التحالف يعلن تنفيذ ضربة محدودة على معدات عسكرية وصلت ميناء المكلا    نائب وزير الثقافة يزور الفنان محمد مقبل والمنشد محمد الحلبي    الصحة: العدوان استهدف 542 منشأة صحية وحرم 20 مليون يمني من الرعاية الطبية    عاجل: الإخوان والقاعدة وراء الهجوم الإرهابي في حضرموت نتج عنه سقوط جنوبيين    الصحفي والأكاديمي القدير الدكتور عبد الملك الدناني    سفر الروح    بيان صادر عن الشبكة المدنية حول التقارير والادعاءات المتعلقة بالأوضاع في محافظتي حضرموت والمهرة    حكومة التغيير: سنتخذ كافة الإجراءات بما فيها "عسكرية" للدفاع عن الصومال    إنتر ميلان يتخطى أتالانتا ويتصدر الدوري الإيطالي    استجابة لدعوة انتقالي لحج: احتشاد نسوي ومسيرة شعبية كبرى لحرائر مديرية تبن للمطالبة بإعلان دولة الجنوب العربي    صنعاء.. الحكومة تدرس مشروع برنامج استبدال سيارات المحروقات بالسيارات الكهربائية    صنعاء: الاعلان عن موعد بدء صرف مرتبات نوفمبر 2025    قيادي في الانتقالي: لا نمانع من انتشار قوات أخرى في وادي وصحراء حضرموت    وقفة قبلية مسلحة في بني حشيش تنديدًا بالإساءة للقرآن الكريم    الاعلام العبري يسلط الضوء على بيان "السيد القائد" بشأن الصومال    بعد إحالة شكواه للحفظ والأرشفة.. الطبيب الخزان يعلن مغادرته البلاد ويعتذر لمن انتقدهم    فريق السد مأرب يفلت من شبح الهبوط وأهلي تعز يزاحم على صدارة تجمع أبين    الرئيس الزُبيدي يطّلع على سير العمل في وزارتي الشؤون الاجتماعية والعمل والخدمة المدنية والتأمينات    أذربيجان تؤكد دعمها لوحدة اليمن وسيادته وسلامة أراضيه    النفط يرتفع في التعاملات المبكرة وبرنت يسجل 61.21 دولار للبرميل    التحالف الإسلامي ينظم دورة حول القانون الدولي الإنساني وعلاقته بمحاربة الإرهاب    لملس يناقش أوضاع المياه والصرف الصحي ويطّلع على سير العمل في المشروع الاستراتيجي لخزان الضخ    إيران والسعودية تتباحثان حول اليمن ولبنان وتعزيز التعاون الإقليمي    لقاء تشاوري بوزارة الاقتصاد حول تعديل قانون مهنة تدقيق ومراجعة الحسابات    صنعاء تحتضن أول بطولة لكرة القدم لمبتوري الأطراف من جرحى الحرب    لوحات طلابية تجسد فلسطين واليمن في المعرض التشكيلي الرابع    بن حبريش يختزل حضرموت: "ما أريكم إلا ما أرى".. نزعة فرعنة تشق الصف الحضرمي    الصين تدعو إلى التمسك بسيادة اليمن ووحدة وسلامة أراضيه    تحذير أمريكي: تحولات شرق اليمن تهدد التهدئة وتفتح الباب لصراع إقليمي    الأرصاد يتوقع حدوث الصقيع على أجزاء محدودة من المرتفعات    إدارة أمن عدن تكشف حقيقة قضية الفتاة أبرار رضوان وتفند شائعات الاختطاف    قراءة تحليلية لنص "من بوحي لهيفاء" ل"أحمد سيف حاشد"    صنعاء.. البنك المركزي يوقف التعامل مع خمس كيانات مصرفية    بسبب جنى الأرباح.. هبوط جماعي لأسعار المعادن    المنتخبات المتأهلة إلى ثمن نهائي كأس الأمم الأفريقية 2025    وزارة الصحة: العدوان استهدف 542 منشأة صحية وحرم 20 مليون يمني من الرعاية الطبية    الإفراج عن 108 سجناء من الحديدة بمناسبة جمعة رجب    حمداً لله على السلامة    خلال تدشينه مشروع التحول الإلكتروني لصندوق التقاعد الأمني .. اللواء المرتضى: المتقاعدون يستحقون الاهتمام فقد أفنوا سنوات طويلة في خدمة الوطن    إيمان الهوية وهوية الإيمان    هل يهزم ابن زايد بن سلمان ويتسبب بقسمة تركة الرجل المريض؟    تكريم البروفيسور محمد الشرجبي في ختام المؤتمر العالمي الرابع عشر لجراحة التجميل بموسكو    مرض الفشل الكلوي (34)    الطبيب الخزان يشكو ما تعرض له في مبنى قضائي بصنعاء للنائب العام    حين يكون الإيمان هوية يكون اليمن نموذجا    الهوية والوعي في مواجهة الاستكبار    المكلا حضرموت ينفرد بصدارة المجموعة الثالثة بدوري الدرجة الثانية لكرة القدم    فلسطين الوطن البشارة    وفاة المخرج المصري الكبير داوود عبد السيد    محمد صلاح يواصل تحطيم الأرقام القياسية في «كأس أمم إفريقيا»    ضربة بداية منافسات بطولة كأس العالم للشطرنج السريع والخاطف قطر 2025    اتحاد حضرموت بحافظ على صدارة المجموعة الثانية بدوري الدرجة الثانية    العطاس: نخب اليمن واللطميات المبالغ فيها بشأن حضرموت"    الكشف عن عدد باصات النساء في صنعاء    الكتابُ.. ذلكَ المجهول    بنات الحاج أحمد عبدالله الشيباني يستصرخن القبائل والمشايخ وسلطات الدولة ووجاهات اليمن لرفع الظلم وإنصافهن من أخيهن عبدالكريم    بنات الحاج أحمد عبدالله الشيباني يستصرخن القبائل والمشايخ وسلطات الدولة ووجاهات اليمن لرفع الظلم وإنصافهن من أخيهن عبدالكريم    لملس والعاقل يدشنان مهرجان عدن الدولي للشعوب والتراث    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



في رثاء بلد يشبه صديقا اسمه ماهر!
نشر في الجنوب ميديا يوم 26 - 04 - 2014

التقيت ماهر صالح مساعد أول مرة في 2009. كان زميلي شفيع العبد قد اعتقل ومجموعة من شباب الحراك الجنوبي أثناء انتقالهم من ردفان إلى عدن.
اتصل بي أولا. ثم زارني في مكتبي. وكان الغرض إبلاغي رسالة من زميلي المعتقل في عدن، وبحث ما يمكن عمله من أجل إطلاق سراح.
بالموازاة مع اعتقال شفيع كانت أجهزة الأمن بالتعاون مع وزير الاعلام السابق، وبإشراف من لجنة أمنية عليا يشارك فيها نائب الرئيس سنتذاك (الرئيس الحالي) تقرر اتخاذ اجراءات تنكيلية بالصحف المستقلة.
كان نصيب "النداء" مصادرات ثم ملاحقة قضائية لخمسة من محرريها وكتابها بتهمة "التحريض على الانفصال" و"تهديد السلم الأهلي" و"إثارة النعرات المناطقية"، و"الإساءة إلى "يوم الديمقراطية" (27 ابريل).
بعد عام من الجرجرة في النيابة والمحكمة صدر حكم قضائي استثنائي _ عقب يومين فقط من عفو رئاسي وقرار بإلغاء كل قضايا النشر المنظورة في المحاكم_ بإدانة المتهمين الخمسة بتهمة التآمر على الوحدة والتحريض على العصيان ومقاومة السلطات، وإنزال عقوبة الحبس مع وقف التنفيذ عليهم.
***
ماهر من أولئك البشر الذين يكفي أن تلتقيهم مرة واحد ليلازمونك العمر كله.
يحضرني من زيارته الأولى إلى مكتبي في ظرف ضاغط عليه وعلى أسرة قريبه شفيع العبد، دفقة الحب وشحنة الثقة التي بثها إليّ لكأنني واحد من أفراد أسرته.
كان كريما بأكثر مما قدرت.
وهو _ على تمايز الخلفيات والمراكز والمواقع بينه وبين شفيع_ لاح لي "شفيع" آخر ولكن من دون نبرة "جنوبية"!
كل إنسان درة مكنونة في ذاته. وماهر كان عقدا من الدر المنضود.
يومها دار نقاش راق بيننا بشأن الحراك. تحدث إلي من القلب عارضا رأيه بشأن "يمن" يسكن قلبه ووجدانه.
لم يجرِح ولم يلمِح ولم يداور. عرض رأيه مباشرة دون تأتأة وبلا اضطرار غلى الفذلكة كما يفعل كثيرون في حقبة الغدر ب"اليمن".
***
بعد عامين اندلعت الثورة الشعبية في اليمن. وقد زارني عدة مرات في مكتبي خلال شهري فبراير ومارس. تواجد في الساحات في الأسابيع الأولى للثورة، مثله مثل أي شاب يمني يتشوق إلى المستقبل.
دارت بيننا نقاشات وبحثنا خيارات، لكن ظروفا ومحددات تتعلق بكل واحد منا، كان لها القول الفصل.
بعد انحسار موجة الثورة تواصلنا بالموبايل وكان قد انتقل إلى العمل في عدن.
***
قبل أيام صعقت وأنا أقرأ منشورا للعزيز شفيع فيه خبر اصابة ماهر برصاصة استقرت في راسه.
تضمن منشور شفيع ومنشورات أخرى، اشارة، صراحة أو بالتلميح، إلى موته سريريا. ما كنت لأصدق لولا صوت شفيع المتهدج في اليوم التالي يقطع كل رجاء بأن يكون خطأ ما وراء الاخبار المتداولة.
***
في ساعة متاخرة من ليل أمس الخميس أعلن نبأ استشهاده رسميا.
***
القتل هو أكفأ آلة حصاد في اليمن في السنوات الأخيرة، وبخاصة في الأشهر الأخيرة، أشهر ما بعد "موفنبيك"، ما بعد المعجزة اليمنية التي يتغنى بها جمال بنعمر.
اليمن بلا مشروع وطني وبلا قيادة وطنية، بلا أحزاب وجماعات تقيم فوق خط الفقر الوطني!
جميع الذين طفوا كالزبد في "يمن موفنبيك" يعانون من الفاقة الوطنية، وآخر ما يمكن أن يخطر في رؤوسهم الجوفاء هو "كرامة الانسان اليمني" وحقه في الحياة.
طابور المصابين بنقص المناعة المكتسب حيال فيروس خيانة "اليمنيين العاديين" والترزق باسمهم، استطال منذ عامين لكأن البلد لم يشهد ثورة، لكأن الآلاف من اليمنيين لم يفدوا بلادهم بأرواحهم من أجل مستقبل كريم لكل يمني، لكأنهم سقطوا في ساحات الثورة والتغيير من أجل أمراء الطوائف وزعماء عصابات التهريب، والفرسان الأقنان الذين يتوزعون اليمن كأضحية صباح عيد!
المئات من القتلة ومرتكبي الانتهاكات ولصوص المال العام والوصوليين والانتهازيين والعصبويين يرسمون خرائط تفكيك اليمن وتجريف هوية الشعب اليمن، وخلفهم يزحف مئات آخرون من الذيليين _ مثقفون وأكاديميون وصحفيون وأدباء وحقوقيون وثوريون محترفون_ ممن بلعوا أقراص "القناعة" و"تسكين الضمائر"، وبلعوا، قبل الأقراص، السنتهم في عام الحوار الوطني لضمان تمثيلهم في الهيئات واللجان والمجالس غير الشرعية.
***
اليمنيون العاديون ينتحبون بصمت.
واليمن يحتضر!
يستشهد أجمل من فيه، ويحترق أزهي ما فيه.
تتقطع اواصر القربى بين مواطنيه، وتُقطع آراضيه إلى أوصال بساطور "مبعوث العناية الشيطانية" وأتباعه العصبويين، قوميين واسلاميين واشتراكيين.
تشيع الخيانة وتتفشى الفوضى، وتنتشر في أرجائه روائح "فضلات الحوار الوطني" لتزكم الانوف وتعمم القبح أفقيا على اليمنيين الذين يتحولون، وئيدا ولكن أكيدا، إلى جماعات بدائية تتحارب على "الماء" و"المرعى" و"النار".
في الاثناء يجلب المندوب "الشيطاني" خبراءه في شؤون تمزيق الدول لتقطيع اليمن، جنوبا وشمالا وشرقا وغربا، لكانه الجنرال الفرنسي في اعقاب الحرب العالمية الأولى يقطع المشرق العربي إلى أوصال من الطوائف والأعراق.
عندما يُفعل باليمن كل هذه الفظاعات في ما يمكن اعتباره اغتصابا علنيا لتاريخه وتراثه وكرامة شعبه ومستقبل أبنائه، يكون باطن الأرض أعز لليقية الباقية من اليمنيين من ظاهرها.
***
رحم الله الشهيد ماهر، وعزائي لوالديه ولزوجته ولأطفاله، ولصديقي وزميلي شفيع العبد، ولكل محبيه ورفاقه وزملائه. وإنا لله وإنا إليه راجعون.
* الزميل الاعلامي سامي غالب - ناشر صحيفة النداء الموقوفة
شبوة برس


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.