الحمد لله، له أسلمت، وبه آمنت، وعليه توكلت، والصلاة والسلام على سيدنا محمد، صلى الله عليه وسلم، وعلى آله وأصحابه أجمعين وبعد،، أخرج الإمام مسلم في صحيحه عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، رضي الله عنه أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ: «أَتَدْرُونَ مَا الْغِيبَةُ؟» قَالُوا: اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَعْلَمُ، قَالَ: «ذِكْرُكَ أَخَاكَ بِمَا يَكْرَهُ» قِيلَ: أَفَرَأَيْتَ إِنْ كَانَ فِي أَخِي مَا أَقُولُ؟ قَالَ: «إِنْ كَانَ فِيهِ مَا تَقُولُ، فَقَدْ اغْتَبْتَهُ، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ فِيهِ، فَقَدْ بَهَتَّهُ»، (أخرجه مسلم). هذا الحديث حديث صحيح أخرجه الإمام مسلم في صحيحه في كتاب البر والصلة والآداب، باب تحريم الغيبة. من المعلوم أن ديننا الإسلامي الحنيف يحثُّ على مكارم الأخلاق، ويعمل جاهداً على تكوين مجتمع إسلامي سليم متحابب متعاضد، يكون بعيداً عن الأحقاد والضعائن، فالمسلم أخو المسلم، لا يظلمه ولا يُسْلِمه ولا يَخْذُلُه، كل المسلم على المسلم حرام، ماله وعرضه ودمه، والمسلمون والحمد لله، ربهم واحد، ورسولهم، صلى الله عليه وسلم، واحد، وكتابهم واحد، وقبلتهم واحدة، فلماذا لا يكونون على قلب رجل واحد، يحب كلٌ منهم الخير للآخر. إن رسولنا، صلى الله عليه وسلم، لم يترك طريقاً من طُرُق الخير إلا دَلَّّ أمته عليه، ولم يترك سبيلاً من سُبل الشرّ إلا وحَذَّر أمته منه، فجزاه الله عن الإسلام والمسلمين خير الجزاء، وفي هذا الحديث النبوي الشريف يلفت الرسول الكريم، صلى الله عليه وسلم، أنظار المسلمين إلى أمر عظيم وخِصْلَةٍ ذميمة، طالما غَفُلَ كثيرٌ من الناس عنها ولم يفطنوا لها، حيث انتشرت في المجتمع، فَتَسَبَّبَت في نشر الأحقاد والضعائن بين المسلمين، وقطعِ الصلات والأرحام فيما بينهم، إنها الغيبة. الغيبة: لقد جاء في الحديث السابق تعريفها: ذكرك أخاك بما يكره، والبهتان: الكذب، سُمِّىَ به لأنه يبهت صاحبه أي يحيره، وفي الصحاح يقال بهته: إذا قال عليه ما لم يفعله. ... المزيد