احتفل العالم قبل أيام باليوم العالمي لمناهضة العنف ضد المرأة الذي يوافق 25 نوفمبر من كل عام.. وبهذه المناسبة فقد دشنت جمعية رعاية الأسرة اليمنية حملتها على مدى ستة عشر يوماً والمتضمنة إقامة العديد من الفعاليات والأنشطة التي تبرز قضايا المرأة والأسرة والطفل في خطوة تعكس اهتمام بلادنا بهذه المناسبة العالمية... وكون اليمن واحدة من الدول الموقعة على العديد من الاتفاقيات الدولية المتعلقة بحقوق الإنسان كالحد من عمالة الأطفال وعدم استغلال المرأة وحث الإناث على التعليم وغيرها من الاتفاقيات، لذا وجب التذكير ببعض تلك المكاسب التشريعية والقانونية التي حققتها المرأة في إطار السعي نحو إقامة الدولة المدنية الحديثة دولة النظام والقانون، عساها تدق جرساً في عالم النسيان وتضع حداً لموجة النكران والجحود التي تمارس من قبل من اعتادوا الأكل من كل الموائد، فقد أولت الدولة اهتماماً خاصاً بالمرأة اليمنية والارتقاء بمستواها في شتى الجوانب بما في ذلك المستوى المعيشي والتعليمي، شأنها شأن بقية الدول التي تسعى جاهدة لتضييق فجوة النوع الاجتماعي خصوصاً في مجالات التعليم والعمل والتوظيف، فقامت بإدماج قضايا النوع الاجتماعي في استراتيجيات وخطط تنموية طموحة. ففي إطار التوجهات الجديدة للدولة التي بدأت مع إعادة تحقيق دولة الوحدة المباركة عام 1990م والمتوائمة مع التوجهات الدولية، فقد أصبح التعليم حقاً من حقوق الإنسان، إذ يكتسب تعليم المرأة أهمية خاصة لدوره العام في رفع وعي النساء بحقوقهن، لذلك صدر القانون رقم 45 لسنة 1992م الذي اعتبر التعليم حقاً إنسانياً، الأمر الذي يجسد التزام الدولة بأحكام ونصوص المعاهدات والاتفاقات الدولية التي صادقت عليها وفي مقدمتها اتفاقية القضاء على كافة أشكال التمييز ضد المرأة، حيث نصت المادة العاشرة منها على اتخاذ التدابير التي تكفل للمرأة حقوقاً مساوية للرجل في ميدان التعليم، وقد شاركت بلادنا في مؤتمر الأممالمتحدة الدولي للسكان والتنمية المنعقد في القاهرة عام 1995م، وكان من ضمن أهدافه ضمان فرص متساوية للرجل والمرأة.. كما ان المؤتمر العالمي للمرأة الذي اقيم قبل أكثر من عقد من الزمان بالعاصمة الصينية بكين وشاركت فيه بلادنا، اعتبر تعليم الفتاة من أولويات اهتمام الدول التي يجب أن تلتزم بها. من أجل ذلك ولمزيد من المصداقية فقد تم اتخاذ العديد من الخطوات والاجراءات القانونية بما في ذلك الاستحداثات الهيكلية في بعض الجهات الحكومية التي تهتم بشؤون المرأة كي تفي الدولة بالتزاماتها الدولية، فهناك "اللجنة الوطنية للمرأة" التي أنشئت عام 1996م ثم أعيد تشكيلها، و"المجلس الأعلى للمرأة" الذي تشكل بموجب القرار الجمهوري رقم 25 لسنة 2003م، وهناك "المجلس الأعلى لرعاية الأمومة والطفولة" الذي تشكل بموجب القرار رقم 32 لسنة 1999م، و"إدارات تنمية المرأة في المحافظات" التي استحدثت بموجب قرار مجلس الوزراء رقم 265 لسنة 2001م، و"إدارات المرأة بالادارات العامة لمحو الأمية وتعليم الكبار بالمحافظات" التي استحدثت بموجب قرار مجلس الوزراء رقم 254 لسنة 2000م، و"إدارة المرأة في الوزارات والمؤسسات الحكومية" التي استحدثت بموجب قرار مجلس الوزراء الصادر عام 1999م. كما أعدت الحكومة العديد من السياسات والاستراتيجيات العامة المتعلقة بالمرأة بهدف سد فجوة النوع الاجتماعي في مختلف مجالات التنمية كالاستراتيجية الوطنية لتنمية المرأة التي أقرها مجلس الوزراء بموجب القرار رقم 212 لسنة 2003م، والاستراتيجية الوطنية لعمل المرأة (2001- 2011م)، واستراتيجية تطوير التعليم الاساسي (2003- 2015م)، واستراتيجية المرأة والبيئة، والاستراتيجية الوطنية لعمالة الأطفال لسنة 1998م، والاستراتيجية الوطنية للتخفيف من الفقر وخطة العمل السكاني (2001- 2005م) وغيرها. وهناك العديد من السياسات والاستراتيجيات العامة للمرأة التي واكبت جهد الدولة وتبنتها جهات غير حكومية ومنظمات المجتمع المدني بدعم ومشاركة الهيئات الدولية والدول المانحة، كل ذلك من أجل انصاف المرأة ومساواتها بالرجل. ومع ذلك فرغم الجهود التي تبذلها الدولة في سبيل الدفع بالمجتمع نحو تعليم الفتاة إلا أن فجوة النوع الاجتماعي في هذا المجال لا زالت واضحة، وتحتاج مزيداً من الجهد وهذا ما نأمله من حكومة الوفاق الوطني وما سينجم عن مؤتمر الحوار الوطني.