ملف السجون العراقية لا زال أسود بالنسبة للأمم المتحدة التي أصدرت تقريرا بشأن حقوق الإنسان في العراق تسبب بغضب بغداد والتي دافعت بدورها عن سجلها في هذا المجال. احتجت السلطات العراقية بشدة على تقرير للامم المتحدة صدر اليوم عن اوضاع حقوق الانسان في العراق اكد ان المحاكمات والاصول القانونية لا تزال غير مطبقة في البلاد، مشددا على ان الاوضاع في السجون العراقية ما تزال سيئة وتثير القلق واشار الى ان الاف العراقيين ينتظرون محاكمتهم في ظروف تعرض صحتهم النفسية والبدنية إلى الخطر. وقال مساعد رئيس بعثة الاممالمتحدة في العراق (يونامي) في كلمة له بأحتفالية في بغداد اليوم لمناسبة صدور التقرير نصف السنوي للعام الحالي 2012 للمنظمة الدولية حول حقوق الانسان في العراق ان المحاكمات والاصول القانونية لا تزال غير مطبقة في العراق وان هذه المحاكم نادرا ما تنفذ احكام الكفالة وتفضل احتجاز المتهمين مشددا على ان الاوضاع في السجون العراقية ما تزال سيئة وتثير القلق. واضاف ان "مبادئ سيادة القانون ومراعاة الأصول القانونية والحق في المحاكمة العادلة لا تزال غير مفهومة أو مطبقة بشكل عام في العراق حتى هذه اللحظة في حين يتعين على الحكومة أن تضمن خضوع أي شخص متهم بارتكاب جريمة للمساءلة فإنه يجب أن تكون هذه المساءلة متفقة تماما مع القانون الدولي ومقتضيات الدستور والقوانين العراقية لضمان معاقبة المذنبين فقط دون الأبرياء الذين يعانون ظلما". واشار الى انه "نادرا ما تنفذ المحاكم أحكام الكفالة حيث تفضل بدلا من ذلك احتجاز الأشخاص بانتظار المحاكمة وبالتالي تزيد بشكل كبير من مشكلة الاكتظاظ في مرافق الاحتجاز وتضع ضغوطا أكبر على السجون والمدعين العامين والمحاكم". واكد قائلا "تم إبلاغ البعثة عن حالات فساد بما في ذلك مزاعم تفيد بأن قرارات المحاكم لا تنفذ في بعض الأحيان أو أنه يتم احتجاز أشخاص ظلما حتى يتم دفع مبالغ من المال لموظفي السجون أو الشرطة أو غيرهم". وقال "لا تزال الأوضاع السيئة في العديد من السجون العراقية تشكل مصدر قلق حيث ينتظر الآلاف من الأشخاص محاكماتهم في ظروف تعرض صحتهم النفسية والبدنية إلى الخطر على الرغم من أنه لم تتم إدانتهم من قبل محكمة قانونية وأنهم لا يزالون يتمتعون بافتراض البراءة". واشار رئيس بعثة الاممالمتحدة الى انه في حين ينص القانون العراقي على عدم قبول القضاة للاعترافات التي يزعم أنها انتزعت تحت الإكراه أو نتيجة سوء المعاملة أو التعذيب "فإن رصد إجراءات المحكمة من قبل الأممالمتحدة يشير إلى أن القضاة يقبلون مثل هذه الاعترافات بشكل روتيني دون دراسة". واشار الى ان "هذه العوامل تسهم في إيجاد بيئة تسمح بإساءة معاملة المحتجزين وتعذيبهم وتعيق بناء ثقافة احترام وحماية حقوق المتهمين والمدانين بارتكاب جرائم التي يكفلها القانون الدولي والدستور العراقي كما تشير أيضا إلى أنه هناك خطر حقيقي بأن يتم في بعض الأحيان اعتقال أو إدانة أشخاص أبرياء ظلما بتهمة ارتكاب جرائم لم يرتكبوها وما يترتب على ذلك من مواجهتهم سنوات في السجن أو عقوبات أشد". وجاء في هذا التقرير الذي يغطي فترة النصف الاول من العام الحالي والذي اصدرته بعثة الأممالمتحدة لمساعدة العراق (يونامي) بالتعاون مع مفوضية الأممالمتحدة السامية لحقوق الإنسان اليوم واعلن نصه في جنيف اليوم إن احترام حقوق الإنسان وحمايتها لا يزالان هشَّين في العراق حيث أن العنف لا يزال يشكّل مصدر قلق كبير وشهد عدد القتلى المدنيين إرتفاعاً طفيفاً مقارنة مع الفترة نفسها من عام 2011. وأشار التقرير إلى مقتل حوالي 1346 مدنياً وجرح 3660 آخرين خلال الأشهر الستة الاولى من العام الحالي موضحا انه أنه رغم انخفاض العدد الإجمالي للهجمات التي وقعت فقد كانت تلك الهجمات في كثير من الأحيان أكثر دموية، إذ كانت الهجمات القليلة تخلف أعداداً كبيرة من الضحايا. واشار الى أن حكومة العراق تبنّت عدداً من الخطوات الإيجابية للتصدي لبعض بواعث القلق المتعلّقة بحقوق الإنسان، بما في ذلك إجراء بعض الإصلاحات التشريعية والمؤسسية الرئيسة. لكن التقرير رحب بتعيين المفوضين للعمل في المفوضية العليا المستقلة لحقوق الإنسان الأولى في العراق ومصادقة العراق على الإتفاقية الدولية لحقوق الأشخاص ذوي الإعاقة، وإطلاق برنامج لإعادة تنظيم وتأهيل مراكز الاحتجاز والسجون التابعة لسلطة وزارة العدل. وأكّد أن العديد من العراقيين العاديين من النساء والأطفال والأشخاص ذوي الإعاقة وأفراد الجماعات العرقية والدينية لا يزالون يواجهون درجات متفاوتة من التمييز في ما يتعلق بالتمتع الكامل بحقوقهم الأساسية وأن كثيراً من العراقيين لا يزالون يعانون من محدودية فرص الحصول على الخدمات الأساسية، بما في ذلك الرعاية الصحية والتعليم والتوظيف. وقال مارتن كوبلر رئيس بعثة الاممالمتحدة في العراق "يأتي احترام حقوق الإنسان في صلب أي نظامٍ ديمقراطي ويتعيّن على السلطات العراقية اتخاذ الإجراءات الحازمة لضمان تمتع كلّ شخصٍ في هذا البلد بكامل حقوقه الأساسية بما في ذلك الحقوق الاجتماعية والاقتصادية". ومن جانبها دعت المفوضة السامية للأمم المتحدة لحقوق الإنسان نافي بيلاي السلطات العراقية الى "التصدي للانتهاكات الجسيمة لحقوق الإنسان التي يسلط التقرير الضوء عليها". وأضافت في تقرير لها صدر بجنيف اليوم "أود أن أؤكد على وجه الخصوص أن القانون الدولي لا يسمح بتطبيق عقوبة الإعدام إلا في ظروف محدودة جداً بما في ذلك بعد إجراء محاكمة وإتباع إجراءات الاستئناف التي تحترم بدقة كافة مبادئ المحاكمة العادلة". وأشارت إلى أن "عدد عمليات الإعدام التي نفّذت حتى الآن في عام 2012 والطريقة التي نُفذت بها على شكل دفعات كبيرة، هو أمر خطير للغاية ولا يمكن تبريره ويهدد بتقويض التقدّم الجزئي والمؤقت الذي تحقق على صعيد سيادة القانون في العراق بحسب ما أشار التقرير. وإنني أحثّ حكومة العراق على إعلان وقف تنفيذ جميع عمليات الإعدام تمهيداً لإلغاء عقوبة الإعدام في المستقبل القريب". وخلال الاحتفالية التي القى فيها تقرير بعثة الاممالمتحدة فقد وجه المفتش العام لوزارة الداخلية عقيل الطريحي انتقادات حادة لتقرير الاممالمتحدة وقال انه ردد بشكل "ببغاوي" مزاعم الارهابيين وتضمن اساءة بالغة للعراقيين . وقال الطريحي في كلمة نقلها موقع "المسلة" المقرب من رئاسة الحكومة ان "كلمة ممثل ممثل الامين العام تجاهلت حقائق وجهود عشر سنين من العمل الدؤوب والجاد للارتقاء بواقع حقوق الانسان في العراق". وطالب الطريحي بسحب الكلمة والاعتذار "جراء عدم احترام المتحدث لحقوق الضحايا والشهداء وحقوق القوات الامنية وتضحياتها الجسيمة لحماية امن وكرامة الشعب العراقي". واضاف ان "الكلمة تضمنت اساءة بالغة للعراقيين ولم توفر السلطات التشريعية والتنفيذية والقضائية راسمة صورة قاتمة في ترديد ببغاوي لمزاعم الارهابيين وادعاءات اجندات سياسية تحاول العبث بامن العراق والعراقيين وحقوقهم عبر تسييس ملف حقوق الانسان واستغلاله لتحقيق اهداف بعيدة عن تطلعات الشعب العراقي".