القاعدة والإصلاح وجهان لعملة واحدة.. والزنداني يتحمل مسؤولية كل قطرة دم في أرحب - أرباب العمائم هم الخطر الداهم ولن تكون اليمن مدنية إلا بزوالهم من مراكز السيطرة الداعية شايف الخير العميسي، هو زعيم الشيعة الاثنا عشرية في محافظة تعز، كانت له صولات وجولات في صعدة قبل أن يعلن انشقاقه عن جماعة الحوثي. العميسي وبنظرة تشاؤمية اكد ل”الجمهور” أن حزب الإصلاح وجماعة الحوثي هما فصيلان دينيان متطرفان لا يمكنهما التعايش والقبول بالآخر، وإذا كان الحوثي كفكر، دخيل على اليمن فالإصلاح هو الآخر لم يتخلص من الإرث التاريخي لحركة الإخوان المتطرفة، بل إن الفتوى ضد خصومهم هي السلاح الذي يجيدونه، تماماً كما حصل مؤخراً في حروبهم ضد الحرس الجمهوري في أرحب ونهم والحيمة.
* أستاذ شائف.. كثر الحديث في الآونة الأخيرة عن “شيعة” تعز وأنت زعيمهم كما نعلم، ممكن تعطينا معلومة مختصرة عنكم؟ - نحن أصحاب مذهب شيعي.. محبون لأهل البيت، لكننا لا ندين لإيران ولا نندرج تحت ولاية الفقيه. * من أي الفرق الشيعية أنتم.. هل أنتم أثنا عشرية؟ - نعم.. اثنا عشرية ممزوجة بالزيدية، وأنا أرى يا أخ عبدالناصر أن نترك الخوض في القضايا الفكرية إلى وقت آخر لأن هذا لا يكون عبر الهاتف. * طيب.. ما الفرق بين شيعة تعز وشيعة صعدة.. أو بالأصح ما الفرق بينكم وبين الحوثيين؟ - نحن كنا جزءاً لا يتجزأ منهم، لكننا انشقينا عنهم بداية حرب صعدة السادسة. * لماذا؟ - كان لدينا وجهة نظر حول طبيعة تلك الحرب وأسبابها، وأن الحوثيين هم من بدأوا تلك الجولة من الحرب على الدولة وذلك من منطقة المهاذر، بعكس الحرب الخامسة التي ربما كانت الدولة هي من بدأ وأشعل المواجهات. * وهل هذا أدى إلى انشقاقكم عنهم أم أن بينكم خلافاً فكرياً؟ - في البداية كان انشقاقاً دنيوياً.. يعني خلافات حول أمور دنيوية، لكنها توسعت واتسعت الهوة بيننا يوماً بعد يوم حتى صار كل واحد يشطح وينطح بفكر، وكل يتعصب لفكره، فنحن رفضنا أفكارهم وهم كذلك حذروا منا وقالوا أننا أتباع النظام. * والآن لدينا “شيعة” تعز، و”مجاهدو” تعز؟ - لا.. لا.. عبدالملك الحوثي يحب يسمينا ب”المجاهدين” في تعز، لكننا نطلق على أنفسنا “شيعة تعز”، حتى نخرج أنفسنا من عباءة الحوثي.. يعني أحببنا أن يكون هناك تمايز في المسمى حتى لا يكون الخلط!. * يعني لستم الحوثيين في تعز؟ - لا.. نحن منشقون عنهم. * وكم أعدادكم وعدد أنصاركم؟ - في تعز يتجاوز ال(2000) شخص من طلاب جامعات ومثقفين، ولدينا رجالنا في محافظة صنعاء، ولدينا إخوان وأنصار وأحباب في حجة والجوف وبعض مناطق محافظة صعدة.. هؤلاء يدينون بالولاء لنا لكنهم لا يجاهرون بذلك، يخافون من رد عبدالملك الحوثي. * لن نتحدث عن القضايا الفكرية، لكن أرجو أن تختصر في فقرة أو فقرتين الفروق الجوهرية بينكم وبين الحوثيين؟ - الحوثيون شيعة اثنا عشرية زيدية ممنهجة.. يعني زيدية دخلت من قمع الأثنى عشرية الإيرانية التي تدين بولاية الفقيه، أما نحن- كما قلت لك- نحن شيعة اثنا عشرية ممزوجة بالزيدية لا تدين لإيران ولا تندرج تحت ولاية الفقيه. * خلال الأزمة أو ما يسمى ب”ثورة الشباب” هل من تواصل بينكم وبين الحوثيين بهدف إعادتكم إلى الجماعة الأم “الحوثية”؟ - نعم.. عبدالملك الحوثي حاول التواصل معنا عبر شخص من أبناء تعز وعلى أساس أن يكون لنا موقف موحد في الصراع، لكننا لم نتوصل إلى اتفاق. * من هو هذا الشخص؟ - لا داعي لذكر الاسم.. هو زار إيران قبل عامين تقريباً، وهو الآن في تعز بمثابة همزة الوصل للحوثيين. * الحوثي أعلن مقاطعته للانتخابات الرئاسية المبكرة.. فماذا عنكم؟ - سنشارك وسأدعو كل أتباعنا للمشاركة الفاعلة وانتخاب مرشح التوافق الوطني المشير عبد ربه منصور هادي، لأن البديل للانتخابات والتسوية السياسية هي الفوضى والعودة إلى المربع الأول من الأزمة، وبالتالي انهيار الدولة ككل. الصراع الحوثي الإخواني * كيف تقرأ الصراع المسلح بين الحوثيين وحزب التجمع اليمني للإصلاح في أكثر من منطقة؟ - شوف اكتب عني وأرجو أن تعملها مانشيتاً عريضاً: إن أكبر ضرر على الجمهورية اليمنية والخطر الأكبر الذي يهدد كيانها هو أرباب العمائم، وستذكرون ما سأقوله لكم الآن وبكل حسرة: ستشهد البلد حروباً طاحنة بين الإخوان المسلمين والحوثيين وبالشكل الذي يهدد أمن واستقرار ووحدة البلد. * لماذا.. أليس من الممكن التعايش بينهما ضمن العملية السياسية؟ - لا يمكن.. كلاهما فصيلان دينيان متطرفان لا يقبلان بالآخر، وكلاهما يرى في الآخر الكيان الذي يهدد وجوده أو يحد من نفوذه.. الحوثي مثلاً يقول: إما أن تكون معي وإلا فأنت ضدي، وكذلك حزب الإصلاح. * لماذا هذه النظرة التشاؤمية؟ - اسمعني.. لست متشائما ولكن هذا هو الواقع للأسف.. الإخوان المسلمين (حزب الإصلاح) هم جماعة أسسها حسن البنا رحمه الله، وظل طوال أربعينات القرن الماضي يلبسهم الأقنعة السوداء ويعبئهم بالفكر الجهادي المتطرف، وشعارهم الذي لا يزال حتى اليوم (سيفان) وعبارة (واعدوا).. لمن الإعداد؟!!.. لمن يخالفهم الرأي والتوجه والمعتقد، فهم لا يرون في غيرهم إلا خارجين عن شرع الله!!. * اسمح لي أستاذ شايف.. حزب الإصلاح- وهو المنبثق عن حركة الإخوان المسلمين- عمره الآن 21 عاماً، ولا شك أنه بانخراطه في العملية السياسية الديمقراطية قد غير كثيراً من أفكاره ومعتقداته، وأنه قد أحدث قطيعة بين الحركة والحزب، بين العمل السري والعلني؟ - أبداً، الإصلاح لم يشهد تغيراً حقيقياً، لكنه فقط يتلون كالحرباء، هكذا هم الإخوان المسلمين، حتى عندما نرى حميد الأحمر أو اليدومي وهو يستقبل السفير الأميركي بالأحضان، فهذا- في الحقيقة- ليس أكثر من تلون وتكتيك.. أيضا توكل كرمان- وأنا احترمها لشخصها- رغم مواقفها التي تناقض فيها حزبها لا تزال عضو مجلس الشورى فيه.. ولو أنك قرأت كتاب “الحركة الإسلامية في اليمن من التحالف إلى التنافس” -ومؤلفه هو الأستاذ ناصر محمد علي الطويل إصلاحي من أبناء الحداء ستجد أن الإخوان المسلمين “الإصلاح” أذكياء، فهو يقول: “نحن لا بد أن نراعي بين الثابت والمتغير”.. معنى كلامه أن الإخوان المسلمين ممكن أن يتلونوا كالحرباء.. صحيح أن الدين لديهم فضفاض ومرن لكنهم في الواقع يبغون السيطرة واحتكار الحقيقة لأنفسهم والادعاء بأنهم هم المسلمون ومن عداهم علماء سلطة وكفار.. والخ. * أفهم من كلامك أن الانفتاح الذي يبدو عليه حزب الإصلاح ليس أكثر من تكتيك؟ - لا شك، هم- كما قلت لك- يتلونون كالحرباء.. يا أخي عبدالوهاب الديلمي صاحب الفتوى الشهيرة التي كفر من خلالها الاشتراكيين صيف 94م واعتبر قتالهم قربى عند الله أفضل من قتال اليهود والنصار، ثم سمعته مؤخرا في قناة “سهيل” يتبرأ ويتذمر ويقول أنا ما كان قصدي، وآتوني بدليل واحد على أنني افتيت.. والحقيقة أن هؤلاء- الإخوان المسلمين- لا يستغنون عن سلاح الافتاء، حتى ان حربهم الأخيرة في منقطة أرحب بدأت بفتوى. * وكأنك أستاذ شايف تحمل حزب الإصلاح مسؤولية المواجهات في مديرتي أرحب ونهم بين من يسمون أنصار الثورة من جهة والحرس الجمهوري من جهة ثانية؟ - أكيد.. والشيخ عبدالمجيد الزنداني في المقام الأول يتحمل المسؤولية.. مسؤولية كل قطرة دم نزفت.. هو من أفتى بالهجوم على المعسكرات. * تقصد أن تلك المواجهات مع الحرس الجمهوري هي حروب ممنهجة؟ - هو الجهاد بإفتاء.. والزنداني هو الموجه والداعم الروحي، ولو تدقق في القيادات الميدانية سواء في أرحب شمال شرق العاصمة أو في الحيمة غرب العاصمة والتي تقود المواجهات ضد الحرس الجمهوري ستجد أنها من كوادر الإخوان المسلمين، ففي الحيمة عضو الكتلة البرلمانية لحزب الإصلاح الشيخ ربيش العليي وفي أرحب زميله في البرلمان وفي الحزب ذاته الشيخ منصور الحنق، ولا أدري كيف لرجل برلماني يعرف الديمقراطية أن يقود مليشيات مسلحة ويزج بأبناء منطقته ليكون وقوداً.. الإصلاح أو الإخوان المسلمين لديهم ذراع سياسي وذراع في ساحات الثورة وذراع ثالث ديني جهادي متطرف. وكما قلت لك، أنا أحمل الشيخ عبدالمجيد الزنداني مسؤولية كل الضحايا في أرحب، لأنه رجل مفتي، والإفتاء مسؤولية أمام الله سبحانه وتعالى، ولا يوجد في أي الديانات السماوية ما يجيز قتل إنسان مسلم عسكري أو مدني يقول لا إله إلا الله، أو أن ترفع في وجهه السلاح، ولكن الشيخ عبدالمجيد- اسأل الله أن يهديه - رجل في آخر عمره ويعاني من اعتلالات صحية كثيرة، وأرجو ألا تكون هذه الاعتلالات قد أثرت على عقله. * طالما وأنك تقر بالتطرف لدى الإصلاح “الإخوان المسلمين”.. هل أنت مع من يقرون ويؤكدون الارتباط التنظيمي بين الإصلاح وتنظيم القاعدة؟ - لا نستطيع أن ندخل في الغيب، لكن هناك قرائن ودلائل واضحة بأن كلا الطرفين جماعتان “الحاج علي وعلي الحاج” * تقصد أنهما وجهان لعملة واحدة؟ - نعم.. القاعدة سنة والإخوان المسلمين سنة، وكلاهما يؤمنان بفكرة التغيير بالسلاح، وهذا لا ينكره بن لادن “الله يرحمه” ولا ينكره الزنداني الذي لا يزال حياً يرزق.. واعتقد أن تاريخه واضح وضوح الشمس، وعلى فكرة الزنداني يمشي دائما بأربع إلى خمس سيارات أحدها ضد الرصاص. * طيب وماذا عن الحوثيين.. لماذا لا يمكنهم التعايش مع الإصلاح كما قلت؟ - بسبب إيمان كل منهما بفكر متطرف، فالحوثي دخيل على اليمن، ومن ليس معه هو ضده، هكذا يفكرون، وإذا تريد الصدق إن من مصلحة البلد ألا يحكمنا إخواني أو حوثي، واليمن ستكون دولة مدنية عندما تكون خالية من أرباب العمائم.. دولة مدنية تقوم على الوسطية والاعتدال.. يا أخي الدين الإسلامي هو دين السلام. * هل تتوقع أنت أن يستمر الصراع بين الحوثيين والإصلاح..؟ - سيتفاقم أكثر وأكثر حتى بعد الانتخابات.. ستكون المواجهات بينهم أشد ضراوة، وستذكر كلامي هذا.