الدوحة - قنا: اختتمت هنا أمس أعمال منتدى الدوحة الرابع عشر ومؤتمر إثراء المستقبل الاقتصادي للشرق الأوسط، الذي حضره عدد من أصحاب الفخامة والسعادة كبار المسؤولين رؤساء الوفود المشاركين، وذلك بفندق الريتز كارلتون - الدوحة. وقال سعادة السيد محمد بن عبد الله الرميحي مساعد وزير الخارجية للشؤون الخارجية،: "إن المنتدى هذا العام ناقش عددًا من الموضوعات الهامّة المتعلقة بقضايا دوليّة وإقليميّة راهنة، منها ما يتعلق بالأمور الراهنة التي تواجهها الإنسانيّة، إلى جانب الصراعات السياسيّة في العالم، مستشهدًا في هذا الصدد بالأزمة السوريّة وما طرح من قراءات وتصوّرات لإيجاد حل لها، إضافة الى ما يشهده المجتمع الدولي من أزمة لا تزال تتفاقم في أوكرانيا".. مبينًا أن هناك شعورًا بغياب التفاهم بين الدول العظمى في العالم، الأمر الذي أدّى في النهاية إلى قصور من المجتمع الدولي للقيام بدوره في تسوية الصراعات المتفاقمة في العالم. وأشار إلى أن ما تمّ طرحه خلال المنتدى من أن التدخل الأجنبي في الدول، خاصة التدخل العسكري، لن يقود بالضرورة إلى استقرار أو تنمية وتطوّر .. مستشهدًا في هذا الصدد بما حصل في العراق من تدخل أجنبي قاد إلى ما يُعانيه العراق الآن، لكنه أوضح أن المطلوب بالنسبة للقضية السورية هو وجود تسوية بين السوريين أنفسهم .. مستشهدًا بما تمّ إنجازه في الفترة الماضية من تسوية داخليّة لخروج عدد من المقاتلين من حمص المُحاصرة بتسوية مع جيش النظام. وتناول خلال حديثه ما يشهده العالم العربي من إرادة وتطلع نحو الإصلاح والتنمية والتحرّر، والذي ولد اتجاهات معاكسة لهذا التوجّه الجديد، في ظل عزوف بعض النخب لأسباب عديدة عن المشاركة في تحديد مصير بلدانهم وذلك لأسباب عديدة. وخلال حديثه عن الحريّات في العالم العربي استشهد بما ورد على لسان المفكر البحريني الدكتور علي فخرو إذ يقول: "إن الحديث هنا ليس فقط عن ديمقراطية الانتخابات والبرلمانات وإنما أيضًا عن الحريّات والحوار والحلول الوسط والتوزيع العادل للثروة ودولة الرعاية الاجتماعيّة .. المطلوب نظرة عميقة شاملة تذهب إلى الأسباب فتعالج القضايا الكبرى وليس المطلوب حلولاً مؤقتة". وتحدّث في الجلسة الختاميّة السيد كريس دويل، رئيس جمعية الصداقة العربية البريطانية، فأشاد بمبادرة دولة قطر بعقد هذا المنتدى سنويًا الأمر الذي يُتيح للمشاركين من شتى أنحاء العالم البحث والنقاش في التحديّات التي تواجه الإنسانية. وقال في هذا الصدد: "لقد أعطتنا قطر الفرصة بالمشاركة في هذا المنتدى وفي مؤتمر إثراء المستقبل لنحصل على مساعدة الخبراء والمختصين والمفكرين والسياسيين ورجال الأعمال، من خلال التباحث والحوار في القضايا والمحاور الهامّة التي تطرق لها المنتدى والمؤتمر .. لقد أتينا لنسمع ولنتحدّث مع بعض، وهذا ما تمّ بالفعل". وأشاد السيد دويل بالنجاحات التي حققها منتدى الدوحة على مدى السنوات الماضية، وقال في هذا الخصوص: "المنتدى لن يفشل أبدًا في معالجة المشاكل المهمّة في عالمنا المعاصر" . ووصف المناقشات بالصريحة كونها تستهدف إيجاد حلول ليس لأزمات المنطقة فقط وإنما لأهم التحديّات التي تواجه العالم. وتطرّق السيد دويل في حديثه إلى الأزمة السورية وما يُعانيه الشعب السوري من حصار وتشريد وتقتيل، مشيرُا إلى أنه بنهاية هذا العام سيصل عدد اللاجئين منهم إلى 4 ملايين لاجئ .. وشدّد على الحاجة الملحة لبذل المزيد من الجهود والإرادة الدوليّة لإنهاء هذه المأساة، بعدما تبيّن من خلال المناقشات مدى الفشل في إدارة الأزمة وحلها. وقال : "إن من يحلّ في منصب الأخضر الإبراهيمي الوسيط العربي والأممي في الأزمة السوريّة سيجد نفسه في ظل هذه الظروف أمام وضع صعب". واستعرض محاور ومواضيع الجلسات المختلفة خاصة تلك التي تعنى بالشباب والمرأة والاقتصاد والتجارة الحرة والإعلام وحيوية وإيجابية المناقشات وتبادل الرؤى والأفكار بشأنها. وناقش منتدى الدوحة الرابع عشر ومؤتمر إثراء المستقبل الاقتصادي للشرق الأوسط على مدى ثلاثة أيام العديد من المواضيع والمحاور وأوراق العمل المهمّة بمشاركة واسعة وكبيرة من ممثلي الدول والحكومات والوزراء وقيادات وشخصيات سياسية وفكرية وبرلمانية بارزة ورجال أعمال وخبراء في شتى المجالات من المنطقة والعالم، بالإضافة إلى ضيوف شرف المنتدى من الأرجنتين والسودان وفرنسا وألبانيا. ويعتبر منتدى الدوحة الذي يعقد بالتزامن مع مؤتمر إثراء المستقبل الاقتصادي للشرق الأوسط، ويلتئم للمرة الرابعة عشرة بالدوحة، واحدًا من أبرز المنتديات الدولية في مجال الشؤون الدولية المعاصرة. وتناولت جلسات المنتدى السبع مناقشة مواضيع وأوراق عمل حول الديمقراطية "بناء ما بعد التغيير" وحقوق الإنسان .. الأمن الإنساني في ظل الصراعات والأزمات والتنمية وتأثير الطاقة والاستقرار الإقليمي والاقتصاد والتجارة الحرة وواقع الاقتصاد العالمي والإعلام والسلطة الرابعة الرقميّة والتحوّلات المجتمعية في الشرق الأوسط. وقد عقد منتدى الدوحة في دورته الرابعة عشرة وسط تحوّلات سياسيّة واقتصادية لافتة وكبيرة في المنطقة والعالم، تؤكد في مجملها الأهمية الكبيرة التي يكتسبها المنتدى منذ انطلاقته الأولى وما تطرق إليه في دوراته السابقة من دعوات إلى الإصلاح واعتماد التنمية كأساس للأمن السياسي والاجتماعي وبخاصة التنمية الإنسانية. يُذكر أن أول منتدى قد عقد عام 2001 تمهيدًا للاجتماع الوزاري لمنظمة التجارة العالميّة بالدوحة في نوفمبر من نفس العام. وحمل المنتدى اسم المؤتمر القطري - الأمريكي حول الديمقراطية والتجارة الحرة. وتناول مسائل مهمّة وحيويّة شملت التجارة الحرة والحقوق الاقتصادية وحقوق الإنسان وحرية الصحافة والانسجام الديني في ضوء الخلاف السياسي وتفعيل العمليّة الديمقراطية والعلاقة بين الإسلام والديانات السماوية الأخرى. وتوالى بعد ذلك عقد الدورات تباعًا حتى الدورة الرابعة عشرة في الفترة من 12 إلى 14 مايو الجاري. أما مناقشات مؤتمر إثراء المستقبل الاقتصادي للشرق الأوسط فغطت محاور ومواضيع وأوراق عمل حول بناء اقتصادات تخلق فرص العمل في الخليج، حيث تمّ في إطار هذا المحور مناقشة مواضيع اقتصادية من بينها واحد بعنوان "نمط جديد للاقتصاد والتنمية في المنطقة وعبر العالم"، ومحور آخر بعنوان "الشرق الاوسط كمحور إلى آسيا". كما شملت جلسات المؤتمر مناقشة موضوع تمويل الشركات الصغيرة والمتوسطة الحجم والمشهد الاقتصادي العالمي وأعمال النظم الأيكولوجية في العالم العربي .. فيما عقدت مؤسسة "راند" جلسة بعنوان "تكاليف النزاع الإسرائيلي الفلسطيني"، بجانب مناقشات أخرى شملت عناوين ومحاور حول مقاربات مبتكرة لخلق فرص العمل وريادة الأعمال الاجتماعيّة، وغير ذلك من العناوين الجانبيّة في نطاق هذه المحاور الرئيسة. تنظم منتدى الدوحة ومؤتمر إثراء المستقبل الاقتصادي للشرق الأوسط كل عام اللجنة الدائمة لتنظيم المؤتمرات بوزارة الخارجية. الدوحة - قنا: قال سعادة السيد محمد بن عبدالله الرميحي، مساعد وزير الخارجية للشؤون الخارجية، إن منتدى الدوحة الرابع عشر 2014 "غطى هذه السنة مواضيع هامّة جدًا، لكنه كان أيضًا ردة فعل على كل التحديّات التي برزت على الساحة الدولية خلال السنة الماضية". وبالنسبة للاستقرار والأمن العالمي، قال سعادته في تصريح للصحفيين في ختام أعمال منتدى الدوحة ومؤتمر إثراء المستقبل الاقتصادي للشرق الأوسط أمس بفندق الريتز كارلتون: "لقد شاهدنا عدم توازن وعدم قدرة على حل المسائل التي طرأت سواء على الساحة الأوروبية أو في الشرق الأوسط، وشاهدنا أيضًا عدم رغبة الدول الكبرى في التدخل لحل النزاعات وظهور قوى إقليميّة أو محليّة تحاول أن تعطي حلولاً للتحديّات التي نواجهها ". وأضاف : "المؤتمر تناول أيضًا مسألة الديمقراطية والربيع العربي ومدى حصول الشباب وجيل الفاعلين في العالم العربي على ما يبتغونه من حيث الوصول إلى المشاركة الفعليّة على المستوى السياسي أو الإداري والتنموي في بلادهم". وتطرق لبعض ملاحظات المنتدى لا سيما من حيث معوقات تأخير عملية الإصلاح والتطوير في المجتمعات العربية وفتح المجال أمام الشعوب العربية، وخاصة الشباب، في الحصول على دورهم في تكوين مستقبل بلادهم ومستقبلهم. وأوضح أنه على المستوى الاقتصادي، فإن خلاصة مؤتمر إثراء المستقبل الاقتصادي للشرق الأوسط هذا العام، تمثلت في إعطاء دور القيادة للقطاع الخاص في سبيل إطلاق عملية التنمية والبناء في كل مكان، خاصة في منطقة الخليج العربي، لافتًا إلى أنه في المنطقة العربية ككل يجب إعطاء دور القيادة للمؤسسات الخفيفة والمتوسطة في سبيل خلق فرص مستدامة للوظائف. وحول تكريم الفائزين بجائزة الدوحة للابتكار في المجال الاقتصادي في ختام الفعاليّات، أكد سعادة مساعد وزير الخارجية للشؤون الخارجية في تصريحه أن الشباب يستحقون التكريم بهدف دفعهم إلى الأمام. وحيّا سعادته الدور الذي قام به المكرّمون بناءً على مبادراتهم الشخصية أو بدعم من مؤسسات اقتصادية محلية أو دولية في سبيل تحقيق فرص العمل وتحقيق تنمية لأجيال الشباب في المنطقة العربية. وردًا على سؤال لوكالة الأنباء القطرية "قنا" بشأن ما إذا كانت رسالة المنتدى قد تحققت من خلال النقاش والمشاركة الواسعة في فعالياته، قال سعادة السيد الرميحي : "لقد وفقنا في وضع برامج جديدة وجدول أعمال للجلسات، نتج عنه الكثير من الحوار الفكري الحرّ وتبادل الآراء والأفكار بين المشاركين الذين أتوا من جميع قارات العالم.. كان لدينا تقريبًا مئة دولة شاركت في منتدى الدوحة الرابع عشر عن طريق غير رسمي من الشباب ورجال الأعمال والبرلمانيين وبعض السياسيين والأكاديميين". جريدة الراية القطرية