تبادل التصريحات المتضاربة بين قوى الاحتلال    مقتل 6 جنود أمميين بالسودان في قصف بالمسيّرات    عرض سعودي خرافي لشراء برشلونة    تدشين مشروع صيانة خطوط شبكة الصرف الصحي بمدينة البيضاء    توزيع الأدوار في جنوب وشرق اليمن    "الانتقالي" يرتمي في الحضن الصهيوني    السعودية والجنوب: تحالف راسخ فوق كل الخلافات    عدد خرافي للغائبين عن ريال مدريد بمواجهة ألافيس    حضرموت.. لماذا القوات الجنوبية؟    10 قتلى وجرحى في إطلاق نار بجامعة أميركية    أجواء إيجابية تسود مفاوضات مسقط    الترب يعزي في وفاة محمد بجاش    مصادر: إخلاء معسكر التحالف بعدن ونقل قوات من لحج وأبين    صنعاء.. هيئة الآثار والمتاحف تصدر قائمة بأكثر من 20 قطعة أثرية منهوبة    صنعاء.. هيئة الآثار والمتاحف تصدر قائمة بأكثر من 20 قطعة أثرية منهوبة    السلاح لا يمنح الشرعية    البيض: المرحلة تحتاج إلى احتواء وإدارة لا مغامرة وفرض وقائع    تعز.. بئر المشروع في عزلة الربيعي :جهود مجتمعية تنجح في استعادة شريان الحياة المائي    تعز.. بئر المشروع في عزلة الربيعي :جهود مجتمعية تنجح في استعادة شريان الحياة المائي    برشلونة يحقق فوزا هاما امام اوساسونا في الليغا    السفينة جالاكسي .. اولى صفحات البطولة اليمنية .. الحلقة (1)    حضرموت أم الثورة الجنوبية.. بايعشوت وبن داؤود والنشيد الجنوبي الحالي    هولندي يتوج بجائرة أفضل كاريكاتير عن رسم يفضح الإبادة الإسرائيلية    قوات الحزام الامني بالعاصمة عدن تضبط عصابة متورطة في ترويج مادة البريجبالين المخدرة    تدشين حملة رقابة على الأسواق والمخابز في بيت الفقيه    مدير ميناء المخا: تطوير الميناء يهدف إلى استقبال سفن الحاويات    صنعاء.. توقيع عقود زراعة تعاقدية لتعزيز الإنتاج المحلي    غوتيريش: ما يجري في حضرموت «مشكلة إقليمية معقّدة»    انضمام تحالف عماد والاتحادات المهنية إلى مخيم الاعتصام بالمكلا    أمن العاصمة عدن يطيح بعصابة متخصصة في سرقة منازل وممتلكات المواطنين بالممدارة.    الرئيس الزُبيدي يُعزّي في وفاة العميد مهندس طيران عبدالله سعيد حسين    رونالدو شريكا رئيسيا في خصخصة النصر السعودي    رئيس مجلس الشورى يعزي في وفاة عبد الفتاح الماوري    الأرصاد: أجواء باردة إلى باردة نسبيًا على المرتفعات وبحر مضطرب جنوب الساحل الغربي    واشنطن تسعى لنشر قوات دولية في غزة مطلع العام    موعد مباريات نصف نهائي كأس العرب 2025    مدرسة أمي الليلية: قصص وحكم صاغت الروح في زمن البساطة..(من قصة حياتي الأولى)    الأجهزة الأمنية في سيئون تضبط عصابة تنتحل صفة القوات الجنوبية لنهب منازل المواطنين    كم من الناس هذه الايام يحفظ الجميل..!    الصحفي والقيادي الإعلامي الراحل راجح الجبوبي    الله جل وعلآ.. في خدمة حزب الإصلاح ضد خصومهم..!!    هيئة الآثار تنشر القائمة ال30 بالآثار اليمنية المنهوبة    الصحفي والقيادي الإعلامي الكبير ياسين المسعودي    الأمين العام للأمم المتحدة: "ما حدث في محافظتي حضرموت والمهرة تصعيد خطير"    ثلاث عادات يومية تعزز صحة الرئتين.. طبيب يوضح    الجنوب راح علينا شانموت جوع    السيتي يحسم لقاء القمة امام ريال مدريد    لا مفر إلى السعودية.. صلاح يواجه خيبة أمل جديدة    فعالية حاشدة للهيئة النسائية في صعدة بذكرى ميلاد فاطمة الزهراء    المنتخب الوطني تحت 23 عاما يغادر بطولة كأس الخليج بعد تعادله مع عمان    ندوة بصنعاء تناقش تكريم المرأة في الإسلام وتنتقد النموذج الغربي    بيان مرتقب لقائد الثورة في اليوم العالمي للمرأة المسلمة    "اليونسكو" تدرج الدان الحضرمي على قائمة التراث العالمي غير المادي    60 مليون طن ركام في غزة بينها 4 ملايين طن نفايات خطرة جراء حرب الإبادة    إتلاف 8 أطنان أدوية مخالفة ومنتهية الصلاحية في رداع    ضرب الخرافة بتوصيف علمي دقيق    إب.. تحذيرات من انتشار الأوبئة جراء طفح مياه الصرف الصحي وسط الأحياء السكنية    رسائل إلى المجتمع    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



الأحزاب بين النقد الموضوعي والمراجعة الذاتية


د. مصطفى يوسف اللداوي
إن النقد والمراجعة الموضوعية الهادفة ضرورة ملحة، ينبغي أن تكون مصاحبة لأي مشروع، وملازمة له، لا أن تكون نتيجة الفشل، أو إثر الإخفاق، لمعرفة أسباب الفشل وعوامله، بل ينبغي أن يكون النقد والمراجعة مسايراً للمشروع، ومتلازماً معه، لنتجنب الفشل، ونحول دون السقوط، ولنعمل على تجاوز الأخطاء، وتلافي المزالق والسقطات، وإلا فإن النقد يفقد قيمته، إن لم يكن دوره درساً وعبرة، يتعلم منه اللاحقون، ويستفيد من تجاربه الآخرون، ويدونون خلاله الملاحظات، ويسجلون الأخطاء، ويدرسون الاحتمالات، ويتعرفون على النتائج المفترضة، والنتائج المحققة، ويدركون الأسباب الكامنة وراء النجاح، وتلك التي كانت وراء الفشل، أو ساهمت فيه.
النقد والمراجعة هي أهم ما يميز الإنسان عن غيره من المخلوقات، لأنه الوحيد الذي يتعلم من أخطائه، ويستفيد من تجاربه، ويدرس الخيارات، ويقيم الواقع، ويستفيد من المعطيات، وإلا استحال حيواناً لا يعي ولا يعقل، ولا يتعلم ولا يتجنب، بل يقع دوماً في ذات المسالك، ويساق إلى نفس المسالخ، في تكرارٍ بئيس، ومنوالٍ كئيب، يتسبب في الخسارة، ويخلق الرتابة، ويحول دون الإبداع، فضلاً عن أنه يورث اليأس والقنوط نتيجة الفشل المتكرر، والسقوط الدائم.
دائماً ... تحرص الدول وأصحاب المشاريع، السياسية والاقتصادية، الجماعية والفردية، الخاصة والعامة، الاستثمارية والإنسانية، قبل المباشرة في مشاريعها الجديدة، على دراسة التجارب التي سبقت، وتحليل عوامل الصعود والهبوط، وأسباب النجاح والفشل، ومضامين الكسب والخسارة، لتضمن تحقيق النجاح، والوصول إلى أفضل النتائج، في أسرع وقتٍ وبأقل الخسائر الممكنة، ذلك أن سنن النجاح واحدة، وعوامل الفشل متكررة، وآلية صناعة القرارات علمٌ ودراسة.
المراجعة والنقد منهج العقلاء العاملين المخلصين الغيورين على مشاريعهم، والخائفين على مصالحهم، الذين يتطلعون إلى الأفضل، ويحرصون على الأصلح، ويتخيرون الأحسن، وهم الذين يصارحون من يلونهم، ممن ينوبون عنهم، ويعملون باسمهم، أو بتفويضٍ منهم، وإلا كانوا خائنين للأمانة، وغير أهلٍ للثقة التي منحهم إياها موكلوهم، وسيأتي اليوم الذي يكشف فيه تقصيرهم، ويظهر عجزهم، ويعرف فشلهم، الذي كانوا سبباً فيه، عندما غضوا الطرف، وامتنعوا عن التقييم، وسكتوا عن الأخطاء، ورفضوا الاستفادة من الدروس، مفرطين في دماء الأمة، ومستهينين بأرواح وحياة أبنائها، الذين يسقطون على دروب التجارب، ومسالك الاختبارات، التي يدفع الشعب ثمنها، بينما ينعم المتورطون فيها، والمتسببون لها، بخيراتٍ وحصصٍ ونعمٍ وهدايا ومنحٍ وعطايا، وكأنهم ليسوا المخطئين والمتسببين في الأزمة.
النقد والمراجعة يلزمه الصدق والصراحة والوضوح والشفافية، فلا يكون على معطياتٍ خاطئة أو غير صحيحة، ولا يقوم على الكذب والتدليس والاختلاق، ولا يبنى على الأماني والطموحات، ولا يقوم به أصحاب هوى أو غاية، أو طلاب مصلحة ومنفعة، ممن يحرفون الكلم عن مواضعه، ويزورون ويبدلون ويغيرون خدمةً لأهدافهم، ووصولاً إلى نتائجهم التي يريدون، وغاياتهم التي إليها يتطلعون، عندما يلوون الحقائق، ويبدلون الوقائع، ويحرفون كل شئٍ ولو كان موثقاً ومصوراً، ومثبتاً ومعلوماً.
كما يلزم النقد الجرأة والشجاعة، والقوة والإقدام، فلا تصح المراجعة والنقد دون جرأةٍ تحقق الاعتراف، وتقود إلى تحمل المسؤولية، والاعتراف بالأخطاء، لذا فإنه لا يقوى على المراجعة جبانٌ أو خائف، ولا يقدم عليها مترددٌ ضعيف، ولا يسعى إليها مخطئٌ عمداً، أو خائنٌ قصداً، أو عدوٌ أصلاً، إنما يلجأ إليها الطامحون إلى التصحيح، والمتطلعون نحو الأحسن، ممن لا يرعبهم الاعتراف بالخطأ، ولا يخيفهم تصويب الخطأ، والعودة إلى الحق وجادة الصواب، بما يحقق المصلحة، ويقود إلى المنفعة، ويحول دون الخسارة، أو المزيد منها، ولو كان ثمن المحاسبة مناصبهم، وضريبة النقد مواقعهم، ونتيجة المراجعة إدانتهم.
الإسلاميون هم أولى الناس بالمراجعة، وأحوجهم إليها، وألزمهم بها، فهم يحملون أمانة، ويقودون مشروعاً ربانياً، يقوم على رسالات السماء، وكتب الرسل والأنبياء، ويحملون فكراً هو من نبراس العقيدة، ومن روح الإيمان، آمن بهم الناس وصدقوهم، وسلموا لهم واتبعوهم، وخضوعوا لهم ونفذوا أوامرهم، وسبقوهم في الصفوف، وتقدموا عليهم في العطاء، وبزوهم في التضحية والفداء، فلا يجوز أن يخفوا عنهم الحقائق، ولا أن يزوروا ويزينوا لهم الواقع، ثم يجرونهم إلى مربعاتٍ خاطئة، وفق حساباتٍ خاصة، ومعطياتٍ غير دقيقة، تقوم على الأماني والرغبات، وتتجاوز الحقائق والمعطيات، وتقفز على الثوابت والسوابق الأكيدة المجربة والمضمونة، وتعتمد على أغرارٍ لا يفهمون، وبسطاءٍ لا يعقلون، وصبيةٍ يحلمون بمستقبل، ويعدون أنفسهم لواقعٍ أفضل، ولو كانت حساباتهم مقامرة، وتوقعاتهم مجازفة، ومعلوماتهم تخمينٌ وتوقع، وعوامل قوتهم سرابٌ ووعود، وخيالٌ وغيبٌ موعود.
قد يغفر التاريخ لأصحاب المشاريع الفردية، والمصالح الشخصية، إن هم قصروا في المراجعة والنقد، وامتنعوا عن دراسة تجاربهم، ومعرفة أسباب فشلهم وعدم نجاحهم، وخاضوا نفس التجارب من جديد، دون أي محاولةٍ لتجنب الأخطاء، والابتعاد عن المزالق، ولكن التاريخ لا يغفر لأصحاب المشاريع العامة، والأمناء على القوى والأحزاب السياسية، الذين يقودون الشعوب، ويتحكمون في مصائر الناس، وتنعكس تصرفاتهم على المجتمعات والشعوب، سلباً أو إيجاباً، بناءً على سياساتهم، ووفقاً لقراراتهم، فهذا الصنف من أصحاب المشاريع العامة لا يجوز صمتهم، ولا يغفر لهم تقصيرهم، ولا يعفى عن مخطئهم، ولا يكافئ مجتهدهم إن لم يصب، بل يحاسب ويجازى، ويحاكم ويعاقب، ويقصى ويبعد، ويحرم ويشطب، إذ لا مكان لأشخاصٍ مقدسين، ولا لقياداتٍ منزهةٍ عن الخطأ، وبالتالي محصنة من العقاب والحساب.
إنها دعوةٌ صريحة وواضحة، مباشرة وقصدية، إلى كل الحركات الإسلامية، لمراجعة ذاتها، وممارسة النقد البناء، ومكاشفة أتباعها، وكشف حساباتها، القريبة والبعيدة، وأن تكون جادةً في النقد، حريصةً على الحق، غير مواليةٍ لطرف، ولا ساعية لإرضاء فريق، بل تمسك المبضع بيدها بكل قوة، ودون تردد، وتضعه على موضع الألم وتجرح، ولا تبالي بالدم إن نزف، ولا بالمريض إن شكا وتألم، فالغاية أسمى وأهم، إنها المستقبل كله، والغد القادم بكل أحلامه.
https://www.facebook.com/moustafa.elleddawi
[email protected] بيروت في 12/5/2014
مايو 13th, 2014 in آراء ومقالات, الشؤون الفلسطينية, الصفحة الرئيسية |
التجمع من اجل الديمقراطية


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.