حرب الهيمنة الإقتصادية على الممرات المائية..    "خساسة بن مبارك".. حارب أكاديمي عدني وأستاذ قانون دولي    عرض سعودي في الصورة.. أسباب انهيار صفقة تدريب أنشيلوتي لمنتخب البرازيل    رئيس الوزراء يوجه باتخاذ حلول اسعافية لمعالجة انقطاع الكهرباء وتخفيف معاناة المواطنين    عبدالله العليمي عضو مجلس القيادة يستقبل سفراء الاتحاد الأوروبي لدى بلادنا    هل سمعتم بالجامعة الاسلامية في تل أبيب؟    لأول مرة منذ مارس.. بريطانيا والولايات المتحدة تنفذان غارات مشتركة على اليمن    وكالة: باكستان تستنفر قواتها البرية والبحرية تحسبا لتصعيد هندي    هدوء حذر في جرمانا السورية بعد التوصل لاتفاق بين الاهالي والسلطة    جاذبية المعدن الأصفر تخفُت مع انحسار التوترات التجارية    الوزير الزعوري يهنئ العمال بمناسبة عيدهم العالمي الأول من مايو    عن الصور والناس    حروب الحوثيين كضرورة للبقاء في مجتمع يرفضهم    أزمة الكهرباء تتفاقم في محافظات الجنوب ووعود الحكومة تبخرت    النصر السعودي و كاواساكي الياباني في نصف نهائي دوري أبطال آسيا    الأهلي السعودي يقصي مواطنه الهلال من الآسيوية.. ويعبر للنهائي الحلم    إغماءات وضيق تنفُّس بين الجماهير بعد مواجهة "الأهلي والهلال"    البيض: اليمن مقبل على مفترق طرق وتحولات تعيد تشكيل الواقع    اعتقال موظفين بشركة النفط بصنعاء وناشطون يحذرون من اغلاق ملف البنزين المغشوش    مثلما انتهت الوحدة: انتهت الشراكة بالخيانة    الوجه الحقيقي للسلطة: ضعف الخدمات تجويع ممنهج وصمت مريب    رسالة إلى قيادة الانتقالي: الى متى ونحن نكركر جمل؟!    غريم الشعب اليمني    درع الوطن اليمنية: معسكرات تجارية أم مؤسسة عسكرية    جازم العريقي .. قدوة ومثال    دعوتا السامعي والديلمي للمصالحة والحوار صرخة اولى في مسار السلام    العقيق اليماني ارث ثقافي يتحدى الزمن    إب.. مليشيا الحوثي تتلاعب بمخصصات مشروع ممول من الاتحاد الأوروبي    مليشيا الحوثي تواصل احتجاز سفن وبحارة في ميناء رأس عيسى والحكومة تدين    معسرون خارج اهتمامات الزكاة    منظمة العفو الدولية: إسرائيل ترتكب جريمة إبادة جماعية على الهواء مباشرة في غزة    تراجع أسعار النفط الى 65.61 دولار للبرميل    الدكتوراه للباحث همدان محسن من جامعة "سوامي" الهندية    الاحتلال يواصل استهداف خيام النازحين وأوضاع خطيرة داخل مستشفيات غزة    نهاية حقبته مع الريال.. تقارير تكشف عن اتفاق بين أنشيلوتي والاتحاد البرازيلي    الصحة العالمية:تسجيل27,517 إصابة و260 وفاة بالحصبة في اليمن خلال العام الماضي    "كاك بنك" وعالم الأعمال يوقعان مذكرة تفاهم لتأسيس صندوق استثماري لدعم الشركات الناشئة    لوحة "الركام"، بين الصمت والأنقاض: الفنان الأمريكي براين كارلسون يرسم خذلان العالم لفلسطين    اتحاد كرة القدم يعين النفيعي مدربا لمنتخب الشباب والسنيني للأولمبي    صنعاء .. حبس جراح واحالته للمحاكمة يثير ردود فعل واسعة في الوسطين الطبي والقانوني    صنعاء .. حبس جراح واحالته للمحاكمة يثير ردود فعل واسعة في الوسطين الطبي والقانوني    النقابة تدين مقتل المخرج مصعب الحطامي وتجدد مطالبتها بالتحقيق في جرائم قتل الصحفيين    رئيس كاك بنك يعزي وكيل وزارة المالية وعضو مجلس إدارة البنك الأستاذ ناجي جابر في وفاة والدته    اتحاد نقابات الجنوب يطالب بإسقاط الحكومة بشكل فوري    برشلونة يتوج بكأس ملك إسبانيا بعد فوز ماراثوني على ريال مدريد    الأزمة القيادية.. عندما يصبح الماضي عائقاً أمام المستقبل    أطباء بلا حدود تعلق خدماتها في مستشفى بعمران بعد تعرض طاقمها لتهديدات حوثية    غضب عارم بعد خروج الأهلي المصري من بطولة أفريقيا    علامات مبكرة لفقدان السمع: لا تتجاهلها!    حضرموت اليوم قالت كلمتها لمن في عينيه قذى    القلة الصامدة و الكثرة الغثاء !    عصابات حوثية تمتهن المتاجرة بالآثار تعتدي على موقع أثري في إب    حضرموت والناقة.! "قصيدة "    حضرموت شجرة عملاقة مازالت تنتج ثمارها الطيبة    الأوقاف تحذر المنشآت المعتمدة في اليمن من عمليات التفويج غير المرخصة    ازدحام خانق في منفذ الوديعة وتعطيل السفر يومي 20 و21 أبريل    يا أئمة المساجد.. لا تبيعوا منابركم!    دور الشباب في صناعة التغيير وبناء المجتمعات    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



البحر الأحمر قاعدة عسكرية "إسرائيلية"
نشر في الجنوب ميديا يوم 20 - 12 - 2012

في السودان، كان مجرد ذكر "إسرائيل" حتى وقت قريب، يعد سقطة كبيرة، بل إن المضطر إلى كتابة اسم الدولة العبرية يعمد إلى وضعها بين علامتي تنصيص ككلمة شاذة في القاموس العربي، غير أن هاتين العلامتين بدأتا في التساقط كورقتي توت، بفضل التطورات الأخيرة على الصعيدين العربي والسوداني، وتوالت وتيرة التسلل "الإسرائيلي" إلى الحدث السياسي وخطابه، وهي تنفلت من طوقها لتضع السودان نصب عينيها وساحله المطل على البحر الأحمر .
تاريخياً ظلت "إسرائيل"، منطقة مظلمة في سجل الساسة السودانيين المتعاقبين على الحكم، لم يضطروا إلى نفي أو تأكيد أي أمر يتعلق بها، كبديهة في القاموسي السياسي، إلا أن الوجود "الإسرائيلي" في جنوب السودان وفي البحر الأحمر وفي سماء البلاد، أعاد الحديث عن تهديدها للأمن السوداني بحراً وجواً .
منذ فترة طويلة انتبهت قيادات سودانية، وأخرى عربية، لفرضية التغلعل "الإسرائيلي" في السودان، وتطويقه عبر دول الجنوب وإرتيريا وإثيوبيا، ودعت إلى وأد المخطط في مهده، غير أن الدعوات ذهبت مع الريح، لتعود أكثر قوة بعد اختراق "إسرائيل" الاجواء السودانية، بذرائع معروفة منها مد الخرطوم لحركة حماس بالسلاح .
وقد ظل الأمر يراوح مكانه، وشيئاً فشيئاً، بدأت إطلالة "الإسرائيليين" على البحر الأحمر، ترتفع وتيرتها، وامتدت "ذراعهم الطويلة" إلى سواحله وأعماقه، متنصتين وراصدين ومنتهكين أمن عدد من الدول العربية، من بينها السودان، ف"تل أبيب" ترى في البحر الأحمر الذي كان يطلق عليه العرب (بحر القُلْزُم)، مدخلاً استراتيجياً لفرض هيمنتها على الدول العربية، وسعت لاحتلال بعض الجزر مثل "دهلك" و"أبو الطير" و"أبو علي" و"حالب" و"زقر"، وبعض جزر الفرسان، بتنسيق مع إثيوبيا .
تهديد أمني
تؤكد مصادر عسكرية يرتبط عملها بأمن السواحل ل"الخليج"، أن هناك تهديداً "إسرائيلياً" أمنياً كبيراً يعززه وجود قوات نظامية عالية التقنية ومتطورة تهدد أمن السودان واقتصاده، وتقول "نحن كقوات مسلحة نظامية نشاهد ونتابع من خلال أجهزة الرصد، طائرات استطلاع يومية تقلع من قواعد معروفة وأخرى خفية في الساحل الجنوبي، تشير جميع التقارير إلى أنها "إسرائيلية"، وهناك محطتان رئيسيتان قريبتان من حدودنا الساحلية مع إريتريا، تنطلق منها تلك الطائرات، ومعروف أن لدى "إسرائيل" قاعدة بحرية كاملة في إريتريا . وتشدد المصادر على أن "كاملة" تعني حقاً "كل ما يخص القاعدة العسكرية من أجهزة ومعدات وأسلحة وطائرات ورادارات وغيره .
قواعد "إسرائيلية"
وتعتبر تلك المصادر في حديثها ل"الخليج"، أن هذه القواعد أكبر مهدد أمني، ليس للسودان فحسب، بل لكل دول المنطقة، وتشير إلى أن استطلاعهم اليومي يخترق كل المياه الإقليمية، ولديهم أجهزة قوية، يستغلون غالباً فترات الراحة ويقومون بتلك الطلعات، يخترقون ويعودون . وتستدرك المصادر "نعم إنهم لا يقومون بذلك في وضح النهار، لكنهم يفعلون ليلاً، وبطرق خفية وملتوية، لا تقدر أجهزتنا ولا رفقاؤنا في المنطقة على رصدها وضربها، ونحن نقر بأن أجهزتنا ليست على مستوى تطور ما يملكون" . أما بالنسبة إلى ما يحدث للسفن التجارية وقوارب الصيد، "فحدث ولا حرج"، هكذا تؤكد المصادر البحرية، وتقول "أؤكد لك أن أية قطعة تجارية تمر عن طريق باب المندب، تتعرض لمهزلة التفتيش والضرب، وحتى إنهم في مرات يصادرون أسماك الصيادين المساكين، وهناك تقارير يومية عن هذه المهزلة، ولدينا أفراد يتخفون في زي صيادين، ويعيشون هذه المهزلة ويكتبون تقاريرهم" .
وتشير عبارات المصادر العسكرية بأسى نحو هؤلاء الصيادين، ويقول أحدهم "نحن نمنح الصيادين، بالتنسيق مع الأجهزة المسؤولة في الخصوص، تصاريح صيد لفترة محددة وفي مناطق معروفة، حتى لا يصطادوا في مناطق توالد الأسماك، وهم يلتزمون بذلك، لكنهم للأسف يتعرضون للقصف مرة وللضرب المباشر والتفتيش الدقيق مرات ومرات"، ويمضي قائلاً: "قبل شهر واحد وجدنا ثلاثة مراكب صيد محطمة تماماً، بفعل قصف يستهدف هؤلاء المساكين، بزعم القرصنة وتهريب الأسلحة والهجرة غير المشروعة" .
ضعف المبادرات
وتقر تلك المصادر بضعف المقدرات اللوجستية في هذا المجال، وتشير إلى أنه "لم يكن هناك تنسيق من قبل، لكن الفترة الأخيرة شهدت تنسيقاً، خاصة بعد ضرب مجمع اليرموك العسكري في الخرطوم، وقبلها ضرب قوافل السلاح في بورتسودان" . وتوضح أن التنسيق داخلي بين الأجهزة المختصة نظامية وأمنية وسياسية، أما عن التنسيق الخارجي، فتكشف أنه ضئيل، وتشير إلى "مبادرة دولة عربية" قدمت قطعاً بحرية ومعدات للتقليل من تهريب السلاح والبشر .
غير أن المصادر ذاتها تقلل من فاعلية تلك المبادرة، وتقول "هي مبادرة تسعى إلى تقليص تهريب البشر، وهي بالطبع موجهة في المقام الأول إلى هذا الأمر، رغم أن المبادرة تساعد بطريقة ما على كشف التهديد "الإسرائيلي"، وتشير إلى أن هناك مبادرات من دول أخرى، إلا أنها لم ترَ النور ولم تفعّل بصورة يعتمد عليها"، وتلفت النظر إلى مؤتمر عقد في كينيا قبل فترة لهذا الغرض، شاركت فيه كل الدول المطلة على الساحل الإفريقي، وخرج بتوصيات وقائية "حتى لا يروحوا ضحايا للتهديد "الإسرائيلي"، غير أنها أيضاً لم تفعل حتى الآن" .
ومع تردد المصادر في الحديث عن زيارات السفن الإيرانية، واعتبارها ذرائع تهديها الحكومة إلى "إسرائيل" لتهديد السودان، إلا أنهم يشيرون إلى أنها مبادرات علنية تأتي ضمن منظومة التنسيق "المفقود"، ويضيف أحد المصادر "إيران تفعل ذلك بعد الضغوط الأمريكية والغربية وتبحث عن حلفاء استراتيجيين، ربما دعت الضرورة لاحقاً للحاجة إلى مخبأ في الظروف الطارئة" .
غطاء أمريكي
وبالعودة إلى التهديد "الإسرائيلي"، تقول المصادر العسكرية، "هناك قاعدة في مصوع وميناء "كلفية" و"راس كسار"، تبعد عن بورتسودان نحو 200 ميل بحري، أي نحو 300 كيلومتر على اليابسة، وطائرات الاستطلاع "الإسرائيلية" تحوم خارج مدى أسلحتنا، وتكشف لنا التقارير اليومية لأفرادنا المنتشرين على الساحل، الاختراق اليومي لمياهنا الإقليمية، ولديهم غواصات وأجهزة أخرى حديثة ويتحركون تحت غطاء أمريكي، وقد ازدادت هذه التحركات عقب الضربات الفلسطينة الأخيرة عليهم، وهم بالطبع يتهمون السودان، بتهريب الأسلحة إلى غزة، باعتبار أن الممر الوحيد لهذه الأسلحة هو البحر، والسودان لديه أطول ساحل بحري بين الدول الأخرى، كل ذلك معروف ومكتوب في تقاريرنا للقيادة، لكن حتى الآن ليس لدينا إمكانية موازية، وأسلحتنا غير متطورة ربما يعود بعضها إلى القرن الماضي" .
ولا تكتفي المصادر بتلك الصورة الواضحة، بل تقر بأن هناك تجاهلاً لتقارير كثيرة دعت إلى احتياطات الأمان، ونداءات حثت القيادة على الالتفات إلى الأمر وتأهيل الأجهزة الدفاعية والوقائية . وتعرب المصادر عن أملها في أن تتجاوز الأمور تلك التحركات الحماسية التي أعقبت ضربة اليرموك، فنحن حتى الآن ليس لدينا واق من ضربات عسكرية "إسرائيلية" محتملة" .
عوامل جانبية
وتضيف المصادر، بعداً آخر، وهي تحذر من الانفتاح السياحي والاستثماري على الساحل، وخاصة في بورتسودان، وتقول "بدأت المدينة تستقبل أفواجاً من الأجانب بجنسيات مختلفة، نحن نؤكد أن معظمهم جواسيس"، ومع إقرارهم بأنه ليس هناك حالات قبض أو تلبس، إلا أنهم أصرّوا على وجود الجواسيس "الإسرائيليين"، وأعادوا الأمر إلى سياسة الاستثمار المفتوح، كأحد أهم الأسباب لتفشي الظاهرة، وطالبوا بأن تكون هناك ضوابط مشددة لا تعيق الاستثمار، لكنها تحد من الظاهرة .
وتتمسك المصادر العسكرية، بقيامها بواجبها على أكمل وجه، وترفض الإشارة إلى أي تقصير، وهي تشير إلى أنه "إذا جعلنا بورتسودان محوراً فإن الساحل الجنوبي كله مخترق من قبل "الإسرائيليين"، وكذلك الساحل الشمالي على طول امتداده، ونحن نؤكد أن إجراءاتنا مشددة على الساحل، وكجهة مسؤولة ننفي نفياً قاطعاً أية محاولة لتهريب السلاح إلى غزة، ولكن إذا حدث ذلك فإن هناك أياد خفية تعمل من دون علمنا وبأساليب حديثة وأجهزة وتقنية متطورة" .
مسؤولية تضامنية
يقول مصدر موثوق في هيئة الموانئ البحرية ل"الخليج": إن هناك اتفاقيات دولية، لمحاربة القرصنة البحرية، والموانئ السودانية لا تستقبل أية سفينة إلا بعد تنسيق محكم مع بقية الأجهزة الأخرى، أمنية واستخباراتية وأمن اقتصادي، وهناك اتفاقية موقعة مع حرس الحدود الأمريكي، وهناك زيارات متبادلة ضمن منظومة مكافحة القرصنة البحرية وحماية المياه الإقليمية والدولية، وليس الأمر خاصاً بالسودان فقط، فلكل دولة اتفاقية خاصة في الإطار" .
وحديث المسؤول يحصر مسؤولية الموانئ في نطاقها التجاري، ويرفض أن تكون لها يد في أمور أخرى عسكرية أو سياسية، لكنه يشير إلى التنسيق الرسمي في هذه الأمور، فمثلاً يقول "زيارة سفن أجنبية لترسو في ميناء سوداني، تتم عبر وزارة الخارجية، وتخطر الأخيرة هيئة الموانئ، وبعد ذلك هناك جهاز خاص تتشكل فيه كل الأجهزة الأمنية وحتى البيئة البحرية، ويتم الأمر بسلاسة" . ويضيف قائلاً "البواخر التي تشير إليها لا تقف في مرابط وارصفة تجارية، هذه البواخر تربط في مرابط البحرية، وحتى السفن الإيرانية والباكستانية التي زارت بورتسودان مؤخراً، لم تقف في مرابط تجارية، هناك مرابط متخصصة مثل مربط "فلمنقو" . ويشدد المسؤول على أن مثل هذه الزيارات لا تتم إلا بعد السماح لها عبر وزارة الخارجية والتنسيق مع الأجهزة الأخرى ومن ضمنها هيئة الموانئ البحرية، أي أنها تدخل الميناء بعلم الجهات المختصة، وبالطبع كل هذا ما عدا "إسرائيل" فهي لا تدخل لا ميناء تجارياً ولا عسكرياً، هذا أمر مفروغ منه، وقطعها تحوم في مياه البحر الأحمر الدولية، ولا تقترب من المياه الإقليمية، وقد وقعت حوادث كثيرة خلال مطاردة "السنابك" التي تحمل المهاجرين غير الشرعيين، وتصادف أن اصطدمت قوات سودانية مع أخرى "إسرائيلية" .
جواسيس الموساد
ولا يرضى مسؤول الموانئ، أن تكون بورتسودان المورد الأول للجواسيس "الإسرائيليين"، ويرفض ذلك، لكنه لا ينفيه، ويشير في حدة إلى "أنهم موجودون حتى في الخرطوم، ليس بسحنتهم الواضحة، فهناك بعض الذين هربوا إلى "إسرائيل" عن طريق مصر، تمت إعادتهم مرة أخرى، بعد تجنيدهم ليكونوا نواة للموساد، ربما، ليس لديّ دليل ولكن الشواهد تقول ذلك" .
ويستند المسؤول إلى اعتراف سابق أورده باحثون في ندوة في هذا الخصوص "بأن النشاط الاستخباري "الإسرائيلي" في السودان كبير ومتعدد الأوجه، وهو نشاط حاضر وفاعل في مختلف الجبهات في السودان، ما يتطلب رصداً دقيقاً وضبطاً للوجود الأجنبي أولاً، والاهتمام بالجانب التخصصي في العمل الاستخباري، ورفع مستوى الوعي الأمني لدى عامة الناس عبر وسائل الإعلام وغيرها" .
رؤية استراتيجية
تؤكد وزارة الخارجية السودانية أهمية أمن البحر الأحمر الاستراتيجية للعرب والمسلمين، وتشير في نفس الوقت إلى أنه أصبح محل اهتمام "الإسرائيليين"، والسودان ينظر إلى الأمر بوصفه قضية حيوية يجب أن تعطى أولوية قصوى . ويكشف الناطق الرسمي للوزارة السفير العبيد أحمد مروح ل"الخليج" عن دعوة تنسيق بين الدول المشاطئة، جهر بها السودان كثيراً، بحسبان أن أهمية البحر الأحمر كممر مائي يربط بين البحر المتوسط وأوروبا والخليج العربي والمحيط الهندي وقناة السويس، بمعنى أنه أساس التجارة التاريخية .
ويضيف العبيد قائلاً: "الدول المشاطئة للبحر الأحمر باستثناء إريتريا وجيوبتي، دول عربية إسلامية، ونحن نقرأ الوجود "الإسرائيلي" كمناهض للبعد العربي والإسلامي هذا، "وإسرائيل" دولة محتلة لفلسطين، وبالتالي أعداؤها العرب والمسلمون، والبحر الأحمر كممر مائي يتصل بمداخل "إسرائيل" ومحل اهتمامها الكبير، كونه يكاد يكون بحيرة عربية إسلامية، فلكل من الأردن والسعودية واليمن والصومال والسودان ومصر، 12 ميلاً بحرياً ومثلها أخرى احتياطياً والباقي مياه دلية .
ويكشف العبيد رؤية استراتيجية لبلاده، تأتي من باب معرفة بما يدور في المنطقة العربية، ويشير إلى أنه من باب الإحاطة بما يدور في البحر الأحمر، فإن السودان ينظر من الزاوية نفسها، التي يرى بها الآخرون الأمر، ويعتقد أن أمن البحر الأحمر قضية حيوية يجب إعطاؤها أولوية قصوى لضمان عدم استغلال مياه البحر في أغراض أخرى . ويقول العبيد "هو ممر مائي للجميع ويتعذر إغلاقه، والسودان من زمن بعيد كان يتحدث عن التنسيق الوثيق الذي يمكن أن ينشأ عنه كيان متفق عليه، لضمان أمن البحر الأحمر، مثل مجلس تنسيق، يشابه ذلك الذي لدى الدول المشاطئة للبحر المتوسط، أي جسم إقليمي بتنسيق وثيق وراتب لضمان حماية وأمن وسلامة الدول المشاطئة، وحتى لا يستغله طرف آخر للإضرار بهذه الدول العربية والإسلامية" .
وعن مآل تلك الدعوة، يقول العبيد ل"الخليج": دعوتتنا وجدت استجابة كبيرة وحماسة، إلا أنها لم تبلغ نهاياتها بعد" . ويذهب إلى أمر آخر، بقوله "نحن قضيتنا ليست "إسرائيل" فقط، فتهريب البشر ومكافحة الإرهاب والجماعات المتطرفة وتجارة السلاح والمخدرات، تستغل البحر الأحمر كممر مائي، والتنسيق الذي ندعو إليه يحارب هذا السلوك وأي تهديد أمني آخر" . ويكشف العبيد من ناحية أخرى، منافع كثيرة لهذا التنسيق، حين يقول "هناك، ضمن هذه الرؤية الاستراتيجية، منافع أخرى من تجارة وتنقيب بترول وغاز في مياه البحر، وبالطبع لا تتم إلا في ظل أمن وسلامة البحر الأحمر، من دون أي تهديد أمني" . ويؤكد أن هذه هي القضية الحيوية التي يتعين أن يرعاها الجميع، ونحن نعطي الأمر أولولية قصوى .
ويعود العبيد للإقرار بأنه "معروف أن السودان محدود الإمكانات، ولا يقدر بمفرده على تحقيق أمن البحر الأحمر، وأن سعيه سيكون من خلال تحركه في مساحة محدودة، فنحن لا يمكن أن نتجاوز المياه الإقليمية حتى نراقب المياه في ساحل يمتد لمسافات طويلة، فضلاً عن ساحل السودان . ويشير إلى أن الأمر يحتاج فعلاً إلى نوع من الزوارق المجهزة بأحدث التقنيات، وأجهزة رادار متطورة وإمكانات ضخمة، نقر بأننا لا نملكها ولا نحسب أن دولة واحدة تملكها، وبالتالي لا يمكن أن تقوم دولة بمفردها بكل هذا العبء، لأن هناك عقبات عملية لا يمكن تجاوزها إلا ضمن تنسيق" .
ويشير العبيد إلى عقبات أخرى، "طالما أن أي دولة تتحرك في نطاقها الجغرافي، فمثلاً إذا عبرت سفينة محملة بالمخدارت وجهتها أي دولة أخرى مشاطئة، ولم تكن هناك قدرة على التواصل السريع فلن نفيد بعضنا، وبالتالي لا يمكن للسودان مثلاً أن يبلغ دولة أخرى بحادثة اختطاف زورق أو قرصنة أو سفينة مريبة، من دون ذلك التنسيق" .
وتشير دلائل كثيرة إلى أن ل"إسرائيل" حوافز كثيرة في السيطرة على البحر الأحمر، وتهديد أمنه، غير أن مسؤولين سودانيين يركزون على الموقف الإيراني الساعي إلى لعب أدوار إقليمية واهتمام بمنطقة القرن الإفريقي على نحو خاص لاعتبارات متعلقة بالوجود العسكري الغربي في منطقة الخليج العربي، هو ما يضع السودان فوق صفيح ساخن . وفي المقابل بدأ الاستهداف "الإسرائيلي" للسودان يتنامى في الآونة الأخيرة، ويتوقعون استمراره بسبب موقف السودان الرسمي تجاه القضية الفلسطينية ودعمه لحركات المقاومة المتمثلة في حركة حماس بصورة علنية .
صراع أفيال
ويرى مراقبون أن أي وجود لإيران في منطقة البحر الأحمر سيزيد من حدّة التوتر في المنطقة، لأن "إسرائيل" تتابع بقلق بالغ ما ترى أنه يفرض تحدياً لها ومهدداً لوجودها البحري العسكري . ويحذر المراقبون من صراع أفيال في منطقة البحر الأحمر يدفع ثمنه السودان، وهي تشير إلى إعلان "إسرائيل" وإيران بصورة متزامنة عن إرسال قطع بحرية إلى البحر الأحمر . كما يحذرون من أن المنطقة الشرقية تشكل الرئة التي يتنفس منها السودان، وبالتالي فإن أي تهديد لها أو اضطراب بها سينعكس بصورة مباشرة وسريعة على مجمل الأوضاع في السودان، وسط إجماع على أن النشاط العسكري "الإسرائيلي" المتمثل في الغارة الأخيرة لن يكون الأخير .


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.