن تميم، ومدير نادي دبي للصحافة، منى بوسمرة، أن تكون العودة لأشعار أبوالطيب بمثابة ارتكان مجرد إلى الميراث الشعري، لافتاً إلى أهمية استدعاء القيمة الإبداعية لأحد أهم قامات الشعر العربي وتعريف الأجيال المعاصرة بثراء نتاجه، وتأثيره في الآداب العالمية التي أفردت العديد من الترجمات والمؤلفات المهمة. وأشار حمدان إلى أن «الحفل الموسيقي الغنائي يسعى إلى قراءة المنتج العربي الفكري في شكل قوالب فنية جاذبة، فمن خلال عمل (المتنبي.. مسافراً أبداً)، ستقودنا الفنانة عبير نعمة بصوتها الرخيم في رحلة موسيقية شعرية على المناطق التي زارها المتنبي، ويعكس العمل موسيقى الشعوب في تلك المناطق عبر أشعار المتنبي التي تزخر بالفخر والمجد والحب». وأشار إلى أن رحلة «المتنبي.. مسافراً أبداً» ستجوب في فضاء الخيال الذي يمزج بين الشعر والموسيقى والطرب كلا من العراق والبادية وحلب ولبنان ومصر، وينتهي العمل بمشهد عالمي يُغنى فيه شعر المتنبي بلغات عالمية، مثل الإنجليزية والفرنسية والألمانية، ليكون ذلك احتفاء عالميا بالمتنبي، شاعر العرب والعالم. وحول اختيار اللبنانية عبير نعمة اشار حمدان إلى أن عامل الاختيار اتكأ بشكل أساسي على أدواتها باعتبارها باحثة موسيقية متخصصة في موسيقى الشعوب، وتجيد الغناء ب20 لغة، وتتمتع بقدرات صوتية مذهلة، وسبق لها المشاركة في أعمال غنائية كبرى في الوطن العربي وخارجه. من جانبها، أشارت نعمة إلى أن العمل الذي يستعين بأوركسترا وصفتها بأنها الأمهر في هذا النطاق عالمياً يشارك في صياغته المخرج المسرحي جهاد الأندري الذي سيلقي أشعار المتنبي، فيما يقدم المعزوفات الموسيقية 13 عازفاً من أبرز الموسيقيين والأكاديميين ترافقهم جوقة من ستة مؤدين، إذ تم تشييد مسرح متكامل في مركز أبوظبي الوطني للمعارض لاستضافة العرض. وقالت نعمة إنه تم وضع ثلاثة أعمال غنائية مبتكرة خاصة بالعمل، وشاركت في وضع ألحانها إلى جانب جورج نعمة ووسام كيروز، فيما تم التعاون مع الأوركسترا السيمفونية البلغارية لتسجيل الأعمال في صوفيا. وأضافت أن «إحدى أبرز ميزات العمل هنا هو تقديم المتنبي من وجهة نظر مختلفة ومنفتحة على فنون الشعوب التي زارها في حياته، وهذا العمل تتحقق فيه ممازجة حقيقية بين عناصر فنية محورية في الثقافة العربية، سواء من ناحية قوة بيان شعر المتنبي وشخصيته الفذة، وتقديم غناء أصيل لشعوب متنوعة بالإضافة إلى احترافية موسيقية عالية». ويأتي حفل «المتنبي.. مسافراً أبداً» ضمن عدد من المبادرات التي تسعى لاستلهام ثراء تجربة المتنبي الذي اختاره معرض أبوظبي الدولي للكتاب محوراً أساسياً لدورته الحالية، وسيتم تخصيص جناح للشاعر يحوي مكتبة عالمية متخصصة جُمعت فيها المؤلفات التي كُتبت عن المتنبي ودواوينه الشعرية والرسائل الجامعية التي تم إعدادها عنه باللغات العربية والإنجليزية والفرنسية والروسية والإسبانية وغيرها. وإلى جانب سلسلة من المحاضرات والندوات اليومية في «مجلس المتنبي» تستعيد سيرة الشاعر، سيتم الكشف عن حقيقة «معجز أحمد»، وهو أحد شروحات ديوان المتنبي المنسوبة إلى أبي العلاء المعري، كما يقام معرض فني تشكيلي طوال أيام المعرض من وحي شخصية المتنبي وشعره. 50 دولة تنظم هيئة أبوظبي للسياحة والثقافة الدورة ال24 من معرض أبوظبي الدولي للكتاب خلال الفترة من 30 الجاري حتى الخامس من مايو المقبل في مركز أبوظبي الوطني للمعارض، ويعد المعرض أحد أكثر معارض الكتب نمواً في المنطقة، إذ يشارك به أكثر من 1050 دار نشر من 50 دولة حول العالم. وتقدم مملكة السويد ضيف الشرف في الدورة الحالية برنامجاً ثقافياً نوعياً يعكس المشهد الثقافي الغني في السويد حالياً. ليس «محالاً» وصفت الفنانة والباحثة الموسيقية اللبنانية عبير نعمة، فكرة وجود مشروع عربي يحتفي ب«موسيقى الشعوب» ب«الحلم الذي لم يعد محالاً»، مستدركة «الاهتمام الملحوظ بالموسيقى والفن الأصيل من قبل مؤسسات إماراتية عدة، جعل الكثيرين من المهتمين بالموسيقى العربية يرون أن الإعلان عن مشروع جامع في هذا الصدد، قد لا يكون محالاً». ودافعت نعمة التي تجيد الغناء ب20 لغة، وسبق لها المشاركة في أعمال غنائية كبرى في الوطن العربي وخارجه عن اختيار أوركسترا بلغارية وليست عربية في هذا العمل المتكئ على نتاج أحد أهم أعلام الشعر العربي وهو أبوالطيب المتنبي، مؤكدة أن الأوركسترا البلغارية تعد الأكثر مهارة في هذا المجال عالمياً، ما يسهم في إنتاج عمل لائق بالاحتفاء بسيرة المتنبي، الشاعر العربي العظيم. جزر «غير» معزولة قال عضو اللجنة المنظمة لمعرض أبوظبي الدولي للكتاب، سعيد حمدان، إن «هناك حاجة معاصرة لاستلهام واستدعاء تجارب إبداعية تشكل في حد ذاتها عناوين ومحطات كبرى في مسيرة الحضارة العربية عموماً، عبر مبادرات لا تكون منفصلة عن السياق المعاصر للفنون وقوالب الإبداع المختلفة». وأضاف حمدان ل«الإمارات اليوم»: «لا ينفصل الظرف الاجتماعي المعاصر عن المراحل السابقة، وقامة مثل المتنبي يمكن أن تشكل فضاءات على بعض نتاجها، بأسلوب غير تقليدي، تحريضاً على الإبداع، وفهماً أوسع للواقع، ليس على نطاقه الأدبي فقط، بل الاجتماعي أيضاً». ورأى أن الفنون يجب ألا تكون بمثابة جزر معزولة في هذا الصدد، وهو النموذج الذي يتجلى في مشروع «المتنبي.. مسافراً ابداً» الذي يمزج بين فنون عدة في ملحمة يفتتح من خلالها أبوظبي للكتاب الذي ينتصر في المقام الأول للكلمة المكتوبة. مجلس وواحة ستقام سلسلة من المحاضرات والندوات اليومية في «مجلس المتنبي» تستعيد سيرة الشاعر كإنسان، مثل تتبع رحلة اكتشاف بيت المتنبي في مدينة حلب، ومشروع تحويله إلى متحف. كما سيتم تقديم عرض واف عن مشروع «واحة المتنبي»، وهو موقع متخصص يضم كل ماله صلة بأبي الطيب المتنبي من شعر ومعلومات، مدعمة بعشرات الشروح القديمة والحديثة. الامارات اليوم