بدأ الجيش اليمني عملية برية واسعة في محافظتي شبوةوأبين للقضاء على تنظيم القاعدة الذي اتخذ من جبال عزان في شبوة والمحفد في أبين مواقع لإعادة تنظيم صفوفه وإقامة مراكز للتدريب والتخطيط لتنفيذ عمليات خاطفة استهدفت نقاط تفتيش أمنية وعسكرية وهجمات على مواقع عسكرية خلفت مئات القتلى من الضباط والجنود على مدى العامين الماضيين. ويرى الخبير في الشؤون الأمنية الدكتور أمين الحذيفي أن استمرار هذه العملية على هذا النحو قد يمكّن السلطات اليمنية من طرد عناصر القاعدة من المحفد وعزان ويقضي على آمال القاعدة في تشكيل إمارة في تلك المناطق. واتخذ الجيش اليمني لهذه العملية شعار "معاً من أجل يمنٍ خالٍ من الإرهاب"، حيث يقودها وزير الدفاع اللواء محمد ناصر أحمد، ورئيس الجهاز الأمني القومي اللواء على حسن الأحمدي، الذي كان حتى قبيل تعيينه على رأس أهم جهاز استخبارات يمني يشغل محافظاً لشبوة. وتشير المصادر العسكرية إلى أن قوات برية مدرعة مدعومة بمقتلات حربية ومروحيات بدأت الزحف على المناطق الجبلية في المحفد وأبين، وذلك بمساندة من اللجان الشعبية من أبناء أبينوشبوة الذين سبق وشاركوا الجيش في مواجهة القاعدة في 2012. وانطلقت العملية في ثلاثة محاور في أبين بدءاً من منطقة أحور باتجاه منطقة المحفد وباتجاه مودية المحفد في محافظة أبين، أما المحور الرابع ففي منطقة بلحاف باتجاه رضوم ميفعة بمحافظة شبوة. وحصيلة المواجهات لم تتضح بعد، لكن مصادر عسكرية أكدت مقتل خمسة من القيادات الميدانية للقاعدة بينهم أبوالقعقاع ومحمد النجف، فيما تحدثت معلومات عن مقتل 27 شخصاً من الطرفين، بينهم 15 جندياً سقطوا في كمائن نصبها مسلحو القاعدة في مفرق الصعيد على الطريق بين مدنية عتق عاصمة محافظة شبوة وبين مديرية عزان وفي منطقة أخرى على مقربة من منطقة المعجلة في أبين. إجراءات غير كافية وعلى الرغم من إعلان السلطات اليمنية أن الوقت قد حان لوضع حدٍّ للتحديات الإرهابية التي سعت خلال الفترة السابقة لقطع الطرق وترويع الآمنين ونشر الذعر والإرهاب وضرب مقومات التنمية، إلا أن العميد المتقاعد أحمد الأبارة يعتقد أن الإجراءات الأمنية رغم كونها أمراً ملحّاً وضرورياً لكنها غير كافية للقضاء على القاعدة، ويتطلب الأمر حسب رأيه "اتخاذ إجراءات اقتصادية لاستيعاب جيوش من العاطلين والفقراء الذين يسيرون مع القاعدة ليس لأنهم قاعدة، لكن لأن الفقر يحاصرهم ويدفع بهم الى أحضان هذا التنظيم". وتأتي عمليات الجيش في أبينوشبوة بعد أسبوعين من هجمات جوية يمنية وأميركية على معسكرات القاعدة أوقعت أكثر من 50 قتيلاً من عناصر التنظيم. وبعد 20 شهراً من تطهير المحافظتين من أنصار الشريعة التابعة للقاعدة في يونيو 2012. ويشير الناشط الشبابي عضو مؤتمر الحوار باسم الحكيمي إلى أن المؤسستين العسكرية والأمنية في اليمن قادرتان على مواجهة القاعدة في هذه المرحلة، رغم ما يمر به البلد من أزمة اقتصادية وصراع سياسي ومظاهر الانفلات الأمني، ويضيف: "هذه الحرب التي يشنها الجيش اليمني تحمل رسائل أهمها أن الأجهزة الأمنية والجيش أصبح تحت سيطرة الرئاسة وبإدارة مؤسسة الرئاسة وتكشف عن وجود إرادة سياسية حقيقية لمحاربة هذا التنظيم ومحاصرته". من جانبها قالت السلطات اليمنية إن هذه العمليات حاسمة للقضاء على القاعدة لمواجهة مؤامرة يتعرض لها اليمن، حسب ما أشار إليه الرئيس اليمني والذي كشف أيضاً عن أن 70% من عناصر التنظيم وفدت من خارج البلاد، في مؤشر على تزايد تدفق مقاتلي القاعدة إلى اليمن قادمين من مناطق مختلفة. وانتقد الرئيس اليمني عبدربه منصور هادي في كلمة له أمام حشدٍ من ضباط الأمن الدعوات التي تتحدث عن ضرورة الحوار مع القاعدة بدلاً من الحرب، مشيراً إلى أن الحوار يكون مع أبناء البلد فقط وأن غالبية الإرهابيين وافدين إلى اليمن من أستراليا وأوروبا والبرازيل ودول عربية وغيرها. ودعا هادي إلى اصطفاف واسع من القوى السياسية والعلماء والدعاة لمواجهة الإرهاب. ضرب الاقتصاد اليمني من جانبه يرى الباحث علي البكالي أن توافد عناصر القاعدة من بلاد كثيرة إلى اليمن يعني أن استراتيجية القاعدة في المرحلة الأخيرة هي ضرب الاقتصاد اليمني. وحذر البكالي من أن نجاح هذه الاستراتيجية سيلحق الضرر بالمصالح الإقليمية والدولية، ما يستوجب الوقوف بجانب اليمن لمنع انهياره اقتصادياً والحفاظ على قدرة الجيش اليمني للحفاظ على أمن هذا البلد الواقع على طريق التجارة العالمية". وتحدث الرئيس اليمني بلهجة قوية تضمنت انتقادات هي الأعنف للأداء الأمني واستمرار عمليات الاغتيال في العاصمة صنعاء ومدن أخرى. وقال إنه سيتخذ إجراءات صارمة إذا تكررت مظاهر الانفلات الأمني وتكررت الهجمات على المقار الأمنية والعسكرية. وأشار الناشط الشبابي باسم الحكيمي إلى أن عمليات القاعدة التي سجّلت تزايداً في الآونة الأخيرة باتت تهدد السلم الاجتماعي، وقال: "من الضرورة بمكان تحجيم نشاط هذا التنظيم وتجفيف منابعه من خلال الإجراءات الأمنية وحتى يتسنى للسلطات توفير الأجواء المناسبة لبناء الدولة الحديثة، إذ لا يمكن الحديث عن بناء دولة مدنية حديثة في ظل هذا الانفلات الأمني وفي ظل هذا السرطان الذي ينخر البلاد". وأضاف الحكيمي: "المؤسسة العسكرية قادرة الآن على التعامل مع القاعدة كما فعلت من قبل، وفي كل الأحوال هناك ضرورة للقضاء على التنظيم لأن بقاءه يمثل تهديداً واضحاً لبناء الدولة وعملية التنمية". هذه الجولة الجديدة من الحرب على القاعدة تأتي بعد شهر من بث القاعدة تسجيلاً جديداً يستعرض قوة التنظيم في تحدٍّ سافر للإرادة اليمنية والداعمين الدوليين والإقليميين لليمن في الحرب على الإرهاب. عدن الغد