صديق أعزه كثيراً عرج إلي بالتساؤل أو قذف الكرة إلى ملعبي بالقول: "نحن بقايا نظام"، فرددت عليه: إذا أنتم يقال عنكم بقايا نظام منذ عام فإنه نصص علينا بقايا نظام لنصف قرن ولا يزال. إذا استرجعنا مثلاً مفردتي "الطغمة" و"الزمرة" من صراع 1986م فهي كانت ذات وقع ومدلول استفزازي في ظل أجواء الصراع، ولكن مع استمرار الاستعمال استهلكت سياسياً وواقعياً وباتت للمزاح أو السخرية كما "دحباشي" أو غيرها!!. ولذلك فإن أحداً لم يعد يكترث أو يهتم بمناقشة طرح مثل "النظام العائلي" أو "الحرس العائلي" كقضية أو مدلول، وبات الاستعمال يهلكها ويستهلكها كمفردات ومدلولات صراع كما "الزمرة" و"الطغمة". الذي ربما بات يعنينا أكثر هو الوجه والتفعيل الواقعي في التعامل مع هذه العناوين واستعمالها، وليس وجوه الاستعمال السياسي والإعلامي. فالرئيس المنتخب عبد ربه منصور هادي كان نائباً للرئيس صالح حين الاعتداء الإرهابي على جامع دار الرئاسة، وكان يمكن ومحتملاً حضوره صلاة تلك الجمعة وفي ذات الجامع كما الشهيد عبدالعزيز عبدالغني. إذاً فلولا ظروف عارضة أو مفاجئة لكان صُفّي تحت عنوان "تصفية النظام العائلي"، فيما هو بات الرئيس التوافقي المنتخب ولم يعد نظاماً عائلياً أو من النظام العائلي. هذا الرئيس المنتخب مثلاً بين القرارات التي اتخذها سحب ألوية من الحرس الجمهوري لتصبح تابعة لمناطق عسكرية أو للرئاسة، وبالتالي فعدة ألوية لم تعد من الحرس العائلي. مليشيات الإخوان والقبلية التي معها لو كان بمقدورها تصفية كل أفراد وضباط وقيادات هذه الألوية قبل ذلك لنفذت باعتبارها من الحرس العائلي، فيما أثبتت التطورات وقرارات الرئيس أنها من قوة وقوى الوطن، والمكارثية عندما تترجم شعارات صراع إلى دماء غزيرة ودموية شنيعة بعناوين "زمرة وطغمة" أو "حرس عائلي وبقايا نظام" ونحو ذلك. من يسترجع حادثة بوابة الفرقة الأولى وتصريح اللواء علي محسن بأنها محاولة لاغتياله، فإنه حين المقارنة بحادثة جامع دار الرئاسة فعلي عبدالله صالح هو الأضعف. حين يقوم أفراد من لواء أو ألوية سحبت من الحرس الجمهوري أو يدفعون إلى محاولة اعتداء في أو على وزارة الدفاع، يدفع بأنه قائد الحرس احمد علي عبدالله صالح أو الحرس العائلي. إذا هذا هو عمل قائد الحرس فهو أيضا شديد الضعف فلماذا إذاً هذا التهويل إلى حد الكابوسية من صالح الضعيف أو قائد الحرس الأضعف؟!!.. تأملوا في الدمار في محيط بيت الأحمر بالحصبة والذي امتد إلى اللجنة الدائمة ووكالة الأنباء والوزارات أو الهيئات في تلك المنطقة مقارنة بما في بيت الشيخ عبدالله الأحمر من أضرار، ومن هذه المقارنة فإنه لو كان النظام والحرس الجمهوري عائلياً فلنا تصور ما لديه من قدرات وقوة لتفعيلها بعد الاعتداء على جامع دار الرئاسة بشناعته وبشاعته. فهذا النظام ذبح في تلك المجزرة بما لا يتفق مع أي دين ومعتقد وأي شرائع أو مشروعية بل وبأشنع ما عرف في الإرهاب أو عن الإرهاب، ورأس النظام كان فعلاً قريباً وأقرب للموت فنجا من الموت بأعجوبة ونجح العلاج بما يقترب من إعجاز أو معجزة. فأي نظام عائلي وحرس عائلي لم يعد أمامه بعد ذلك غير تفعيل كل قدراته وقوته، والشيخ حميد الأحمر يعرف أن والده المرحوم الشيخ عبدالله الأحمر صفى من حاشد من اعتبر أنهم كان لهم علاقة تواطؤ أو شبهة في قتل وتصفية الإمام لوالده وأخيه وقبل أكثر من نصف قرن، وبالتالي يستحسن التأمل في واقعية ودقة النصوص والتنصصات الصراعية. كما أسلفت فإنه لا أحد يكترث بمثل هذه النصوص والشعارات الصراعية، ولكن ذلك لا يعني أننا تحت خوف أو في عجز أن ندفع بحقيقة أن الحرس الجمهوري مثل قوة الوطن التي حافظت على استقراره في أصعب المحطات واللحظات، ولدينا استعداد للدفاع عن هذه الحقيقة باستحقاقها الواقعي والوطني بغض النظر عن استمرار أو عدم استمرار الحرس الجمهوري أو قائده الحالي. فالمسؤولية انتقلت للرئيس هادي وله السير في أي قرارات هي من صلاحياته من أرضية أنه المسؤول ويتحمل المسؤولية في الحفاظ على استقرار الوطن، ونحن في إطار ذلك مع قراراته وبالتالي فنحن دافعنا عن الوطن واستقراره في الدفاع عن الحرس الجمهوري وذلك ما تثبته التطورات. إذا صالح "الرئيس السابق" رحل للعلاج في الخارج وهو أقرب للموت منه للحياة كما أكد إعلام الإخوان وفضائية "سهيل"، فليس من طرف منع الصراع وحال دون انفجاره بأسوأ من صراع عدن 1986م غير الحرس الجمهوري. على العكس من ذلك فالأطراف الأخرى كما أولاد الأحمر ومليشيات الإخوان سارت ومارست كل قدرات تأجيج الصراع وتفجير الأوضاع، والحرس الجمهوري كان صمام الأمان الذي منع ذلك وحال دون ذلك كقوة وطنية واقعية وواعية فاعلة، وفي ذلك ما يفي ويكفي للرد على حملات ترهات وهرطقات تجسد حمق الغباء ورعونة البلادة والبلهاء. لا يعنيني بقاء أحمد علي عبدالله صالح قائداً للحرس أو رحيله، لأن مثل ذلك بات من حق وصلاحيات الرئيس الجديد بما يقدره أو يقرره، ولن أدافع عن بقاء أو إقصاء قائد عسكري أو قائد وحدة عسكرية، ولكنني أدافع عن حقيقة متحققة ودور أداه ونفذه الحرس الجمهوري بكفاءة عالية ونادرة، مثل الأساس والأرضية لخروج ومخرج البلد من الأزمة. الذي يحق لي- وهو حق ومن الحقوق- هو الدفاع عن احمد علي عبدالله صالح ككفاءة وطنية وقيادية استثنائية وغير عادية في إطار الواقعية كواقع وفي إطار الديمقراطية، وأرفض في مثل هذه الحالة تغليب الضغائن والأحقاد وتفعيل ثقافة الكراهية والصراع أو تصفية حسابات وانتقامات مع وتجاه أي طرف. إننا بحاجة لمراجعة تجارب الصراعات وثقافاتها الدموية والتدميرية والمدمرة، ولا يمكننا الانتقال لأفضلية وأفضل بدون هذه المراجعة وتجاوز سيئات وسلبيات ورثتها وتوارثتها الصراعات!!.