احتفظت الأحزاب الكبيرة المؤيدة لأوروبا بالغالبية في انتخابات البرلمان الأوروبي، وكسبت 521 من أصل 751 مقعداً، لكنها فقدت جميعها بعضاً من قوتها لحساب أحزاب مناهضة لبناء القارة، أهمها في اليونان وبريطانيا والدانمارك والنمسا، فيما تحولت فرنسا إلى أكثر الدول الرافضة لأوروبا على رغم كونها من أبرز مؤسسي الاتحاد بتقدم «الجبهة الوطنية» (اليمين المتطرف) بزعامة مارين لوبان على سائر القوى السياسية. بروكسل، برلين، لندن (أ ف ب، رويترز) وباتت أوروبا المهددة بنمو القوى المتطرفة مطالبة بمراجعة أطرها وأسلوبها، وإضفاء مزيد من الفاعلية على توجهاتها تحقيقاً لحلم الرفاهية والحرية الموعودة لشعوبها. ووصفت المستشارة الألمانية أنغيلا مركل تنامي الأحزاب المشككة في الاتحاد والقوميين بأنه «مؤسف»، ودعت إلى تنمية «القدرة التنافسية في أوروبا والتوظيف لإفادة الناس وكسب الناخبين، مستدركة بأن هذا الأمر «مناسب أيضاً لفرنسا التي تنفذ سياسة إصلاحات» جيدة ستقودها إلى مزيد من النجاح والنمو». وصبّ الفرنسيون جام غضبهم من تخبطهم الداخلي على الانتخابات الأوروبية، ومنح 25 في المئة منهم أصواتهم لليمين المتطرف الداعي إلى «الخروج من أوروبا، واستعادة سيادة فرنسا على أراضيها واقتصادها». وبهذا الاقتراع تخلى الناخبون الفرنسيون عن معادلة التناوب التقليدي على الحكم بين اليمين واليسار، فتراجع حزب «الاتحاد من أجل الحركة الشعبية» (اليمين المعارض) إلى المرتبة الثانية بنسبة 20 في المئة من الأصوات، في حين تقهقر الحزب الاشتراكي الحاكم إلى المركز الثالث (14 في المئة). وفي ضوء هذه النتائج، التي وصفها مسؤولون وإعلاميون بأنها «كارثة»، ستتمثل الجبهة الوطنية ب 25 من أصل 74 نائباً يمثلون فرنسا في البرلمان الأوروبي، في مقابل 3 نواب يمثلونها حالياً، فيما كسب الاتحاد المعارض 21 مقعداً مقابل 13 مقعداً للاشتراكيين. وتوزعت باقي المقاعد على حزب الوسط المقرب من اليمين واليسار المتطرف وأنصار البيئة. ودعا الرئيس فرانسوا هولاند عدداً من وزرائه إلى قصر الإليزيه لاستخلاص الدروس من الانتخابات الأوروبية، علماً بأنه كان أجرى تعديلاً حكومياً بعد صفعة الانتخابات البلدية في آذار (مارس) الماضي. أما مسؤولو «الجبهة الوطنية»، فاعتبروا انتصارهم دليلاً على «إدراك الفرنسيين أخيراً من يدافع عن مصالحهم»، ودعوا إلى حل البرلمان، وقالت لوبان: «أكد الشعب أنه لا يريد أن يُحكم من خارج الحدود عبر مفوضي الاتحاد الأوروبي والتكنوقراط غير المنتخبين. يريد الحماية من العولمة، وأن يمسك مجدداً بمصيره». في إيطاليا، اعتبر مراقبون ومحللون فوز «الحزب الديموقراطي» اليساري بزعامة رئيس الوزراء الشاب ماتيو رينزي بنسبة 41 في المئة من أصوات الناخبين «انتصاراً حقيقياً وتاريخياً»، و «تتويجاً لمسار الزعيم الشاب». وعاقب الناخبون حزب «فورزا إيطاليا» بزعامة سيلفيو بيرلسكوني، ولم يمنحوه إلاّ 16.81 في المئة من الأصوات، فيما لم يتجاوز تأييد حركة الكوميدي السابق بيبّي غريلّو 21.15 في المئة، ما عُدّ بداية نهاية للمدّ الجماهيري لهذه الحركة الاحتجاجية والاعتراضية التي برزت بقوة قبل سنتين، وباتت الحزب الثاني في البلاد. واعتبرت نتيجة رابطة الشمال الانفصالية بزعامة الشاب ماتيو سالفيني «انتصاراً حقيقياً» لليمين المناهض للأجانب، إذْ كسب نسبة 6.16 في المئة من مجموع الأصوات. وفي اقتراع أثار مزيداً من الشكوك حول مستقبل بريطانيا في الاتحاد على المدى الطويل، كسب حزب «يوكيب» (الاستقلال) المناهض للوحدة الأوروبية والذي يطالب بانسحاب المملكة المتحدة من الاتحاد، 24 مقعداً، في مقابل 19 مقعداً لحزب المحافظين بزعامة رئيس الوزراء ديفيد كامرون، و20 مقعداً لحزب العمال المعارض. ووصف زعيم الحزب الشعبوي نايجل فاراج النتيجة بأنها «الأكثر استثنائية في الحياة السياسية منذ أكثر من مئة سنة». / 2811/ وكالة انباء فارس