عندما لم يتحقق المأمول عادوا قبل أسابيع ليؤكدوا أن أيام الأسد معدودة, ورغم السأم والضجر اللذين أصابا قطاعات عريضة من المجتمع الأناضولي المحبطة, والتي ملت إنتظار اسدال الستار علي أزمة ألقت بظلالها الكثيفة علي أحوال العباد خصوصا في مدن التخوم مع الشام, إلا أن مسئولي البلاد, وفي مقدمتهم رئيس الحكومة رجب طيب اردوغان, مازالوا يرددون دون كلل, أن سقوط الاسد حتمي وأيامه معدودة. وخلال جولته الإفريقية التي شملت الجابون والنيجر والسنغال, وإنتهت السبت الفائت, أعاد اردوغان العبارة, بصياغة مغايرة لم تغير مضمونها حينما أكد أن المهلة التي حددها السوريون لمن كان حاكمهم قد أنتهت, ومضي جازما قائلا: أن الآلاف الذين أضطروا إلي ترك ديارهم لن يقبلوا إستمرار الأسد في سدة السلطة. لكن يبدو أن الأخير مازال متشبسا بأهداب عرش عائلته, الممتد لأكثر من أربعة عقود, ولعل خطابه الاسبوع المنصرم في دار الاوبرا بدمشق, جاء ليبدد ما تمناه ساسة الاناضول, علي الاقل خلال المستقبل المنظور, أي أن عمر الرجل في الحكم قد يمتد لشهور, وربما لا يأفل نجمه هذا العام, وهو ما لايريد قادة حزب العدالة والتنمية الحاكم سماعه, بل حتي تخيله, لأنه ببساطة سوف يهز صورة حزبهم لدي المواطن البسيط, وقد ينفرط عقد مؤيديه من حوله, الذين يتوقون بشغف إلي زوال الغمة الاسدية, بيد أن حسرتهم بدت هائلة فبعد أن إستبشروا خيرا من الخبر العاجل والذي افاد بهروب طيار سوري بطائرته الميج ال21 الروسية الصنع بعد أن رفض إطاعة أوامر قادته بضرب فرن, ثم سرعان ما عادوا يجرون أذيال الخيبة بعد نفي خارجية بلادهم النبأ العار من الصحة. ولا أحد يعرف مصدر التصريحات التي تناقلتها أدبيات سيارة محلية في الخامس من يناير الحالي, وما إذا كانت صحيحة أما لا؟ خاصة أنها نقلت علي لسان دبلوماسي, وصفته الصحف بالرفيع وأن لم تذكر اسمه, وفيها تأكيدات أن روسيا باتت علي قناعة في أن المرحلة الانتقالية في سوريا لن يكون فيها الأسد, غير أن الواقع علي الارض ن يشير إلي أن موسكو مازالت متمسكة في وجود الأسد في أي حل للمعضلة السورية. الشئ الملفت والذي تجنبت النخبة الحاكمة, ومعها معظم وسائل الإعلام, الحديث فيه رغم دلالته الرمزية, أن صفقة الافراج عن الايرانيين الثمانية والأربعين إضافة إلي4 طيارين اتراك, لم تكن لتحقق بدون اتصالات مباشرة, كانت تركيا في قلبها, مع حكومة الاسد, وهو ما يعني أن الخروج من الأزمة لا يمكن أن يتم بدون الرئيس السوري, فعلام أذن كانت تصريحات الدبلوماسي التي لم تنفها الخارجية التركية؟ المراقبون من جانبهم, ارجعوا الأمر إلي أن انقرة تريد أن تقنع نفسها أن تغيرا جوهريا حدث في موقف الدب الروسي, أو علي الاقل هو في طريقه لكي يرفع يده عن نظام البعث, والدليل علي ذلك ما ردده وزير خارجيتها أحمد داود أوغلو في حوار طويل لشبكة خبر تورك يوم الرابع من يناير حينما لام روسيا كونها لم تقف بجانب الجهود الدولية في مستهل الانتفاضة وهو ما كان من شأنه حال إستجابتهما ألا يصل اعداد القتلي الي ما وصلت إليه من أرقام مفزعة, لكن جاء لقاء جنيف بين الولاياتالمتحدةالأمريكيةوروسيا وبحضور الإبراهيمي ليبرهن أن الروس ليسوا نادمين مطلقا علي عدم مشاركتهم المعسكر المناوئ لسوريا الأسد. تلك التطورات نزلت بردا وسلاما علي معارضي حكومة العدالة والتنمية ليسوا لأنهم مع دمشق بل لأن ما سبق وحذروا منه صارا واضحا للعيان وهو أن بلادهم في الازمة السورية تلعب دورا بالوكالة نيابة عن أمريكا وإسرائيل, بل أن بعضها لم يخف شماتته في الدش البارد الذي نزل علي رأس الحكومة, بعد خطاب الاسد وها هو حزب الشعب الجمهوري المعارض يشدد علي ضرورة أخذ ما جاء في هذا الخطاب بعين الاعتبار, والبحث عن سبل لايجاد طريق مشترك لتسوية الأزمة بعيدا عن شعار رحيل الأسد!.