وضعت الولاياتالمتحدة حداً للعصر الذهبي للبنوك السويسرية التي ظلت لعقود من الزمن مقصداً لمئات الآلاف من الأثرياء ورجال الأعمال وقادة الدول وكبار مسؤوليها لإيداع أموالهم وثرواتهم المقدرة بترليونات الدولارات، حيث أبرمت الحكومة الأمريكيةوسويسرا وبنك (U.B.S) أكبر بنوك سويسرا ميزانية، صفقة لإنهاء سرية الحسابات المصرفية، من خلال اتفاقية يتم بموجبها إخضاع دفتر الأستاذ المحاسبي للبنك لإحدى الشركات. ونتيجة لهذه الصفقة ستحصل الولاياتالمتحدة – مبدئياً- على أسماء 4450 شخصاً من الأمريكيين الأثرياء من ذوي الحسابات الخارجية السرية، التي وصلت مبالغها في إحدى المرات إلى ما يقدر ب18 مليار دولار من الموجودات، غير أن المحللين الاقتصاديين اعتبروا هذه الصفقة تمهيداً لنزع سرية الحسابات المصرفية التي تتمتع بها سويسرا وإضعاف الساحة المالية للبلاد، كون ذلك سيدفع بأصحاب الحسابات السرية في سويسرا من أمريكيين وغيرهم إلى سحب ودائعهم، مؤكدين بأن عدداً كبيراً من ذوي الحسابات السرية قد بدأوا بالفعل بسحب أموالهم المودعة في البنوك السويسرية، وأن هذه الصفقة قد فتحت الباب أمام ما وصفوه ب"بعثات استكشاف وحيد" من جانب سلطات الضرائب الأجنبية للكشف عن أسماء عملائهم دون أن يعرفوا هوياتهم أولا، وهو أمر ظل السويسريون يقولون على الدوام أنهم يعارضونه، مستشهدين في هذا الصدد بما يشهده الشارع السياسي والاقتصادي السويسري هذه الأيام من ردود فعل واسعة عقب تهديدات وزيري ألمانيا وفرنسا بإضافة سويسرا إلى القائمة السوداء للدول التي توصف بأنها ملاذات ضريبية آمنة، تجذب رؤوس الأموال إلى بنوكها، وذلك في ختام اجتماع دول منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية بباريس مؤخراً. ويرى اقتصاديون أن مجلس الحكم الاتحادي السويسري الذي سبق وأن أعلن أكثر من مرة أن سرية الحسابات المصرفية غير قابلة للتفاوض على الإطلاق، قد يرضح للتهديد الألماني الفرنسي الذي يأتي مع مقترحات أوربية يحظر التعامل بين البنوك الأوربية التي تستفيد من الدعم المالي للخروج من الأزمة المالية وبين الدول أعضاء اللائحة السوداء، مما يعني أن كافة بنوك سويسرا ستنهي سرية حساباتها المصرفية، لافتين في هذا الصدد إلى تنازل مبدئي كبير من سويسرا في مارس الماضي أبدت من خلاله قبولها بمعايير الشفافية الدولية واستعدادها ل"تقديم المزيد من المساعدة في التحقيقات الضريبية المستقبلية من خلال معاهدات جديدة يتم التفاوض حولها مع بلدان أخرى". وجاءت تصريحات دوجلاس سولمان مفوض سلطة الضرائب الأمريكية والتي قال فيها: "سنحمل مع حكومات أخرى، ما أمكننا ذلك، للحصول على المعلومات التي تحتاج إليها، وسيجد الأمريكيون الأثرياء الذين خبأوا أموالهم في الخارج أنهم في مأزق"، لتعزز من التوقعات بإنهاء سرية الحسابات المصرفية لبنوك سويسرا، إذ اعتبر خبراء ماليون هذه التصريحات مؤشرا على نية أمريكا الحصول على معلومات بشأن أرصدة أي شخص من أية دولة في العالم في خطوة لاحقة، وأن الأمر لن يقتصر فقط على الأثرياء الأمريكيين كما جاء في تصريحات شولمان، وذلك من خلال ذرائع أخرى مثل غسيل الأموال وتمويل الإرهاب وغيرها.