بقلم الكاتب / حسين صالح غالب السعدي . هو : محمد بن عبد الله بن عبد المطلب بن هاشم ابن عبد مناف بن قصي بن كلاب بن مُرة بن كعب بن لُؤَيّ بن غالب بن فِهر بن مالك ابن النَّضر بن كِنانة بن خُزيمة بن مُدركة بن إلياس بن مُضر بن نزار بن معد بن عدنان ، وعدنان من ولد إسماعيل الذبيح بن إبراهيم عليهما السلام. كان يتيم الأبوين وترك يُتم النبي صلى الله عليه وسلم في نفسه أبلغ الأثر، إذ وُلد يتيم الأب وماتت أمُّه وهو ابن ست سنين، فلما توفيت ضمّه جدُّه عبد المطلب إليه ورقّ عليه رِقةً لم يرقها على ولده ، وقرّبه . فلما توفي عبد المطلب ضم أبو طالب رسولَ الله صلى الله عليه وسلم فكان معه ، وكان أبو طالب لا مال له ، وكان يحبّ محمدًا صلى الله عليه وسلم حبًّا شديدًا لا يحبه ولده ، وكان لا ينام إلا إلى جنبه ، ويخرج فيخرج معه ، وكان يخصه بالطعام ، وكان إذا أكل عيال أبي طالب جميعًا أو فرادى لم يشبعوا، وإذا أكل معهم رسول الله صلى الله عليه وسلم شبعوا، فيقول أبو طالب: إنك لمبارك. ولعل ضيق حال أبي طالب هو الذي دفع محمدًا صلى الله عليه وسلم إلى العمل لمساعدته . ورعي غنمه ، فقد أَلِفَ العمل والكفاح منذ طفولته ، واعتاد أن يهتم بما حوله، ويبذل العون للآخرين ، وربما يذكرنا رعيه للغنم بأحاديثه التي تحث على الإحسان للحيوان . لما بلغ رسول الله صلى الله عليه وسلم خمسًا وعشرين سنة ، تزوج خديجة بنت خويلد ، وكانت أرملة توفي زوجها أبو هالة ، وكانت إذ ذاك في الأربعين من عمرها، وكانت امرأة تاجرة ، تستأجر الرجال في مالها ، وتضاربهم بشيء تجعله لهم . وخديجة رضي الله عنها أول امرأة يتزوجها الرسول صلى الله عليه وسلم ، ولم يتزوج عليها في حياتها، وولدت له كل ولده إلا إبراهيم، فولدت القاسم وعبد الله (الملقب بالطيب والطاهر)، وثلاث بنات هن: أم كلثوم، ثم فاطمة، ثم رقية. أما إبراهيم فقد ولدته مارية القبطية التي أهداها له مقوقس مصر . وقد مات القاسم وعبد الله قبل الإسلام ، أما البنات فأدركن الإسلام وأسلمن رضي الله عنهن ، وتوفيت خديجة رضي الله عنها قبل هجرة النبي صلى الله عليه وسلم إلى المدينة بثلاث سنين. وكان النبي صلى الله عليه وسلم يثني عليها، ويظهر محبتها وتأثره لدى ذكرها بعد وفاتها، فقد كانت لها مواقف عظيمة في الإسلام، وفي نصرة الرسول صلى الله عليه وسلم والإيمان به. هيأ الله لرسوله من الحفظ والرعاية ما جعله جديرًا بتلقي الرسالة الخاتمة لهداية البشر. أسمائه : محمد , أحمد , الماحي . الذي يمحو الله به الكفر، والحاشر الذي يحشر الناس على عقبيه ، والعاقب الذي ليس بعده نبي ، ونبي التوبة ، وسماه الله تعالى رؤوفا رحيماً واختلفت قريش على بنيان الكعبة ورضوا به حكما وقصتها مشهورة . المرحلة المكية : بدأ الوحي : أول ما بُدِئ به من الوحي الرؤيا الصالحة في النوم ، فكان لا يرى رؤيا إلاّ جاءت مثل فلق الصبح ، ثم حبّب إليه الخلاء ، وكان يخلو بغار حراء ، فيتعبد فيه الليالي ذوات العدد فجاءه الملك فقال : اقرأ، قال ما أنا بقارئ ، ... ( اقرأ باسم ربك الذي خلق. خلق الإنسان من علق. اقرأ وربك الأكرم.) (العلق/ 1-3)، فرجع رسول الله صلى الله عليه وسلم يرجف فؤاده ، فدخل على خديجة بنت خويلد رضي الله عنها فقال : زمّلوني زمّلوني فقالت خديجة : كلا والله ما يخزيك الله أبداً، إنك لتصل الرحم ، وتحمل الكلّ وتكسب المعدوم، وتقري الضيف، وتعين على نوائب الحق . ثم بعدها تتابع عليه الوحي وأسلم من أسلم من أقربائه ومن أهل قريش ... ثم بدأت من بعض الكفار السخرية والاستهزاء فاتهموه بالكذب والسحر والكهانة ، ووضعوا في عنق بلال بن رباح حبلاً وأسلموه للصبيان ليطوفوا به شعاب مكة وهو يقول : أحد أحد، وغير ذلك من الأمثلة التي تبين مدى استهزائهم بالمسلمين الأوائل . ثم تم بعدها الحصار الاقتصادي عليه وعلى من أسلم وعلى من كان يحميه من أهله ثم أمر من الصحابة بالهجرة الى الحبشة وأرسلت قريش في أثرهم عمرو بن العاص وعبد الله بن أبي ربيعة بهدايا إلى النجاشي ليردّ المسلمين ، ولكن هيهات فقد أسلم النجاشي وأبى أن يردّهم، بل أعطاهم الأمان في أرضه وأقرّهم على دينهم، وردّ رسل قريش لم ينالوا شيئاً. ثم ما إن أعز الله الإسلام بعمر بن الخطاب ، وحمزة بن عبد المطلب ، وخروج بني هاشم من شعب أبي طالب ، حتى توفي أبو طالب في أواخر العام العاشر من البعثة . وبموته فقد الرسول صلى الله عليه وسلم سنداً كبيراً، لم يجد من يقوم مقامه من بني هاشم ، ولذلك بدأ الرسول صلى الله عليه وسلم يعرض نفسه على القبائل ليطلب نصرتها، ورحل إلى الطائف لأجل تلك النصرة ولكنها لم تحدث . فقد خذله أهل الطائف وسلطوا عليه صبيانهم فقذفوه بالحصى حتى أدموا قدميه واستهزءوا به كثيراً ولكن هذا لم يجعله ييأس صلى الله عليه وسلم . ثم توفيت خديجة أم المؤمنين رضي الله عنها في نفس العام ، ففقد الرسول صلى الله عليه وسلم سنداً ثانياً من داخل كيانه الأسري . في تلك الظروف الصعبة كانت المواساة لرسول الله صلى الله عليه وسلم بحادثة الإسراء والمعراج فكانت مواساة وتطميناً للرسول صلى الله عليه وسلم إلا أنها كانت فتنة لبعض المسلمين وللكافرين ممن لم يصدقوا بها ، وجمهور العلماء على أن الإسراء كان يقظة بالروح وبالجسد. انتهينا من الحلقة الأولى لمختصر السيرة النبوية ، وقد سالت العيون من خلال سرد الحلقة الأولى مما عانا أفضل خلق الله من اليتم والعناء والتعب فهيأه الله للرسالة العظمى . نسأل الله أن يعلمنا ما ينفعنا وينفعنا بما علمنا ويرزقنا حب الحبيب محمد صلى الله عليه وعلى آله وأتباعه إلى يوم الدين . وإلى الحلقة الثانية إن شاء الله . عدن اوبزيرفر