دأبت دولة الامارات على تصوير اشتراكها في التحالف العربي الذي يقود حربه في اليمن منذ 26 مارس 2015، لإعادة الرئيس المعترف به دوليا –عبد ربه منصور هادي- الى صنعاء، على انها تحارب المد الايراني في اليمن، وأنها مع الامن الخليجي والعربي لايقاف هذا المد على حسب زعمها. ولكن المجريات على الارض تشير الى عكس ذلك تماما، فالامارات تدعم وبقوة الجماعات المسلحة التي يشرف عليها محافظ عدن عيدروس الزبيدي ومدير امنها شلال شائع، وهما من المحسوبين على ايران من الخفاء، من خلال تنفيذ اجندات متطابقة تماما لما تريده ايران في اليمن، ولكن بتنفيذ اياد تمولها وتدعمها ماليا وعسكريا دولة الامارات، وهذا يكشف التناقض فيما تصرح به علنا من محاربتها للمد الشيعي الايراني وما يحدث فعلا في المحافظاتالجنوبية. عندما وجدت الامارات بأن رجليها (الزبيدي وشلال) على وشك الاخفاء القسري من الرئيس هادي ، بعد عزل الاول من منصبه كمحافظ لعدن، وبالتالي ضعف قوة الثاني في ظل محافظ موال لهادي وليس للامارات، عمدت الى انشاء ما سمي بالمجلس الانتقالي في عدن برئاسية الزبيدي، وهو شبيه الى حد كبير بالمجلس السياسي الذي اعلن في صنعاء، غير ان مجلس الزبيدي اخطر كونه مبني على اساس مناطقي وفئوي. ارادت الامارات ان تضرب التحالف العربي بمقتل من خلال دعمها في الخفاء للمجلس الانتقالي العدني، وصمتها في العلن، فقد سارعت الدول الخليجية الى رفض المجلس وعدم الاعتراف به، ومثل ذلك عملت الجامعة العربية، غير ان الامارات التي يفترض بان تكون اولى الدول الرافضة لهذا المجلس،نظرا لما تدعيه من حرصها على وحدة اليمن ومحاربة المد الايراني، ولكنها على العكس من ذلك سارعت الى استقبال نائب رئيس المجلس الانتقالي هاني بن بريك –الذي عزله هادي من منصبه كوزير دولة وأحاله للتحقيق- وفي الاستقبال دلالات لا لبس فيها عن الدعم القوي الذي تلقاه المجلس الانتقالي من قبل الامارات . من المفارقات الغريبية ان ادعاء الامارات بالتصدي للمد الايراني المسيطر على الاراضي اليمني، يصطدم بسكوتها التام عن جزرها الثلاث المحتلة في 30 نوفمبر عام 1971، من قبل ايران وهي : طنب الكبرى ,طنب الصغرى اللتان تتبعان إمارة رأس الخيمة، أبو موسى التي تتبع إمارة الشارقة ، وقد جاء الاحتلال الايراني للجزر الاماراتية قبل أيام من استقلال الإمارات العربية المتحدة في 2 ديسمبر 1971، ومع هذا لم تحرك الدولة التي تقول انها غيورة على الاراضي اليمنية، ساكنا تجاه جزرها المحتلة. إذا كانت الامارات صادقة في محاربة ايران لبدأت باسترداد جزرها، أو على الاقل بقطع علاقاتها مع الدولة التي تحتلها، ولكن هذا لم يحدث، بل عمدت الامارات الى انشاء شراكة تجارية مهولة معها ابتداء من 2011 ( اي منذ اندلاع الاحداث في اليمن ) وهذا ما اكده السفير الإيراني في أبو ظبي محمد رضا فياض، والذي اوضح بأن قيمة الصفقات التجارية بين إيرانوالإمارات ناهزت العام الماضي 25 مليار دولار ، مضيفا أنه مرتاح للمستوى الذي وصلت إليه التبادلات بين البلدين، وأضاف فياض أن بعض البلدان "قد تكون قلقة على روابط الألفة التي تجمع بين طهرانودبي"، مشددا على أهمية إعطاء الأولوية لمصلحة الإماراتوإيران. وكان وزير الاقتصاد الإماراتي سلطان بن سعيد المنصوري قد قال في أوائل يونيو/حزيران 2012، إن العقوبات المالية الدولية المفروضة على إيران أضرت بتجارة الأخيرة مع الإمارات، مشيرا إلى أن بلاده كانت دائما تتاجر مع إيران فيما يخص المواد الاستهلاكية، وينبغي ألا تتوقف هذه المبادلات . وتعد دبي مركزا تجاريا رئيسيا مع إيران، حيث قدرت عمليات إعادة تصدير البضائع بين الجانبين بنحو 31.9 مليار درهم إماراتي (8.7 مليارات دولار) خلال الأشهر التسعة الأولى من 2011، حسب بيانات سلطة الجمارك في الإمارات، ويقول صندوق النقد الدولي إن العقوبات الدولية على طهران قد تكلف الإمارات خسارة تعادل ما قيمته 0.7% من الناتج المحلي الإجمالي إذا توقفت المبادلات التجارية بين البلدين. من خلال هذا التعاون التجاري الكبير بين الاماراتوايران، يتضح لنا بجلاء سعي الامارات للاستحواذ على الموانئ اليمنية سواء في عدن او المكلا او المخا، وكأنها تنفذ بالوكالة ما تريده ايران، دون ان تشير اصابع الاتهام لايران، وبهذا يكون حكام الامارات قد استغلوا التحالف العربي اسوأ استغلال، ونفذوا من خلاله بالخفاء ما يدعم الدولة (ايران) التي يحاربها التحالف في اليمن، وهذا ما يجعلنا نجيب على التساؤل الذي عنونا به هذا المقال : هل الامارات تحارب ايران في اليمن أم تزيد من دعمها ؟؟ !!. ان الاجابة على هذا التساؤل نجده جليا في تحركات الامارات في جنوباليمن، فهي بهذه التحركات تقوض من المساعي الحثيثة للسعودية وقطر والبحرين والكويت، والتي تسعى لان لا يكون لايران اي نفوذ على اليمن بكله ولس المناطق الشمالية فقط. ان الامارات تريد توسيع النفوذ الايراني في اليمن خلال ايجاد رجال في جنوباليمن تصنعهم الامارات وينفذون الاجندات الايرانية، بقصد اقلاق السعودية من حدودها الشرقية لتلتحق بالحدود الجنوبية، وهذا ما يجعلها حاليا تغازل محافظ محافظة مأرب سلطان العرادة –الذي يدين بالولاء لهادي- وتريد استمالته لتتم حلقة السيطرة والاحاطة بالمملكة من كل الجوانب الجغرافية والسياسية، غير انه من المستبعد تماما ايجاد عيدروس جديد في محافظة مأرب ذات التوجه المغاير لتوجه الحراك الجنوبي المسلح. حل القضية الجنوبية بصورة عادلة هو مطلب كل الخيرين في اليمن، وليس اخوتنا في الجنوب فقط، ولكن الحل لن يتحقق ابدا من خلال العنف المسلح أو الخروج على الدولة المركزية، وان كانت هذه الاخيرة هشة ، غير ان الخروج عليها يعني نزع شرعيتها دوليا، وهذا ما تسعى الامارات لتحقيقه، وقد ساهمت مثل تلك التحركات في جنوباليمن الى دعم ما يقوله الحوثيون في الشمال بأن اليمن مقبل على الانفصال، وهذا يقوي موقفهم عالميا،وبالمقابل يضعف حكومة هادي والتحالف العربي،ويقود الى تسويات تريد تسويقها دولة الامارات بناء الى تفاهمات من تحت الطاولة من ايران. من هنا يتضح لنا بأن المزاعم الاماراتية بالتصدي لايران في اليمن، يكذبه الواقع، بل يؤكد بأنها تقوم بالعكس تماما، من خلال رؤيتين تطبقان على الارض، الاول دعم الجماعات التي لها علاقات بايران، والثاني تقويض دور دول التحالف واضعاف سيطرة هادي وحكومته على المناطق التابعة له، وكيل التهم للسعودية في الخفاء ولقطر بالعلن في دعم قوى معادية للسلم العالمي، ليس بقد محاربة تلك القوى، بل لتصفية حسابات الامارات مع هاتين الدولتين على الاراضي اليمنية.