المرأة ذلك المخلوق الانساني اللطيف والنصف الآخر والمهم في حياة الرجل.. تمثل مع الرجل شراكة زوجية من أهم أهدافها تكوين أسرة تملأها السعادة الكاملة إذا ما فهم كل منهما الآخر. والمرأة هي محور حديثنا في هذه التناولة بمناسبة اليوم العالمي لحقوقها والذي يصادف الثامن من مارس من كل عام والذي لم يأت بجديد مقارنة بما كفله الاسلام من حقوق المرأة كطفلة وزوجة وأم، ولكن ما تزال هناك مجتمعات منغلقة بتقاليد اجتماعية، حيث النظرة القاصرة للنوع الاجتماعي والتفريق بين الذكر والأنثى ومصادرة حقوق المرأة سواءً في التعليم أو الوظيفة العامة وحتى الميراث، إذْ ما تزال محرومة من ميراثها الشرعي في بعض المناطق تحت مبرر ان هذا الإرث سيذهب إلى شخص آخر. والذي نقصده هنا أنه ما زالت هناك ثقافة سائدة تنظر إلى نوعية المولود الذكر وتحيطه بالكثير من الفرحة والطقوس الاحتفالية أكثر من الأنثى والتي تحظى بالقليل من مشاعر الاستقبال، ويكون هناك تحيز في تربية الآباء للأبناء الذكور على حساب الاناث، فالأب يكنى باسم الولد بينما لا يكنى باسم البنت مع ان الصحابي الجليل أبا الدرداء كان يفتخر بهذه الكنية في ذلك العهد رغم تأثرهم بثقافة الجاهلية المتمثلة بوأد الأنثى وهي حية، وكان إذا بشر أحدهم بالأنثى ظل وجهه مسوداً من سوء ما بشر به، ولكن جاءت ثقافة الاسلام لتعلي من شأن المرأة وتخاطب الرجل والمرأة سواء بسواء في العبادات التكليفية، ولكن التنشئة الاجتماعية عملت على إقصاء المرأة كجوانب تقليدية فقط، مع ان الدستور اليمني أعطاها حقوقها الكاملة وغير المنقوصة وجعل منها شريكة للرجل في البناء والتنمية، كما اعطاها حقها السياسي في الترشح والانتخاب والوصول إلى مراكز القرار رغم وجود أحزاب منغلقة جعلت منها ناخبة ولم تجعل منها مرشحة، خاصة الاحزاب السياسية ذات الايديولوجية الدينية والقواعد العريضة، حتى ان أحد هذه الأحزاب اقنع المرأة المنضوية في الأطر الحزبية التي تنتمي اليها بأن موقعها المناسب منزلها أو في أماكن تتناسب مع تكوينها البيلوجي، واصحبت قرارات ملزمة لدى صناع القرار في تلك الأحزاب وفي قطاع واسع من رجال الدين المسيسين، والتي لها تأثير كبير على الرأي العام وذلك فيما يتعلق بقضية النوع الاجتماعي وحقوق المرأة. في المقابل هناك ثقافة منفتحة لدى أحزاب أخرى مثل حزب المؤتمر الشعبي العام الذي اعطى 15% من مقاعد البرلمان للمرأة، واعطاها حقها في الوصول إلى مركز القرار والتمكن من ذلك إلى جانب أخيها الرجل لتكون شريكة اجتماعية وسياسية، ومن يقيم دور المرأة حالياً يجد انها سبقت عصرها وتجاوزت أخاها في الميدان التعليمي والعلمي، وأثبتت وجودها لتكتسح نسباً متميزة وعالية في التعليم العام والجامعي سواء على المحيط الوطني أو الاقليمي، ونجد ان الفتاة دائما في المقدمة تحقق اكثر مما حققه الرجل رغم مشاغلها الجمة في المنزل ودورها في خدمة اسرتها. إذاً فعلى كل أب وأم أو مسؤول ان يكسر الحاجز التقليدي الذي بنته السلطة الذكورية على الأنثى، وان يعطيها الجميع ثقتها بنفسها لترسم مستقبلها بعدما اثبتت جدارتها العلمية واستطاعت ان تحقق ما لم يحققه الأوائل.. لنأخذ بيدها إلى مستقبل واعد بالبناء والتنمية إلى جانب أخيها الرجل، ولا ننظر اليها بانها امرأة مكسورة الجناح لا تستطيع ان تطير إلا بريش الرجل، ولنمنحها المزيد من الحقوق والأدوار المنزوعة من الرجل مع العلم بان الرجل لم يكن أسعد حظاً من المرأة، وذلك كيلا نعطي دعاة التغريب بأن الاسلام اضطهد المرأة وصادر حقوقها. فمن المفاهيم الخاطئة أن التكاليف الشرعية تلزم الرجل ولا تلزم المرأة وكما ان هناك تفاوت بين الرجال هناك تفاوت بين النساء، ومشكلة المرأة تكمن في الرجل وليس في الدين، لأن الرجل يتصور المرأة جسدا للمتعة والغريزة عندما لا يسخط وهو يراها في شاشة التلفزة تعرض مفاتنها لتسوق بضاعة ويخدع البعض انفسهم بأنهم ينظرون إلى البضاعة لا إلى المرأة، فلماذا لا يسخط البعض عندما يرون فتيات في عمر الزهور يتكففن الناس في الشوارع ويتعرضن للمضايقات والتحرش الجنسي؟!.. ولماذا لا يكون السخط إلا عندما تتقدم المرأة بكرامتها وعزتها وشرفها ومواهبها لتشارك في بناء الوطن، فتكون مربية ومحاسبة وطبيبة ودبلوماسية وفي موقع القرار السياسي؟!! ويدعي البعض ان الرجال فيهم الكفاية مع أنهن أكثر أهلية من كثير من الرجال. وكم كنت اتمنى على الذين يتذرعون بالاسلام لاسقاط دور المرأة بأن يدركوا بأنهم يتسببون في تعطيل طاقة المجتمع، وبإمكانها ان تأخذ دورها الكامل وهي محافظة على عفتها ونظافتها وطهارتها وفق كافة الضوابط الشرعية، وإذا كانوا يتذرعون بالاسلام فهو حجة مردودة عليهم لأن التاريخ منذ فجر الاسلام يمتلئ ويذخر بنساء خضن معترك الصراع وحاربن إلى جانب اخوانهن المجاهدين. وهناك من الشواهد التاريخية الكثير من الماجدات اللاتي سجلن تاريخياً في قائمة الداعين إلى الاسلام والمدافعين عنه، وهناك من وقفن في وجه الحكام والأمراء والخلفاء لنزع حقوقهن، والشاهد هنا عندما حدد عمر بن الخطاب مهر المرأة فقامت إحداهن لتثنيه عن قراره، وقال أصابت امرأة وأخطأ عمر.