اهالي منطقة الاغوار الفلسطينية يعيشون صراعا مريرا مع الاحتلال الاسرائيلي الذي يواصل سيطرته على المنطقة بمصادرة الاراضي لصالح الاستيطانرام الله 'القدس العربي' من وليد عوض: يعيش اهالي منطقة الاغوار الفلسطينية المتاخمة للحدود مع الاردن صراع مرير مع الاحتلال الاسرائيلي الذي يواصل سيطرته على تلك المنطقة بزراعتها بالمزيد من المستوطنات في حين تتم ملاحقة الاهالي وتجهيريهم من المنطقة بحجج وذرائع مختلفة، فمرة بسبب انها منطقة عسكرية يحظر على الفلسطينيين دخولها، ومرة اخرى يتم هدم مساكن المزارعين ومنشآتهم بحجة البناء بدون ترخيص. وفيما تواصل سلطات الاحتلال ممارسة التطهير العرقي في منطقة الاغوار التي تعتبر سلة الغذاء الفلسطينية وتلاحق المزارعين هناك وتدمر مزروعاتهم تواصل المستوطنات الزراعية المقامة على اراضي المواطنين النمو والازدهار لخصوبة تلك الاراضي ووجود الكثير من المياه الجوفية فيها. ويعيش الاحتلال الاسرائيلي هذه الايام في سباق مع الزمن من اجل الاستيلاء على المزيد من الاراضي في الاغوار وخاصة الشمالية التي تعتبر سلة فلسطين الغذائيه لتفريغها من أصحابها الشرعيين، وذلك عبر سياسة الهدم المتواصلة للمنشآت والمساكن فيها حيث تواصل سلطات الاحتلال ملاحقة المزارعين وهدم مساكنهم وحظائر مواشيهم في الحمية وحمصة وقرية فروش بيت دجن والفارسية وفي عين الحلوة، والمالح وعاطوف والرأس الأحمر، وفي سمرة والعقبة، وفي بزيق وسلحب وفي عين البيضاء وبردلة وكردلة وجباريس وغيرها من القرى هناك. وتأتي الملاحقة الاسرائيلية للمزارعين في الاغوار ومصادرة اراضيهم الزراعية التي تغذي الاراضي الفلسطينية بالخضار وغيرها من الاحتياجات الغذائية ضمن سياسة رؤساء الحكومات الاسرائيلية المتعاقبة التي تعزيز السيطرة الاسرائيلية على هذه المنطقة الإستراتيجية التي تشكل 25 بالمئة من مساحة الضفة الغربية التي احتلت عام1967، وذلك في سياق الخطة الإسرائيلية الرسمية التي أُطلق عليها اسم 'تعزيز السيطرة على غور الأردن'. وفيما يحاول المزارعون التمسك بأراضيهم رغم ملاحقة الاحتلال لهم وهدم مساكنهم البدائية وتدمير مزروعاتهم -في ظل اصرار فلسطيني رسمي على انه لن يكون هناك دولة فلسطينية بدون منطقة الاغوار-باتت تلك المنطقة الجغرافية التي تشكل الوجه الشرقي لفلسطين تعيش هذه الايام المراحل النهائية للسيطرة الاسرائيلية على مواردها. وطبقت إسرائيل في المنطقة سياسة خرم الإبرة، لحشر الفلسطينيين بين الحواجز وبين الجبال هناك في اطار خطة إسرائيل غير المعلنة، عبر التخلص من الوجود الفلسطيني وإنهاء التجمعات الحضرية التي نشأت في الإربعينيات والخمسينيات في المنطقة، عبر الإفراغ التدريجي للحياة الفلسطينية من خلال مصادرة الأرض والماء والكلأ وهدم البيوت واقتلاع المزارعين ومصادرة مواشيهم وتدمير مزروعاتهم. وعادة ما تقتحم مئات العناصر من رجال الشرطة الاسرائيلية وقوات الاحتلال ومن يُعرفون بحرّاس المستوطنات وحرّاس الطبيعة المناطق الرعوية ويقومون بمصادرة جميع المواشي وخاصة الأبقار ويدّعون أنها مناطق عسكرية إسرائيلية مغلقة أو أراضي دولة أو غير ذلك. وتهدف هذه الإجراءات الإسرائيلية للسيطرة على الأرض وطرد سكانها منها لتسهيل عمليات التوسع الاستيطاني، كما يقول رئيس حملة 'أنقذوا الأغوار' فتحي خضيرات. وأوضح خضيرات أن الخطورة نتيجة لذلك تكمن ليست في هذه المصادرة فحسب، بل في إرهاق المواطنين اقتصاديا والضغط عليهم لترحيلهم، حيث إن عددا كبيرا من هذه المواشي تنفق أثناء محاصرتها واحتجازها وجزء منها يهرب ولا تتم السيطرة عليه. وذكر أن المواطنين يدفعون مبالغ طائلة كغرامات لاسترجاعها تتراوح بين خمسين ومائة دولار للرأس، وأربعين دولارا يوميا إذا ما مكثت فترة طويلة ولم يدفع صاحبها الغرامة. وتنتج الأغوار حسب المركز الفلسطيني للمساعدة القانونية ما نسبته 25 بالمئة من اللحوم الحمراء ومنتجات الألبان للمجتمع الفلسطيني، وبالتالي فإن المساس بها مساس بالأمن الغذائي وبالمصادر الاقتصادية للشعب الفلسطيني، إضافة لتقويض قيام الدولة وهو الهدف الآخر من السياسة الإسرائيلية. وتقوم سلطات الاحتلال الاسرائيلي في هذه الايام باستهداف تجمعات فلسطينية بالكامل في منطقة الاغوار الشمالية شرق الضفة الغربية واخطارها بالرحيل عن أرضها بذريعة التدريبات العسكرية الاسرائيلية. وحسب معهد الابحاث التطبيقية القدس (أريج) تعتبر هذه الهجمة الاستيطانية الشرسة تجاه التجمعات الفلسطينية جديدة من نوعها في منطقة الاغوار الفلسطينية اذ أن الهجمات السابقة على هذه التجمعات شملت عمليات هدم لمساكن ومنشأت زراعية وحيوانية وتهجير أصحابها وتركهم في العراء بحجة البناء غير المرخص لوقوع تلك المنشأت في مناطق ترضخ للسيطرة الاسرائيلية الكاملة (مناطق ج)، الا أن ما تقوم به سلطات الاحتلال الاسرائيلية في منطقة الاغوار الشمالية هذه الايام ما هو الا استهداف مباشر لهذه التجمعات بالرحيل ودون أية مقدمات، حيث تسعى اسرائيل الى ترحيل عددا من التجمعات البدوية التي تعيش حياة بدائية في تلك البقعة من الضفة الغربيةالمحتلة. وبناء على ما سبق نستنج أن منطقة الاغوار الشمالية (المنطقة الشرقية في الضفة الغربية والتي باتت تعرف اليوم بمنطقة العزل الشرقية) كانت دائما وما زالت في مرمى الاستهداف الاسرائيلي الذي يهدف الى اقتلاع الوجود الفلسطيني من منطقة الاغوار الشمالية وتهجير السكان الاصليين من اماكن سكناهم لصالح جيش الاحتلال والمستوطنات والقواعد العسكري وشق طرق التفافية للمستوطنين وغيرها. وفي الوقت الذي تلاحق فيه سلطات الاحتلال المزراعين هناك في اراضيهم تواصل السيطرة على المياه الجوفية وتمنع الاهالي من الوصول اليها في كثير من الاحيات لدفعهم للهجرة. واكد متحدثون في ورشة عمل نظمت مؤخرا بإن المشهد الراهن في الاغوار قاتم، في وقت يتزايد فيه العطش الفلسطيني مقابل نهب الاحتلال للثروة المائية، حيث يستهلك المستوطن الواحد خمسة أضعاف ما يستهلكه المواطن الفلسطيني في المنطقة، ويمنع الاحتلال المواطن من حفر آبار إرتوازية للمياه، كما يسيطر الاحتلال على 85 بالمئة من المياه الفلسطينية، كما تمنع إسرائيل من إعادة تأهيل الآبار فيها. وكان المهندس فضل كعوش الرئيس السابق لسلطة المياه الفلسطينية الرئيس السابق للجنة المفاوضات حول المياه قال في دراسة له صدرت حديثا: تعتبر اراضي منطقة ألأغوار من افضل ألأراضي الزراعية في الضفة الغربية وتقدر المساحة القابلة للري والزراعة بحوالي 550 الف دونم تمتد معظمها بمحاذاة مجرى نهر ألأردن، لذلك تم أغلاقها بالكامل من قبل سلطات ألأحتلال ألأسرائيلي ولم يتبقى بيد المزارعين الفلسطينيين سوى ألأراضي الزراعية الواقعة داخل المدن والبلدات والقرى وفي محيطها اي داخل ما يسمى بالمنطقة 'أ' والمنطقة 'ب'، وقد لا تتجاوز مساحتها حاليا 45 الف دونم. واضاف كعوش: كما ان منطقة ألأغوار غنية بالثروات الطبيعية ألأخرى والتي تحتاجها معظم قطاعات التنمية الرئيسية، حيث كان بأمكان الفلسطينيين تطوير هذه المنطقة وجعلها إحدى ركائز خطط وبرامج التنمية في العديد من المجالات ألأخرى غير الزراعة، تشمل على سبيل المثال لا الحصر، إقامة مناطق صناعية مركزية للصناعات المتوسطة والثقيلة، ومناطق وقرى سياحية داخلية وعلى شواطيء البحر الميت، التطوير والتوسع العمراني وبناء المدن والمناطق السكنية الحديثة حيث تتوفر ألأراضي الشاسعة، بناء مطار دولي، وغير ذلك. لكن ألأسرائيليون حالوا دون ذلك ومنعوا تحقيق اي نشاط تنموي للفلسطينين، وحولوا منطقة ألأغوار بكاملها الى معسكرات للجيش الأسرائيلي والى مناطق عسكرية مغلقة ومستوطنات ومحميات طبيعية ومناطق ممنوعة على الفلسطينيين مصنفة 'ج ' اصبحت تتجاوز نسبة مساحتها 88.3 بالمئة من المساحة ألأجمالية لمنطقة غور وادي الأردن، منها 17 بالمئة مساحة المستوطنات، 27 بالمئة محميات طبيعية مغلقة، 54 بالمئة مناطق عسكرية مغلقة، اما المساحات المتبقية والتي تقع تحت السيطرة المدنية الفلسطينية فتقدر بنسبة 11.7 بالمئة من مساحة كامل غور وادي ألأردن وهي مصنفة 'أ' و'ب' وتشمل مدينة اريحا والبلدات والقرى الفلسطينية . ويقدرعدد المستوطنات ألأسرائيلية في منطقة ألأغوار 38 مستوطنة، وهي جميعها مستوطنات زراعية تضم: ميخولا، سيليت، شيدموت ميحولا، روتم، حمدات، روعي، بيت زايل، بقعوت، حمرا، ميخورا، أرجمان، مسواه، يافيت، معاليه إفرايم، جيتيت، تومر، جلجال، هجدود، نيران، يتاف، شيلو متصيون، هاشاخور، اليشع، نعما، مول نيفو، متسبيه جريكو، فيريد جريكو، مول نيفو، بيت هعارافا، الموج، جاليا. هذا بألأضافة الى المساحات الزراعية الشاسعة والتابعة لتلك المستوطنات، وتشمل مزارع التمور والعنب والخضروات وألموز ومزارع الدواجن وتربية المواشي وغير ذلك. وتعتبر منطقة الأغوار الفلسطينية التي تحتل المستوطنات ومعسكرات الجيش الاسرائيلي اكثر من 50 بالمئة من مساحتها الاجمالية ركيزة أساسية من مقومات الدولة الفلسطينية المنشودة، حيث تعتبر الأغوار سلة الغذاء الفلسطينية ومن أهم الأحواض المائية في فلسطين، بالإضافة إلى الأهمية السياسية، وهي أيضاً أطول خط حدودي مع الأردن على طول نهر الاردن من شمال الضفة الغربية وحتى البحر الميت.