تمثل محافظة حمص أهمية كبرى على خارطة المواجهة في سوريا حاليا، لموقعها الجغرافي المتوسط في البلاد، والذي كان مطمحا منذ ثمانينيات القرن الماضي بالسيطرة عليه من قبل الميليشيات المسلحة أو أي قوى خارجة عن القانون. حمص (فارس) وتعود الأهمية لكون فتح جبهة حمص ومتابعة تسخينها بين الحين والأخر، يعني قطع شمال البلاد عن جنوبها، وهو ما يعني تقسيما سواء كان مؤقتا قبل الحسم أم لا. فالمدينة التي تحظى بحدود إدارية مع العراق من جهة الشرق، ولبنان غربا شهدت أعتى المواجهات وأعنفها مع مسلحين متشددين وشهدت مبكرا ظهور التنظيمات المرتبطة بالقاعدة، على ملامح الأزمة السورية. وفي هذه المنطقة تريد الميليشيات التحصن بالأحياء القديمة الضيقة لوقف تمدد القوات العسكرية التابعة للجيش السوري، وبالتالي ضمان فترة بقاء أطول في المكان، كما تحاول توسيع خطوط سيطرتها لتصبح حمص كلها مدينة محافظة مشتعلة تقطع أوصال البلاد. وكما جرى سابقا قبل حوالي العام ونيف، فحينما كانت حمص في واجهة الأحداث في سوريا، كان ملحوظا أن الطرق بين طرفي البلاد لم تكن سالكة جميعها، وكانت مناطق سيطرة الميليشيات المسلحة مكانا ل"تفريخ" المجموعات المسلحة وشحن الإمدادات من لبنان الآتية عبر البحر بطريق ميناء طرابلس، خصوصا لجهة ريف دمشق والمنطقة الشرقية في دير الزور. وفي هذا الوقت بالذات، تحاول الميليشيات المسلحة إعادة تقطيع البلاد بعد خسارة جبهة القلمون التي كانت تعتبر جسر الوصل بين عرسال اللبنانية وريف دمشق. السلوك الذي تتبعه الميليشيات المسلحة هو فتح النار على الأحياء السكنية المحيطة داخل المدينة، لتسخين حرب الأحياء ما يفضي إلى انفلات الأمور وخروجها عن سيطرة الدولة. وبموجب هذا السيناريو الذي لعبت الميليشيات على وتره سابقا، وبعد الإنفلات تبدأ بمحاولة وصل مناطق انتشارها مع مناطق انتشار مجموعات أخرى في قرى الرستن وتلبيسة، ما يعني إعادة فتح الحدود لصالح الميليشيات بعد الخنق الذي تواجهه بفقدان القلمون ومنطقة قلعة الحصن سابقا. وإذا ما تمت آمال الميليشيات على هذا النحو، فمن شأنه إعادة جعل منطقة الوسط، كنقطة عريضة لممارسة ما يشبه "الإشعاع" في بث السخونة الأمنية إلى الجنوب السوري والشمال أيضا في البلاد، وبوضوح أكثر استرجاع الحالة الامنية التي كانت قائمة قبل أكثر من عام في البلاد. ويبقى الموقع الاستراتيجي لحمص بالنسبة للميليشيات الأهم لتهديد وحدة الأراضي السورية، وإحداث "خضة" للدولة السورية التي تقترب من استحقاقات رئاسية ودستورية، فيما يتم الجيش السوري عمليات الحسم العسكري على أكثر من جبهة في ذات الوقت. ويمكن القول في هذا السياق، أن حمص بالنسبة لمشروع الحرب على سوريا هو الأمل الوحيد بالمعنى الاستراتيجي الثقيل، لفتح المتنفس الذي كان موجودا في السابق لدعم بنية وجود الميليشيات المسلحة في البلاد، وإلا فإن باقي المناطق الساخنة ستدخل "عصمة" الحسم والسيطرة من جانب الدولة. / 2811/ وكالة الانباء الايرانية