قلت مرة – وبصريحة العبارة – إن جماعات "الحراك السلمي الجنوبي" عندما تستنفد القضايا المطلبية سوف تنتقل إلى العنف بمجرد الانتهاء من تحقيق تلك المطالب أو تلبيتها لهم من قبل الدولة لأن هناك أطراف داخلية وخارجية سوف تعمل على استمرار الحراك مع تعديل وجهتة، وقد نجحت تلك الأطراف أولاً في جعل " الحراك" حاملاً لمشروع الانفصال تحت يافطة " السلمي" ولأن ذلك المشروع صعب التحقق واصطدم بقوى رفض شمالية وجنوبية، فقد كان رد فعل هؤلاء هو استهداف مواطنين شماليين وممتلكاتهم وتخريب منشآت اقتصادية وخدمية في المناطق الجنوبية التي تقوى فيها الحراك وذلك لإنهاك الحكومة وزيادة عدد المتذمرين من غياب تلك الخدمات. لم يكن ذلك القول ضرب من الكهانة، بل نتيجة استقراء وتحليل دقيق لتوجهات " الحراك" بفعل دخول قوى محلية وعناصر في الخارج في الخط للتأثير في " الحراك".. وقد كانت قراءة النزعات الواضحة إلى العنف لدى الحراك تؤكد أن هذا العنف لن يتوقف عند استهداف مواطنين شماليين، خاصة وأن لم يحقق هدفه، وقد قادت تلك القراءة إلى الاستنتاج أن هذا العنف سوف يتوسع ليشمل مواطنين جنوبيين.. ومستخدمي أسلوب العنف لا يعرفون تبريراً أو حيلة عندما يستهدفون المواطنين الجنوبيين.. فهم اليوم يقتلون مواطنين عاديين وجنوداً وضباطاً في الضالع وبعض مديريات لحج وأبين وينهبون أموالهم وجرت محاولات لقتل مسئولين كبار جنوبيين، بدعوى أنهم "عملاء" للنظام ، وآخر ضحايا هذا العنف مجموعة من الجنود والضباط الذين هاجمهم مسلحو " الحراك" في الضالع وهم ينتمون إلى ردفان والصبيحة ويافع وكانوا في طريقهم إلى أهاليهم وقادمين من صعدة، وقال أحد الناجيين :" نجونا من الموت في حرب صعدة.. ومررنا بخمس محافظات في طريقنا لزيارة أهلنا في الجنوب.. وفي الضالع تم مهاجمتنا وقتلوا رفاقي وأخذوا كل ما لدينا واحرقوا سياراتنا.." إن تحول " الحراك" إلى جماعات عنف مسلحة بشتى أنواع الاسلحة وقيامها بكل هذه الجرائم وكل هذا التخريب قد أسقط من يدها كل الذرائع حول " الحراك السلمي" وصرنا في مواجهة أنشطة إرهابية وإجرامية بلغت خطورتها حد محاصرة معسكرات تخرج عن إطارها الجغرافية.. صحيح أن هذا التحول الحاد نحو العنف سوف يسقط هذه الجماعات في النهاية ، لكن هل على الحكومة أن تنتظر تلك النهاية التي لن تأتي إلا بعد مزيد من القتل والخراب..؟ هذا غير منطقي ولا عادل.. فواجب الحكومة أن تعجل تلك النهاية من خلال ضرب العنف بالعنف في حال عدم وجود خيارات وبدائل أخرى أفضل كالحوار مثلاً، ولكننا نشكك في ذلك، لأن هؤلاء لا يؤمنون بالحوار وليس هو من مطالبهم، بل يرفضون الحوار مع قوى يعتقد أنها قريبة منهم كأحزاب المشترك ولجنة حميد الأحمر، كما ينبغي إدراك أن " الحراك" اليوم لم يعد كما كان في بدايته، إذا سغلته أطراف كثيرة وقوته ليكون حاملاً لمشاريعها بما في ذلك أطراف مثل " القاعدة" واللصوص وأصحاب السوابق وليس الانفصاليين فقط.