الزحف الطالباني على الحكم كمخطط ل"الإخوان" وضمانات حميد الأحمر "القاعدية" غزل لصفقة أو مناورات للحصول عليها اليمن ربما هي البلد والنظام الوحيد في العالم العربي الذي اتبع منهجية الخيار السلمي الحواري مع أطياف وأطراف الأصولية منذ تثوير ثورة الشباب للجهاد في أفغانستان ضد الإلحاد. ولأن التطرف هو تطرف بأي مسمى وتحت أي مذهب أو اتجاه، فإذا أصوليون تقاطعوا مع اتفاق الوحدة وصوتوا ضد دستورها، فإن أصوليين تقاطعوا مع تسوية الخلافات مع الجارة السعودية والوصول لاتفاق ترسيم الحدود عام 2000م، فتشابك في حروب صعدة صراع أطراف أصولية تحت غطاء الصراع مع النظام. فالنظام في اليمن حين وقع اتفاق الشراكة في الحرب ضد الإرهاب عام 2003م؛ وحيث هذا التحالف الدولي هو للحرب ضد إرهاب "القاعدة"، كان يتوقع تصعيد الحرب ضد القاعدة في اليمن التي هي أقوى وأوسع انتشاراً، ولكن تأثير طرف مؤثر في الساحة السياسية وفي مفاصل للسلطة ومؤسساتها وجه الأحداث باتجاه صعدة كأولوية، خاصة وأنه نجح بأدواته المباشرة في دفع الحوثي للتشدد والتمرد. ولهذا فالطرف الأصولي الشريك منذ حروب المناطق الوسطى ثم في حرب 1994م وما بعدها، لم يكن يحظى فقط بالغطاء السياسي "الإصلاح"، ولكنه ظل يحظى بتغطية ذات تأثير إن لم تكن قوية من مفاصل داخل النظام أو أثقال مشتركة مع النظام هي أقوى من المشترك. كل الأثقال في الساحة معارضة ونظام استنزفتها المحطات والأحداث باستثناء "الإصلاح"، الذي ظل أكبر مستفيد من كل الصراعات والمحطات عسكرياً كتسليح وسلاح ومادياً وبما يفوق أي توقع. فالنظام ظل كأنما يتجنب أو يساوره القلق من هذا الطرف، بحيث سار في مواجهة "القاعدة" في أضيق الحدود ولا تقارن بمواجهة "الحوثية" في صعدة وإسقاطها سياسياً وإعلامياً على أثقال اجتماعية أو مكون واسع في المجتمع، وبحيث لم يسمح بربط القاعدة بأصولية أو تأصيلها واقعياً وسياسياً كما في البلدان الأخرى. الأصوليون أو الإسلاميون في تونس ومصر من واقع التنكيل بهم من كلا النظامين بات كل طموحهم أن تنجح "ثورة الشباب" برحيل الحاكم الذي نكل بهم، ولهذا كانوا يسارعون للتأكيد بأنه لا طموح لهم في سلطة ولن يسعوا لها حتى حين الانتخابات من وعي أن ذلك يوفر أرضية نجاح ل"ثورة الشباب". الطرف الأصولي المرتبط أو الذي تداخل مع "القاعدة" في اليمن لم يكتف بفرض السيطرة الكاملة على "ثورة الشباب" بل عزز ذلك بانقلاب على النظام كان قريباً من النجاح. فهذا الانقلاب هو انقلاب "الإصلاح" كما "ثورة الشباب" في ساحة التغيير، باتت "ثورة الإصلاح" بغض النظر عن وضع واصطفاف الصراع قبل هذا المتغير "الثورة"، بما في ذلك تكتل المشترك المعارض. لقد كان للمرحوم الشيخ عبدالله بن حسين الأحمر والقائد العسكري علي محسن الدور والتأثير الأكبر لحماية ودعم طرف سياسي، بحيث يظل يدعم ولا يمس أو حتى يسأل أو على الأقل تمارس حرية القراءة لأية علاقة سابقة أو متوقعة وقائمة بالقاعدة. ولذلك فالشيخ حميد الأحمر بات يرجم مسؤولية القاعدة على شخص الرئيس صالح، وعندما يقول إنه برحيله يضمن عدم وجود قاعدة في اليمن فكأنما يقول.. بأنه يضمن إقناع القاعدة في اليمن بأن تصبح سلمية بعد نجاح الزحف السلمي، كما "طالبان" في الاستيلاء على الحكم. النظام خلال حروب صعدة كان يطرح بأن الحوثيين إرهابيون ويطالب بضمهم في قائمة الإرهاب، ولكن أميركا ترد بأن ما يحدث في صعدة تمرد فحسب. ذات النظام رفض وصم شخصيات من الطرف الأصولي الآخر بالإرهابيين، ورفض الاستجابة لطلبات تسليمهم لأميركا، فمن يحمي هؤلاء بعد رحيل النظام افتراضاً؟!!. تحميهم صفقة جديدة مع أميركا إن أمكن كما صفقة الجهاد ضد الإلحاد في أفغانستان، فهل الشيخ حميد الأحمر يقدم ضماناته من غزل ومفاوضات الصفقة أم من محاولات ومناورات مسعى الوصول للصفقة؟!!. حتى بافتراض موافقة أميركا على صفقة إعادة اليمن إلى المربع "صفر" ليسيطر الأصوليون على النظام بالزحف الطالباني ومن ثم مجيء "ثورة الشباب" بعد عقد، فذلك ما يعيه الشعب اليمني وهو احتشد ليساند النظام رفضاً للزحف الطالباني تحت غطاء "ثورة الشباب" وليس رفضاً ل"ثورة الشباب" أو التغيير، وهذه الإرادة الشعبية الواقعية والواعية لا يستطيع طرف داخلي أو خارجي أن يصادرها أو حتى يكسرها. أي طرف خارجي يحس بالشعب اليمني ويتضامن معه أو يتعاطف، فإن الباب مفتوح أمامه ليأتي ويراقب الانتخابات، أو حتى يشترك في مراحل الإعداد والإشراف، ومن تأتي به صناديق الاقتراع فليحكم. إذا طرف سياسي لا تأصيل له غير الأصولية مصمم على دفع الأوضاع إلى عنف ودماء ودمار، فلن يكون ذلك لا مع الشباب ولا مع ثورتهم ولكن مع عتاولة وجيوب وكهوف فكر هذا الطرف الظلامي والمتطرف، مهما تخفى ومارس من تكتيكات إخفاء!.