خمسون عاماً على ثورة سبتمبر التي أيقظت الكتلة الإنسانية في شتى جغرافية الوطن من عميق سباتها .. و أنهت الطغيان الإمامي الذي كان قد تسلط على جزء من اليمن ردحا من الزمن … وفي ذكرى هذا الحدث العظيم تتداعى الى الذهن أشتات من التأملات فحسب كل طغيان محكوم بالانتحار الذاتي.. كانت فلول الإمامة بعد أيام من الثورة 26 سبتمبر 1962م قد أخذت تستجمع قواها في محاولة لوأد الثورة والنظام الجمهوري .. و مضت تحتشد لاهثة وراء وهم العودة و في عناد للتاريخ ، و لم تدرك حقيقة ان التاريخ قد تجاوزها ، و انها قد صارت من الماضي ، و لم تصمد أمام الإرادة الشعبية ، و انتهت الى مصيرها المحتوم . في هذا السياق تستوقف تأملاتي عبارة لرمز النضال السلمي المهاتما غاندي يقول فيها : (( عندما أشعر باليأس ، أتذكر انه على مدى التاريخ .. دائماً ما يربح طريق الحق و الحب … كان هناك طغاة و قتلة .. و لفترة من الزمن كان يبدو أنهم لا يقهرون … لكن في النهاية و دائما … فانهم يسقطون )) . غير أني لم أشعر باليأس و أنا أتأمل ممارسات من يتنكبون مسيرة التغيير و إيذاء اليمن الجديد ، يسوقون أمانيهم بفشل حكومة الوفاق الوطني و ما فتئوا بدافع اليأس يمضون في حبك دسائسهم و مؤامراتهم و تنفيذ محاولاتهم المفضوحة و اليائسة في تعطيل و إفشال الانتقال السلمي و عملية التغيير … تداعب عقولهم أوهام العودة ، و لكن هيهات أن ينالوا من حلم الشعب و إرادته في التغيير . فمثلما انتهى اليه وهم عودة الإمامة لدى فلولها ، مثلما سينتهي اليه وهم العودة لدى من يحاولون تنكب مسيرة اليمن الجديد في التغيير . إن الماضي لا يعود ، و على الذين يسوقون وهم العودة ان يدركوا أن حركة التاريخ لا تعود الى الوراء ، و انه ليس بإمكانهم تعطيل طريق اليمن الجديد الذي أكتسب الشرعية الوطنية و الدولية . لنتذكر حقيقة ان الذين أبدعوا الحلم الوطني في التغيير قادرون على حماية حلمهم و الانتصار له مثلما هم قادرون على إبداع نظامهم الديمقراطي و دولتهم المدنية الديمقراطية .. إنهم الشعب .. و الإرادة الشعبية .. و لنتذكر أيضاً (( انه على مدى التاريخ … ان طريق الحق و الحب هو دائماً ما يربح )) .. أما الوهم فمآله الى التبدد و الزوال .