العدو الصهيوني يواصل خروقاته لإتفاق غزة: استمرار الحصار ومنع إدخال الوقود والمستلزمات الطبية    عدن.. هيئة النقل البري تغيّر مسار رحلات باصات النقل الجماعي    الدوري الاسباني: برشلونة يعود من ملعب سلتا فيغو بانتصار كبير ويقلص الفارق مع ريال مدريد    الدوري الايطالي: الانتر يضرب لاتسيو في ميلانو ويتصدر الترتيب برفقة روما    الشيخ علي محسن عاصم ل "26 سبتمبر": لن نفرط في دماء الشهداء وسنلاحق المجرمين    انها ليست قيادة سرية شابة وانما "حزب الله" جديد    فوز (ممداني) صفعة ل(ترامب) ول(الكيان الصهيوني)    تضحياتٌ الشهداء أثمرت عزًّا ونصرًا    الأستاذ علي الكردي رئيس منتدى عدن ل"26سبتمبر": نطالب فخامة الرئيس بإنصاف المظلومين    مرض الفشل الكلوي (27)    فتح منفذ حرض .. قرار إنساني لا يحتمل التأجيل    الأمين العام لجمعية الهلال الأحمر اليمني ل 26 سبتمبر : الأزمة الإنسانية في اليمن تتطلب تدخلات عاجلة وفاعلة    ثقافة الاستعلاء .. مهوى السقوط..!!    تيجان المجد    الشهادة .. بين التقديس الإنساني والمفهوم القرآني    الزعوري: العلاقات اليمنية السعودية تتجاوز حدود الجغرافيا والدين واللغة لتصل إلى درجة النسيج الاجتماعي الواحد    الدولة المخطوفة: 17 يومًا من الغياب القسري لعارف قطران ونجله وصمتي الحاضر ينتظر رشدهم    سقوط ريال مدريد امام فاليكانو في الليغا    الأهلي يتوج بلقب بطل كأس السوبر المصري على حساب الزمالك    نجاة برلماني من محاولة اغتيال في تعز    الرئيس الزُبيدي يُعزي قائد العمليات المشتركة الإماراتي بوفاة والدته    قراءة تحليلية لنص "مفارقات" ل"أحمد سيف حاشد"    مانشستر سيتي يسحق ليفربول بثلاثية نظيفة في قمة الدوري الإنجليزي    محافظ العاصمة عدن يكرم الشاعرة والفنانة التشكيلية نادية المفلحي    الأرصاد يحذر من احتمالية تشكل الصقيع على المرتفعات.. ودرجات الحرارة الصغرى تنخفض إلى الصفر المئوي    وزير الصحة: نعمل على تحديث أدوات الوزارة المالية والإدارية ورفع كفاءة الإنفاق    في بطولة البرنامج السعودي : طائرة الاتفاق بالحوطة تتغلب على البرق بتريم في تصفيات حضرموت الوادي والصحراء    جناح سقطرى.. لؤلؤة التراث تتألق في سماء مهرجان الشيخ زايد بأبوظبي    تدشين قسم الأرشيف الإلكتروني بمصلحة الأحوال المدنية بعدن في نقلة نوعية نحو التحول الرقمي    شبوة تحتضن إجتماعات الاتحاد اليمني العام للكرة الطائرة لأول مرة    صنعاء.. البنك المركزي يوجّه بإعادة التعامل مع منشأة صرافة    رئيس بنك نيويورك "يحذر": تفاقم فقر الأمريكيين قد يقود البلاد إلى ركود اقتصادي    وزير الصناعة يشيد بجهود صندوق تنمية المهارات في مجال بناء القدرات وتنمية الموارد البشرية    اليمن تشارك في اجتماع الجمعية العمومية الرابع عشر للاتحاد الرياضي للتضامن الإسلامي بالرياض 2025م.    الكثيري يؤكد دعم المجلس الانتقالي لمنتدى الطالب المهري بحضرموت    بن ماضي يكرر جريمة الأشطل بهدم الجسر الصيني أول جسور حضرموت (صور)    رئيس الحكومة يشكو محافظ المهرة لمجلس القيادة.. تجاوزات جمركية تهدد وحدة النظام المالي للدولة "وثيقة"    خفر السواحل تعلن ضبط سفينتين قادمتين من جيبوتي وتصادر معدات اتصالات حديثه    ارتفاع أسعار المستهلكين في الصين يخالف التوقعات في أكتوبر    علموا أولادكم أن مصر لم تكن يوم ارض عابرة، بل كانت ساحة يمر منها تاريخ الوحي.    كم خطوة تحتاج يوميا لتؤخر شيخوخة دماغك؟    محافظ المهرة.. تمرد وفساد يهددان جدية الحكومة ويستوجب الإقالة والمحاسبة    هل أنت إخواني؟.. اختبر نفسك    سرقة أكثر من 25 مليون دولار من صندوق الترويج السياحي منذ 2017    عين الوطن الساهرة (1)    أوقفوا الاستنزاف للمال العام على حساب شعب يجوع    أبناء الحجرية في عدن.. إحسان الجنوب الذي قوبل بالغدر والنكران    جرحى عسكريون ينصبون خيمة اعتصام في مأرب    قراءة تحليلية لنص "رجل يقبل حبيبته" ل"أحمد سيف حاشد"    مأرب.. فعالية توعوية بمناسبة الأسبوع العالمي للسلامة الدوائية    في ذكرى رحيل هاشم علي .. من "زهرة الحنُّون" إلى مقام الألفة    مأرب.. تسجيل 61 حالة وفاة وإصابة بمرض الدفتيريا منذ بداية العام    على رأسها الشمندر.. 6 مشروبات لتقوية الدماغ والذاكرة    كما تدين تدان .. في الخير قبل الشر    الزكاة تدشن تحصيل وصرف زكاة الحبوب في جبل المحويت    صحة مأرب تعلن تسجيل 4 وفيات و57 إصابة بمرض الدفتيريا منذ بداية العام الجاري    الشهادة في سبيل الله نجاح وفلاح    "جنوب يتناحر.. بعد أن كان جسداً واحداً"    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



ياعجبي ممن يلتمسون الرحمة من العباد ..
نشر في الجنوب ميديا يوم 08 - 01 - 2013


منقول من بيان صاحب علم الكتاب المهدي المنتظر
الإمام العليم ناصر محمد اليماني
10-10-2007
08:58 am
يا عجبي ممن يلتمسون الرحمة من العباد !!
رضي الله عن المُبايعين لتكون كلمة الله هي العليا في العالمين ..
بسم الله الرحمن الرحيم
قال الله تعالى :
{يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا مَنْ يَرْتَدَّ مِنْكُمْ عَنْ دِينِهِ فَسَوْفَ يَأْتِي اللَّهُ بِقَوْمٍ يُحِبُّهُمْ وَيُحِبُّونَهُ أَذِلَّةٍ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ أَعِزَّةٍ عَلَى الْكَافِرِينَ يُجَاهِدُونَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَلَا يَخَافُونَ لَوْمَةَ لَائِمٍ ذَٰلِكَ فَضْلُ اللَّهِ يُؤْتِيهِ مَنْ يَشَاءُ وَاللَّهُ وَاسِعٌ عَلِيمٌ}
صدق الله العظيم [المائدة:54]
يا معشر الأنصار قلباً وقالباً أولي الألباب الذين يُبايعون مَنْ عنده علم الكتاب، نُجّيتم من العذاب ولكم في نفس الله الحُبّ ولكم منه الثواب، وألبسكم لباس التقوى نور الرضوان فأمدكم بروح منه رضوان نفسه النعيم الأعظم وريحان القلوب، وغفر لكم جميع ذنوبكم، وألقى في قلوب المُسلمين حبّكم لأنّكم أحببتموني فاتّبعتموني فأحبكم وأصلح بالكم فلا تهنوا ولا تحزنوا وأنتم الأعلون إن أصدقتم الله يصدقكم وينفعكم صدقكم يوم لقائه يوم لا ينفع مال ولا بنون إلا من أتى الله بقلب سليم، فلا تُبالغوا في إمامكم فتغالوا فيه بغير الحقّ فتدعونني من دون الله فتظلمون أنفسكم ثم لا أغني عنكم من الله شيئاً، فأتبرأ منكم وأكفر بعبادتكم كما سوف يتبرأ جميع الأنبياء والمُرسلين والمُقربين ممن يُسألون الشفاعة من عذاب الله فلا يتجرؤون أن يُحاجوا الله عنهم يوم القيامة ولا يغنوا عنهم من عذاب الله شيئاً ثم في النّار يُسجرون.
واعلموا بأنّ الله يُجيب دعوة الداعي في الدُنيا والآخرة ولو أن الكافرين دعوا ربّهم لأجابهم ولكنهم يتوسلون إلى الملائكة من خزنة جهنّم لكي يدعون الله بظنّهم أن دعوتهم مُجابة عند ربّهم، ولو أستجاب الملائكةُ لطلب الكافرين فدعوا ربّهم أن يُخفف عنهم يوماً من العذاب لكان الجواب أن يلقي الله المُتشفعين في النّار مع الكافرين، ولكن الملائكة يعلمون أنه لا ينبغي لهم الشفاعة بين يدي الله لعباده من العذاب لذلك كان جواب الملائكة للكافرين قالوا لهم:{فَادْعُوا ۗ وَمَا دُعَاءُ الْكَافِرِينَ إِلَّا فِي ضَلَالٍ}. ويقصد الملائكة بقولهم للكافرين:{فَادْعُوا} أي ادعوا ربّكم هو أرحم بعباده منّا لأنه أرحم الراحمين. ويقصد الملائكة بقولهم:{وَمَا دُعَاءُ الْكَافِرِينَ إِلَّا فِي ضَلَالٍ}أي الكافرين الذين يدعون من دون الله عبادَه أن يشفعوا لهم عند ربّهم وذلك هو الضلال. وقال الله تعالى :
{وَقَالَ الَّذِينَ فِي النّار لِخَزَنَةِ جهنّم ادْعُوا ربّكمْ يُخَفِّفْ عَنَّا يَوْمًا مِنَ الْعَذَابِ ﴿49﴾ قَالُوا أَوَلَمْ تَكُ تَأْتِيكُمْ رُسُلُكُمْ بِالْبَيِّنَاتِ ۖ قَالُوا بَلَىٰ ۚ قَالُوا فَادْعُوا ۗ وَمَا دُعَاءُ الْكَافِرِينَ إِلَّا فِي ضَلَالٍ ﴿50﴾}
صدق الله العظيم [غافر]
ولكن الكافرين مُبلسون من رحمة ربّهم يائسون أن يرحمهم لذلك يتوسلون الرحمة من عباده، أفلا يعلمون بأنّ الرحمة من صفات ربّهم وهو أرحم الراحمين فكيف يتوسلون الرحمة من عباده وهو أرحم الراحمين؟ حتى إذا خرجوا من نار جهنّم ليشربوا من ماء حميم يشوي الوجوه وبئس الشراب ومن ثم يدع الكفار عبادَ الله الصالحين في الجنان :
{وَنَادَىٰ أَصْحَابُ النّار أَصْحَابَ الجنّة أَنْ أَفِيضُوا عَلَيْنَا مِنَ الْمَاءِ أَوْ مِمَّا رَزَقَكُمُ اللَّهُ قَالُوا إِنَّ اللَّهَ حَرَّمَهُمَا عَلَى الْكَافِرِينَ}
صدق الله العظيم [الأعراف:50]
فهل وجدتم يا من تريدون الشفاعة من عباد الله المُقربين بأنّهم أرحم بالكافرين من ربّهم؟ فهل تجرؤون؟ فقد رأيتم جوابهم فقد جعل الله قلوبهم قاسية على أصحاب النّار لعل أصحاب النّار يلتمسون الرحمة من ربّهم فيسألونه بحق رحمته التي كتب على نفسه أن تشفع لهم من غضبه عليهم وهو أرحم الراحمين، وهُنا الموطن الحقّ في الدُعاء، ثم لا ينكر الله اسمه وصفته في نفسه بأنّه حقاً أرحم الراحمين، ثم يجيبهم إن سألوا ربّهم مُخلصين له الدُعاء من دون عباده، فقد رأيتم في القُرآن بأنّ الله أجاب دعاء طائفة من الكافرين من أصحاب الأعراف من الذين ماتوا من القرى قبل أن يبعث إليهم الرُسل ومن معهم من الذين لم ييأسوا بعد من رحمة الله ولم يدعوا عباده من دونه، فانظروا هل أجاب الله دُعائهم؟ وقال الله تعالى :
{وَبَيْنَهُمَا حِجَابٌ ۚ وَعَلَى الْأَعْرَافِ رِجَالٌ يَعْرِفُونَ كُلًّا بِسِيمَاهُمْ ۚ وَنَادَوْا أَصْحَابَ الجنّة أَنْ سَلَامٌ عَلَيْكُمْ ۚ لَمْ يَدْخُلُوهَا وَهُمْ يَطْمَعُونَ ﴿46﴾ وَإِذَا صُرِفَتْ أَبْصَارُهُمْ تِلْقَاءَ أَصْحَابِ النّار قَالُوا رَبَّنَا لَا تَجْعَلْنَا مَعَ الْقَوْمِ الظَّالِمِينَ ﴿47﴾ وَنَادَىٰ أَصْحَابُ الْأَعْرَافِ رِجَالًا يَعْرِفُونَهُمْ بِسِيمَاهُمْ قَالُوا مَا أَغْنَىٰ عَنْكُمْ جَمْعُكُمْ وَمَا كُنْتُمْ تَسْتَكْبِرُونَ ﴿48﴾ أَهَٰؤُلَاءِ الَّذِينَ أَقْسَمْتُمْ لَا يَنَالُهُمُ اللَّهُ بِرَحْمَةٍ ۚ ادْخُلُوا الجنّة لَا خَوْفٌ عَلَيْكُمْ وَلَا أَنْتُمْ تَحْزَنُونَ ﴿49﴾ وَنَادَىٰ أَصْحَابُ النّار أَصْحَابَ الجنّة أَنْ أَفِيضُوا عَلَيْنَا مِنَ الْمَاءِ أَوْ مِمَّا رَزَقَكُمُ اللَّهُ ۚ قَالُوا إِنَّ اللَّهَ حَرَّمَهُمَا عَلَى الْكَافِرِينَ ﴿50﴾}
صدق الله العظيم [الأعراف]
فانظروا إلى الذين دعوا ربّهم من أصحاب الأعراف مُلتمسين رحمته أن يقيهم عذاب ناره، وقالوا :
{وَإِذَا صُرِفَتْ أَبْصَارُهُمْ تِلْقَاءَ أَصْحَابِ النّار قَالُوا رَبَّنَا لَا تَجْعَلْنَا مَعَ الْقَوْمِ الظَّالِمِينَ}
وذلك لأنهم مُنكرون على الكافرين من كفرهم في الدنيا بأنّ الله لم ينل المؤمنين برحمته وأنهم على ضلال مٌبين، وقالوا مخاطبين الكفار:
{أَهَٰؤُلَاءِ الَّذِينَ أَقْسَمْتُمْ لَا يَنَالُهُمُ اللَّهُ بِرَحْمَةٍ ۚ ادْخُلُوا الجنّة لَا خَوْفٌ عَلَيْكُمْ وَلَا أَنْتُمْ تَحْزَنُونَ}
وحتى إذا ذكروا رحمة ربّهم كلمهم الله من وراء حجابه تكليماً، وقال:
{ادْخُلُوا الجنّة لَا خَوْفٌ عَلَيْكُمْ وَلَا أَنْتُمْ تَحْزَنُونَ}
ثم انظروا إلى الكفار فحتى بعد أن رأوا أصحاب الأعراف قد أدخلهم الجنّة فلا يزالون عُميان عن الحقّ كما كانوا في الدُنيا بل أضل سبيلاً، إذ كيف يرون أصحاب الأعراف قد أدخلهم الله برحمته الجنة ومن ثم نجد الكافرين لا يزالون يلتمسون الرحمة من عباد الله الصالحين! وقالوا:
{أَنْ أَفِيضُوا عَلَيْنَا مِنَ الْمَاءِ أَوْ مِمَّا رَزَقَكُمُ اللَّهُ ۚ قَالُوا إِنَّ اللَّهَ حَرَّمَهُمَا عَلَى الْكَافِرِينَ}
فهل وجد الكفار الرحمة عند العباد الذين هم أدنى رحمةً من أرحم الراحمين؟ ويا عجبي ممن يلتمسون الرحمة من العباد إنهم يائسون من رحمة أرحم الراحمين!
ويا معشر الأنصار لقد وعظتكم وقلت لكم قولاً بليغاً يدركه أولو الألباب ويُصدقون من عنده علم الكتاب ويرجون الرحمة من الله والثواب ويرجون أن ينجّيهم برحمته من العذاب وأن لله الشفاعة جميعاً فيتشفعون برحمته من غضبه وعذابه ثم تغلب رحمته غضبه في نفسه فيرضى ويغفر ويرحم إنهُ عفو يحب العفو والغفران، ولكن أكثر النّاس لا يعلمون وهم من عفوه ورحمته يائسون كما يئس الكفار من أصحاب القبور، أفلا يعلمون بأنّ الله كتب على نفسه الرحمة في الدُنيا والآخرة عهداً لعباده الذين يؤمنون برحمة ربّهم. وقال أرحم الراحمين :
{وَإِذَا جَاءَكَ الَّذِينَ يُؤْمِنُونَ بِآيَاتِنَا فَقُلْ سَلَامٌ عَلَيْكُمْ كَتَبَ ربّكمْ عَلَىٰ نَفْسِهِ الرَّحْمَةَ أَنَّهُ مَنْ عَمِلَ مِنْكُمْ سُوءًا بِجَهَالَةٍ ثُمَّ تَابَ مِنْ بَعْدِهِ وَأَصْلَحَ فَأَنَّهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ}
صدق الله العظيم [الأنعام:54]
وكذلك كتب الرحمة على نفسه يوم القيامة. وقال تعالى :
{قُلْ لِمَنْ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ قُلْ لِلَّهِ كَتَبَ عَلَىٰ نَفْسِهِ الرَّحْمَةَ لَيَجْمَعَنَّكُمْ إِلَىٰ يَوْمِ الْقِيَامَةِ لَا رَيْبَ فِيهِ الَّذِينَ خَسِرُوا أَنْفُسَهُمْ فَهُمْ لَا يُؤْمِنُونَ}
صدق الله العظيم [الأنعام:12]
ومن لا يؤمن برحمة الله ويئس منها ويدعو عباده الذين هم أدنى رحمة من أرحم الراحمين فلن ينال عهد رحمته ولن يغني عنه عباده المٌقربون ولا يتجرؤون أن يسألوا رحمته للكافرين بل يقولون كما قال المسيح عيسى ابن مريم عليه الصلاة والسلام :
{إِنْ تُعَذِّبْهُمْ فَإِنَّهُمْ عِبَادُكَ وَإِنْ تَغْفِرْ لَهُمْ فَإِنَّكَ أَنْتَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ}
صدق الله العظيم [المائدة:118]
فلم يتجرأ على الشفاعة بل رد الشفاعة لمن هو أرحم من المسيح عيسى ابن مريم بعباده، وأرحم من محمد رسول الله - صلى الله عليه وآله وسلم – بعباده، وأرحم من المهدي المنتظر ناصر محمد اليماني بعباده، ووعده الحقّ وهو أرحم الراحمين بل أرحم بعبده من الوالد بولده. وقال نوح عليه الصلاة والسلام مناجٍ ربه :
{رَبِّ إِنَّ ابْنِي مِنْ أَهْلِي وَإِنَّ وَعْدَكَ الحقّ وَأَنْتَ أَحْكَمُ الْحَاكِمِينَ}
صدق الله العظيم [هود:45]
فهذا نوح يقول يا رب إن ابني من أهلي وأنت أحكم الحاكمين ولكن الله بيّن لهُ أنه ليس ابنه بل ثمرة عمل غير صالح بسبب خيانة زوجته مع أحد شياطين البشر من الذين لا يلدون إلا وهم فُجّارٌ كُفارٌ من الذين شملتهم دعوة نوح عليه الصلاة والسلام، ويريد الله أن يُطهر الأرض منهم تطهيراً كشجرة خبيثة اجتثت من فوق الأرض ما لها من قرار، ولكنكم رأيتم ردّ الله إلى نوح وكأنه صار في نفس الله شيء من نوح بسبب دعوته وقال :
{إِنَّهُ لَيْسَ مِنْ أَهْلِكَ إِنَّهُ عَمَلٌ غَيْرُ صَالِحٍ فَلَا تَسْأَلْنِ مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ إِنِّي أَعِظُكَ أَنْ تَكُونَ مِنَ الْجَاهِلِينَ}
صدق الله العظيم [هود:46]
فأدرك نوح بأنّه قد أصبح في نفس ربه شيء بسبب سؤاله لربه لشيء ليس له به علم وقال :
{قَالَ رَبِّ إِنِّي أَعُوذُ بِكَ أَنْ أَسْأَلَكَ مَا لَيْسَ لِي بِهِ عِلْمٌ وَإِلَّا تَغْفِرْ لِي وَتَرْحَمْنِي أَكُنْ مِنَ الْخَاسِرِينَ}
صدق الله العظيم [هود:47]
وأما سبب الرد الجلف من رب العالمين إلى رسوله نوح وذلك لأن الله قد أفتاه من قبل أن يصنع السفينة وقال له بأنّه لن يؤمن له من قومه إلا من قد آمن وحتى لو لبث فيهم ألف سنة أخرى وذلك لأنهم قد صاروا جميعاً من ذُريات الشياطين، ثم قال نوح :
{رَبِّ لَا تَذَرْ عَلَى الْأَرْضِ مِنَ الْكَافِرِينَ دَيَّارًا ﴿26﴾ إِنَّكَ إِنْ تَذَرْهُمْ يُضِلُّوا عِبَادَكَ وَلَا يَلِدُوا إِلَّا فَاجِرًا كَفَّارًا ﴿27﴾}
صدق الله العظيم [نوح]
ثم وعد الله نوح بالإجابة وأنه سوف يغرقهم أجمعين وعليه أن يصنع السفينة، ثم أمره أن لا يخاطبه في الذين ظلموا وإنهم مغرقون أجمعون، ولكن لماذا أوحى الله إلى رسوله بالأمر بأن لا يُخاطبه في الذين ظلموا وأنه سوف يغرقهم أجمعين فلا يذر على الأرض منهم دياراً واحداً إجابة لدعوة نوح؟ وقال :
{رَبِّ لَا تَذَرْ عَلَى الْأَرْضِ مِنَ الْكَافِرِينَ دَيَّارًا ﴿26﴾ إِنَّكَ إِنْ تَذَرْهُمْ يُضِلُّوا عِبَادَكَ وَلَا يَلِدُوا إِلَّا فَاجِرًا كَفَّارًا (27)}
ولكني أكرر وأقول: لماذا يأمر الله رسوله نوح بالأمر أن لا يُخاطبه في الذين ظلموا برغم أن الهلاك إجابة لدعوة نوح على الكافرين؟ فهل تعلمون لماذا ؟ وذلك لأنه يعلم بأنّ ولده سوف يكون من المغرقين معهم وأن نوح سوف تأخذه الشفقة والرحمة بولده وسوف يُخاطب الله في شأن ولده مُخالفاً أمر ربه الذي أوحى إليه من قبل في قوله تعالى:
{وَأُوحِيَ إِلَىٰ نُوحٍ أَنَّهُ لَنْ يُؤْمِنَ مِنْ قَوْمِكَ إِلَّا مَنْ قَدْ آمَنَ فَلَا تَبْتَئِسْ بِمَا كَانُوا يَفْعَلُونَ ﴿36﴾ وَاصْنَعِ الْفُلْكَ بِأَعْيُنِنَا وَوَحْيِنَا وَلَا تُخَاطِبْنِي فِي الَّذِينَ ظَلَمُوا ۚ إِنَّهُمْ مُغْرَقُونَ ﴿37﴾}
صدق الله العظيم [هود]
ولكن الشفقة والرحمة بولده أجبرته على مخالفة الأمر {وَلَا تُخَاطِبْنِي فِي الَّذِينَ ظَلَمُوا ۚ إِنَّهُمْ مُغْرَقُونَ} ، ولكن نوح خاطب ربه في شأن ولده وفتنته الرحمة والشفقة بولده فتناسى أمر ربه ألا يعلم بأنّ الله هو أرحم الراحمين؟ لذلك وجدتم الردّ من الله على نوح كان قاسياً:
{فَلَا تَسْأَلْنِ مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ إِنِّي أَعِظُكَ أَنْ تَكُونَ مِنَ الْجَاهِلِينَ}
ولكن نوح أدرك بأنّه تجاوز الحدود في شيء لا يحيط به علماً، وأن الله صار في نفسه شيء من عبده ورسوله نوح عليه الصلاة والسلام بسبب تجاوزه الحدود في مسألة لا يحيط بها علماً، ولأن نوح أدرك ما في نفس ربه عليه من خلال الرد القاسي لذلك قال :
{قَالَ رَبِّ إِنِّي أَعُوذُ بِكَ أَنْ أَسْأَلَكَ مَا لَيْسَ لِي بِه عِلْمٌ وَإِلَّا تَغْفِرْ لِي وَتَرْحَمْنِي أَكُنْ مِنَ الْخَاسِرِينَ}
ويدرك مدى خطابي هذا الراسخون في العلم بمعرفة ربّهم، وإنما يخشى الله من عباده العُلماء بمعرفة عظمة ربّهم فيقدرونه حق قدره فلا يدعون من دونه أحداً.
والسلام عليكم ورحمة الله تعالى وبركاته..
أخوكم الإمام ناصر محمد اليماني.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.