'أبناء البلاد' من يسمع صرختهم؟يصعب على المشاهد العادي خلال هذه الأيام 'المجيدة ' والجميع منهمك في 'تبجيل وتعظيم ' مآثر وعظمة السينما الهندية 'وفوائدها ' المتعددة على المواطن المغربي تحديد جنسية و'هوية ' الجهاز الإعلامي الذي يتابعه فكل القنوات الوطنية منشغلة والأعمال جارية على قدم وساق لنقل صورة حضارية ومشعة عن عشق المغاربة للسينما ومدى تعلقهم وانبهارهم بالهند وعبقرية نجومه ،طبعا لا مكان لعرض صور الماسي التي تعم العالم العربي فالفرحة كبيرة ولا يجب الالتفات إلى 'صغائر الأمور ' كي لا تنغص علينا كل هذه الاحتفالية والبهجة 'نسبة للقب مدينة مراكش التي يقام المهرجان 'الحدث' على أرضها حفل الافتتاح الذي وصف بالضخم والأسطوري (لم أر ما يدل على ذلك) عرض مباشرة وخصصت برامج وساعات بث طويلة للحديث عن ' مزاياه وحسناته' حتى نشرات الأخبار الرئيسية ربطت اتصالات مباشرة واستضافت نقادا وممثلين، وشخصيا كان همي الرئيسي منصبا على رصد حضور الفنانين المغاربة ومدى 'الحظوة' التي قوبلوا بها كيف لا و'المساكين' لا يكفون عن الشكوى كل سنة وأضحى سلاح التهديد بالانسحاب غير ذا جدوى وقلت في نفسي ربما نجحوا في ابتكار أساليب جديدة للضغط والاحتجاج طالما أنهم 'الحلقة الأضعف' دوما ولا سبيل لمقارنتهم 'بنجوم الصف الأول في العالم' (تثير هذه الجملة اشمئزازي الدائم ،لا علاقة لذلك بعقدة النجومية أبدا) هذا حسب المنظمين والصحفيين وليس رأيي الشخصي ،وإذا 'تحسنت أحوال' الفنانين هذه المرة آو هكذا اعتقدنا في انتظار أن تطفو على السطح 'شكاوى جديدة' فان الأمور لم تجر بما تشتهي سفن الإعلاميين المغاربة والعرب في الندوات الصحفية وكان العدوى انتقلت إليهم وقدر مهرجان مراكش السينمائي أن يخلق 'ضحايا' في كل موسم والغريب وجود حالة 'اعتداء جسدي' على احد الصحفيين أثناء الحديث إلى النجم الهندي 'اميتاب باتشان' (ملهم الملايين من العشاق المغاربة) وتلته سلسلة استثناءات مدوية على حساب الصحافة الغربية والفرنسية منها على وجه الخصوص ،شخصيا اتالم حينما أشاهد 'تكريس' هذه 'الغربة' عن المحيط العربي بعيدا عن 'غزل' يسرا ونور الشريف بالمهرجان وبحفاوة الشعب المغربي ،حقيقة هذه نقط لا اختلاف ولا جدال حولها ولكن هذه 'السطوة' الفرنسية مثلا على صعيد الإعلام والفنانين تفتح الباب على مصراعيه للكثير من التأويلات ،أين نحن من محيطنا العربي؟ وأين اللغة العربية من قاموس هذا المهرجان ؟ ما المتوقع إذن من شباب اليوم وهم غارقون حتى العظم في مناقشة هموم ومشاكل لا تمت بصلة بمجتمعنا وهويتنا وما كل هذا 'الانغماس المفرط ' وهذا 'الولاء الأعمى' لثقافات أجنبية على حساب الوطنية؟ صحيح المهرجان يهدف إلى الدخول ضمن خانة المهرجانات الكبرى في العالم والإمكانيات المتاحة أمامه تتحدث عن نفسها وهذا قطعا شيء يبعث على الارتياح والتفاؤل لان الفن مرآة الشعوب ويعكس مدى تطورها ومستوى الرقي الذي بلغته، ولكن لا ينبغي السماح بتجاوز 'خطوط' رفيعة تمس جوهر المجتمع المغربي وبنيته الأساسية، والسؤال المطروح أين الأفلام العربية الأخرى من المهرجان على سبيل المثال 'هلا لوين' للمخرجة الموهوبة اللبنانية نادين لبكي الذي أتحف الجميع بمهرجان 'كان' العالمي وذات الوصف ينطبق على الفيلم المصري 'بعد الموقعة ' للمبدع يسري نصر الله الذي يطرح تفاصيل 'موقعة الجمل ' الشهيرة أيام الثورة المصرية المجيدة ،وبما أن العروض تشمل أماكن عديدة في مدينة مراكش فسيكون ذلك مناسبة للشباب المغربي قصد الإطلاع على تجارب عربية يمكن وصفها بالمميزة، وذات اللوم يمكن إلقاؤه على التلفزيون المغربي الغارق في هذا 'المستنقع' حتى أخمص قدميه ودوره يقتصر على التطبيل و التزمير لا أكثر ولا اقل، ما يعيدنا إلى طرح تساؤلات أخرى اشد إيلاما عن التغييب المستفز للكثير من القضايا المهمة على خريطته البرامجية 'العشوائية ' مقابل إرضاء جهات معينة، وبالتالي ما هي المعايير المتبعة في اختيار المهم والاهم لدى القائمين عليه ؟ وكل عام و'التلفزيون المغربي الهندي' بألف خير.. (موتوا بغيطكم أيها العرب) .. 'أبناء البلاد' من يسمع صرختهم؟: مع كل مؤاخذتي 'المتعددة' على أبناء جلدتي الامازيغ الذين لا زلت مصرا على تأكيد مدى 'اعتزازي وفخري' بالانتماء إليهم (رغم أنهم يصرون على 'تجاهل ' هذه ' الحقيقة') وبالرغم من 'سخطي' على غرار الكثيرين على واقع القناة الامازيغية التي من المفترض أنها لسان حالهم وصوتهم الصادح بمعاناتهم وكذا بأفراحهم وهي المؤتمنة والوصية على إبراز عراقة تراثهم، إلا أنها وبعد مرور كل هذه السنوات تصر على تذكيرنا بالاسطوانة المشروخة ذاتها ويبقى مبرر السيولة المخصصة والنقص الحاد في الإمكانيات وكذا الاشتغال على إستراتيجية طويلة المدى أعذارا آكل الدهر عليها وشرب ولم تعد تلقى أدنى صدى لها المتتبع العادي وبحكم قربي الشديد من سكان القرى والبوادي (تعتبر اللهجات المنبثقة عن اللغة الامازيغية وسيلتهم الوحيدة للتخاطب) فإنني لمست شغفهم اللامتناهي وفرحتهم الكبرى بخبر إطلاق القناة آنذاك مما مكنهم من إيجاد 'موطئ قدم ' (أو هكذا كانوا يظنون) لهم وسط هذا الكم الهائل من المحطات التي تعبر كل واحدة عن هويتها الخاصة، ومن النقط الملفتة للانتباه والتي تهم بالأساس مناطق 'جهة سوس' (جنوب المملكة) حيث يتقن اغلب هؤلاء الحديث بلهجة 'تشلحيت' مما يصعب من مأمورية استيعابهم للكثير من البرامج وحتى الأعمال الفنية التي تتم ترجمتها إلى اللغة الامازيغية وبالأخص لدى كبار السن ممن فاتهم قطار تعلم 'الامازيغية'، وكي لا أجافي الصواب فإنني ولأسباب متعددة لا يكفي المجال لسردها والإفاضة في شرحها وتفسيرها لم أبال بالمرة بجديد المحطة ونشاطاتها بعد سلسلة ' الصدامات المتتالية ' التي تعرضت لها جراء الضعف بل والتخلف الكبير الذي بدت وتبدو عليه البرامج والتغطيات الإخبارية للقناة وهنا تجدر الإشارة إلى نقطة رئيسية ينبغي التطرق إليها من باب الإنصاف تهم 'الإقصاء المتعمد ' لأغلب صحافيي القناة عن الأنشطة المهمة والبعثات البارزة من لدن القائمين على ' الشركة الوطنية للإذاعة والتلفزيون' وهذا سؤال يطرح و بحدة في الأوساط الصحفية التابعة للقناة وبدوري أضم صوتي إليهم وأتساءل 'إلى متى هذا 'التمييز ' طالما أن الدولة هي الوصية على كل هذه المنابر الإعلامية التي يجب أن تعامل بالمثل؟ ثم الم يتم الاعتراف باللغة الامازيغية رسميا ضمن مقتضيات الدستور فلماذا هذا 'الحنين' إلى العودة 'للماضي الأسود'؟، حقا هي تبقى تساؤلات تدعو للاستغراب ونحن نتباهى بمصطلحات التغيير والإصلاح ،وفي ذات السياق أثارتني حلقة من برنامج يسمى 'أبناء البلاد ' (تاروا ن تمازريت بالامازيغية) وتناولت موضوع ما يعرف 'بالملك الغابوي' من خلال حالة إحدى القرى النائية ومعاناة سكانها مع هذا 'الشبح' الذي يهدد مستقبل وجودهم بالأساس بحيث ولحدود كتابة هذه الأسطر يجهل هؤلاء حدود قريتهم النهائية والمضحك المبكي في البرنامج هم بالدرجة الأولى لحظة استقاء أراء السكان حيث تم اعتماد مسالة التنويع بين الأفراد فظهر الشباب الواعي متحدثا بأسلوب متحضر ينم عن مستويات تعليمية محترمة (رغم وجود بعض التصنع الذي يفقد تلك المسالة المهمة للغاية حساسيتها) بينما جاءت الكلمات المؤثرة والبعيدة عن التكلف واختيار المفردات بعناية على لسان من يمثلون جيل الشيوخ والكهولة ممن أنهكتهم الصراعات والماسي وحملت بعض الشهادات كلمات قاسية لم نتعود البتة سماعها في منابرنا الإعلامية كأحدهم الذي تحدى الجميع واصفا الوضع بأنه مسالة حياة أو موت ،كما طالب أخر بترحيلهم إلى الصومال إذا كان ذلك سيتحول إلى مصدر راحة للدولة ،حقا إذا حاولت تلك القناة مراجعة أوراقها وبالتالي الالتفات قليلا إلى معاناة هذه النوعية من سكان القرى والد واشر المغلوب على أمرهم وهم بالأساس الفئة المفترض العناية بها ولفت الانتباه إلى واقعها فالأكيد أنها ستنال تأشيرة الدخول إلى قلوب هؤلاء البسطاء الذين يخاطبون 'الكاميرا' بعفوية وتلقائية قل نظيرها ولا هم لهم سوى إيصال صوتهم إلى من يهمهم الأمر.. فعلا العودة إلى الأصل .. اصل يا آهل 'الامازيغية' .. نجوم الإعلام في خطر كثر القيل والقال حول استقطاب المحطات الفضائية العربية لنجوم الفن لاستغلال نجاحهم وشهرتهم الواسعة في كسب ود المشاهدين من خلال تقديم هؤلاء لبرامج المسابقات المختلفة وتركز الاهتمام بداية في برامج اكتشاف المواهب الفنية بعد انضمام ثلة من المطربين للجان التحكيم وأسهبوا في خوض غمار صراعات ونقاشات ضارية حول أسباب إقصاء ذلك الاسم آو ترشيح ذاك 'لاعتلاء منصة التتويج'، غير آن المتتبع للمعطيات الجديدة التي طفت على السطح مؤخرا وحملت معها ' بشائر ' سارة لأصحاب الفضائيات والمتمثلة في 'الهجرة شبه الجماعية ' لنجوم الدراما المصرية على وجه الخصوص وبالتالي الانضمام إلى 'ركب الإعلاميين الجدد ' فعلى سبيل المثال جاء خبر إطلاق فضائية آم بي سي مصر ومعه 'اقتحام ' الفنان هاني رمزي و الفنانة هالة صدقي للمجال ببرنامجين جديدين على خريطة القناة الوليدة ،وفي ذات السياق بات من المؤكد تقديم الفنان الكوميدي محمد هنيدي لبرنامج جديد على قناة روتانا ويحمل اسم 'لحظة شك ' وهو النسخة العربية من برنامج الألعاب العالمي 'تروست ' ،كما سارت الفنانة سمية الخشاب على نفس الطريق مع اختلاف بسيط أنها اختارت عالم الموضة كي يشكل انطلاقتها الجديدة في برنامج يحمل ذات الاسم ويستهدف بالأساس الزي الخليجي رغم انه سيعرض في قناة القاهرة والناس ،كثيرون ربطوا بين كل هذه الأخبار وبين الركود التي تعيشه السينما المصرية مما حذا بهؤلاء ' للهرولة ' نحو مجال آخر أرحب كيف لا والعروض المقدمة لهم توصف بالخيالية ،غير أن المحير في خضم كل هذا ما مصير الآلاف من الشباب الحالمين بدخول مجال الإعلام ؟ومتى سيتوقف كل هذا 'المد' الجارف؟ على العموم لم يتبقى أمام وزارات التعليم سوى تغيير اسم المعاهد والجامعات المختصة بالإعلام إلى التمثيل والغناء باعتبارهما 'الرافدين ' الأساسين للإعلاميين المميزين.. ' كاتب من المغرب [email protected]