فشل مجلس النواب اللبناني أمس الأربعاء في انتخاب رئيس جديد للجمهورية خلفًا لميشال سليمان الذي تنتهي ولايته في 25 مايو، بسبب عدم تمكن أي من المرشحين من الحصول على غالبية الثلثين المطلوبة في الدورة الأولى من عملية الاقتراع. وحدد رئيس المجلس النيابي نبيه بري موعدًا لجلسة ثانية لانتخاب الرئيس الأربعاء المقبل. وحصل رئيس حزب القوات اللبنانية سمير جعجع المنتمي إلى قوى 14 آذار المناهضة لدمشق، على 48 صوتًا من أصوات ال124 نائبًا الذين حضروا الجلسة، بينما أحصيت 52 ورقة بيضاء و16 صوتًا للمرشح الوسطي هنري حلو، وصوت لرئيس الجمهورية السابق أمين الجميل، وسبع أوراق ملغاة. ويتألف مجلس النواب من 128 عضوًا، وقد تغيب عن الجلسة الزعيم السني سعد الحريري، أبرز اركان قوى 14 آذار، والنائب عقاب صقر من هذه القوى أيضًا بسبب تواجدهما منذ فترة طويلة خارج البلاد «لأسباب أمنية» كما يقول فريقهما الذي يؤكد أن حياتهما مهددة. كما تغيب النائبان خالد الضاهر من قوى 14 آذار أيضا، من دون سبب معلن، والنائب أيلي عون من كتلة «اللقاء الديموقراطي» بزعامة وليد جنبلاط، بسبب المرض. وكان هذا السيناريو متوقعًا. وينقسم المجلس بشكل شبه متساو بين فريقي 14 آذار و8 آذار اللذين لا يملك أي منهما الأكثرية المطلقة. وتوجد مجموعة من النواب الوسطيين أو المستقلين، معظمهم ينتمون إلى كتلة جنبلاط التي يمكن أن ترجح الكفة بعد الدورة الأولى لمرشح أو لآخر. وكان جنبلاط تقدم بترشيح هنري حلو باسم «الحوار والاعتدال». ويتطلب انعقاد جلسة الانتخاب حضور ثلثي أعضاء مجلس النواب. وبحسب الدستور، يحتاج المرشح إلى ثلثي أصوات المجلس أي 86 صوتًا للفوز في الدورة الأولى، ثم إلى الأكثرية المطلقة في الدورات التي تلي، من دون أن يتغير النصاب المطلوب. وفور قيام النواب بعملية الاقتراع السري، عمد عدد من النواب، وعلى رأسهم الزعيم المسيحي ميشال عون، إلى مغادرة قاعة المجلس النيابي، ما أفقد الجلسة نصاب الثلثين. وبالتالي، لم يكن في الإمكان عقد دورة ثانية من الاقتراع على الفور. وقال عون للصحافيين «انسحبنا لأنه لم يكن ممكنًا أن يتشكل تفاهم حول أحد. إن شاء الله في الجلسة القادمة يمكن أن نشكل نوعًا من الإجماع حول مرشح». وكان عون أعلن قبل الجلسة أنه لم يترشح إلى الانتخابات، لأنه يريد أن يكون مرشحًا تتوافق حوله أكثرية، الأمر غير المتوفر حاليًا. وبين النواب الذين انسحبوا من الجلسة أعضاء في حزب الله وفي الحزب القومي السوري وفي حزب البعث الاشتراكي. والتزم نواب قوى 14 آذار إجمالا بالتصويت لجعجع، بينما وضع نواب قوى 8 آذار بمجملهم أوراقا بيضاء. وبين الأصوات الملغاة، أوراق كتب عليها أسماء ضحايا قتلوا في الحرب الأهلية (1975-1990) وجعجع متهم باغتيالهم، مثل رئيس الحكومة السابق رشيد كرامي، وطارق شمعون الذي قتل مع والده داني شمعون في عملية أدين بها جعجع وأعضاء في حزب القوات، وغيرهم. ووصف جعجع في تصريح للصحافيين من مقره في معراب، شمال شرق بيروت، وضع هذه الأسماء في صندوق الاقتراع بأنه عمل «غير مسؤول». وقال «هناك فريق يحمل مشروعا للبنان تقدم إلى الانتخابات بمرشح واحد» بينما «الفريق الآخر غير جاهز للانتخابات، لأنه لا يريد انتخابات رئاسية. فلجأ إما إلى أسلوب مقزز غير مسؤول باستخدام أسماء شهداء ماتوا في الحرب في معركته، وإما انسحبوا من الجلسة». وأضاف «كنت أتمنى لو أنهم استخدموا وسائل شريفة». وأعلن جعجع أنه «مستمر حكمًا» في ترشيحه، و»لن نذهب إلى تسوية»، داعيًا الفريق الآخر إلى تسمية مرشح آخر. صحيفة المدينة