يحي بامحفوظ في مقال سابق أسميته "مصير شعب الجنوب غير متاحا لعبثكم" ونشر في منتصف مايو الماضي كنت قد وعدت في ختامه إني سوف أعود لأطرق ذات الباب ولكن لم يتسنى لي ذلك و بالأحرى فضلت التريث لأرقب تبعات ما تناولته في ذلك المقال , والذي قلت في مقدمته " كثّفت الأصوات النشاز هذه الأيام من تحركاتها في الخارج تحت ذريعة ما يسمى بالحوار الوطني لعلها تدرك ما تبقى من فتات وليمة المبادرة الخليجية على حساب شعب الجنوب الأصيل والذي خرج عن بكرة أبيه منتفضاً رافضاً للمشاريع التي تنتقص من كرامته, وللأسف إن من يقومون بهذا العمل وارتضوا لأنفسهم أن يكونوا مطيّة بيد من لا يرجَوَن الخير لنا, هم من بني جلدتنا." واختتمته مناشداً إياهم بالقول "لذا نناشدكم بحق الدماء التي تُراق على جنبات وطنكم أن تعودوا إلى رشدكم , فشعب الجنوب حزم أمره واختط طريقه ولن تستطيعوا تحريك عشرة أفراد في قرية جنوبية نائية تؤيد مشروعكم, نأمل في عودتكم العاجلة إلى صفوف شعبكم خيرا الذي بالتأكيد سيغفر لكم زلتكم هذه , وسيخرج مصفقاً لكم حاملا صوركم والتي اختفت لاحقاً بعد أن حملها في بدايات الهبة الشعبية نأمل أن تفعلوها قبل فوات الأوان وتعودوا إلى صفوف شعبكم بل في مقدمته ،فليس عيبا أن يخطئ المرء ولكن العيب أن يستمر في ذات الخطأ ". إن ما يعتمل اليوم جد خطير.. واطلاع العامة على الفخاخ القاتلة لقضيتهم ليس مجرد حقٍ لهم .. بل واجب يمليه علينا الضمير والانتماء الوطني, وما سوف نتطرق إليه ليس من باب المزايدات.. أو التشكيك, ولكنه تفنيد للأهداف الخفية وتفكيك ما بين سطور ما سمي "ميثاق الشرف الوطني" وسوف نقسمه على جزأين في الجزء الأول سوف نطرح مجرد تساؤلات استنبطت مما رافق التحضير لهذا العمل ومستسقاة من ألسنة العامة وهي نذر يسير مما يطرح أما الجزء الثاني سوف نخصصه لتفنيد فقرات ما سمي "ميثاق الشرف الوطني", وعلى بركة الله نبدأ: * جلنا يعرف عن تنقلات محمد علي احمد بسيارة مدرعة واعتقد ان السؤال يفرض نفسه هنا عن كيفية حصوله على سيارة مدرعة, وممن حصل على التصاريح التي سمحت له بالمرور بمدرعته تلك عبر كل النقاط الممتدة من عدن إلى المكلا ؟ أو انه نقلها عبر طائرة خاصة أسوة بالمخلوع صالح !. * قال محمد عي احمد "الكل من قيادات الحراك ذهبوا إلى إيران وكانت شروطها هي إرسال طلاب لغسل أدمغتهم وفتح المجال لنشر عقيدتهم في الجنوب مقابل الدعم لكن المجانين قبلوا". محمد علي احمد يدعي انه احد قيادات الحراك وهذا يعني انه ذهب إلى إيران ولأنه عاقل رفض الشروط الإيرانية و- قبل بغيرها - بينما قبل المجانين الشروط الإيرانية حد وصفه !. * اعتاد محمد علي احمد في كل لقاءاته ومنذ ان عاد على شن هجوماً حاداً على السيد الرئيس علي سالم البيض إلا ان الأخير ترفع عن الهبوط إلى مستوى لا يليق به فظهر اكبر وأسمى من بن علي وهرطقته ولأني لا أميل إلى التمجيد للفرد اكتفي بذلك وأُعرّج على خلفية تلك الهجمات التي اعتقد إنها محاولة بائسة لجر الجنوب إلى ما قبل مؤتمر التصالح والتسامح الجنوبي الذي لم يرق لأعداء الجنوب. * أكد محمد علي أحمد, أن "إيران تنفذ مخططا مع إسرائيل حيث تسيطر إسرائيل على الشرق الأوسط في مقابل أن تسيطر إيران على المحيط العربي تحت إشراف أميركي, كما تسعى لجعل اليمن حديقة خلفية لنشر خرابها وسيكون الصراع المقبل على أرض الجنوب لكننا لن نسمح بحدوث ذلك" حسب ما أوردته صحيفة "السياسة الكويتية" على لسانه. هنا لا تعليق لدينا على ذلك ونترك الأمر للقارئ الكريم لان أي تفنيد لذلك يعني مجاراة محمد علي احمد في الاستخفاف بعقول أبناء الجنوب وإظهارهم بمظهر الأغبياء الذين لا يفقهون شيئا. * نفى محمد على احمد تلقي ما سماه المؤتمر الوطني لشعب الجنوب أي دعم داخلي أو خارجي. اعتقد ان بن علي أراد القول ان كل النفقات التي رافقت تحركاته منذ عودته نزلت عليه من السماء, ومن تلك الأموال استأجر حراسة المؤتمر من السلطة, بما فيها مدرعته وان الصريمة لم يقدم شيء ولو نظير منصب ما أسموه "رئاسة هيئة المجلس الوطني لشعب الجنوب". ! * حسب صحيفة " السياسة " الكويتية فقد اعتبر القيادي في "الحراك" في ختام أعمال "المؤتمر الوطني لشعب الجنوب" أن إعطاء الجنوب 50 في المائة في الحوار الوطني هو اعتراف بوجود دولتين هما الجنوب والشمال وهو ما يسمح بدخول الحوار الوطني من قبل الجنوبيين". وهنا نتساءل هل يدرك محمد علي احمد ان النسبة الجنوبية سوف يكون ضمن قوامها دعاة الحفاظ على الوحدة اليمنية مما يعني ضياع القضية ؟ ! أما عن اعتباره لذلك اعتراف بوجود دولتين نقول له, ألا يعني قبولكم بالدخول في ما يسمى بالحوار الوطني "ونشدد على كلمة الوطني" هي اعتراف من قبلكم بواحدية الشمال والجنوب ؟ ! * من المفارقات ان يطالب محمد علي احمد القادة في الخارج ان يكونوا بمستوى شجاعته ويعودوا إلى عدن معربا عن استعداده لحمايتهم . الله اكبر عليك يا بن على, كيف ستحميهم هل ستخصص لهم قوة من القوات الحكومية التي كلفت بحراسة مؤتمركم ؟ * أما عن برقيات التهاني بنجاح المؤتمر فلا تحتاج منا إلى تعليق لأنها السقطة الكبيرة التي كشفت المستور. * أسفر مؤتمر قولد مور عن تشكيل ما سمي "بالمجلس الوطني الجنوبي يضم 116 عضواً جرى انتخابهم من قبل 1500 مندوب، ممثلين لفصائل الحراك الجنوبي والقوى السياسية من جميع المحافظات الجنوبية" حسب التصريحات ولكن يبقى السؤال الأهم, ما هي المرجعية التي تم الاستناد عليها لتمثيل أبناء الجنوب في مؤتمر قولد مور ؟ وما هي الفصائل الحراكية المشاركة ؟ * ان حرية الرأي ومفهوم القبول بالآخر لا مكان لها في القضايا المصيرية, والإصرار عليها يندرج ضمن التلاعب بمصير شعب وخيانة امة بأكملها, أليس كذلك يا بن علي ! وفي ختام هذا الجزء لا نريد ان نسترسل كثيرا لأنه لو تركنا العنان للقلم للتدوين هنا سنحتاج إلى صفحات وصفحات, وبالمحصلة فنحن لا نريد خبير سياسي ليحلل لنا الأمر ، بل نريد عالم نفسٍ ليشرح لنا أسباب التناقضات ويفصلها ! في الوقت الذي كنت اراجع مقالي هذا كشف محمد علي احمد عن وجهه الحقيقي بعد ان اسقط قناعة بيده عندما قال ان احتلال الجنوب انتهى بسقوط صالح جاء ذلك ضمن تصريحاته اليوم على شاشة قناة العربية وسف نتطرق الى ذلك في بعد ان تجذرت قضية الجنوب وبشكل جلي في ذهن ووجدان كل جنوبي حر, وبعد ان أوشك العد التنازلي لرحيل المحتل على الانتهاء, ظهر من يحاول باستماته على حمله على الخضوع بحبكات تنتقص من أهدافه وآماله من خلال تقديم أطروحات منتهية الصلاحية وإحلال غير منطقي ونيابة عنه في إعادة صياغة مفاهيم قدم من اجلها هذا الشعب الكثير والكثير. كنا إلى وقت قريب نكن لبعض القيادات المحسوبة على الجنوب الاحترام والتقدير عرفانا بما قدموا خلال الحرب الظالمة على الجنوب العام 94م, ولكن الشكوك عن مدى المصداقية فيما سمعنا من بطولات حينها أخذت في التسلل وسيطرت على تفكيرنا بعد ان تمادوا في صلفهم بتقديم مشاريع رام أصحابها القفز على شعب بأكمله، ترفع من نسبة الشعور لدى هذا الشعب بان هناك صفقات تتم لوأد ثورته و ضياع هويته، وان هناك كيانات أُنشأت لهذا الغرض, تكفلت بالتصرف في مصيره نيابة عنه وتمثيله، رغماً عنه. ان محاولات التلاعب بمصير شعب بأكمله والتسبب له في الأذى والإمعان في إلحاق الضرر به لن تجدي نفعا مع شعب برع في اكتشاف وفرز الغث من السمين كبراعته في اكتشاف سبل ودروب استعادة أرضه مما يدل على مدى عراقة هذا الشعب, لذا نراه يتوقع الأسوأ, ويأمل في الأفضل, بعد ان وصل إلى نقطة اللا عودة, وعليه فان محاولة الاستخفاف بعقولنا من خلا ل ما سمي ب "ميثاق الشرف" والذي اعد بمهارة فائقة جعلت من محاولة تفكيكه مهمة صعبة جدا, خاصة وانه تم إسقاط عدد من الكلمات عليه, كشفت في دلالاتها ومعانيها عن مدى خبث وسوء نية معديه, في محاولة لتجريعه هذا الشعب بعد ان تم كساؤه بطبقة من الزبدة سرعان ما ساحت وكشفت عن محتواه الحقيقي, على أي حال وكما وعدنا في الجزء الأول سو ف نورد هنا بعض مما جعلني ارتاب في ما سمي ب "ميثاق الشرف" واترك أمر ما ذهبت اليه للقارئ الكريم. - في مقدمته أشار إلى هدفه معتبرا "الاتفاق على تثبيت المسائل الوطنية الكبرى التي تعد ثوابت وطنية تخص كل أبناء شعب الجنوب بأجياله المتعاقبة , وتحظى باتفاقهم جميعا عليها يتوقف عليها وجودهم," * نظرا لعدم إجماع شعب الجنوب عليه فانه اسقط تماما وأصبح في حكم المعدوم, وبالمقارنة مع بنوده وما حوته نجد انه اغفل دين الدولة ومصدر التشريع, خاصة وانه أعطى التزاما بمواثيق وقرارات الشرعية الدولية, مؤكدا على ان تفي بالتزاماتها الإقليمية والقومية والدولية, قد يقول البعض ان ذلك سوف يتم تضمينه الدستور, فنقول لا خلاف على ذلك ولكن ما الضير في الإشارة إليه هنا طالما وانه أشار إلى التزامه بالمواثيق الدولية.؟! - ورد تحت مسمى "قيم ومبادئ العمل النضالي والسياسي" عدد من البنود, و نتناول هنا ما فهمناه منها, ففي البند الثالث ورد "إن وحدة 22مايو 1990 مع الطرف الشمالي ( الجمهورية العربية اليمنية) لم يعد لها وجود , فقد ألغتها جريمة الحرب التي أعلنها ذلك الطرف على الجنوب في27 ابريل 1994 من ميدان السبعين بصنعاء , وأبطل بها اتفاق تلك الوحدة , ومشروع الشراكة بين الدولتين." * من هذا البند نستخلص التالي: أولا: انه أعطى توصيف للوحدة بأنها وحدة 22مايو 1990 مما يعني ان هناك وحدة اخرى قد تأتي!, لأننا لا نعرف عن وحدة سبقتها. ثانيا: اعتبر ان وحدة 22مايو 1990 "لم يعد لها وجود , فقد ألغتها جريمة الحرب التي أعلنها ذلك الطرف على الجنوب في27 ابريل 1994" وبناء على ذلك نأمل في إيضاح ماهية الوضع الحالي للجنوب خاصة بعد تصريحات مهندسيه عبر الفضائيات التي تقر بان احتلال الجنوب سقط بسقوط المخلوع صالح. ثالثا: نتساءل هنا عن عدم تضمين تلك الفقرة ولو بالإشارة إلى بيان فك الارتباط في 21مايو من العام 1994 م. - أما البند السادس فقد أشار نصا إلى "التمسك بالأسلوب السلمي في النضال من أجل الحرية وتقرير المصير واستعادة الدولة الجنوبية المستقلة." * قد لا نختلف على النضال السلمي كأسلوب حضاري وراقي وهو ما درج عليه الحراك الجنوبي حتى يومنا هذا, ولكن ماذا لو ازداد البطش والتنكيل و لم ينجح النضال السلمي, ألا يحق لشعب الجنوب البحث عن بدائل مشروعة كفلتها المواثيق الدولية للشعوب الواقعة تحت الاستعمار. - في البند السابع ورد "إن التسامح والتصالح قيمة إنسانية وأخلاقية ووطنية رفيعة للغاية, ويتوجب تجسيد التسامح والتصالح والتضامن الجنوبي سلوكاً وممارسة وثقافة بين أبناء شعب الجنوب بمختلف شرائحهم الاجتماعية والسياسية." * طبعا وبكل تأكيد نجمع على ذلك ونصر على التمسك به وقد جسده الحراك الجنوبي مسلكا, ولكن ألا يفترض بمن اعدوا واشرفوا على الميثاق ذاته, التمسك بذالك البند وتجسيده والابتعاد عن مهاجمة الحراك وقادته والكف عن محاولة ازدراءه وتشويهه ونعته بالبلطجة او التحريض على قمعه عبر الفضائيات. - مما ورد في البند العاشر الإقرار ببناء "دولة تلتزم بالديمقراطية والتعددية السياسية والتداول السلمي للسلطة, وحرية التفكير والمعتقد والرأي والرأي الآخر؛ " * هنا نقول خذونا على قد عقولنا وبينوا لنا ماذا تعني الجملة التالية "حرية التفكير والمعتقد والرأي والرأي الآخر" والواردة كما اشرنا ضمن هذا البند, فالمسألة غاية في الخطورة يا سادة, تحديدا عندما تصل إلى حرية المعتقد, لا نزيد ولكن ننتظر تفسير اصحابه. - في البند الحادي عشر جرى التأكيد على "الإقرار بتكوين وإدارة الدولة الجنوبية المستقلة تحت إشراف الأممالمتحدة والجامعة العربية ومجلس تعاون دول الخليج العربي من خلال مرحلة انتقالية مدتها سنتان، " * كنت أتمنى ان يكون الميثاق اكثر شفافية وعدم تواري اصحابه خلف عبارات جرى التلاعب بها عن قصد وبهدف استغفال شعب الجنوب , فإذا كانت الفيدرالية قناعتكم, ولا اعتقد ان هناك من يخجل من الإفصاح عن قناعاته إلا إذا كان "وراء الأكمة ما ورائها" لذا أخفيتموها تحت هذا البند ولم تعلنوها صراحة, واجزم هنا انكم على يقين ان شعب الجنوب يرفضها جملة وتفصيلا لذا حاولتم استغفاله بمواراة معالمها. ان ما تقدم طرحه خرج كزفرة مصدوم، لا نريد منها الاستيعاب والإسهاب، وإنما لفت الانتباه إلى أطروحات تتبنى التحايل على الثورة الجنوبية، وبالتالي أرى ان من يتبنى مشاريع كهذه, لا يستطيع تبني طرحا يعكس ما تصدح به الحناجر التي عجت بها الساحات على طول وعرض الجنوب, وانطلقنا في تفنيد ذلك من طريقة تفكيرهم الغارقة في تقليديتها وبؤسها المعرفي وفقر خيالها وضعف تصوراتها.