أكدت الدكتورة فاطمة العلماء رئيسة وحدة الأمومة والطفولة بهيئة صحة دبي أن هناك 6 أنماط من الأمراض الوراثية عند الأطفال تقابلها 4 مراحل متنوعة لطرق الوقاية منها . جاء ذلك خلال مؤتمر "صحتي" الثالث الذي نظمته إدارة التثقيف الصحي بالمجلس الأعلى لشؤون الأسرة، وانعقد في مقر كلية الطب والعلوم الصحية بجامعة الشارقة، واستمر على مدار 3 أيام، بمشاركة الجمعيات الصحية التطوعية التابعة للإدارة المتمثلة في أصدقاء مرضى السرطان، والرضاعة الطبيعية، والمفاصل والسكري والكلى . تضمنت الفعالية إجراء فحوص لسكر الدم ودرجة هشاشة العظام، إضافة إلى توعية عن السرطان . وقدمت الدكتورة فاطمة العلماء ورقة عمل حول الأمراض الوراثية عند الأطفال وطرق الوقاية منها، موضحة فيها أن المرض يكون وراثياً عندما تنتقل صفاته من الأب أو الأم أو كليهما، عن طريق مورثات مصابة بخللٍ ما بحيث يؤدى هذا الخلل إلى حدوث تظاهرات المرض، وبعض الأمراض الوراثية التي تورث بصفة جسمية متنحية قد تغيب لأجيال، ثم تظهر عند زواج أم وأب حاملين للمورثات المسببة . وذكرت الدكتورة العلماء أنه يمكن للمرض الوراثي أن يحدث نتيجة خللٍ في الصبغيات، ولكنه نادر، إذ إن أكثر الأمراض الوراثية تنتج عن خللٍ في المورثات وليس الصبغيات، مثال ذلك حالة المنغولية الناجمة عن وجود صبغي زائد في الزوج ،21 فهذه ليست حالة وراثية . ومن الأمثلة النادرة على انتقال الأمراض بالوراثة نتيجة خلل الصبغيات هو بعض أنواع السرطانات . 1- الوراثة الجسمية المتنحية: ويقصد بكلمة متنحية أنها بحاجة لمورثة من كلٍ من الأب والأم لكي تسبب المرض وكلمة جسمية تعني أنه متعلق بالصبغيات الجسمية وليس الجنسية فهو يمكن أن يصيب الجنسين، ووجود مورثة واحدة تسبب حالة تسمى بحامل للمورثة أو حامل للمرض ولكنه غير مصاب، فحتى ينجب الوالدان طفلاً مصاباً يجب أن يكون كلّ منهما حاملاً للمورثة، ولهذا السبب لا تشاهد هذه الأمراض عند كل الأجيال فقد تغيب لتعود وتظهر عند اجتماع حملة المورثات، وأهم الأمراض التي تنتقل بهذه الطريقة هي الثلاسيميا وفقر الدم المنجلي والداء الليفي الكيسي . واحتمال إنجاب طفل مصاب في كل حمل هو 25% . 2- الوراثة الجسمية القاهرة: ويعنى بكلمة قاهرة أو سائدة وجود مورثة واحدة من أحد الوالدين كافية لظهور المرض عند الطفل الذي انتقلت إليه هذه المورثة، ولذلك تظهر الحالة في كل الأجيال بشكل متتال، وتصيب الجنسين . وأهم الأمراض التي تورث بصفة جسمية قاهرة أو سائدة: داء فون ريكلينغهاوزن من النمط 1 وداء هيتنغتون واحتمال إنجاب طفل مصاب هو 50% في كل حمل . 3-الوراثة القاهرة المرتبطة بالجنس: تنجم هذه الحالة عن خللٍ في المورثات الموجودة في الصبغي الجنسي اكس، وتصيب الجنسين ولكن يصاب الذكور أقل من الإناث، وتختلف فرصة انتقال المرض فيما إذا كان الأب أو الأم مصاباً بالمرض، وتتميز هذه الحالة بأن الأب المصاب لا ينقل المرض للذكور، وأهم مثال على هذا النمط من الوراثة هو متلازمة الصبغي اكس الهش fragile X syndrome . 4- الوراثة المتنحية المرتبطة بالجنس: وتحدث نتيجة لوجود خللٍ في المورثات الموجودة في الصبغي الجنسي اكس، وتصيب الجنسين ولكن يصاب الذكور أكثر من الإناث ونادراً ما نشاهد إناثاً مصابات، وتختلف فرصة انتقال المرض فيما إذا كان الأب أو الأم مصاباً بالمرض، وتتميز هذه الحالة بأن الأب المصاب لا ينقل المرض للذكور، وأهم مثال على هذا النمط من الوراثة هو الناعور أو الهيموفيليا وداء قابرى . 5- الوراثة المنتقلة عن طريق الميتوكوندريا: الميتوكوندريا هي جهاز مهم في الاستقلاب يوجد داخل الخلية، ويسمى هذا النمط من التوريث بالتوريث المتعلق بالأم، لأنه عند الإلقاح تأتي الميتوكوندريا من الأم فقط عن طريق البويضة ولا تأتي من النطفة من الأب، وهذا النمط يمكن أن يصيب الجنسين ويمكن أن يشاهد في كل الأجيال، ولكن الأب المصاب لا ينقل المرض كما ذكرنا، وأهم مثال على هذا النمط هو اعتلال العصب البصري الوراثي . 6- الوراثة متعددة العوامل: هذا النمط من الأمراض الوراثية لا ينجم عن خلل في مورثة واحدة كما في الأنماط السابقة وإنما عن خللٍ في عدة مورثات أغلبها غير معروف حتى الآن، إضافة إلى تدخل عوامل أخرى في ظهور المرض كالعوامل البيئية ونمط الحياة والإنتانات، ومن الأمثلة على ذلك: الداء السكري، البدانة وأمراض القلب، وبالتالي لا يوجد نمط توريث معروف لهذه الأمراض وهى صعبة الدراسة ومن الصعب تحديد الأشخاص الذين هم في خطر للإصابة بها، وهناك الكثير من الأبحاث حولها . وأكدت الدكتورة فاطمة العلماء على ضرورة إجراء الفحص الطبي قبل الزواج الذي يشمل سلسلة من الفحوص الطبية يقوم بها كل رجل وكل فتاة يقدمان على الزواج، وذلك للتيقن من خلوهما من الأمراض المعدية التي قد تؤثر في صحة الآخر في حالة زواجهم، ومعرفة مدى إمكانية انتقال أمراض وراثية لأبنائهما في حال زواجهما . وتابعت: "يشمل الفحص الطبي التعرف إلى التاريخ المرضي للعائلتين الفحص السريري والمخبري لكل من الخطيبين، وعلى المقدمين على الزواج أن يكونوا على علم بالأمراض الوراثية المحتملة للذرية إن وجدت فتتسع الخيارات في عدم الإنجاب أو عدم إتمام الزواج . كما أكدت على ضرورة الاكتشاف المبكر للأمراض وتقديم العلاج للمصابين إن أمكن، فمثلا مرض (الثلاسيميا) هو المرض الذي ينتشر بشكل واسع وواضح في حوض البحر المتوسط وهو المرض الذي توجد وسائل للوقاية من حدوثه قبل الزواج، والوقاية والحماية للطرف الآخر من انتقال عدوى مرضية إليه، وحماية الأطفال من الإصابة أثناء الحمل والولادة وما بعد، والحد من انتشار الأمراض المعدية والأمراض الوراثية، وإيجاد جيل جديد خال من الأمراض الوراثية بإذن الله حيث أثبتت التجارب في بعض الدول مثل قبرص بعد تطبيق قرار مشابه أنه لم يولد لديهم خلال العشرين عاماً الماضية أي طفل مصاب بمرض الأنيميا المنجلية الحادة . ولخصت الدكتورة العلماء طرق الوقاية في النقاط التالية: * المرحلة الأولى: ما قبل الزواج: يتركز الهدف في هذه المرحلة على محاولة تقليل الزيجات التي تحدث بين الأقارب . ويمكن الوصول لهذه الأهداف عن طريق ما يلي: - تكثيف التوعية بمضار الزواج من القريب أو القريبة باستخدام وسائل الإعلام المرئية والمسموعة والمقروءة بعد دراسة وتحضير وبحث لوضع خطة واضحة للوصول للأهداف المرادة . - وضع نظام مدروس لضمان معرفة الأزواج الجدد بمضار الزواج من الأقارب ويمكن تحقيق هذا الهدف بوضع قانون أو نظام اختياري أو إجباري للفحص قبل الزواج للكشف عن بعض الأمراض الوراثية المنتشرة أو يساعد الكشف عنها مبكرا تجنب المرض أو الإعاقة . * المرحلة الثانية: ما بعد الزواج يتركز الهدف في هذه المرحلة على محاولة اكتشاف الأمراض في العائلات التي لم تقم بالفحص قبل الزواج وتحاول التخفيف من عدد المواليد الذين يولدون بإعاقات يصعب علاجها أو تفادي الإعاقة الشديدة . ويمكن الوصول لهذه الأهداف عن طريق ما يلي: - إعداد برنامج مدروس لتوعية النساء بأهمية تناول فيتامين حمض الفوليك قبل الحمل لمحاولة تقليل عدد المواليد المصابين بتشوهات العمود الفقري التي تؤدي لشلل الأطراف السفلى واستسقاء في المخ . - التخطيط لزيادة عدد المراكز والعيادات والمتخصصين بالأمراض الوراثية والإعاقات المختلفة . * المرحلة الثالثة: مرحلة ما قبل الحمل والولادة يتركز الهدف في هذه المرحلة على التقليل من حدوث الإعاقات والتشوهات الخلقية خلال الحمل . ويمكن الوصول لهذه الأهداف عن طريق ما يلي: - إيجاد عيادات إرشادية وتحضيرية في المراكز الصحية الخاصة بالعناية الأولية لمساعدة النساء المصابات بأمراض قد تزيد من احتمال إصابة أبنائهن بعيوب خلقية أو يرد معرفة طرق منع العيوب الخلقية لأبنائهن . - زيادة البرامج التوعوية لأهمية العناية والمتابعة خلال الحمل . - إنشاء لجنه شرعية طبية تتبع لهيئة كبار العلماء للبت في القضايا الطبية الخاصة بالتشوهات الخلقية والأمراض الوراثية بشكل خاص والقضايا الطبية الأخرى بشكل عام . * المرحلة الرابعة: مرحلة ما بعد الولادة يتركز الهدف في هذه المرحلة على التقليل من حدوث الإعاقات والتشوهات بعد الولادة . ويمكن الوصول لهذه الأهداف عن طريق: تأسيس وتفعيل برنامج الفحص المبكر للمواليد من الأمراض والتمثيل الغذائي والأمراض القابلة للعلاج.