قائد الاحتلال اليمني في سيئون.. قواتنا حررت حضرموت من الإرهاب    هزتان ارضيتان تضربان محافظة ذمار    تراجع في كميات الهطول المطري والارصاد يحذر من الصواعق الرعدية وتدني الرؤية الافقية    باحث يمني يحصل على برأه اختراع في الهند    الكوليرا تدق ناقوس الخطر في عدن ومحافظات مجاورة    "الأول من مايو" العيد المأساة..!    غزوة القردعي ل شبوة لأطماع توسعية    الجنوب هو الخاسر منذ تشكيل مجلس القيادة الرئاسي    وقفات احتجاجية في مارب وتعز وحضرموت تندد باستمرار العدوان الصهيوني على غزة    احتراق باص نقل جماعي بين حضرموت ومارب    حكومة تتسول الديزل... والبلد حبلى بالثروات!    البيع الآجل في بقالات عدن بالريال السعودي    عنجهية العليمي آن لها ان توقف    الإصلاحيين أستغلوه: بائع الأسكريم آذى سكان قرية اللصب وتم منعه ولم يمتثل (خريطة)    من يصلح فساد الملح!    مدرسة بن سميط بشبام تستقبل دفعات 84 و85 لثانوية سيئون (صور)    تربوي: بعد ثلاثة عقود من العمل أبلغوني بتصفير راتبي ان لم استكمل النقص في ملفي الوظيفي    البرلماني بشر: تسييس التعليم سبب في تدني مستواه والوزارة لا تملك الحق في وقف تعليم الانجليزية    السامعي يهني عمال اليمن بعيدهم السنوي ويشيد بثابتهم وتقديمهم نموذج فريد في التحدي    السياغي: ابني معتقل في قسم شرطة مذبح منذ 10 أيام بدون مسوغ قانوني    شركة النفط بصنعاء توضح بشأن نفاذ مخزون الوقود    نجاة قيادي في المقاومة الوطنية من محاولة اغتيال بتعز    التكتل الوطني يدعو المجتمع الدولي إلى موقف أكثر حزماً تجاه أعمال الإرهاب والقرصنة الحوثية    مليشيا الحوثي الإرهابية تمنع سفن وقود مرخصة من مغادرة ميناء رأس عيسى بالحديدة    "الحوثي يغتال الطفولة"..حملة الكترونية تفضح مراكز الموت وتدعو الآباء للحفاظ على أبنائهم    شاهد.. ردة فعل كريستيانو رونالدو عقب فشل النصر في التأهل لنهائي دوري أبطال آسيا    نتائج المقاتلين العرب في بطولة "ون" في شهر نيسان/أبريل    النصر يودع آسيا عبر بوابة كاواساكي الياباني    اختتام البطولة النسائية المفتوحة للآيكيدو بالسعودية    وفاة امرأة وجنينها بسبب انقطاع الكهرباء في عدن    هزة ارضية تضرب ريمة واخرى في خليج عدن    هل سيقدم ابناء تهامة كباش فداء..؟    سوريا ترد على ثمانية مطالب أميركية في رسالة أبريل    صدور ثلاثة كتب جديدة للكاتب اليمني حميد عقبي عن دار دان للنشر والتوزيع بالقاهرة    مباحثات سعودية روسية بشان اليمن والسفارة تعلن اصابة بحارة روس بغارة امريكية وتكشف وضعهم الصحي    فاضل وراجح يناقشان فعاليات أسبوع المرور العربي 2025    انخفاض أسعار الذهب إلى 3315.84 دولار للأوقية    عرض سعودي في الصورة.. أسباب انهيار صفقة تدريب أنشيلوتي لمنتخب البرازيل    جازم العريقي .. قدوة ومثال    غريم الشعب اليمني    العقيق اليماني ارث ثقافي يتحدى الزمن    إب.. مليشيا الحوثي تتلاعب بمخصصات مشروع ممول من الاتحاد الأوروبي    مليشيا الحوثي تواصل احتجاز سفن وبحارة في ميناء رأس عيسى والحكومة تدين    نهاية حقبته مع الريال.. تقارير تكشف عن اتفاق بين أنشيلوتي والاتحاد البرازيلي    الصحة العالمية:تسجيل27,517 إصابة و260 وفاة بالحصبة في اليمن خلال العام الماضي    اتحاد كرة القدم يعين النفيعي مدربا لمنتخب الشباب والسنيني للأولمبي    صنعاء .. حبس جراح واحالته للمحاكمة يثير ردود فعل واسعة في الوسطين الطبي والقانوني    صنعاء .. حبس جراح واحالته للمحاكمة يثير ردود فعل واسعة في الوسطين الطبي والقانوني    النقابة تدين مقتل المخرج مصعب الحطامي وتجدد مطالبتها بالتحقيق في جرائم قتل الصحفيين    برشلونة يتوج بكأس ملك إسبانيا بعد فوز ماراثوني على ريال مدريد    أطباء بلا حدود تعلق خدماتها في مستشفى بعمران بعد تعرض طاقمها لتهديدات حوثية    غضب عارم بعد خروج الأهلي المصري من بطولة أفريقيا    القلة الصامدة و الكثرة الغثاء !    عصابات حوثية تمتهن المتاجرة بالآثار تعتدي على موقع أثري في إب    الأوقاف تحذر المنشآت المعتمدة في اليمن من عمليات التفويج غير المرخصة    ازدحام خانق في منفذ الوديعة وتعطيل السفر يومي 20 و21 أبريل    يا أئمة المساجد.. لا تبيعوا منابركم!    دور الشباب في صناعة التغيير وبناء المجتمعات    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



الحصبة المنطقة المنكوبة خسائر ومآسي تنتظر التعويض
نشر في الجنوب ميديا يوم 15 - 12 - 2012

بعد حوالي عام وثلاثة أشهر ونصف من المواجهات العسكرية العنيفة في منطقة الحصبة شمال العاصمة صنعاء، مازالت المنطقة شبه مهجورة من غالبية ساكنيها، ومشاهد الدمار وحدها كافية لتعبر عن معاناة آلاف المتضررين من مختلف شرائح المجتمع، خاصة أولئك الأبرياء الذين يعيشون تحت خط الفقر.
أسر فقدت منازلها وأخرى مصدر رزقها، وعلى الرغم من ذلك لم تحظ مأساتهم بأولوية ضمن أجندة المجتمع الدولي، رعاة المبادرة الخليجية، أو حكومة الوفاق الوطني..
"حرب الحصبة" الشهيرة التي اندلعت أواخر شهر مايو2011م، بين مسلحي الشيخ صادق الأحمر والقوات الموالية للرئيس اليمني السابق علي عبدالله صالح، واستمرت 22 يوما تقريبا على مرحلتين، آخرها أواخر أكتوبر من نفس العام، هجرت جميع سكان هذه المنطقة والعاملين فيها إلا ما ندر، ودمرت آلاف المنازل والمحلات التجارية وألحقت أضرارا بالغة بالممتلكات العامة والخاصة ورافقتها أعمال نهب واسعة، فضلا عن قتل وإصابة مئات الأبرياء من المدنيين
منطقة أشباح
يقول المحامي والناشط الحقوقي علوي شاطر: "معاناة سكان الحصبة جراء القصف على منطقتهم العام الماضي، لازالت قائمة، وهناك ما بين 60 و80 أسرة دمرت منازلهم بالكامل ولازالوا نازحين، ووضعهم سيىء جدا ومأساوي، وبعضهم كان يمتلك شققاً سكنية أو دكاكين مؤجرة يعول من عائداتها أسرته، دمرت وانتهى مصدر رزقهم".
وأشار شاطر، أحد سكان حي الحصبة الذين تضررت منازلهم وأعاد إصلاح جزء منه على نفقته الخاصة إلى أنه بعد أكثر من ستة أشهر على توقف الحرب، فإن إجمالي عدد الحالات المتضررة من السكان المدنيين والمحلات التجارية والبساطين، تقدر ب 2000 و 2500 حالة، مؤكدا أن الحصبة مازالت منطقة أشباح، وأن من عاد إليها هم السكان الأصليون فقط، وعددهم محدود.
كارثة حقيقية
قصص وشواهد عديدة، رصدناها في نزولنا الميداني، جميعها تلخص كثيرا من المعاناة والألم الذي عاشه ولايزال سكان الحصبة.
"أم عبدالرحمن العباهي" أو زوجة المحاجري، أم لخمس بنات وثلاثة أولاد، هي من الأسر التي تعيش كارثة حقيقية، حيث ماتزال نازحة لدى أحد أقاربها في منطقة دار سلم بالعاصمة صنعاء، بعد أن دمر منزلهم جوار سوق الحصبة المركزي، بما في ذلك الدكاكين التي كانت مؤجرة، ومصدر رزقهم الوحيد.
تلاعب بعملية الحصر
ويؤكد الناشط الحقوقي علوي شاطر، أن حكومة الوفاق الوطني لم تعر الحصبة وسكانها أي اهتمام حتى اللحظة، وكالمثل مسؤولي أمانة العاصمة.
وأضاف: "المصيبة الكبرى أن لجنة حصر الأضرار التابعة لأمانة العاصمة لم توثق الأضرار بشكل صحيح، وتلاعبت بهذا الأمر مع بعض عقال الحارات وأعضاء المجالس المحلية، حيث تم اعتماد الشخصيات المعروفة لدى السلطة والأمانة وأسماء من خارج الحصبة، على حساب السكان "الغلابى" والمتضررين الفعليين الذين لم توثق أضرارهم، فنسبة المتضررين الحقيقيين ضمن الأسماء التي نشرتها الأمانة في صحيفة الثورة لا يتجاوز 20%".
الحكومة غير ملتزمة
وبينما يكتنف الغموض إجمالي الخسائر الحقيقية، يرى مراقبون أن الدمار الذي خلفته حرب "الأحمرين" في الحصبة لا يقل فداحة عن ما خلفته الحروب الست بين الحوثيين والقوات الحكومية في صعدة خلال ست سنوات، وأن مظاهر الدمار وإعادة تأهيل المنازل أو المؤسسات الحكومية تحتاج إلى عشرات المليارات.
غير أن الإشكالية بحسب الناشط الحقوقي في منظمة هود، عبدالرحمن برمان، عدم صرف التعويضات للمتضررين من السكان، وعدم التحقيق في انتهاكات حقوق الإنسان التي ارتكبت أثناء الحرب، معتبرا أن التعويض غير العاجل يصبح لاقيمة له، متهما حكومة الوفاق الوطني بعدم الالتزام بتنفيذ القرارات الدولية وتعهداتها فيما يتعلق بالتحقيق في الجرائم والانتهاكات التي شهدتها الحصبة.
وكان قرار مجلس حقوق الإنسان رقم (19/18/ res/hrc/a) لسنة 2011م، ومجلس الأمن الدولي، طالبا الحكومة اليمنية بتشكيل لجنة محايدة ومستقلة يتم من خلالها إجراء تحقيقات نزيهة ومستقلة وفقاً للمعايير الدولية في الأحداث التي شهدتها البلاد العام الماضي، ويشمل ذلك كافة الجرائم، وبالتالي يتم التعويض أو يتحمل المسؤولية كل من تسبب بأضرار الممتلكات الخاصة والعامة.
وقال عبدالرحمن برمان: "صدر قرار رئيس الجمهورية عبدربه منصور هادي رقم (140) لسنة 2012م، في سبتمبر الماضي، والخاص بإنشاء لجنة مستقلة ومحايدة للتحقيق في انتهاكات حقوق الإنسان لعام 2011م، غير ان اللجنة لم تشكل حتى الآن، ونطالب بسرعة تسمية أعضائها
وفي السياق تحدث رئيس مجلس الوزراء محمد سالم باسندوة، الأسبوع الماضي عن المساعي الحالية للحكومة للتهيئة والتمهيد لتشكيل الهيئة المستقلة لحقوق الانسان، التي سوف تضطلع بدور متميز في الارتقاء بحقوق الإنسان وإحداث نقلة نوعية في تحسين سجل اليمن السيىء في هذا المجال، مؤكدا أنه سيتم تسمية أعضاء هذه اللجنة قريبا.
غياب الديمقراطية..
ومهما يكن الأمر يجمع عديد من المهتمين والسياسيين، بأن حرب الحصبة 2011م، إلى جانب قتل الثوار الذين انتفضوا للمطالبة بالتغيير، وحرق ساحة تعز وتسليم أبين للقاعدة، كانت أحد أشكال النظام السابق ومحاولاته لإجهاض الثورة الشعبية وتجريدها من سلميتها، وجر البلاد دون جدوى إلى حرب أهلية.
غير أن أستاذ علم الاجتماع بجامعة صنعاء الدكتور عادل الشرجبي، يرى أن السبب الأول والأساسي الذي أدى إلى حرب الحصبة، هو غياب الديمقراطية في المجتمع اليمني، أي غياب الثقافة الديمقراطية، سواء من الجانب الحكومي، حيث لم يكن رئيس الجمهورية السابق يؤمن بالديمقراطية الحقيقية وجوهرها، وهو التداول السلمي للسلطة، أو على الطرف الآخر، والمتمثل بالبنية القبلية وانتشار الأسلحة.
وأضاف: "كثير من القوى الاجتماعية في مجتمعنا لازالت تقليدية، تريد أن تظل مهيمنة على القوة والسلطة بأساليب غير ديمقراطية، من ضمنها امتلاك الأسلحة ومحاولات التأثير على مؤسسات الحكم الرسمية بأساليب تقليدية كالتهديد بالأسلحة وغير ذلك".
دعاوى قضائية
إن قضية السكان المتضررين في الحصبة ستبدأ طريقا آخر في الأيام القادمة إذا ظل الوضع على ما هو عليه، وعلى طريقة جرحى الثورة الشبابية السلمية، المتمثل برفع دعوى قضائية ضد الحكومة، بهدف الانتصار لحقوقهم، وذلك ما كشفه لنا العديد منهم.
والحديث هنا للمحامي علوي شاطر، وهو الموكل المعتمد قانونيا لقرابة 300 متضرر، يقول: "تقدمت بدعوى قضائية أمام نيابة شمال الأمانة، ضد رئيس النظام السابق (علي عبدالله صالح) مع قائد الحرس الجمهوري ووزير الداخلية وقائد الأمن المركزي وأركان حربه، بصفتي مكلفاً بالمرافعة عن قضية شهداء وجرحى ومنازل تعرضت للقصف من قبلهم، وللأسف واجهتني عراقيل كثيرة وضغوط، ولاحظت أن القضية ستميع، فخشيت أن أضيع حق المواطنين، فأوقفت الدعوى، وسيتم استئنافها عندما يكون القضاء مستقلاً".
وفي خطوة تعبر عن فقدان الأمل والثقة بالحكومة السابقة والحالية، ناشد المحامي شاطر، ملك المملكة العربية السعودية عبدالله بن عبدالعزيز، بالوفاء بالتزامه في إعادة إعمار الحصبة، وكالمثل ناشد أمير قطر الشيخ حمد بن خليفة.
سيتكبدها الفقراء
إلى ذلك يؤكد الناشط الحقوقي عبدالرحمن برمان، أن جريمة أخرى سترتكب بحق سكان الحصبة وضواحيها، إذا لم يتم التحقيق ومعرفة الجاني ومحاسبته، وإذا لم يكن هناك تعويض عادل.
وفوق ذلك والحديث للدكتور عادل الشرجبي: "غياب الحكم الرشيد وانتشار الفساد في الجهاز الحكومي، الذي لازال قائما حتى الآن، سيجعل الفقراء فقط يتحملون الآثار المالية لهذه الحرب، أما الأغنياء فهناك أساليب كثيرة يستطيعون من خلالها الحصول على تعويضات حكومية".
وأكد الشرجبي أن الآثار النفسية والاجتماعية التي لحقت بالسكان ستظل قائمة لفترات طويلة، أبرزها على الأقل التفكك في بعض الأسر، مطالبا الحكومة والمؤسسات الدولية الداعمة إلى تبني برامج نفسية واجتماعية لتوفير الدعم النفسي وإعادة التأهيل للأطفال والأسر المتضررة في الحصبة ومناطق أخرى من الجمهورية.
يبدأ بحصر سليم
وفي الشأن ذاته قال وزير التخطيط والتعاون الدولي الدكتور محمد السعدي: إن الحكومة اليمنية معنية ومسؤولة عن التعويض وإعادة الإعمار في مختلف المناطق المتضررة، وأنه لا يمكن البدء بهذا الجانب إلا بناء على حصر وتقييم فني وعلمي.
وأشار السعدي إلى أن الخطوات والإجراءات التي يقوم على أساسها التعويض تبدأ بحصر صحيح وسليم، وأنه لا يستبعد صحة ما قاله سكان الحصبة بشأن عملية حصر الأضرار، يضيف: "محتمل أن يكون هناك سوء تقدير أو تباطؤ في القيام بهذا العمل، ومثلما أن هناك إخفاقاً في بعض التقديرات، هناك مبالغات كبيرة جدا في تقديرات أخرى".
ووفقا للوزير السعدي، لا توجد منحة خاصة اسمها (منحة الحصبة)، وأن الدول المانحة تشترط دراسات وتقارير علمية لتقديم منح إعادة الإعمار، مشيرا إلى أن الجهود المبذولة حاليا في محافظة أبين المدمرة بالكامل تتركز في الجانب الإنساني (الطعام، الشراب، الدواء، الإيواء)، وقال: "أما بشأن الحصبة فالمطلوب على الأقل تقييم صحيح ومعقول ومقنع".
"ابتسام، وياسمين" طفلتان لم تشفع لهما طفولتهما، عند طرفي الصراع المسلح في حي الحصبة العام الماضي، واللذين تسببا في مفارقتهما للحياة، والأسوأ أن قضيتهما لم تحظ بالاهتمام المطلوب، كما أن لجنة الحصر الحكومية لم تعتبرهما ضحيتين لهذه الحرب المشؤومة.
وأوضح والدهما عبدالحكيم علي قاسم القدسي، الذي يعمل خياط أحذية، وهو أحد المهمشين سكان "محوى الرماح" الواقع خلف مدرسة الرماح في الحصبة، أن ابنتيه ياسمين وابتسام استشهدتا، ولم تتجاوزا ال 12 من العمر، جراء إصابتهما بالرصاص الحي في أجزاء مختلفة من جسديهما أثناء حرب الحصبة في مايو العام الماضي، قرب خيمتهم في المحوى، وأنه تم نقلهما بعد الحادث مباشرة في سيارة إسعاف حكومية إلى مستشفى الثورة بصنعاء، ومكثتا في ثلاجة المستشفى عدة أشهر، وتم دفنهما في شهر رمضان من نفس العام مع عدد من المتوفين، في مقبرة الدمة بشارع تعز في العاصمة صنعاء.
"محوى الرماح"، تجمع سكني تقطنه عديد الأسر المهمشة أو "الأخدام" كما يُطلق عليهم في اليمن، في خيام عبارة عن طرابيل بلاستيكية ممزقة، وكان عبدالحكيم القدسي وأسرته من الأسر التي لم تجد ملجاً آخر للهروب سوى البقاء في خيمتهم المتواضعة هناك طوال فترة الحرب.
وفوق ذلك والحديث للقدسي: "يعاملنا المجتمع والجهات الرسمية بصورة لا إنسانية، حتى اللجنة المكلفة بحصر أضرار الحصبة رصدت ما حولنا من منازل ومحلات ولم تلتفت لنا كسكان متضررين، وعندما طالبناهم بذلك قالوا إنهم غير مكلفين بالدخول إلى المحوى"!.
تلك ما يعتبرها القدسي، ممارسة عنصرية وتفرقة واضحة، مطالبا بتعويضه عما لحق به من أضرار واعتماد ابنتيه شهيدتين كما هو حال بقية شهداء الحرب.
الصدمة الكبرى
ويروي صالح قاسم مكرم، مالك أحد المنازل السكنية ومحلين تجاريين ملتصقين بمنزله جوار سوق الحصبة المركزي، قصته بمرارة، مؤكدا أنه وأفراد عائلته نزحوا إلى منزل أحد أقربائه خارج الحصبة فور اندلاع المواجهات، وأن الصدمة الكبرى كانت حينما عاد بعد عدة أيام من توقف إطلاق النار، حيث وجد منزله وقد تضرر في أجزاء مختلفة، وسرقت كافة محتويات محلاته.
مكرم، يقطن حاليا في منزله بالحصبة بعد أن أعاد اصلاح سطحه الأكثر ضررا نتيجة سقوط عديد القذائف عليه، يتهم الجهات المعنية بتجاهله وعدم حصر أضراره، التي يقدرها ما بين 4 و 5 ملايين ريال، محملا الدولة مسؤولية فقدانه مصدر رزقه الوحيد وكل ما جرى له، مطالبا الحكومة بسرعة تعويضه.
تتجاوز 14 مليون
وبالنسبة لأصحاب المحلات التجارية، الذين استأنفوا نشاطهم، وهم قلة، لازالت تلاحقهم لعنات تلك الحرب، كما هو حال مارش أحمد علي فرحان، الذي التقيناه وحيدا أمام محله التجاري لبيع الجنابي وأحزمتها، قبيل جسر جولة الساعة، وكان يعمل لديه خمسة عمال قبل الحرب، يقول: "مازلت أخسر حتى اليوم، فالشارع شبه خالي من الناس والمارة كما ترى، عدا السيارات، ونحن عاطلون عن العمل، لا أحد يشتري منا إلا ما ندر".
فرحان، هو أحد تجار الجملة والتجزئة الذين رصدت أضرارهم من قبل لجنة الحصر الحكومية، حيث دمر أحد محلاته وسرقت بضاعته من المحل الآخر، منوها أن خسائره تتجاوز 14 مليون ريال، وأنه ينتظر التعويض بفارغ الصبر.
من جهته يصف الحاج حميد العمري، معاناته وأفراد أسرته في تلك الفترة، بأنها أسوأ أيام حياته.
فماتزال آثار القصف وتهدم جدران الواجهة الشرقية التي تعرض لها منزله المكون من أربعة طوابق والقريب من منزل الشيخ الأحمر، ماثلة حتى الآن. ويقول: "القذائف دخلت إلى غرف منزلي وأحدثت أضرارا كبيرة، ولازلت أحتفظ بأجزاء منها كشاهد حال عما لحق بي"، يضيف: "الآن فرجت الأوضاع شيئا ما، لكن المعاناة مازالت موجودة، فالمياه تصلنا مرة فقط كل عشرة أيام، والأسواق والمحلات التجارية مغلقة وغيرها".
قال أمين العاصمة رئيس المجلس المحلي عبدالقادر هلال: إن إجمالي تكلفة الأضرار التي لحقت بمباني المواطنين في حي الحصبة جراء أحداث العام المنصرم 2011م، تتجاوز 9 مليار ريال، وأن الرقم لازال يحتمل الزيادة عند استكمال الحالات أو فتح باب التظلمات لمن لم يضم اسمه أو لسقوطه.
وأشار هلال إلى أن عملية حصر وتوثيق الأضرار في الحصبة وضواحيها شملت 90 بالمائة، من المباني المتضررة، وأن المباني التي كان أصحابها غير متواجدين أثناء نزول اللجنة لم يتم حصرها، وأنه تم إبلاغ هؤلاء عبر إعلانات على شاشة الفضائية اليمنية بهدف التقدم لضم أسمائهم إلى كشوفات المتضررين، مؤكدا أن مكتبه وأبواب أمانة العاصمة واللجنة الفنية المعنية بالحصر، المُشكلة من أمانة العاصمة ووزارة الأشغال، مازالت مفتوحة لهذا الأمر.
وقال هلال: إن إجمالي المباني المتضررة من أحداث العام الماضي في الحصبة وصوفان وهائل والزبيري ومناطق أخرى في أمانة العاصمة، بلغت ما يقارب 8 آلاف مبنى (منازل سكنية، دكاكين ومحلات تجارية وغيرها)، لافتا إلى أن الحصر الذي كلفت بإعداده اللجنة الفنية، من قبل مجلس الوزراء تضمن عدد الشهداء والجرحى، والمباني غير شاملة للبضائع والمنقولات.
وأضاف: "أمانة العاصمة قدمت تقريرها إلى مجلس الوزراء في اجتماعين مختلفين، وسيتم قريبا بإذن الله اعتماد التمويل، إما من وزارة التخطيط أو وزارة المالية".
وأوضح أمين العاصمة أن مجلس الوزراء وافق على مقترح الأمانة بشأن دفع التعويضات المالية لأصحابها على ثلاثة أقساط، ويتكفلوا بترميم مبانيهم، متوقعا بدء صرف التعويضات مطلع العام القادم 2013م.
وأشاد هلال بتجاوب وتعاون سكان المناطق المتضررة في العاصمة مع الجهات المعنية، لافتا إلى الجهود التي بذلتها أمانة العاصمة في إعادة تأهيل البنية التحتية في هذه المناطق سواء الطرقات أو الكهرباء أو المياه، مشيرا إلى أن الترميمات في قطاع التربية والتعليم تسير بشكل متسارع.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.