"التحكيم" مكون أساسي من مكونات إدارة المنافسات الرياضية وفي مقدمتها مباريات كرة القدم، ولذلك تحرص كافة الاتحادات الكروية على تطوير مستوى الحكام وتنظيم دورات تأهيلية لهم والاهتمام بهم من كافة النواحي.. أما في بلادنا فإن التحكيم الكروي أصبح محل استياء الجميع، إدارات أندية.. مدربين.. لاعبين. "الجمهور" تناقش أشباب الجدل الدائر حول التحكيم الكروي والأوضاع التي يعيشها: يتفق عدد من المحللين الرياضيين في بلادنا على تدني مستوى تحكيم كرة القدم في بلادنا.. مدللين على ذلك بقلة مشاركات حكامنا الدوليين في المنافسات العربية والآسيوية مقارنة بالسنوات السابقة، التي لم تكن تخلو فيها أية بطولة ينظمها الاتحاد الآسيوي من أي حكم يمني مثل عبدالواحد الخميسي ومحمد سنهوب وعبدالله سالم وغيرهم. مجاملات الحكم كمال الغيل قال بأنه دخل مجال التحكيم عن حب وعشق لهذا المجال وحصل على درجات عالية في كافة الدورات التأهيلية للحكام، وشارك بالفعل في إدارة العديد من مباريات الدوري المحلي، لكنه أشار إلى ما أسماه "مجاملات" في لجنة الحكام وخصوصاً في ترفيع الحكام في الدرجات المختلفة (ثالثة، ثانية، أولى). بسرعة الصاروخ مضيفاً بالقول: "عانينا خلال السنوات السابقة من عدم وجود معايير محددة وواضحة لترفيع الحكام.. هناك حكام يديرون منذ سنين مباريات في الدوري بكل كفاءة واقتدار ولم يتم ترفيعهم في الوقت الذي تم فيه ترفيع حكام جدد بسرعة الصاروخ". من ينصفنا؟! وتابع الغيل حديثه قائلاً: "إن الجميع يطالب الحكام بالعدالة والانصاف في المباريات وهذا من حقهم، ولا يعلمون ان الحكام بحاجة إلى انصافهم سواء في نظام الترفيع والترشيح لنيل الشارة الدولة أو في مستحقاتهم". التاكسي "أخرج"!! ووفقاً للغيل فان الظلم الذي تعرض له هو وعدد من زملائه وكذا تدني مستوى الرياضة وكرة القدم على وجه الخصوص، دفعه إلى التركيز على "أكل عيشه" والاهتمام بعمله كسائق تاكسي وممارسة الرياضة كهواية لا أقل ولا أكثر. استقرار اللجنة أولاً أما لاعب نادي وحدة صنعاء والمنتخب الوطني السابق الكابتن فؤاد عنقاد، فقد أكد على أهمية استقرار لجنة الحكام العليا باتحاد الكرة.. معتبراً التغييرات الكثيرة التي شهدتها لجنة الحكام في المواسم الأخيرة أحد أسباب تدهور مستوى الحكام، بالإضافة إلى الانخفاض الملحوظ في عدد الدورات التحكيمية التي يتم تنظيمها للحكام. إهمال اللياقة وبحسب عنقاد فإن الحكام في السابق كانوا يحرصون على المحافظة على لياقتهم ومستواهم البدني والتحكيمي، بخلاف الكثير من الحكام اليوم الذين لا يهتمون بلياقتهم.. مدللاً على ذلك باختبارات "الكوبر تست" التي يجريها الاتحاد الآسيوي بين الحين والآخر، والتي يفشل حكامنا في تجاوزها مع أن معظم ما يتم في هذه الاختبارات يختص أولاً بلياقة الحكم وسرعته، ثم تأتي قرارات الحكم وتحركه في الملعب في المرتبة الثانية. قدوة سيئة مختتماً حديثه بالقول: «هناك العديد من الحكام هذه الأيام تشاهدهم في أسواق القات والبعض منهم يدخن، فكيف يستطيع حكم مثل هذا ان يفرض احترامه وشخصيته على اللاعبين في الملعب، وهو الذي يفترض أن يكون قدوة للجميع!!". تأخير المستحقات يشار في هذا السياق إلى ان حكام كرة القدم ظلوا خلال المواسم الثلاثة الأخيرة يشكون من تأخير بدل مواصلاتهم ومستحقاتهم المالية الخاصة بالمباريات، التي كلفوا بإدارتها في دوري كرة القدم. ووصل تأخير مستحقات الحكام في أحد المواسم إلى أكثر من 6 أشهر ظل الحكام خلالها ينفقون من جيوبهم. ضيافة ورشاوي ودارت أحاديث عن اضطرار بعض الحكام لقبول عروض من بعض الأندية بالتكفل بنفقات تغذيتهم واقامتهم بالفنادق، وهذا أدى بدوره إلى التأثير على قراراتهم في ادارتهم للمباريات.. ناهيك عن اتهام بعض الحكام بتلقي رشاوي من أندية.. وكل هذا بسبب عدم الاهتمام بحقوق الحكام مادياً ومعنوياً من قبل اتحاد الكرة. التحكيم والمنتخبات مستوى أي منتخب وطني في العالم مرتبط بمستوى الدوري المحلي، ومستوى الدوري مرتبط بمستوى التحكيم بدرجة أساسية.. كون لعبة كرة القدم قائمة على التنافس الشريف الذي يتطلب تحكيماً منصفاً، وهذا لن يتأتى إلا بالاهتمام بالحكام ورعايتهم وتأهيلهم باستمرار وصقل مهاراتهم ووضعهم في مستوى عالٍ مادياً وفنياً، يجنبهم الوقوع في احراجات "الضيافة" من قبل الأندية ويجنبهم أيضاً الوقوع في أخطاء تحكيمية فادحة في المباريات، والتي لا تؤدي عادة إلا إلى أحداث شغب ومشاكل أخرى لا يحمد عقباها.