في المجتمعات الديمقراطية المتحضرة (الديمقراطيات الراسخة) تُحظر الجماعات السياسية القائمة على أساس الدين أو العرق أو المذهب لأنها تضرب فكرتي المواطنة والوطنية. لهذه الجماعات معياريتها الخاصة فيما يخص الأفراد (داخل الجماعة وخارجها) ما يرتب رفضا لفكرة المواطنة من حيث الجوهر (أخويات تنحدر فيها الروابط في الممارسة من الأفكار إلى الغرائز, فتصير جماعات عضوية أكثر منها دينية أو فكرية؛ وهي إما فوق وطنية أو دون وطنية, ويندر أن تتساكن والوطنيات, وغالبا ما تبدو متجاورة معها. وتتراوح العلاقات بينهما بين حروب باردة أو ساخنة أو حسن جوار احيانا! إن معضلة اليمن الكبرى في المرحلة المقبلة هي في انغراس هذه الجماعات التي تهدد النسيج الاجتماعي بالتمزق, وتتشوق لاستئناف حروبها المقدسة (التحريرية أو الاستردادية) في القريب, ولا تمانع من تجريب كفاءاتها من وقت إلى آخر وفي غير مكان في اليمن بما في ذلك قلب العاصمة صنعاء. يواجه اليمنيون خطرا وجوديا متناميا يكادون يلامسونه لمس اليد في دقائق حياتهم وفي تفاصيلهم اليومية. وقد حان الوقت ليستجيبوا لهذا التحدي بالنقد أولا ثم بالفعل السلمي اللذين يكفلان فرزا صحيا داخل مجتمع منكوب بانعدام التمايز في الأدوار والبنى في الدولة وفي النخب!.