هذا ليس لأنا بالتأكيد، فهو عنوان مقال كتبه الحاخام مئر دفيددروكمن ، أبرز المرجعيات اليهودية، وفي هذا المقال وصف دوركمن اليهودَ الذين يقتلون العرب ب الصديقين وطالب دروكمن الحكومة الصهيونية بمنح أوسمة لمن ينفذ اعتداءات على الفلسطينيين بصفتهم ينفذون تعليمات الرب، ليس هذا فحسب، بل طالب بإحراق كل المدارس التي يدرس فيها الطلاب اليهود وغير اليهود (المصدر هارتس،14-1-2015)… من حسن الحظ أن كاتب المقال ليس مسلما، أو عربيا، وإلا لطنطنت فيه منصات الإعلام العالمي، وتناقلته وسائل الإعلام على نطاق واسع، ولكن لأن الكاتب يهودي، لم يكد يسمع بهذا التصريح أحد، ليس لأن الإرهاب اليهودي البشع مخمي بدولة إرهاب «مقونن» فقط، بل لأن المستهدف بقصة الإرهاب في بعض تجلياتها عذا العربي والمسلم، والمطلوب أن يقى في حالة موت سريري، لأن صحوته تعني بداية نهاية الاستبداد في بلادنا، وهي بالضرورة بداية نهاية هيمنة التحالف الغربي ضد بلادنا، حضارة وثقافة وثروة، وأرضا صالحة لاستهلاك منتجاتهم! مشكلة الغرب الأساسية، لم تكن في يوم من الأيام، لا مع النفط، ولا مع الدكتاتورية، ولا نشر حقوق الإنسان، مشكلته الكبرى، كانت ولم تزل، مع هذا المارد النائم، أو المخدر، المسمى «إسلاما» بل يمكن أن نجازف ونقول، أن دوائر صنع القرار في الغرب، تفضل أن تتعامل مع المسلم «المجنون» المتطرف، المؤمن بالدم والقتل، لا التعايش مع المجتمع، لأنه يوفر عليها مبررات سفك دمه، وتغييبه، وطرده إلى اللامكان، أما المسلم «المعتدل» المتحضر، المؤمن بالمشاركة والتعايش مع الأنظمة القائمة، ومناجزتها قانونيا وشرعيا، وحضاريا، فهو مسلم مُتعِب، ويجب محاربته سرا وعلانية، بالتآمر السري الخفي، أو بالخشونة العلنية، إن عزت الوسائل، وبالمناسبة، المسلم هنا ليس مَنْ دينه الإسلام فقط، بل حتى نصارى بلادنا يندرجون تحت هذا التعريف، ومستهدفون، كونهم مسلمين حضارة وهوية ثقافية، وكم سمعنا من قصص من بلاد الغربة، لأصدقاء وأقارب، تعامل معهم المجتمع الغربي، والشعوب الغربية، والقوانين الغربية، باعتبارهم «مسلمين» حضارة لا ديانة، واستُهدفوا عنصريا بهذه الصفة، من هنا تصبح المشاعر السائدة في بلادنا الشرقية، التي تتغذى من عواطف طائفية أو إثنية، أو دينية، سوداء، جزءا من التآمر على وحدة الأمة، وأمنها وسلامها، فالكل في بلادنا مستهدف، سنيا كان أو شيعيا، بروتستانت أم ارثوذكس، يزيديا أو أزيديا، بهائيا أو درزيا، ذلك أن المستهدف هو العقل الجمعي العربي، والهوية الجامعة، وأحد أهم مكوناتها: القيم والحضارة والهوية الإسلامية، التي تمتلك آلية التمدد وهضم الآخر، واستيعابه، وتستعصي على الذوبان فيه! أذكر في عام مضى، حينما كنت في زيارة لمدريد، فاجأني سائق سيارة الأجرة، الذي أقلني من المطار بسؤاله لي حينما عرف أنني عربي قائلا: هل أتيت لفتح الأندلس؟ طبعا هو لم يسأل عن أصلي وفصلي، وطائفتي أو مذهبي، ولا حتى ما إذا كنت «مسلما» ديانة، كان يكفي أن يعلم أنني عربي قادم من بلاد الشام، حتى يُلحقني بقبيلة عبد الرحمن الداخل، الذي فتح الأندلس! سؤال سائق سيارة الأجرة ابن مدريد، لم يكن جادا تماما، ولكنه جزء من المخيال الغربي الشعبي والرسمي، فنحن أبناء الشرق يتعين علينا أن نبقى في حالة بطالة حضارية، كي يصول ويجول الغرب، ويبقى مسيطرا علينا على أي حال! │المصدر - الدستور