خرجت إسرائيل عن طورها وهي ترد على الاتهامات الأميركية بشأن تجسسها الواسع داخل الولاياتالمتحدة وتجاوزها «الخطوط الحمراء». القدسالمحتلة (السفير) واعتبر مسؤولون إسرائيليون أن «دوافع لا سامية» تقف خلف توجيه هذه الاتهامات للدولة العبرية. وكانت مجلة «نيوزويك» الأميركية قد كشفت النقاب، أمس الأول، عن تحذير الاستخبارات الأميركية لأعضاء الكونغرس من التجسس الإسرائيلي وأن «لا دولة أخرى تستغل العلاقات الأمنية مثلهم». واعتبر وزير الخارجية الإسرائيلي أفيغدور ليبرمان، أمس، اتهامات الاستخبارات الأميركية لإسرائيل بقيامها بالتجسس المكثف وعلى نطاق واسع بال«مغرضة». وشدد ليبرمان على أن حكومته تحرص بشكل بالغ الدقة على عدم وقوع أي شيء يمكن اعتباره تجسساً إسرائيلياً في الولاياتالمتحدة. وقال لإذاعة الجيش الإسرائيلي إنّ ما نشر «مختلق تماماً. ونحن نرفض بشكل مطلق كل اتهام كهذا. وأنا أعرف من يقف خلف الخبر. وبوسعي القول إننا في العام الأخير بدأنا مناقشة أمر إلغاء التأشيرات مع الولاياتالمتحدة. وأجرينا مفاوضات مع كل المسؤولين ومع وزارة الأمن الداخلي، وكانت النقاشات جيدة وجوهرية. وآمل أن نصل لوضع تلغى فيه تأشيرات السفر، ولكن هناك جهات تعارض، ومؤسف أن هذا جرى بهذه الطريقة». أما المتحدث باسم السفارة الإسرائيلية في واشنطن أهرون ساغي فأشار إلى أن ما نشر «كاذب» وأن «إسرائيل لا تتجسس في الولاياتالمتحدة. مطلقاً». وأكد «أننا ندين كل محاولة لتوجيه أصابع اتهامات كاذبة ومثيرة للغضب ضد إسرائيل». وقد طلبت الخارجية الإسرائيلية من سفارتها مخاطبة الخارجية الأميركية وتقديم احتجاج رسمي على هذا الكلام. من جهته، قال السفير الإسرائيلي السابق في واشنطن مايكل أورن إنّ «إسرائيل لا تتجسس ضد أميركا منذ قضية جونثان بولارد (في العام 1985)، بالقطع. وأنا لا أعرف جهات تجارية تتجسس يوجد أمر كهذا ولكن هذا ليس تجسساً من جانب حكومة إسرائيل». وأضاف «لقد احتوى تقرير نيوزويك على أمرين غير واضحين لي: هل الاتهامات هي ضد حكومة إسرائيل ومَن هم أصحاب الشهادات. هذه ليست المرة الأولى التي أسمع فيها هذه الادّعاءات، بالتأكيد بعد قضية بولارد، فهناك شبهات ولكن الشبهات لا تستند إلى أساس، وحسب علمي، وأنا مطلع، فإننا لا نتجسس عليهم». ومن ناحيته، وصف وزير الشؤون الإستراتيجية يوفال شتاينتز اتهامات نيوزويك بأنها «غير مسؤولة» و«لا أساس لها». وبحسب شتاينتز، فإنّ اسرائيل «قررت منذ 30 عاماً عدم التجسس على الولاياتالمتحدة». وأضاف، في حديث إلى الإذاعة العامة الإسرائيلية، «لم أتلق سوى الثناء حول التعاون بين الاستخبارات الأميركية والإسرائيلية خلال لقاءاتي في الأشهر الأخيرة في الكونغرس أو مع مسؤولين من مختلف وكالات الأمن الأميركية». وتأتي هذه التطورات في وقت بدات مستشارة الأمن القومي الأميركي سوزان رايس زيارة إلى إسرائيل، مساء أمس. وكانت إسرائيل الرسمية قد صدمت عندما نشرت «نيوزويك» في عددها الأخير تقريراً حول توجيهات قدمها عدد من كبار قادة الاستخبارات الأميركية لأعضاء الكونغرس في الأسابيع الأخيرة تظهر أن إسرائيل «ذهبت أبعد من اللازم» في محاولات تجسسها داخل الولاياتالمتحدة. وبحسب التقرير، فإن رجال الاستخبارات قالوا إنّ إسرائيل «تجاوزت الخطوط الحمراء» في مداولات سرية جرت في لجان مختلفة في مجلس النواب الأميركي لمناقشة أمر منح الإسرائيليين إعفاءً من طلب تأشيرة الدخول إلى الولاياتالمتحدة. وأشار تقرير «نيوزويك» إلى أن هذه الاتهامات تعرقل منح تسهيلات عند إعطاء تأشيرات دخول للإسرائيليين. ونقلت المجلة عن رجال الاستخبارات قولهم إنّ «الصديقة» (في الأصل بين قوسين) تبذل جهوداً كبيرة «لسرقة الأسرار الأميركية تحت غطاء النشاط التجاري وعقود تكنولوجيات الدفاع بين الدولتين». وأضافوا أن «لا منافس» لإسرائيل بين الحلفاء في السعي للتجسس على الولاياتالمتحدة وأن النشاط التجسسي الإسرائيلي يتفوق على نشاط دول أخرى مثل ألمانيا وبريطانيا وفرنسا واليابان. ولفتت «نيوزويك» إلى أن أحد أعضاء الكونغرس المطلعين على هذه التوجيهات وصف شهادات الضباط بأنها «مقلقة بل ومقرفة». وبحسب «نيوزويك» فإنّ الهدف الأساس للتجسس الإسرائيلي في أميركا هو الأسرار الصناعية والتكنولوجية. وقال مسؤول سابق في الكونغرس للمجلة إنّ «أي دولة أخرى قريبة من الولاياتالمتحدة لا تواصل تجاوز الخطوط الحمراء للتجسس مثل ما يفعل الإسرائيليون». وشدد على أن شهادات رجال الاستخبارات المذكورة هي مجرد واحدة من شهادات عدة قدمها خبراء من وزارة الأمن الداخلي ووزارة الخارجية ومكتب التحقيقات الفدرالي. بل إن أحد من اقتبست المجلة كلامهم شدد على أن أجهزة الاستخبارات الأميركية لم تعرض تفاصيل محددة في الشهادات لمن قال إنّ «رجالهم يأتون إلى هنا في مهمات تجارية أو مع شركات إسرائيلية تعمل بالتعاون مع شركات أميركية أو رجال استخبارات تشغلهم حكومة إسرائيل بشكل مباشر»، مضيفاً أنه «عموماً ليست هناك دولة أخرى تستغل شبكة علاقاتنا الأمنية كما يفعل الإسرائيليون لأهداف تجسسية، وهذا مخيف». وأشارت المجلة إلى أن «احتمال توقف إسرائيل عن التجسس في الولاياتالمتحدة يماثل احتمال تخلي إسرائيل عن فريضة أكل الخبز من دون خميرة في عيد الفصح، ولذلك فإن القيود على منح تأشيرات السفر للإسرائيليين ستبقى على حالها». وأكد مصدر إسرائيلي مطلع على قضايا استخباراتية حساسة لموقع صحيفة «يديعوت احرونوت» أنه «منذ قصة بولارد تتعامل إسرائيل بحذر شديد. والأمور مرتبة جداً مع الأميركيين. ويبدو أن أحداً ما يريد اغتيال مسألة التأشيرات. أحدٌ ما يعارض إلغاء التأشيرات للإسرائيليين، وفظيع ربط ذلك بقضايا استخباراتية سرية. فمثل هذا الربط ينجح دائماً». ونقلت «نيوزويك» عن مسؤول سابق في الاستخبارات المركزية الأميركية، هو بول فلاير، قوله إنّ «الصهاينة أرسلوا جواسيس إلى أميركا حتى قبل إنشاء إسرائيل وذلك لجمع الأموال والموارد لتحقيق أهدافهم وبعد ذلك من أجل دولتهم الفتية». وقالت إنّ الولاياتالمتحدة تتجسس على إسرائيل لكن ضبّاطاً كباراً في الاستخبارات المركزية قالوا إنّ «لا أحد يرغب في السفر لقضاء إجازة في إسرائيل» بسبب المراقبة الدقيقة من جانب الاستخبارات الإسرائيلية. وهذه هي المرة الثانية في الأسابيع الأخيرة التي تنشر فيها وسائل إعلام أميركية تقارير عن التجسس الإسرائيلي داخل أميركا وهو ما تراه مصادر إسرائيلية محاولة من «جهات معادية» لمنع اتفاق إلغاء تأشيرات الدخول بين الدولتين. /2819/ وكالة انباء فارس