اعتقادهم بوجود آل محمد وآل علي حتى هذه اللحظة.. وهو مجرد وهم يراد له أن يستمر.. ولا أحد يرغب في فحص هذه الأكذوبة.. إن الخلط بين الذرية والآل هو سبب هذا الاعتقاد الزائف، وهو خلط غير غريب على العقل الإسلامي. فقد عرفناه في كثير من مخرجات الفقهاء وأقوالهم. إن ذرية الشخص هي امتداده البيولوجي الذي قد لا ينتهي إلا يوم القيامة، والناس في هذا جميعا سواء من حيث المبدأ. أما الآل فهم جزء من هذا الامتداد، لكنهم لا يتعدون ثلاثة إلى أربعة أجيال. وكلمة "آل" من "آل" بمعنى رجع.. وهي هنا الرجوع إلى أصل الذرية. ولكل شخص منا آله. ولا تصح إضافة هذه اللفظة لغير العاقل. فلا يقال "آل البيت" مثلا، لأن هذا التركيب لا يصح في لسان العرب، وإنما يقال: آل فلان، ك آل محمد وآل علي. ولا يصح في عرف العرب ولا في منطق الإسلام نسبة شخص إلى غير أبيه، كنسبة العلويين مثلا إلى النبي محمد، لأنهم بحكم العرف والشرع، ابناء علي وذراريه. قال تعالى: ادعوهم لآبائهم، وقال: ما كان محمد أبا أحد من رجالكم.. لقد كان عمران وابنته مريم وابنها عيسى من ذرية إبراهيم، ومع ذلك فقد اختصتهم الآية بالذكر المنفرد حينما تعلق الأمر بمسألة "الآل" فنصت الآية على آل إبراهيم وآل عمران. ولو أن مصطلح الذرية مطابق لمصطلح الآل لاكتفت الآية بذكر آل إبراهيم فقط. فما بالك بآل محمد (بناته) اللواتي لم يذكرن بآية واحدة. وكان بنو إسرائيل من الجيل الخامس وما فوق من ذرية إبراهيم أيضا، ومع ذلك فإن القرآن لا يناديهم ب "آل إبراهيم" بل يناديهم ب "بني إسرائيل"، لأن الأبناء هم الذرية إلى الأبد. مثل ذرية آدم التي يخاطبها الله بقوله يا بني آدم، وليس "يا آل آدم". أما آل فرعون التي أشكلت على البعض فالمقصود بها ذريته من الملوك الذين حكموا بعده، وهم جميعا طواغيت كما عرفنا من تاريخهم، واستمرت حربهم لبني إسرائيل إلى وقت متأخر. فقد جاء بعد رمسيس الثاني مرنبتاح الذي افتخر بتدمير إسرائيل كذبا، وجاء من بعده رعامسة تسعة، كلهم على نفس الشاكلة. (لاحظوا أنه لا النبي محمد ولا الإمام علي ولا غيرهما ذكرت نسبتهما إلى إبراهيم بنص قرآني، وكل ما يقال في هذا الشأن هي روايات تاريخية لا تصل حد اليقين) وبناء على الحقائق الماضية نستنتج بوضوح أن أخواننا العلويين – وهم نخبة الهاشميين – لا ينتسبون إلى آل محمد ولا إلى آل علي، وإنما إلى ذرية علي إن صحت النسبة. في المنشور التالي سنناقش الوهم الثاني من الأوهام المقدسة (وهم أهل البيت).