محمد الجابري وتعود بنا الذاكرة لتلك المأساة التي جرت حوادثها في احدى بنايات عدن , تلك البناية التي احتشد فيها مجموعة من سالبي الحريات الشعبية كانوا كثيراً ما يجتمعون فيها لإصدار قرارات تزيد من همجية القوانين وتزيد من انحدار المستوى الحضاري للبنية التحتية للإنسان قبل الأرض الجنوبية الحضرمية , كم من قرار إبعاد وكم من قرار إقصاء اتُّخذَ بين جدران ذلك المبنى وكم من قرار تأميم لممتلكات الانسان الجنوبي الحضرمي , لا احد يحصيها سوى الله جدران تلك البناية ومكاتبها شاهد عيان لكل أشكال الدكتاتورية التي مارسها الحزب الاشتراكي اللعين بكل جبروت ووحشية على إنسان ضُربت حوله الأمثالُ في التضحية والعصامية والمثابرة في طلب الرزق , لم تشهد له أرض الجنوب الحضرمية فحسب بل كل أرض وطأتها قدمه في مشارق الأرض ومغاربها أدلت بشهادتها في صحيفة تأريخ ذلك الإنسان الجنوبي الحضرمي . ومع هذا الظلم والجبروت والتنكيل الذي وقع عليه إلا أنه إنسان نبيل بكل معنى الكلمة كيف لا وقد قابل وواجه هذا الإجرام الظالم الذي سطرته جدران بناية أحداث 13 يناير بمسيرات بريئة ونضال سلمي توّاقٍ إلى الحرية والعدالة اللتين افتقدهما عندما هيمن الحزب الاشتراكي على زمام أمور ذلك الانسان النبيل وقام بتأميم ومصادرة ممتلكاته , وربما كانت بناية احداث 13 يناير احدى تلك البنايات المصادرة لذلك الانسان كل هذا لم يشفع للحقد الدفين بالتسلل إلى صدر ذلك الانسان الجنوبي الحضرمي الأصيل , فقد قابل الإساءة بالإحسان والظلم بالعفو والتنكيل بالبشاشة والصفح . فخرج في مسيرات مليونية ظاهره البشاشة والإصرار وباطنه الصفح والغفران عن كل مآسي الماضي , لم تثنه مآسي الظلم عن مطالبته بتحقيق حريته وإحقاق العدالة الوطنية لكل فرد في وطنه الجنوبي الحضرمي . كم أنت نبيل أيها الإنسان الجنوبي الحضرمي أعلنت العفو في أقصى درجات العزة وأظهرت التسامح في أقوى نوبات القهر , وها أنت تمد يد المصالحة لذلك الماضي المتجبّر الدكتاتوري الذي مورست فيه أشد لفحات الظلم في حقك , ومع كل هذا خرجت بقلب يشع بياضاً بالحب والإخاء لتعلنها رسالة لكل أولائك المجتمعين في بناية 13 يناير رسالة مكتوبة بدماء الشهداء ( تصالحوا معنا لنسامحكم) نعم إنها رسالة غراء تحلّق في سماء الجنوب الحضرمي , تصالحوا يا قادة الحزب الاشتراكي مع الشعب الحر محبة واحتراماً , تصالحوا مع الشعب هجراً للمبادئ الشيوعية , تصالحوا مع الشعب يترسيخ الفيدرالية البرلمانية على أرض الجنوب الحضرمي , تصالحوا مع الشعب احتراماً لخصوصيات كل محافظة , تصالحوا مع الشعب في تمكينه من حقه الدستوري في المدافعة عن حقه في رسم حاضره ومستقبل أجياله, وقبل كل هذه المصالحات عليكم بالقيام بمصالحة أساسية تستقيم عليها كل المصالحات وهي المصالحة مع الله أولاً و آخراً تصالحوا مع الله بتحكيم شرعه وتطبيق تعاليم دينه الحنيف. بعد هذه المصالحات لا يسع شعب الجنوب الحضرمي إلا أن تسامحكم قلوبه قبل ألسنته ,وتصافحكم عواطفه قبل أكفه , وما مسيراته ونضاله إلا إظهارٌ لمبادئ التسامح بعد تصالحكم معه , فتصالحوا يا قادة الجنوب الحضرمي مع الشعب الحر النبيل. كبيرٌ أنت يا شعب الجنوب الحضرمي , أسدلت ستار العفو والتسامح على ماضي المآسي . عظيم أنت يا شعب الجنوب الحضرمي أسدلت الستار على الظلم والتنكيل والإجرام والإبعاد . وخرجت تلهج بهتافات الحب لشعب الجنوب الحضرمي , وبهتافات الإصرار والنضال السلمي ضد قادة الاحتلال الشمالي , مطالباً بحقك في تحرير واستقلال و إدارة شؤون بلادك البلاد الجنوبية الحضرمية . ولنردد سوياً هذه الأبيات التي قلتها : أضنيتُ أبحثُ عن ترابك يا وطنْ تمضي السنين ولم نجد إلا الوهنْ ***** ذبنا سنيناً في المهاجرِ , جيلُنا صار المغيّبَ عن حضارات الزمنْ **** من أين نجني موطناُ هل يا تُرى؟ صنعاء تعطي ما نريد بلا ثمنْ ***** كلا ورب البيت ذاك توهّمٌ ملكت بحار النفط واغتالت عدنْ **** لا لن يعيد لنا الجنوب تفاوضٌ فيه الخديعة والمكائدُ والغبنْ **** لا لن يعيد جنوبنا إلاّ الدما بدمائه يفديك شعبٌ يا وطنْ بدمائه يفديك شعبٌ يا وطنْ بدمائه يفديك شعبٌ يا وطنْ 13 يناير 2013