بقلم : زكريا محمد محسن لا يجد الناظر إلى أحوال الجنوبيين هذه الأيام إلا أن يطلق العنان لدموعه رثاءً لضيق ذات اليد وشظف عيشهم ووصول السواد الأعظم منهم تحت خط الفقر ، وقد لا يدرك حجم المأساة التي حلت بالجنوبيين إلا من رأى المتعففين يقتاتون تحت جنح الظلام من براميل القمامة والمخلفات ... ناهيك عن أن هناك أسر كثيرة قد عجزت عن تطبيب ومعالجة مرضاها في ظل تخلي الاحتلال عن مسئولياته الاخلاقية في تقديم الخدمات الطبية المجانية وسماحه للمستوصفات والعيادات والمستشفيات الخاصة بالمتاجرة بالخدمات الطبية دونما وازع من دين او ضمير انساني او أن يكون هناك نظاماً يلزم اصحاب تلك المستشفيات والعيادات بمعايير النزاهة وتقديم خدمات طبية متميزة وبأسعار معقولة .. وهناك أيضاً أسر أخرى قد أجبرت – نظراً لظروفها المعيشية الصعبة – إلى دفع أبنائها إلى سوق العمل وهم لا يزالون أطفالاً ولم يكملوا حتى المرحلة الابتدائية !!!!. وبالطبع كل ذلك نتيجة لسياسة محكمة التخطيط والتنفيذ انتهجها المحتل بهدف إفقار الجنوبيين وإذلالهم عملاً بالمثل الشعبي ( جوع كلبك يتبعك ) .. فقد شرع ومنذ اجتياحه الجنوب عسكرياً وبسطه على كامل التراب الجنوبي بالقوة ، على تسريح مئات الآلاف من المدنيين والعسكريين من وظائفهم وقطع مرتباتهم وكافة مستحقاتهم ، وكذلك خصخصة مؤسسات الدولة الانتاجية الناجحة وتسريح موظفيها ايضاً ، وعمل على تضييق الخناق عليهم حتى في القطاع الخاص للمشاريع الصغيرة اما المشاريع الاستثمارية الكبيرة فلم يسمح اصلاً لأي تاجر جنوبي في اقامة اي مشاريع وإعطاء ذلك الحق للتجار الشماليين فقط ، ولا يفوتنا ان نذكر بان المحتل عمل جاهداً وما يزال على تدمير البنية التحتية الموجودة – لاسيما في عدن – وعدم تطويرها وكذلك اقلاق السكينة وإحداث المشاكل والانفلات الامني وما الى ذلك لهدف معلوم لكل الجنوبيين وهو القضاء على الحركة التجارية والنشاط الاستثماري ليساهم في زيادة الفقر والمعاناة والبطالة ... وأخيرا توج كل ذلك بسياسة الجرع التي تستهدف بالمقام الاول الجنوبيين الذين لا يملكون عقاراً ولا استثمارات ولا يحزنون ، ويتحمل ايضاً جزء من المسئولية في ذلك الى جانب المحتل الاشتراكي البغيض الذي حكم الجنوب ردحاً من الزمن ولم يسمح للمواطن بممارسة التجارة والأعمال الحرة وقام بتأميم الممتلكات الخاصة ، وفي الاخير ادخلهم مأزق الوحدة – الذي لم يستطع الجنوبيون الفكاك منه حتى اللحظة – مع شعب يملك اكثر مما تملكه دولة الجنوب حينها ... !!!. وهذه السياسة بالطبع لم تنته وما يزال المحتل يريد افقار الجنوبيين اعتقاداً منه ان ذلك سينجح في إلهاء الجنوبيين وشغلهم عن الثورة بالبحث والجري وراء لقمة العيش ، ولم يدرك بأن ذلك سيزيد الجنوبيين اصراراً على مواصلة مشواره النضالي حتى يتحقق له هدف الاستقلال الذي من اجله ضحى بقوافل من الشهداء ...!!. ولا انسى هنا ما يعانيه ابناء الضالع في هذا الجانب ، فبعد ان عمل المحتل على دعم ورعاية البلاطجة وخلق المشاكل والفوضى بهدف القضاء على سوقي الجمروك والحديقة وقد نجح بالفعل في ذلك ، اليوم هو يريد تحويل سوق سناح الذي يشتغل فيه معظم شباب قرى ومناطق الضالع العاطلين عن العمل الى قعطبة الشمالية لقطع ارزاق الجنوبيين المستفيدين من سوق سناح ، وذلك بافتعال المشاكل ودعم العصابات والبلاطجة والقصف العشوائي الذي يقوم به المحتل في هذه الايام بين الفينة والأخرى وكذلك اقتحام المدرعات للسوق وترويع الآمنين ... فحسبنا الله ونعم الوكيل ...!!. عدن اف ام