كاد هلال رمضان أن يغيب عنا لتنطوي أيامه المباركة بتجلياتها وروحانيتها، وها نحن نعيش أيام العشر الأواخر منه والتنافس فيها بالمزيد من الطاعات مرغوب، وقد كان عليه الصلاة والسلام إذا دخلت أيام العشر الأواخر شد مئزره وأيقظ أهله وكان يجتهد لها أكثر مما سواها، لأن فيها الليلة التي يفرق فيها كل أمر حكيم وهي ليلة القدر، التي من صام نهارها وقام ليلها فكأنما عبد الله ثمانين سنة. ومن يتأمل إلى الناس قبل قدوم رمضان تجد أنهم عانوا هموماً معيشية نتيجة سعيهم لتوفير متطلبات هذا الشهر الكريم من سلع أساسية واستهلاكية أثقلت كواهل أرباب الأسر لأن هناك من استغل قدوم هذا الشهر الكريم لإحداث أزمة اقتصادية خانقة غير مبررة من أجل تعكير صفاء وروحانية شهر الصوم، تجلى ذلك واضحاً في إحداث البعض أزمة نقدية وتلاعب بسعر صرف العملة الأجنبية أمام العملة الوطنية، حيث وصل صرف الدولار إلى أعلى مستوى ما أدى إلى انخفاض القوة الشرائية للريال، وقد ألقت هذه الأزمة النقدية بظلالها على مستوى الأسعار للسلع الأساسية والاستهلاكية والضرورية، وأيضا الملابس الجاهزة والتي كان شراؤها أمراً لا بد منه نظراً لقدوم العيد بعد صيام رمضان، وقد كان لمتطلبات رمضان والعيد أثر بالغ في مستوى الإنفاق لكل أسرة ومع ذلك مر رمضان بأيامه ولياليه المباركة رغم كثير من المنغصات. وللأسف لم تقف البلاد عند أزمتها الاقتصادية فحسب ولكنها انفجرت أزمات أخرى، ومنها الملف الأمني وتفاقم نشاط القاعدة الذي استهدف المؤسسة الأمنية ليغتال خيرة ابنائها ويدخل العزاء والحزن إلى كثير من الأسر التي فقدت أعز معيليها وأبنائها بطريقة الغدر والخيانة التي انتهجتها القاعدة في اليمن عموماً وفي محافظة أبين على وجه الخصوص لأنها تعد مركز نشاطها وما جاورها من محور الشر، فكيف ستكون فرحة العيد وهذه الملفات الشائكة تنخر في أمن واستقرار البلاد اقتصادياً وسياسياً وأمنيا، إضافة إلى ما تخلفه من تذمر في أوساط المجتمع والتي ألقت بظلالها على النسيج الاجتماعي نتيجة تنامي ظاهرة الحقد والكراهية بين أبناء المجتمع الواحد، الذين عليهم رأب الصدع وردم الهوة الحاصلة وإصلاح ما أفسدته السياسة، والعمل على إصلاح القلوب ومد جسور المحبة ونبذ العنف والطائفية والمناطقية والمحافظة على الوحدة التي تحققت في الثاني والعشرين من مايو.. تقبل الله صيامنا وجميع صالح أعمالنا.. وعيدكم مبارك وكل عام وأنتم بخير.