تربوي: بعد ثلاثة عقود من العمل أبلغوني بتصفير راتبي ان لم استكمل النقص في ملفي الوظيفي    البرلماني بشر: تسييس التعليم سبب في تدني مستواه والوزارة لا تملك الحق في وقف تعليم الانجليزية    السامعي يهني عمال اليمن بعيدهم السنوي ويشيد بثابتهم وتقديمهم نموذج فريد في التحدي    شركة النفط بصنعاء توضح بشأن نفاذ مخزون الوقود    السياغي: ابني معتقل في قسم شرطة مذبح منذ 10 أيام بدون مسوغ قانوني    نجاة قيادي في المقاومة الوطنية من محاولة اغتيال بتعز    دولة الأونلاين    التكتل الوطني يدعو المجتمع الدولي إلى موقف أكثر حزماً تجاه أعمال الإرهاب والقرصنة الحوثية    مليشيا الحوثي الإرهابية تمنع سفن وقود مرخصة من مغادرة ميناء رأس عيسى بالحديدة    احتجاجات في لحج تندد بتدهور الخدمات وانهيار العملة    جمعية التاريخ والتراث بكلية التربية تقيم رحلة علمية إلى مدينة شبام التاريخية    اختتام البطولة النسائية المفتوحة للآيكيدو بالسعودية    "الحوثي يغتال الطفولة"..حملة الكترونية تفضح مراكز الموت وتدعو الآباء للحفاظ على أبنائهم    شاهد.. ردة فعل كريستيانو رونالدو عقب فشل النصر في التأهل لنهائي دوري أبطال آسيا    نتائج المقاتلين العرب في بطولة "ون" في شهر نيسان/أبريل    النصر يودع آسيا عبر بوابة كاواساكي الياباني    يافع تودع أحد أبطالها الصناديد شهيدا في كسر هجوم حوثي    سالم العولقي والمهام الصعبة    لليمنيّين.. عودوا لصوابكم ودعوا الجنوبيين وشأنهم    وفاة امرأة وجنينها بسبب انقطاع الكهرباء في عدن    13 دولة تنضم إلى روسيا والصين في مشروع بناء المحطة العلمية القمرية الدولية    هل سيقدم ابناء تهامة كباش فداء..؟    هزة ارضية تضرب ريمة واخرى في خليج عدن    الهند تقرر إغلاق مجالها الجوي أمام باكستان    سوريا ترد على ثمانية مطالب أميركية في رسالة أبريل    مباحثات سعودية روسية بشان اليمن والسفارة تعلن اصابة بحارة روس بغارة امريكية وتكشف وضعهم الصحي    صدور ثلاثة كتب جديدة للكاتب اليمني حميد عقبي عن دار دان للنشر والتوزيع بالقاهرة    عيد العمال العالمي في اليمن.. 10 سنوات من المعاناة بين البطالة وهدر الكرامة    فاضل وراجح يناقشان فعاليات أسبوع المرور العربي 2025    انخفاض أسعار الذهب إلى 3315.84 دولار للأوقية    "خساسة بن مبارك".. حارب أكاديمي عدني وأستاذ قانون دولي    حرب الهيمنة الإقتصادية على الممرات المائية..    عرض سعودي في الصورة.. أسباب انهيار صفقة تدريب أنشيلوتي لمنتخب البرازيل    هل سمعتم بالجامعة الاسلامية في تل أبيب؟    غريم الشعب اليمني    جازم العريقي .. قدوة ومثال    العقيق اليماني ارث ثقافي يتحدى الزمن    إب.. مليشيا الحوثي تتلاعب بمخصصات مشروع ممول من الاتحاد الأوروبي    مليشيا الحوثي تواصل احتجاز سفن وبحارة في ميناء رأس عيسى والحكومة تدين    نهاية حقبته مع الريال.. تقارير تكشف عن اتفاق بين أنشيلوتي والاتحاد البرازيلي    الصحة العالمية:تسجيل27,517 إصابة و260 وفاة بالحصبة في اليمن خلال العام الماضي    اتحاد كرة القدم يعين النفيعي مدربا لمنتخب الشباب والسنيني للأولمبي    صنعاء .. حبس جراح واحالته للمحاكمة يثير ردود فعل واسعة في الوسطين الطبي والقانوني    صنعاء .. حبس جراح واحالته للمحاكمة يثير ردود فعل واسعة في الوسطين الطبي والقانوني    النقابة تدين مقتل المخرج مصعب الحطامي وتجدد مطالبتها بالتحقيق في جرائم قتل الصحفيين    برشلونة يتوج بكأس ملك إسبانيا بعد فوز ماراثوني على ريال مدريد    أطباء بلا حدود تعلق خدماتها في مستشفى بعمران بعد تعرض طاقمها لتهديدات حوثية    غضب عارم بعد خروج الأهلي المصري من بطولة أفريقيا    علامات مبكرة لفقدان السمع: لا تتجاهلها!    حضرموت اليوم قالت كلمتها لمن في عينيه قذى    القلة الصامدة و الكثرة الغثاء !    عصابات حوثية تمتهن المتاجرة بالآثار تعتدي على موقع أثري في إب    حضرموت والناقة.! "قصيدة "    حضرموت شجرة عملاقة مازالت تنتج ثمارها الطيبة    الأوقاف تحذر المنشآت المعتمدة في اليمن من عمليات التفويج غير المرخصة    ازدحام خانق في منفذ الوديعة وتعطيل السفر يومي 20 و21 أبريل    يا أئمة المساجد.. لا تبيعوا منابركم!    دور الشباب في صناعة التغيير وبناء المجتمعات    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



المرأة اليمينية..إنطلاقة واحدة مع فجر العهد الميمون.
أحاديث خاصة بمناسبة العيد الوطني ال15:
نشر في 26 سبتمبر يوم 18 - 05 - 2005


 حقب التغيب:
دأبت أغلب الدراسات التي تتناول قضايا المرأة اليمينة على القفزة أما لحالة موغلة في القدم تتحدث فيها عند أمجاد ملكة سبأ ، وتطيل الوقوف عند عرشها مبهورة بما صنعت تلك المراة من تاريخ عظيم ، أو تنغمس في سرد مكتبسات المرأة اليمنية في العصر الحديث ، والتأمل بمؤسساتها وأنشطتها ، ومواقعها التي آلت إليها دونما أن يسأل أحد : يا ترى أين كانت المرأة اليمنية قبل بزوغ فجر عهد الرئيس على عبدالله صالح الميمون!؟
ولاشك أن ما تحظى به المرأة اليمنية اليوم من حقوق وحريات قد لا يبدو ذو شأن عظيم جداً إذا ما قورن بما وصلت إليه المرأة الأوربية أو الأمريكية أو حتى المرأة العربية في المغرب أو أالأردن مثلاً ، لكن من المؤكد أن قياس التطور الحالي بواقع ماكانت عليه المرأة اليمنية في الخمسينات أو الستينات الى بداية عام 1980م ، فإن الأمر سيبدو أمامنا من أنقلاباً هائلاً في كل الموازين والأعتبارات الإنسانية والثقافية والأجتماعية.. الخ، مما كان عليه حال المراة في تلك الفترات .
ربما لأ أجد ما أصف به حال المرأة اليمنية أنذاك ماهو أفصح تعبيراً من الصورة التي رسمتها الكاتبة الفرنسية ( مارسيل فيفرييه) في كتابها ( أيام عشتها في اليمن ) الذي تروي فيه أنطباعاتها عن اليمن عام 1948من حين زارتها ، فتروي عن أوضاع المرأة اليمنية ( كن هزيلات جداً ، حتى أن الرياح كانت تكشف لنا جميع فقرات ظهورهن، وبدأ في وجوههن التعب الشديد ، وبصمات الفقر تمحو أي نضارة من وجوههن.. وكانت بعض النساء يتبادلن الثوب الواحد عند الخروج لجلب الماء من أحد الأبار ، فينتظرن رفيقاتهن حتى يعدن ليتبادلن معهن الثياب .. كان يبدو لي أن الموت هو الذي يمشي وليست إمرأة ..!)
كنت أتمنى ان تم ترجمة هذا الكتاب من الفرنسية الى العربية ليعلم كل من يعيش يمن اليوم أية ثروة حقيقية عظيمة هذه التي احدثتها قيادة الرئيس علي عبدالله صالح في عالم المرأة ، ومفردات حياتها اليومية ، بعد أن كانت رقماً مهمشاً لا يدخل في أية حسابات أو برامج تنموية ما كان صنّاع القرار السياسي اليمني يعده لمستقبل الوطن .
ولعل هذا التغيب لم يكن قاصراً على نظم العهد الإمامي البائد بقدر ما ظلت مواريثه قرين سياسات الأنظمة الجمهورية التي اعقبت تفجير ثورة السادس والعشرين من سبتمبر 1962م جراء الأضطرابات السياسية ، ثم دخول اليمن في أتون الفتن الداخلية ، والأغتيالات السياسية التي طالت حتى الرؤساء ، وكادت أن تقضي على الثورة لولا أن كان الله حليف الشعب اليمني المغلوب على أمره إذ وفقه لأنتخاب زعامة وطنية فذة ممثلة بفخامة الرئيس علي عبدالله صالح ، الذي أعاد للأمور نصابها ، وفتح أفاق فجر يمني جديد مازلنا ننعم بنوره.
إذن في ظل ظروف سياسية قاهرة ، وغياب الإستقرار الامني لم يكن منتظراً أن يلتفت أحد للمرأة ، ويحاول أنتشالها من الواقع الظالم بقيمة ، وأعرافه ، وتقاليده ، وضنك العيش الذي تقاسية كل أسرة ، فضلاً عما يحيق بالمجتمع برمته من إضطهاد ، وتجهيل ، ومرض.
فاليمن حتى عام 1963م لم تكن فيها مدرسة واحدة للاناث لأستثناء ما أقامته بريطانيا في الشطر الجنوبي – وبالذات في مدينة عدن . وكانت النساء ينظر اليهن كمخلوق ثانوي منزوع الإرادة تماماً ، لاتمتلك حق القبول أو الرفض لما يخصها من أمر ، وظل كيانها رهين نظرة ( العار ) و( المكلف) وغيرها من المفاهيم التي كانت تحط من إنسانيتها ..
بطبيعة الحال أن ما نتحدث عنه لا يمنع من ظهور حالات مثلث استثناءً تاريخياً مثل ( ملوك أبو رأس) وهي جدة الأستاذ صادق امين ابو رأس – التي سجلت ملاحم بطولية ، وكانت تراسل الزعماء العرب والرئيس السلال ، وكذلك ( دعرة عباد حسين) التي حملت السلاح بوجة الأستعمار البريطاني ، وكرمها الزعيم عبدالناصر ، كما حظيت برعاية رئيس الجمهورية ، ومنحها رتبة ( عقيد) ، وغيرهما .
إلا أن الواقع بشكل عام كان مأساوياً ، ولا يسجل أي حضور حقيقي للمرأة اليمنية في إطار كينونتها الإنسانية الكريمة .
 التأسيس الحقوقي للمرأة:
أن التاريخ اليمني – بأختلاف مؤرخية – يؤكد أن أول انطلاقة للمرأة اليمينة تزامنت مع أنطلاقة عهد الرئيس على عبدالله صالح ( 17 يوليو 1978) ، إذ أن رؤية الرئيس لكل القضايا التي كانت تعترض مسيرة الدولة اليمنية – بما فيها قضية المرأة – كانت تنطلق من نظرة شاملة لحتمية الإستقرار الأمني الوطني كشرط كل تنمية وبناء وتطور.
وطبقاً لتلك الرؤية نجد أن رئيس الجمهورية تعامل ع قضية المرأة باتجاهين: أولهما تعليم المرأة ، ونشر الوعي الثقافي في أوساط النساء ، وثانيهما – تشريع القوانين الضامنة لحقوقها الكافلة لحرياته . فكان أن وجة فخامته في سبتمبر 1978م ( بعد شهرين فقط من إنتخابة رئيساً ) بفتح صفوف محو الأمية للنساء في جميع أنحاء الجمهورية وتشجيع تعليم الإناث، إلا أن هذه التوجيهات لم تأخذ أفقها الفاعل إلا في عام 1980م بسبب التحديات الأمنية التي كانت تواجهها صنعاء أنذاك ، وتهدد سيادة الوطن .. ثم توسع الرئيس بمشروعه هذا ليعلن عام 1983م عاماً للقضاء على الأمية ، في الوقت الذي أصبحت هناك عشرات المدارس للأناث ممن وجه الرئيس ببنائها بعد أشهر من انتخابه.
إلا أن الاتجاه الأوضح الذي أكد حرص القيادة السياسية على أشراك المرأة في الحياة السياسية العامة ، وأعطائها حرياتها كان في الجانب التشريعي ، حيث أصدر رئيس الجمهورية عام 1980 م تعديلاً دستورياً أعطى فيه للمرأة اليمنية حق الأقتراع والترشيح ضمن إنتخابات مجالس التطوير التعاوني أو أية أنتخابات تشهدها ( الجمهورية العربية اليمنية) –وقد مثلت هذة الخطوة قفزة هائلةفي نظم السياسية اليمنية ووضعها بأنها (مجازفة خطيرة ) نظراً لطبيعة الأعراف الإجتماعية الصارمة التي تكن تسمح كثيراً بمثل هذا (الأختراق) لمواريثها.
وكان الملفت للنظر أيضاً أن أعقبت هذه الخطوة تطورات تفاعلية بأن أتجهت المرأة الى الظهور من خلال منظمات المجتمع المدني كالنقابات ، وإتحاد العمال ، والجمعيات والإتحاد الزراعي وغيرها.
ومن الطبيعي أن تبقى الشكوك قائمة في مدى مصداقية القيادة اليمنية في ترجمة تشريعها القانوني بشأن حق المشاركة السياسية للمرأة الى واقع عملي حتى يأتي الفعل اليقين .. وهو أمر لم يتردد الرئيس علي عبدالله صالح في الإتيان به عند شروعه بتأسيس المؤتمر الشعبي العام الذي اناط به مهمة المصادقة على مشروع ( الميثاق الوطني ) ، الذي كلف لجنة حوار وطني بصياغته ، مؤلفه من (50)عضواً ، يرأسهم حسين المقدمي .
فقد أصدر الرئيس القرار الجمهوري رقم (53) لسنة 1982م الخاص بالأعضاء المعيين في عضوية المؤتمر الشعبي العام (300) عضواً ، بينهم ست نساء هن :أسماء يحيى الباشاء، أمل صالح اللوزي ، أمة العليم السوسوة ، جليلة بهجت ، حبيبة الخمري ، وليلى يحيى الوادعي، .
وعندما أقر المؤتمر الشعبي العام الأول ( 24-29 أغسطس 1982) تشكيل لجنة دائمة بين الأعضاء الألف والمؤلفين للمؤتمر كانت أسماء الباشاء وجليلة بهجت من بين ال( 450) مقعداً ، ففازت أسماء الباشاء كأول إمرأة تنال عضوية اللجنة الدائمة للمؤتمر الشعبي العام .
وعليه يمكن القول ان قضية إدماج المراة في العمل السياسي ليست بالمشروع الجديد على اليمن ، وإنما كان وليد فجر العهد الميمون للرئيس على عبدالله صالح ، وقد أكده عملياً بضم كوادر نسائية الى تنظيم المؤتمر الذي مثل أول أسلوب للعمل السياسي الوطني في اليمن ، سمح لكل القوى السياسية بالاشتراك في صناعة القرار ، وفي تطوير خبراتها وكوادرها ، معززاً بذلك الوحدة الوطنية وأستقرار اليمن وأمنها .
ومن تلك النقطة تضاعف الحضور السنوي في الساحة المجتمع المدني ، وسجلت المرأة حضوراً جيداً في إنتخابات المجالس المحلية عام 1985م ، وحضوراً ممتازاً في إنتخابات مجلس الشورى في 5 يوليو 1988م . رغم أن ذلك كله يأتي في إطار موروث ثقيل من التخلف والجهل الذي مازال حتى ذلك العام يحصد أرقاماً مرتفعة في النسب السنوية ، ورغم أن النظرة المتدنية الى المرأة كانت تفرض قيوداً ثقيلة تكبل حركة تطور القطاع النسوي.
ولم تتوقف القيادة السياسية عند حدود التأطير الداخلي لحقوق وحريات المرأة ، بل انطلقت أيضاً لتعزيزها بمواثيق دولية ، ففي ( 30 مايو 1984 ) إنضمت اليمن الى الاتفاقية الدولية بشأن الفرق السياسية للمرأة ، وكذلك أتفاقية الرضاء بالزواج والحد الأدنى لسن الزواج وتسجيل عقود الزواج ، فضلاً عن ثمان إتفاقيات أخرى تتعلق بحقوق الإنسان ، وجميعها انضمت إليها اليمن خلال عقد الثمانينات.
 التحول بمفاهيم عصرية:
لا شك أن تطوير النظرة إزاء المرأة ، والطريقة التي تتم فيها تحديد احتياجاتها الأساسية كانت مرتبطة الى حد كبير بالاتجاهات التي تسلكها مسيرة الدولة – كنظام سياسي – بشكل ، باعتبار المرأة جزء أو حلقة ضمن دائرة التفاعل للحدث الوطني .
فلم يكن ممكناً فصل ملفات المرأة عن ملفات التعليم ، ونسب الفقر ، والتنمية الصحية ، وخطوط النمو الاجتماعي ، والاقتصادي ، والثقافي ، والديمقراطي وغيرها التي تعكس تأثيرها بشكل مباشر على تكوينات المجتمع وأنشطته المختلفة ، وهو الأمر الذي جعل من إعادة تحقيق الوحدة اليمنية بمثابة تحول إستراتيجي نقل المرأة الى سياق التشريعات الديمقراطية الجديدة التي أطلقت أبواب الحريات أمام مختلف فئات المجتمع اليمني ، وصيغة الفكرية ، وتنظيماته الوطنية.
فعلى صعيد الحقوق السياسية ، تنص المادة الخامسة من قانون الأحزاب والتنظيمات السياسية ( لليمنيين حق تكوين الأحزاب والتنظيمات السياسية ، ولهم حق الانتماء الطوعي لأي حزب أو تنظيم سياسي طبقاً للشرعية الدستورية ، وأحكام هذا القانون ).
أما المادة الثالثة من قانون الانتخابات العامة فقد نصت على ( يتمتع بحق الانتخابات كل مواطن بلغ من العمر ثمانية عشر سنة شمسية كاملة ) ، في حين تذهب المادة السابعة من القانون إلى ( على اللجنة العليا للانتخابات أن تتخذ إجراءات تشجيع المرأة على ممارسة حقوقها الانتخابية ، وتشكيل لجان تسوية تتولى تسجيل وقيد أسماء الناخبات في جداول الناخبين ) .
ومن حيث المساواة بين الرجل والمرأة ، نصت المادة ( 12 ) من قانون الخدمة المدنية على : ( يقوم شغل الوظيفة على مبدأ تكافؤ الفرص الحقوق المتساوية لجميع المواطنين دون تمييز ) ، فيما نص قانون العمل في المادة الخامسة منه على : ( العمل حق طبيعي لكل مواطن ، وواجب على كل قادر عليه بشروط وفرص وضمانات وحقوق متكافئة دون تمييز لسبب الجنس أو العرق أو اللون أو العقيدة أو اللغة ، وتنظم الدولة قدر الإمكان حق الحصول على العمل من خلال التخطيط المتنامي للإقتصاد الوطني )
كما تنص المادة 42 منه على : ( تتساوى المرأة مع الرجل في كافة شروط العمل وحقوقه وواجباته وعلاقته دون أي تمييز ، كما يجب تحقيق تكافؤ الفرص بينها وبين الرجل في الإستخدام والترقي والأجور).
أن وجود مثل هذه التشريعات الصريحة في القوانين اليمنية النافذة تعني وجود قاعدة أمنية مشجعة على تفعيل مشاركة المرأة وإدماجها الأجتماعي والأقتصادي والثقافي والسياسي – خاصة وأن هناك حقوق إضافية محفزة مثل : تحديد ساعات عمل المرأة الحامل في شهرها السادس بأربع ساعات وأذا كانت مرضعاً بخمس ساعات ، وحق حصول الحامل على إجازة وضع لمدة ( 60) يوماً قبل الوضع وبعده وبراتب كامل ، اضافة الى حظر تشغيل النساء في الصناعات والأعمال الخطرة الشاقة والمضرة صحياً وإجتماعياً – طبقاً لقانون الخدمة المدنية.
هذه التطورات وغيرها رسمت معالم الوجه العصري للدولة اليمنية الحديثة التي لا يتبغي فيها حصر الطموح والإنجاز ضمن أفق محدد من التطور ، فمساحة الحريات المتاحة ، وتعدد فرص المشاركة فرضت أتجاهين : اولهما – توسيع طموح المرأة اليمينة في استثمار كل ماهو متاح أمامها وأقتحام ميادينه ، وتنمية قدراتها الذاتية لتلبية احتياجات التجربة . وثانيهما – أملت على الدولة مسئوليات جديدة تقضي مساعدة المرأة على تفعيل أدوارها ضمن الفرص المفتوحة لها ، والبحث عن آليات تستوعب بها البرامج المرسومة لمشاركة المرأة .
وعلى هذا الأساس سجلت المرأة مشاركة فاعلة جداً في العملية الانتخابية – سواء البرلمانية أو الرئاسية أو المحلية ( كناخبة ومرشحة) ، وكذلك الحال مع بقية مؤسسات المجتمع المدني اليمني ، وفي القيادات العليا للأحزاب ، وفي حين أن المؤتمر الشعبي العام خصص منذ العام 1999م حوالي ( 55) مقعداً في عضوية اللجنة الدائمة للنساء .
وهناك أيضاً (65) قاضية ، ومئات المحاميات ، و (40)رئيسة منظمة مدنية نسوية ، وهو عدد في حالة تزايد شبه يومي يؤكد تنامي وعي المرأة اليمنية بأهمية مشاركتها التنموية ، وتعزيز ثقلها في المجتمع ، ملامسة الى حد ما مؤثرات صنع القرار ولعل جميع المؤشرات التي بين أيدينا تدل على وجود حماس رسمي حقيقي لتنمية مكانة المرأة في مختلف قطاعات الحياة ، فقد تم أنشاء المجلس الوطني الأعلى للمرأة والذي يرأسه رئيس مجلس الوزراء عبد القادر باجمال , كما تم تعيين امراة وزيرة حقوق الانسان, وهناك امراة تشغل منصب نائب وزير , و (6) وكلاء وزارات , و (15) وكيلاً مساعد , و ( 45) مديراً عاماً, و (84) مدير إدارة, و (12) مستشاراً, وإمرأتين في مجلس الشورى.
قد يرى البعض ان الارقام المذكورة تكاد تكون متواضعة جداً , الا اننا لو تعاملنا معها بمنظور خلفيا تها التاريخية ومواريث المجتمع البالية, وعمر الديمقراطية اليمنية لوجدنا ان الارقام تمثل تحولاً عصرياً واعداً, كان بعض ثمار ما ربا تحت مظلة قيادة الرئيس علي عبد الله صالح الذي اولى المرأة اليمنية كبير رعايته ودعمه ,
إذ يقول في احد خطاباته السياسية : ( اننا نريد ان ننتقل نقلة نوعية في التطبيق والعمل الجاد , وخاصة فيما يتعلق بالمرأة , وان لا نستخدمها شعاراً سياسياً , ولكن يجب ان نعطي المرأة حقها في العمل السياسي , وفي المشاركة الكاملة , وان لا يصبح الحديث عن المرأة مجرد شعاراً سياسياً).
نحن نعلم جيداً أن الانطلاق الى حقوق المراة وحرياتها جاء متوحداً مع انطلاق عهد الرئيس علي عبد الله صالح – كما اسلفنا الذكر – لذلك فان الاحصائيات التي نقف عليها اليوم هي منجزات جهد بدأ التاسيس من الصفر , فبعد ان كان التعليم قاصراً على الذكور وبأفق ضيق جداً نجد ان اعداد الطالبات طبقا للاحصاء التربوي للعام 2002م وصل إلى ( 1.216.230) طالبة وهناك (129.830) طالبة مرحلة ثانوية , و ( 41396) طالبة جامعية, و ( 92 ) طالبة دراسات عليا.
كما اصبح لدينا اليوم حوالي (35.779) معلمة في قطاع التعليم العام , و ( 413) مدرسة في الجامعات الحكومية فقط . علاوة على ان المرأة أحتلت مواقعاً في المجال المهني , وقد بلغ عدد النساء العاملات حوالي (890.110) إمرأة من بين ( 4.449.725) إمرأة إجمالي اعداد النساء في سن قوة العمل .
ومع المراة اليمنية قطعت اشواطاً كبيرة على نطاق حقوقها, وأصبحت الرائدة للمرأة العربية على المستوى الاقليمي , الا ان هذا لا يمثل نهاية تطلعات القيادة السياسية اليمنية التي تحرص على خلق استثمار نسوي تنموي اوسع من شأنه تسريع برامج التحول التنموي , وهو الامر الذي دفع فخامة الاخ الرئيس على عبد الله صالح الى الاعلان دعمه الكامل لنظام الحصص ( الكوتا ), داعياً الاحزاب والتنظيمات السياسية الى بلورة ميثاق شرف تتفق بموجبه على آليات محددة لتمكين المراة من المشاركة السياسية والعامة .
اعتقد ان المراحل التي اعتمدها فخامة رئيس الجمهورية في تنمبة المراة كانت من الحكمة والتأني بما جعلها مؤهلة لتخطي التحديات الاجتماعية التي طالما وقفت في طريق كل مشروع تحديثي للدولة وفكر جماهيرها.. وهذا هو سر كل ما تحقق للمراة اليمنية .
* المراة .. خلاصة تنمية شاملة:
واحدة من اهم المسائل التي ينبغي عدم تجاهلها عند مناقشة تطور وضع المراة اليمنية في ظل الجمهورية اليمنية هي ضرورة الربط بين فلسفة النظام السياسي وبين ما يتحقق للمرأة , حيث ان الفصل بين الموضوعين يحجب الرؤيا عن الآليات التي تسير بها حركة تطور المرأة, وبالتالي نكون قد تجنبنا على أي جهد حكومي مبذول في هذا الاتجاه .
فالسياسية الحكومية اليمنية تعتمد اسلوب(بناء المراحل والتحول التدريجي), ولعل ما آلت اليه اوضاع المراة اليمنية خلال (15) عاماً من عمر الجمهورية اليمنية لا يمكن عده بناءً منفصلاً عما قبله من جهد نضالي اسست به القيادة السياسية قواعد رفع اعمدة بناء المرحلة التالية التي اعقبت اعادة تحقيق الوحدة اليمنية 1990م.
وفي اطار هذا الفلسفة السياسية للدولة اليمنية فان القيادة السياسية لم يكون بوسعها اطلاق كل الخيارات دفعة واحدة على طريق تحرير المرأة وتفعيل مشاركتها السياسية والاقتصادية والثقافية- لان المسألة بالنسبة لها كما اسلفنا الذكر برنامج تنمية شاملة وليست برامج منفصلة عن بعضها البعض .
وبمعنى ادق ان الدولة غير قادرة على رفع شعار تمكين المراة اقتصادياً ما لم تسبقها بايجاد نهضته اقتصادية واقعية تستوعب مشاركة المرأة؛ وربما سيبدو الامر اقرب للمزايدة السياسية الحزبية لو ان قيادة اليمن دعت الى ( كوتا ) نسائية في اول انتخابات برلمانية اعقب الوحدة في وقت تفتقر فيه القوى السياسية الوطنية الى التجربة النوعية , وكذلك العملية الديمقراطية نفسها لم تكن قد اكتسبت كثيراً من التطور والنمو .
ومع ان المشاركة النسوية في انتخابات 1993م كانت جيدة, وبلغ عدد المرشحات فيها (41) إمرأة الا ان فوز امرأتان فقط كان مؤشراً قويا على مدى حاجة الساحة اليمنية لتأهيل الارضية التي تنطلق منها مشاركة المراة السياسية, وبلا شك ان الجهود التي بذلت لاحقاً تتضح بجلاء في ارتفاع نسبة الاناث المسجلات من 15% عام 1993م الى 37% عام 1997م. ولكن تبقى حالة تفاوت نسب المشاركة( صعوداً ونزولاً) من مشاركة واخرى مؤشراً آخراً على حجم التحديات التي تعترض مسيرة تطور المرأة اليمنية.
وفي كل الاحوال لم تكن القيادة السياسية راغبة بالقفز فوق المراحل , واستباق خطط التنمية الديمقراطية وبرامج إدماج المراة في الانشطة الاقتصادية والثقافية وتمكينها سياسياً. فقد كانت الاولوية لتأسيس الاطار القانوني الذي يمنح حقوق المشاركة للمرأة .
ومن هنا نرى ان القوانين الصادرة عقب الوحدة كانت تولي هذا الجانب عنايتها . فقد صدر قانون السلطة القضائية رقم (1) لسنة1990م ليمنح المراة حق تولي القضاء والنيابة – رغم ان بعض القوى السياسية عارضته من وجهات نظر شرعية – ثم صدر قانون الاحوال الشخصية رقم(20) لسنة1992م الذي يجسد مبدأ الرضا في الزواج وتشترط المادة (10) منه قبول المرأة , كما حدد هذا القانون نظم جميع العلاقات الاسرية, وحقوق المراة الزوجية كحق الفسخ , ووضع شروطاً للزواج باخرى والكثير من الحقوق .
أما القانون المدني رقم(19) لعام 1992م فقد كفل جميع الحقوق المدنية للمراة مثلها مثل الشروط التي وضعت للرجل .
في حين اكد قانون الخدمة المدنية(19) لعام 1991م مساواة المراة بالرجل في تولي الوظائف بنفس الشروط واعطى لها حقوق قانونية كثيرة كبقية قوانين الدول المتقدمة ..
كما صدر قانون العمل رقم (5 ) لعام 1995م الذي خصص فصلاً كاملاً نظم فيه عمل المراة, وساواها مع الرجل بكافة الشروط والحقوق والواجبات والاجور والتدريب والتاهيل , وحدد ساعات عملها, ومنع تشغيلها ليلا , أو بالاعمال الخطرة وغيرها من الحقوق .
وفي عام 1994م صدر قانون الجرائم والعقوبات رقم(12), وشدد على احترام المراة وحفظ نفسها ومالها وعرضها من الاعتداء . وساوى بين المراة والرجل في الحساب والعقاب . وتزامن معه صدور قانون الاجراءات الجزائية رقم(13) لسنة 1994م الذي فرض اجراءات خاصة يجب اتباعها اثناء التحقيق مع المراة , او تفتيشها, او القبض عليها, او ايداعها في السجون, او تنفيذ الاحكام في بعض القضايا .
كما أن قانون السجون رقم (48) لسنة 1991م افرد نصاً خاصاً للمرأة الحامل وكيفية معاملتها , ونص في المادة (27) على انه : ( يجب ان توفر للمراة الحامل المسجونة قبل الوضع واثناء الوضع وبعده العناية والرعاية الطبية اللازمة وفقاً لتوجيه الطبيب المختص وحسب اللائحة ). وفي المادة (33) منه اكد القانون على ان يوكل سجن النساء بنساء للحراسة والادارة, وشددت بعض فقرات القانون على ضرورة تعليم وتثقيف السجينات .
وقد تطور الامر عام 2002م الى انشاء جهاز الشرطة النسائية وتخريج دفعات منها تولت مهام في منافذ الدخول الوطنية, وفي المؤسسات الحساسة, وشاركن في حفظ الامن في مراكز الاقتراع النسوية اثناء الانتخابات .. وكان ذلاك تطور نوعي كبير على افق الميدان المهني للمراة واسهاماتها التنموية, وذلك على تطور الوعي الوطني للمراة اولا, ثم تطور في ثقافة المجتمع اليمنية عموماً أزاء نظرته نحو المراة وحدود مشاركتها في الحياة .
جدير بالذكر ان اليمن انضمت خلال الخمسة عشر عاماً الماضية الى لجميع الاتفاقيات الدولية ووقعت جميع البرتوكولات الخاصة بمناهضة التمييز والعنف ضد المراة, والمؤكد لحقوقها الاخرى .
وفي الحقيقة ان التشريع القانوني الجديد الذي شكل مظلة حقوق وحريات المراة اوجد ايضاً ثقافة حقوقية رفيعة كانت بمثابة المنهج الذي استندت اليه جميع منظمات المجتمع المدني ووزارة حقوق الانسان , والمؤسسات التربوية والثقافية اليمنية في التوعية بحقوق المراة وحرياتها , ونشر ثقافة جديدة كان من شأنها ردم الكثير من المفاهيم المغلوطة, والقضاء على جزء من العادات والتقاليد التي كانت سائدة, وتتسبب في ظلم المراة واضطهاد انسانيتها, والتعدي على حقوقها الشرعية .
ولهذا نجد اليوم حراكاً غير مسبوق في مجال حقوق المرأة, وتصاعد الاصوات الداعية الى تمكينها من حقوقها , وحرياتها , وتفعيل مشاركتها السياسية والاقتصادية والثقافية. فالحديث الذي كان في عام 1990م يواجه ببعض السخرية ومعارضته شديدة لم يعد كذلك عام 2005م.
بل اصبح امراً عادياً من بعض جدل يوميات الانسان اليمني .. وهذا الامر بحد ذاته يمثل مرحلة متقدمة طالماً تطلعت القيادة السياسية لبوغها من اجل المباشرة بتقديم مشاريعها المتعلقة بإضافة المرأة الى حسابات الخطط التنموية كقوة منتجة ومساهمة في صنع النهضة اليمنية سواء بطرح مشروع ( الكوتا ) النسائية او غيرها من الخيارات التي تكفل للمراة اثبات وجود فعلي مؤثر .
وبحسب ما سبق ذكره في المحور السابق السابق من احصائيات حول نسب التعلم, وحجم ثقل وجود المراة في الحياة المهنية نجد ان متوسط الزيادة التي حدثت في نسب التحاق المراة بالتعليم الأساسي قد ارتفعت خلال العشر سنوات الماضية الى حوالي 62% وفي التعليم الثانوي الى حوالي 39%, والجامعي حوالي 32% . اما مشاركتها في قطاع العمل فتتركز في الزراعة والصحة, التعليم . فقد ارتفعت نسبة مشاركة المراة في القطاع الزراعي خلال الفترة من (1995م الى نهاية 2004م) بحوالي 44% , وفي التعليم 36%, وفي الصحة 20%, طبقاً لاحصائيات الجهاز المركزي للاحصاء .
لقد شهدت المراة خلال الجمهورية اليمنية توسعاً افقياً وعمودياً على صعيد المشاركة الاقتصادية, فاليوم لدينا المراة الطبيبة, والمهندسة , والقاضية والمحامية, والمحاسبة, والخبيرة , وضابطة الامن , والشرطية, وغيرها من العناوين التي كان من الصعب الحديث عنها قبل التسعينات , لكنها اليوم جزء من واقع حياة معاشة, وبعض ثمار بذور غرسها فخامة الاخ الرئيس علي عبد الله صالح منذ مقتبل عهده لتكون عنوان الدولة اليمنية الحديثة, وابرز ملامح الدخول الى الالفية الثالثة .
وبكل تاكيد ان المرأة ما كانت لتصل ما هي عليه اليوم لولا ان تطورها جاء في سياق نمو وطني شامل على مختلف الاصعدة السياسية والاقتصادية والثقافية والاجتماعية والدولية, ساعدت على جعل عناصر التقدم والحداثة بمثابة المناخ الصحي الذي يهيء فرص نجاح المراة ودعم حقوقها وحرياتها , وانسانيتها الكريمة .
فمئات المنظمات التي تدافع عن المرأة في اليمن , وتناصر حقوقها, وتعزز مهاراتها وجدت الارضية القانونية التي تنبثق منها , ثم الدفع الحكومي والدعم اللامحدود لتقوية قدراتها ،علاوة على الدعم الدولي الكبير المقدم لها , والذي ما كان المانحون ليتقدموا به لليمن لولا ضمان استقرارها والوثوق بقيادتها السياسية , وعمق تجربتها الديمقراطية , وجدية الادارة اليمنية في بناء مستقبل اليمن الحديث .


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.