صحيفة المرصد : لم يدر بخلد الطالبة مريم وجيه طالبة كلية الدراسات الإسلامية، أنها ستعيش إلى الحد الذي ستنهي فيه دراستها الجامعية خاصة بعد أن داهم جسدها الصغير وهي في الصف الثاني متوسط المرض الخبيث.. وقالت مريم بحسب صحيفة عكاظ «مشيئة الله تعالى مضت في عمري لهذا العمر ولا أعلم كم من العمر سأعيش بعد أن أكملت تعليمي الجامعي رغم قناعتي بقصر عمري». وما سبب هذه القناعة ؟ في الصف الثاني المتوسط، شعرت بألم في صدري ولم أعر الموضوع أي اهتمام، وأشرن علىّ صديقاتي في المدرسة بأن أدهن الوضع بمرهم خاص يزيل الألم وبالفعل أحضرت لي إحدى صديقاتي المرهم فاستخدمته لمدة طويلة ولم يأت بجديد ولم أعلم والدتي بالأمر، وكنت أتحمل الألم في صمت وفي نهاية العام الدراسي زاد الألم بطريقة غير طبيعية فاضطررت لإخبار والدتي فأخذوني إلى المستشفى وبعد الأشعة والتحاليل عرف سبب الأم. وما كان سبب الألم؟ أخبر الطبيب أسرتي بأني أعاني من سرطان في الثدي، وكانت الفكرة التي لدي أن من يصاب بهذا المرض مصيره الموت، فأخبرت والدتي بأني لا أريد إكمال دراستي فحاولت إقناعي بأني سوف أشفى وأعيش حياتي بشكل طبيعي، خاصة وأن خالتي توفيت بنفس المرض قبل عامين من علمي بمرضي، بعد اكتشاف الورم الخبيث في مرحلة متأخرة وحتى بعد الاستئصال تفشى في مناطق أخرى وتوفيت بعد عشر أشهر من إجراء العملية، وقلت لماذا أرهق نفسي بإكمال دراستي وأنا قاب قوسين أو أدنى من الموت. وفي أي مرحلة تم تشخيص المرض؟ في المرحلة الأولى، وهذا جعل أهلي يتمسكون بالأمل، ومن ناحيتي لم يكن لدي أي أمل أو رغبة في عمل أي شيء سوى الاستسلام وانتظار الأجل المحتوم، ولكن والدي وخالاتي وعماتي وأعمامي وأخوالي كانوا يبعثون داخلي الأمل، وكان أحد أخوالي على قدر كبير من التدين فأخذ يخبرني بأن الله تعالى قادر على كل شيء وعلينا الأخذ بالأسباب فأخبرتهم بأني سوف أتناول العلاج ولكني لن أكمل دراستي فالوقت الذي أمضيه في المدرسة من الأفضل أن أمضية مع ربي وأسرتي فلا أعرف متى سوف أفارقهم. وهل توقفتي عن الدراسة؟ نعم توقفت بعد الثاني متوسط، وبدأت رحلة علاج لمدة عامين دون تحسن، بل كان الورم يزداد حجماً فاصطحبني والدي للخارج وبعد الفحوصات والتحاليل والأشعة أخبره الطبيب بضرورة الاستئصال، فأخبر والدتي بالأمر وعزم الجميع على السفر والحضور، ولكنني بمبدأ إجراء العملية في المملكة حتى إذا توفيت أدفن في بلدي، فرفض الجميع ووعدني والدي لو حصل وتوفيت سوف أعود بك لأدفنك في بلدك، ولأني وصلت لحالة من اليأس فلم يعد شيء يفرق معي وافقت وحضر خالي مع أسرتي وأخذ يخبرني بأنه بقدر ما تكون ثقتي بالله عز وجل بقدر ما سوف أنجو وأخذ يربطني بالله تعالى بشكل كبير. وهل أجريت العملية؟ كان يوماً لا ينسى، وكنت أرى الخوف في وجوه الجميع حتى خالي، باستثنائي، فقد تملكتني حالة من الاستسلام ولأول مرة شعرت بأن الله تعالى كان بقربي فلم أشعر بخوف أو ضجر، وصليت ركعتين لله قبل العملية وودعت أسرتي ودخلت لغرفة العمليات وأنا أدعو الله ثم استفقت ليخبرني الجميع بأنه مبدئيا نجحت العملية ولكن عليهم انتظار 48 ساعة لإجراء فحوصات، وأخذ عينة لمعرفة هل انتشر المرض أم لا. وما كانت نتيجه التحليل والعينة؟ كانت ولله الحمد سلبية، فلم ينتشر المرض ولكنه علىّ استخدام الأوية لفترة طويلة والمراجعة كل ثلاث أشهر خاصة في السنة الأولى بعد الاستئصال، فعدت إلى المملكة، وبعد عودتي أديت العمرة حمدا لله ثم بعدها أخذت حياتي منحى مختلفا، فقد كان يتوجب عليّ التأقلم مع شكلي الجديد ولم يكن هذا الشيء الوحيد الذي اختلف بل إن علاقتي بالله تعالى أصبحت أقوى وأخذت أحفظ القرآن وبعد عامين من إجراء العملية خضعت للكشف الكامل وأكد لنا الطبيب بأنه لا يوجد خطر على حياتي، فعدت وكابوس المرض لا زال يطاردني لذا عندما حاولت معي أسرتي بإكمال دراستي رفضت ولكن محاولاتهم لم تنقطع وقالت لي والدتي إذا أردتي أن أرضى عليك فاكملي دراستك وعيشي حياتك كما هو مقرر لها من الله وأخذت تجهش بالبكاء فحزنت عليها ووعدتها بإكمال دراستي وتخرجت من المتوسط ثم من الثانوي وما بين فترة وأخرى كنت أجري الفحوصات اللازمة وعندما وصلت للمرحلة الجامعية قررت أن أدخل قسم الدراسات الإسلامية والحمد لله مضى علىّ عامان في هذا التخصص وإذا كتب الله لي العمر سوف أكمل الماجستير في نفس التخصص. صحيفة المرصد الاماراتية