حين ينحو خطاب بعض الإعلاميين أو الوسائل الإعلامية صوب تسمية الأشياء بغير مسمياتها وتوصيف الوقائع بغير أوصافها، يكون الحيف والهوى والمغالطة والنية الكيدية وسواها من القيم المنحرفة قد استحكمت على مفاصل هؤلاء الإعلاميين أو تلك الوسائل، حدّ الإصرار على إلباس القبح لبوس الحسن، في الوقت الذي يصرخ القبح بقبحه فاضحاً بقبح ذاته نفاق من يحاولون تجمليه عبثاً. وعلى سبيل المثال فإن مصطلح "العصيان المدني" تصدر العديد من وسائل الإعلام ذات الملكية الحزبية والخاصة بشأن ما دعت إليه قوى الحراك الانفصالي في بعض مناطق الجنوب في الخامس من الشهر الجاري.. وبعيداً عن مناقشة تداعيات هذا المسلك الانفصالي فإن الوقوف على توصيفه في وسائل إعلامية معينة يثير حالة من القلق جراء غياب المهنية والمصداقية عن هذه الوسائل، وسعيها المتعمد للاصطياد في الماء العكر بأساليب مكشوفة وسافرة. وبدون ذكر أسماء فقد أوردت مواقع حزبية على الإنترنت أخباراً وتقارير قالت فيها إن الضالع مثلا شهدت حالة من العصيان المدني، وفي الوقت نفسه اشتملت تقارير هذه المواقع ذاتها على معلومات تقول إن عناصر هنالك – أي في الحراك الانفصالي بالتسمية الصحيحة – عمدت إلى قطع الطريق العام ( صنعاء – عدن) أمام قريتي خوبر والقبة واعتدت على المتنقلين، كل ذلك تحقيقاً للعصيان المدني!!.. والسؤال الآن: أي عصيان مدني هذا؟!.. وهل إرغام المواطنين على السكون تحت التهديد بقوة السلاح والنار يعني العصيان المدني في شيء؟!.. وألم يكن من الجدير بهذه الوسائل تسمية الأشياء بمسمياتها ووصف هذا الذي عليه الحراك بالارهاب، كون إجبار الناس بالقوة وتحت التهديد على العصيان ليس مدنياً بقدر ما هو سلوك إرهابي عدواني تخريبي؟!. وشيء آخر.. ففي أخبار وتقارير هذه المواقع ذاتها أيضاً معلومات تقول إن مجاميع مسلحة – في الحراك الانفصالي طبعاَ- قامت في الضالع بمنع حركة الباصات من الدخول والخروج، وأشارت معلومات أخرى عن قيام عناصر انفصالية بإلقاء القنابل على المدارس لإجبارها على العصيان وإخلاء فصول الدراسة، وتكرر مثل هذا السلوك إذ تناولت وسائل الإعلام خبر إقدام عناصر في الحراك بالضالع على إلقاء قنبلة على مدرسة " صالح" للبنات، أحدثت إصابات في أوساط الطالبات وذعراً واسعاً في المدرسة وجوارها.. كل هذه الجرائم التي هدفت إلى تحقيق العصيان قوبلت في وسائل إعلام بعض الأحزاب في المعارضة بوصف "العصيان المدني"، بل والأدهى والأمرّ أن موقع أحد الأحزاب أورد بعد كل هذا في تقريره تصريحاً لرئيس الدائرة السياسية في فرع حزبه هنالك يطالب فيه السلطة بفك الحصار المفروض على الضالع، وإعادة الحياة إلى طبيعتها حسب قوله!!.. فأي عبط هذا إن لم يكن وليد النوايا الكيدية التي تمعن في تبرئة المدان وتجريم البريء؟!. ووسائل إعلامية هذا منهجها، وإعلاميون وسياسيون في المعارضة هذا ديدنهم أليسوا على استحقاق كامل لأن يحظوا بكل مسميات القبح والنفاق والكذب والتزوير وشهادة الزور والبهتان والافتراء..؟!.