فيصل الصوفي استقلال السلطة القضائية شرط أساسي لتطبيق القانون وتحقيق العدالة، واستقلال القضاء يتحقق من داخل السلطة القضائية، ومن خارجها.. والاستقلال من داخل هذه السلطة يكون بحيادية القضاة وتجردهم من الحزبية، وعدم الرضوخ لأي ضغط أو إغراء.. والاستقلال من خارج هذه السلطة يتحقق بمنع أي سلطة أو جماعة أو فرد من التدخل في شئون القضاء، والتأثير في إرادة القاضي أو القضاة.. واستقلالية القضاء عرضة للانتهاك الآن من الداخل والخارج، وما يحدث لبعض القضاة من عدوان وترهيب بسبب أحكام أصدروها، يعد مظهر من مظاهر هذا الانتهاك.. قاضي يصدر حكما بحق مدانين، ثم يجد نفسه في قبضة عصابة.. يعني مطلوب منه أن لا يطبق القانون. في هذا العام، دشن انتهاك استقلال القضاء باختطاف رئيس نيابة استئناف المحويت القاضي محمد العنسي وثلاثة من أعضاء النيابة أول يناير الماضي، وتواصلت أعمال العدوان، التي طالت قضاة كثر من بينهم القاضي فضل الجرباني رئيس النيابة العسكرية، والقاضي خالد عقبات في عمران، والقاضي محمد عبد العليم السروري رئيس المحكمة الجزائية في حجة.. والمعتدون قاموا بذلك إما لأن أحكاما قضائيا لم ترق لهم، وإما من أجل إطلاق سراح أشخاص مدانين بأحكام قضائية.. فكيف للقضاة أن يحكموا بالعدل وهم يفتقدون الأمن، بل معرضين للعدوان الذي يهدف إلى إرهابهم والتأثير في إراداتهم، ومعاقبتهم على تطبيقهم القانون؟ يعرض على قضاة المحاكم الابتدائية نحو 140 ألف قضية في السنة، ونحو 35 ألف في محاكم الاستئناف، فكيف بوسعهم النظر فيها، وتقرير العدالة بشأنها، وهم مهددون، ويقضون كثيرا من الوقت في الإضراب عن العمل، و في الصياح من أجل أمنهم؟ منذ أواخر شهر مارس، وقضاة المحاكم والنيابات مضربون، من حين قرر نادي القضاة تعليق العمل في المحاكم والنيابات بعموم الجمهورية، إثر اختطاف القاضي محمد عبد العليم السروري رئيس المحكمة الجزائية بمحافظة حجة.. ومطالب القضاة مشروعة، وليست عسيرة، فهي لا تتعدى إطلاق سراح قاضي مختطف، أو وقف العدوان على قضاة، وتوفير حماية لهم، والقبض على المعتدين.. أين العسرة في ذلك؟ ثم كم عدد القضاة في البلاد؟ ألفان، ثلاثة آلاف، لا نعتقد أن عددهم يتجاوز الرقم الأخير.. فلم لا يكون للقاضي رجل أمن يكف عنه الأذى؟ لقد سمعت وزير العدل أمس وهو يقول: سنحتاج إلى جيش كبير من الجنود، وهذا غير ممكن.. طيب على الأقل يحاط بالحماية القضاة الذين هم عرضة لعدوان محتمل. *اليمن اليوم براقش نت